أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عبد اللطيف رشيد يطالب “أسوشيتد برس” برسم صورة وردية عن العملية السياسية

الرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد يزعم أن العراقيين يقدرون للولايات المتحدة وحلفائها احتلال بلادهم.

بغداد- الرافدين
تحولت دعوة الرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد إلى وكالة “أسوشيتد برس” برسم “صورة وردية” عن العراق البلد الغارق بالفساد والفشل السياسي منذ عشرين عاما، إلى موضع تهكم من قبل المراسلين جون دانيسيفسكي وزميلته آبي سيويل، في الوقت الذي تندر فيه عراقيون واصفين الرئيس بإنه يعيش في قصر عاجي بوظيفة أقرب إلى عاطل عن العمل.
وقال الرئيس الحالي لمراسل الوكالة الأمريكية للأنباء “السلام والأمن منتشران في جميع أنحاء البلاد. سأكون سعيدا للغاية إذا كنت ستتحدث عن ذلك في تقريرك، بدلا من إعطاء صورة بأن العراق لا يزال منطقة حرب، كما تفعل كثير من وسائل الإعلام”.
ومثّل كلام عبد اللطيف رشيد مغالطة مفضوحة في بلد تسيطر عليه الميليشيات الطائفية وتقوم باختطاف واغتيال الناشطين، فيما يغرق بالفساد من قبل أقطاب الأحزاب الحاكمة نفسها. حيث تستمر تداعيات سرقة القرن بعد نهب 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب فيما الحكومة تقف عاجزة عن استعادة الأموال ومحاسبة اللصوص.
وزعم الرئيس الحالي في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس” أنه بعد التغلب على صعوبات العقدين الماضيين، أصبحت البلاد أكثر استعدادا للتركيز على تحسين المعيشة اليومية للشعب.
وذكرت الوكالة في إشارة تهكمية واضحة على كلام “الرئيس العراقي” بأن العراق على الرغم من ثروته النفطية، لا تزال البنية التحتية فيه هشة للغاية. فعلى سبيل المثال، تعمل المولدات الخاصة لساعات أثناء انقطاع التيار الكهربي بشكل يومي، ولم تؤت مشروعات النقل العام التي طال انتظارها، ومن بينها مترو بغداد، ثمارها.
وتذرع الرئيس الحالي بأن أسباب انهيار البنية التحتية وعدم توفير الطاقة الكهربائية في بلد نفطي، إلى الإرهاب!
إلا أن تقرير وكالة “أسوشيتد برس” نقل عن منتقدي الحكومة تأكيدهم إن انقطاع التيار الكهربائي نتيجة للفساد المستشري والمتجذر في نظام تقاسم السلطة الطائفي بالبلاد، والذي يسمح للنخب السياسية باستخدام شبكات المحسوبية لتوطيد السلطة.
وعبر الرئيس عبد اللطيف رشيد عن تناقض فج ومعيب وهو يجلس في أحد القصور الرئاسية التي شيدها النظام السابق، عندما زعم أن معظم العراقيين يعتقدون أن احتلال الولايات المتحدة وحلفائها للعراق “كان ضروريا بسبب وحشية الديكتاتور السابق صدام حسين ويقدرون أن الولايات المتحدة جاءت لإنقاذ العراق”.
ويجمع غالبية العراقيين على أن العراق لم يمر بزمن شاذ ومسخ في تاريخه السياسي المعاصر بمثل ما يعيشه منذ عشرين عاما بعد الاحتلال الأمريكي.
وفقد العراق سيادته الوطنية لحساب دول في مقدمتها إيران، وتم تقسيم العراقيين الى تكتلات طائفية وقومية همشت مفهوم الوطنية بوصفها جامعا لكل أبناء الشعب.
وتم سرقة أكثر 300 مليار دولار من ثروة العراق باعتراف السلطات الحكومية نفسها منذ عام 2003 إلى اليوم.
وعاش العراق تخلفا تعليميا وصناعيا وزراعيا وانعدمت فيه الخدمات، فيما يقبع في مقدمة الدول الفاسدة والفاشلة حسب مؤشر الشفافية الدولية.
ويتوق غالبية العراقيين إلى ترك بلادهم والهجرة الى الخارج بحثا عن كرامة إنسانية مهدورة في وطنهم.

كرم نعمة: تصريح الرئيس العراقي لوكالة “أسوشيتد برس” أشبه بعرض صحفي يحتفي ببؤس العملية السياسية بوصفه إنجازا
وقمعت الحكومة أكبر احتجاجات شعبية في ثورة تشرين ضد العملية السياسية استمرت أكثر من سنة قام بها العراقيون في بغداد والمحافظات الجنوبية مطالبين بإنهاء العملية السياسية والمحاصصة الطائفية ومحاسبة الأحزاب والميليشيات الفاسدة.
ومارست الحكومة والميليشيات الطائفية أشنع عمليات القتل والاغتيال والمطاردة لناشطي المظاهرات الجماهيرية المناهضة لها التي انطلقت أواخر عام 2019.
ولقي مئات المتظاهرين حتفهم على أيدي قوات الأمن والميليشيات المدعومة من الدولة.
واعترف عبد اللطيف رشيد بأنه لا تزال هناك صراعات، لكنه حث العراقيين، خاصة جيل الشباب، على التحلي بالصبر والإيمان بالمستقبل.
ويجمع عراقيون على أن كلام الرئيس الحالي الذي اختير في منصبه وفقا لمحاصصة طائفية وقومية، يتعمد القفز على أن كل ما يجري وهو مسعى مكشوف لاستمرار توزيع حصص الحكومة بين لصوص الدولة والأحزاب الفاسدة والفاشلة.
وقال الكاتب كرم نعمة أن تصريحات الرئيس عبد اللطيف رشيد لوكالة “أسوشيتد برس” تعبر عن الوهن الفكري والسياسي معا، ويريد أن يبع الغبار الى العراقيين باعتباره أملا ورفاهية، وكأنه يستيقظ على سرير مختلف عما كان ينام عليه كل تلك السنين.
ووصف كرم نعمة تصريح الرئيس العراقي بأنه أشبه بعرض صحفي يحتفي ببؤس العملية السياسية بوصفه إنجازا، بينما كل الذي يجري يراد فيه للعراقيين الا يلتفتوا إلى الوراء، كي لا يروا القعر الأسن لنتائج احتلال بلدهم، والذي فتح الرئيس نافذة صغيرة في هذا القعر مع المراسلين دانيسيفسكي وزميلته آبي سيويل.
وكانت قراءة سياسية قد توصلت بناء على مؤشرات واقعية على ما يجري في العراق منذ عام 2003، إلى أن العملية السياسية التي أنشأها الاحتلال الأمريكي وصلت إلى نهايتها، وأن النظام السياسي بلغ مرحلة الشيخوخة واقترب موته بعد انتهاء وفشل كل الذرائع التي تم تسويقها.
وخلصت الدراسة التي نشرها موقع “مودرن دبلوماسي” الأوروبي، إلى أن النظام السياسي في العراق بلغ “مرحلة الشيخوخة” محذرة من أن القوى الداخلية، والخارجية، مستفيدة من استمراره على هذا النحو رغم أنه على “حافة الهاوية” وأن ثقة العراقيين فيه تلاشت كليًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى