أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

غوتيرش أمام مسؤولية إنسانية لسحب ملف النازحين العراقيين من الميليشيات الطائفية

عراقية نازحة تناشد الضمير الإنساني والأخلاقي عند أنطونيو غوتيرش قبل المسؤولية الدولية، لمقابلة النازحين والاستماع إلى قصص معاناتهم التي تسحق الكرامة بأبسط شروطها التي وضعها ميثاق الأمم المتحدة.

بغداد – الرافدين
وصفت منظمات حقوقية وعشائرية عراقية في المدن المنكوبة تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، بشأن النازحين بأنها تضفي شرعية غير مقبولة على التسويف الحكومي وترفض تحميل الحكومات المتعاقبة مسؤولية عدم معالجة ملف النازحين.
وطالبت الأمين العام بموقف واضح يعود فيه إلى ضميره الإنساني قبل وظيفته على رأس أكبر منظمة للمجتمع الدولي، لأن ملف النازحين تحول إلى ورقة متاجرة سياسية وإعلامية بين أحزاب وميليشيات فاسدة، على حساب الكرامة الإنسانية لعراقيين نزحوا من بيوتهم بعد تدميرها ويعيشون منذ سنوات في وضع يفتقر لأبسط شروط الحياة الإنسانية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش بعد لقاء مع الرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد “هناك جهود لتخفيف معاناة النازحين”، مؤكدا على أن الأمم المتحدة تقف إلى جانب العراق وتدعم كل المساعي والجهود لحماية أمنه واستقراره.
ورحّب غوتيرش بـ “جهود الحكومة العراقية بتسهيل عودة النازحين من الخارج”. مشددا على التزام المنظمة الدولية بتقديم الدعم للنازحين وإنهاء معاناتهم الإنسانية.
ويجانب تصريح الأمين العام حقيقة وضع أكثر من مليون نازح عراقي ما زلوا يعيشون في ظروف قاسية بعد سنوات من انتهاء العمليات العسكرية. وحسب تقارير المنظمات التابعة للأمم المتحدة نفسها.
وقال غوتيرش خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية فؤاد حسين، في إطار زيارة رسمية غير معلنة المدة يجريها للعاصمة بغداد “نثق بأن العراقيين سيتمكنون من التغلب على التحديات والصعوبات التي يواجهونها”.
وأضاف “إذا سمحت الفرصة، سأقابل النازحين العراقيين في إقليم كردستان العراق”، الأمر الذي أثار استهجان النازحين الذين ينتظرون منذ سنوات الدور الدولي لأنهاء معاناتهم بعد أن تحولت إلى ورقة سياسية بيد أحزاب وحكومات فاسدة.
وتساءلت سيدة نازحة فقدت دارها وزوجها في مدينة الموصل ومسؤولة عن عائلة مكونة من ثمانية أطفال من أبنائها وأبناء شقيقة زوجها بعد مقتلهما “ومتى تكون الفرصة مناسبة أكثر من اليوم وهو يزور العراق”.
وناشدت السيدة عبر قناة “الرافدين” الضمير الإنساني والأخلاقي عند أنطونيو غوتيرش قبل المسؤولية الدولية التي حملها له المجتمع الدولي، لمقابلة النازحين والاستماع إلى قصص معاناتهم التي تسحق الكرامة الإنسانية بأبسط شروطها التي وضعها ميثاق الأمم المتحدة.
وقالت إن الأمين العام مطالب بكشف جرائم الحكومات المتعاقبة بحق النازحين وتحويلهم إلى ورقة مساومة ورفض تهيئة الظروف الملائمة لعودتهم إلى ديارهم وإخراج الميليشيات من مناطقهم.
وتفتقر مخيمات النازحين بشدة إلى الخدمات الأساسية، حيث انقطعت عنهم المساعدة الدولية، التي كانت تقدمها 13 دولة، ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته وكالة صحفية محلية؛ فقد أعرب تسعون بالمائة من سكان المخيمات عن رغبتهم في العودة إلى ديارهم، حيث يواجهون في المخيمات تحديات كثيرة مثل شح الغذاء والتدفئة المتدهورة ومشاكل الصرف الصحي والمخاطر المستمرة الناجمة عن حرائق الخيام المتكررة.
ويعيش مئات آلاف النازحين ظروفاً قاسية في مخيمات النزوح، وسط غياب المساعدات الحكومية لهم، وندرة فرص العمل المتاحة لهم، ما دفع الأسر النازحة إلى تقليل عدد وجبات الطعام وتناول كميات أقل بعد نفاذ مدخراتهم، فيما يكافحون لتلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية وحماية أطفالهم من موجة البرد الشديدة بعد الأمطار التي أغرقت مخيماتهم. وكذلك الحال بالنسبة للنازحين العائدين الذين بات أغلبهم يسكنون في تجمعات عشوائية وهياكل قيد الإنشاء وهي باردة جداً ولا تصلح للسكن، وسببت لهم أمراضاً مختلفة كنزلات البرد الشديدة والتهابات المفاصل، خاصةً بالنسبة للأطفال.
وأعرب الرئيس الحالي عبد اللطيف جمال رشيد، أن بلاده تأمل بالتعاون مع الأمم المتحدة في حسم ملف النازحين والمهجرين.
وقال خلال استقباله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن “هناك آلاف العوائل النازحة تعيش أوضاعا مأساوية ومعقدة جدا ونأمل بالتعاون مع الأمم المتحدة لحسم هذا الملف الإنساني بعودة النازحين إلى مناطق سكناهم وإعادة إعمار مدينة سنجار طبقا لاتفاقية سنجار”.
وكان المتحدّث باسم الأمم المتّحدة ستيفان دوجاريك قال في بيان إنّ “الأمين العام حطّ لتوّه في بغداد. هو هناك لإعادة التأكيد على التزام الأمم المتحدة دعم جهود العراق لتعزيز السلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة لجميع العراقيين”.
وأضاف أنّ غوتيريش سيلتقي في بغداد “عدداً من المسؤولين العراقيين، من بينهم رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، بالإضافة إلى ممثّلين عن منظّمات تدافع عن حقوق المرأة والشبيبة، وسيعقد لقاءً مع موظفي الأمم المتّحدة” في العاصمة العراقية.
والخميس سيزور غوتيريش مخيّماً للنازحين في شمال العراق، قبل أن يتوجّه إلى أربيل حيث سيلتقي ممثّلين عن حكومة إقليم كردستان في شمال العراق
وتعود آخر زيارة لغوتيريش إلى العراق إلى ربيع 2017.
وكان قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق قد أكد على أن وزارة الهجرة في حكومة بغداد لا تعترف بمسؤوليتها تجاه النازحين، في ظل سعي السلطات إلى فرض الإغلاق القسري على المخيّمات دون توفير بدائل معتبرة.
وأشار إلى أن محافظة نينوى تشهد هجرة عكسية بسبب سيطرة ميليشيات الحشد واستمرار افتعالها عمليات أو أحداثا أمنية لتبرير بقائها، وأبرز تلك الميليشيات هي كتائب حزب الله والعصائب وكتائب الإمام علي، إضافة إلى حشد الشبك، وبابليون.
وقامت وزارة الهجرة والمهجرين بإغلاق مخيمات في مدينة العامرية وطرد 220 عائلة من ناحية جرف الصخر ولا تستطيع هذه العائلات العودة إلى ديارهم بسبب سيطرة الميليشيات على مناطقهم.
وذكر قسم حقوق الإنسان في الهيئة في تقرير خاص بعد دعوة الرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد لإنهاء ملف النازحين بأسرع وقت ممكن “تأتي دعوة الرئيس الحالي في سياق النهج الحكومي المعلن في العراق ومنذ 2020، عندما بدأت السلطات المعنية حملة واسعة لإنهاء ملف النزوح في البلاد، عبر إغلاق غير مدروس لمخيمات النزوح ومن دون تهيئة لأسباب عيش النازحين العائدين قسرًا إلى مناطقهم، التي لا تزال مدمرة على الرغم من مرور سنين عديدة على استعادتها من تنظيم الدولة، والتي لم تتخذ الجهات الحكومية فيها أي خطوات ملموسة باتجاه إعادة إعمار بنيتها التحتية وتأهيل مرافقها العامة وتوفير الخدمات الأساسية، وقد تم إغلاق معظم المخيمات في كل المحافظات العراقية، باستثناء محافظات كردستان، وسط استمرار غياب الحلول الناجعة لقضية النازحين وضمان عودتهم الكريمة إلى ديارهم، التي تبدو وفق المعطيات أنها حلم بعيد المنال.”
وأضاف التقرير “رغم توقف أعمال العنف في المحافظات المنكوبة منذ سنين، ما تزال القوات الحكومية والميليشيات الولائية تمنع أهالي تلك المحافظات من الرجوع لمنازلهم بحجج عدة، ودخلت أزمة النزوح الكبرى الشتاء التاسع وسط تواصل الإهمال الرسمي وتراجع الجهد الإغاثي، وما يزال نحو مليون و300 ألف نازح يعيشون أوضاعا مأساوية صعبة في المخيمات. ورصد قسم حقوق الانسان في هيئة علماء المسلمين خلال 2022 وفاة ثمانية أطفال في تلك المخيمات من شدة البرد والجوع.
ويوجد في العراق أكثر من 400 موقع غير رسمي تضم أكثـر من 14 ألف عائلة نازحة غير مسجلة. كما يوجد 2.5 مليون عراقي عائد من المخيمات لا يزالون يعيشون في حالة نزوح شبه دائم وباتوا بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة، نصفهم لا يجدون مأوى لهم، وهذا ما أكدته منظمة الهجرة الدولية.
ويظل الاستخفاف الرسمي بهذه القضية الإنسانية سيد الموقف، فمن جراء الحملة الواسعة لإعادة المهجرين قسرًا، ينتشر حاليًا نحو 200 ألف نازح في مخيمات عشوائية موزعة في عموم العراق، حيث لا تعترف وزارة الهجرة والمهجرين بمسؤوليتها تجاههم، ويقتصر الاهتمام الحكومي ذو الخلفيات الطائفية على تقديم الخدمات العامة في مناطق بعينها لا يتجاوز عدد سكانها 1 بالمائة من أعداد النازحين من المحافظات المنكوبة.
ويعيش النازحون العراقيون للعام التاسع على التوالي في المخيمات، والذين تزيد أعدادهم على مليون وثلاثمائة ألف شخص، في ظروف إنسانية صعبة للغاية، ومع كل شتاء تتجدد معاناتهم وهم يواجهون مخاطر البرد القارس وهطول الأمطار وتشكل السيول والفيضانات، خاصة أن أغلب هذه المخيمات بعيدة عن المدن وتقع في مناطق تنخفض فيها درجات الحرارة بشكل كبير، فضلاً عن وجود خيم متهالكة لا تقي ساكنيها من البرد الشديد، يزاد على ذلك النقص الحاد في الغذاء والدواء والوقود ومستلزمات ضرورية أخرى، وسط انتشار الأمراض والأوبئة.
وكشفت منظمة الهجرة الدولية، أن نسبة كبيرة من النازحين يمتلكون بيوتا في مناطق سكانهم، لكن تعرض بيوتهم لأضرار بنسب متفاوتة من جراء القصف يحول دون عودتهم إلى مناطقهم الأصلية.
وذكر تقرير للمنظمة بشأن النازحين في العراق، أن العائلات النازحة والعائدة تكون معرضة لمصاعب جمة وتواجه تحديات كبيرة ولا يمكنها تحقيق حلول مستدامة للمشاكل التي تواجهها.
وإلى جانب تدهور الوضع الإنساني للنازحين والعائدين في العراق، تضطر معظم العائلات النازحة إلى التنقل عدة مرات وتغيير محل سكنها داخل محافظات كردستان من جراء نقص الموارد المحدودة أصلاً في المجتمعات المضيفة، وهم الآن يواجهون الجوع والتشرد بسبب صعوبات العثور على عمل.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى