أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

عمال العراق يكدحون تحت وطأة حقوق مسلوبة وتشريعات غائبة

الجهاز المركزي للإحصاء: عدد العاطلين عن العمل في العراق يتجاوز أربعة ملايين شخص من مختلف الأعمار.

بغداد ــ الرافدين
انطلقت تظاهرات حاشدة في ساحة التحرير ببغداد وباقي المحافظات للمطالبة بإنصاف شريحة العمال في العراق وتعديل سلم الرواتب ضمن موازنة عام 2023 بالتزامن مع حلول يوم العمال العالمي في الأول من أيار.
وأظهرت مقاطع مصورة مشاركة حشود غفيرة من المتظاهرين في كل من النجف وذي قار والبصرة وبابل والقادسية ونينوى وميسان بالتظاهرات للتنديد بفشل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني وعدم الإيفاء بوعودها بتوفير فرص العمل وزيادة رواتب الموظفين.
واتهم المتظاهرون الأحزاب السياسية بتجاهل معاناة العراقيين في ظل التضخم والأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
وأشار المتظاهرون إلى أن الطبقة الوسطى التي يشكل الموظفون أساسها تم سحقها بالعراق في وقت يتجذر الفساد بالدولة وتتعاظم ثروات المسؤولين الذين يهربون الأموال للخارج دون أي مساءلة.

محافظات العراق تنتفض من أجل تعديل سلم الرواتب

وتعاني الطبقة العاملة في العراق حالة من الحرمان وعدم ضمان الحصول على الحقوق وغياب فرص العمل.
وأكد اتحاد نقابات العمال أن عدد العمال المسجلين رسميًا في العراق ضمن قاعدة بيانات الضمان الاجتماعي لا يتجاوز 650 ألف عامل.
وقال رئيس الاتحاد ستار دنبوس، إن شريحة العمال تواجه الكثير من الصعوبات والتحديات، في مقدمتها دخول العمال الأجنبية والحد الأدنى للأجور وبيئة العمل والإقصاء التعسفي.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن من بين أكبر المشاكل التي تواجه العمال في العراق، هي تسريح العمال وسط غياب القوانين التي تضمن تفعيل القطاع الخاص ووسائل الإنتاج الصناعي والزراعي والإنشائي.
وأكد على أن قانون العمل المرقم 37 لسنة 2015 شمل عددًا من المزايا التي تضمن حماية العامل العراقي وحقوقه، إلا أن هذا القانون تشوبه العديد من المشاكل والثغرات التي تحول عن حماية شريحة العمال.
من جانبه كشف اتحاد نقابات عمال ذي قار عن ارتفاع نسب البطالة بين القوى العاملة إلى 43 بالمائة، مشيرًا إلى أن عدد عمال القطاع الخاص المشمولين بالضمان الاجتماعي تراجع إلى 24 ألفًا.
وذكر الاتحاد أن أوضاع العمال في ذي قار لا تختلف كثيرًا عن أوضاعهم في باقي المحافظات الأخرى، من تعرضهم لتداعيات البطالة التي تهدد استقرارهم وعائلاتهم من الناحية الاقتصادية والمعيشية بصورة عامة.

رئيس اتحاد نقابات العمال ستار دنبوس: شريحة العمال تواجه الإقصاء التعسفي وتنافس غير عادل مع دخول العمالة الأجنبية للعراق

وأوضح أن العاملين في القطاع الخاص يعانون من تدني الأجور وخرق أرباب العمل بشروط السلامة المهنية والتهرب من منح المستحقات المالية للعمال.
وقال ممثلو نقابات عمالية ومهندسون ومواطنون في مدينة السماوة إن محافظة المثنى تحتل المراتب الأولى بارتفاع نسب البطالة.
وأضافوا أن سكان المحافظة يعانون من عدم وجود فرص عمل، فيما أشاروا إلى أن هناك إهمال حكومي للعاملين وحقوقهم، مطالبين الجهات المعنية بإصدار قوانين تحمي العامل وتحافظ على حقوقه.
ويفتقر العراق إلى بيئة مناسبة للأعمال إذ لا توجد قوانين وتشريعات ضامنة للعامل، حيث أصبح مؤخرًا تسريح العمال الظاهرة السائدة في البلاد، ناهيك عن التأخر في تسديد الأجور، حيث ساهم النقص الحاصل في التشريعات القانونية بزيادة معاناة العمال العراقيين.
وتجمع فئة كبيرة من العاملين على تعرضهم للابتزاز والاستغلال وسوء المعاملة في مواقع العمل، فضلًا عن وجود تمييز بين العمال على أساس الولاء العشائري والطائفي والمذهبي أو الحزبي.
وأكدوا وجود تهديدات بإنهاء عقودهم أو نقلهم إلى أقسام وأماكن عمل أخرى مقابل الحصول على الرشوة للبقاء في أماكنهم أو الحصول على المستحقات.
وقال أحد العاملين في الشركة العامة لصناعة الزجاج أنهم يعانون من عدم حصولهم على الضمان الاجتماعي.
ولفت إلى أن كبار السن من العمال أو من يتعرضون للحوادث في أثناء العمل لا يملكون أي حقوق تساعدهم على تحمل مشقات الحياة بعد فقدانهم القدرة على العمل.
وتحدث عاملون آخرون في مؤسسات إنتاجية ضمن القطاع الخاص، أنه وعلى الرغم من قضاء سنوات طويلة في العمل، إلا أن أصحاب الشركات الخاصة يمتنعون عن تسجيل العاملين لديهم في صندوق الضمان، ويحرمونهم من الحقوق التقاعدية التي تؤمن احتياجاتهم في المستقبل في ظل غياب تام لنقابة العمال في العراق نتيجة سطوة الأحزاب على عملها.
ويرى كاظم العزاوي وهو عامل في القطاع الخاص، أن النقابات العمالية قبل عام 2003 كانت لها تأثيرات سياسية واجتماعية واقتصادية، فضلاً عن تغيير الأنظمة السياسية، لما تمتلكه من قوة وموارد بشرية كبيرة نابعة من قوة القطاعات الإنتاجية في العراق، إلا أن وضع العمال اليوم سيء للغاية، وأن دور النقابة غائب تمامًا عن أي تأثير يمكن أن يصب في مصلحة العمال.
وأشار إلى انعدام فرص التطوير وإعادة تأهيل العمال لكي يستجيبوا لحاجات سوق العمل ومتطلباته، أدى إلى تحولهم إلى عالة على سوق العمل، وتهديدهم دومًا بالاستغناء عن خدماتهم وحرمانهم استحقاقاتهم المالية.
وانتقد الباحث الاقتصادي علي العامري عدم وجود رؤية حكومية لحل مشكلة الضمان الكامل للعمال في العراق، بشكل يعينهم على مواجهة مصاعب الحياة وظروفها من خلال زيادة الحد الأدنى للأجور وفرض حد التأمين والاستقطاعات التقاعدية.
وأشار إلى أهمية تفعيل دور النقابات العمالية وإبعادها الصراعات السياسة، فضلًا عن رفع الحد الأدنى للأجور وإنصاف العاملين في القطاع الخاص والحكومي.
وطالب بفتح مجالات الاستثمار وفرص العمل في القطاعات الإنتاجية الخاصة والمختلطة، من أجل تخفيف الضغط على القطاعات الحكومية وفتح آفاق التوظيف العمالي في المنشآت الإنتاجية.
وأضاف “هناك ثماني اتحادات ونقابات تمثل شريحة العمال في العراق، وعلى الرغم من ذلك فالعامل العراقي يعاني من مشاكل عديدة متراكمة تتمثل بالتمييز وجشع أصحاب العمل بالإضافة إلى ضعف القانون الذي ساهم في تهميش العمال وحرمانهم حقوقهم مما أدى إلى ارتفاع نسب البطالة والفقر بالبلاد”.
وكشفت تقارير أصدرها الجهاز المركزي العراقي للإحصاء، أن عدد العاطلين عن العمل في البلاد يتجاوز 4 ملايين شخص من مختلف الأعمار بنسبة تتجاوز الـ 20 بالمائة بينهم حملة شهادات جامعية.

بهاء خليل: وعود أحزاب السلطة بعلاج مشكلة البطالة مجرد دعاية انتخابية تنتهي بالوصول إلى مقاعد السلطة

وقال الكاتب بهاء خليل إن وعود أحزاب السلطة بحل مشكلات العراق وعلاج مشكلة البطالة مجرد وعود انتخابية تنتهي بالوصول إلى مقاعد السلطة.
وأضاف خلال مداخلته مع “قناة الرافدين” أن الأيدي العاملة في العراق تعاني الإهمال الحكومي بسبب غياب الخطط التي تضمن توفير فرص عمل مناسبة للعاطلين، والحد من ظاهرة العمالة الأجنبية المتفاقمة في البلاد.
ويتعرض العاملون إلى ظلم كبير بسبب الفوضى وحالة اللادولة التي تسود البلاد، حيث يفتقد العامل العراقي إلى أبسط حقوقه المتمثلة بوجود بيئة صحية آمنة وضمان اجتماعي وأجر عادل.
حتى باتوا الحلقة الأضعف في البلد، فحقوقهم مسلوبة دون أي اكتراث لمعاناتهم من قبل جميع الجهات الحكومية.
فيما تكتفي الحكومة بإصدار البيانات التي تبارك للعمال يومهم السنوي وإعلانها هذا اليوم عطلة رسمية في عموم البلاد، غير أن هذه البيانات والتصريحات لا تشبع من جوع ولا تغني من فقر، وفقًا للعاملين العراقيين اللذين يعدون عامهم هذا هو الأسوأ بسبب آفة البطالة التي تضرب البلاد وغلاء المعيشة.
حيث نهجت حكومات الاحتلال المتعاقبة على تدمير وإهمال أكثر من 3 آلاف معمل ومصنع ومؤسسة إنتاجية وورشة خاصة وحكومية في العراق، إضافة إلى عدم توفير الدعم للمشاريع الاستثمارية والتنموية مما تسبب بتراجع قوة القطاع الخاص بالبلاد.
وتشير إحصائيات رسمية إلى أن العمالة الأجنبية هي الأخرى تسببت بتزايد نسبة البطالة والإضرار بحال العمال العراقيين، نتيجة للتخبط في القرار الحكومي والسماح بإدخال العمال الأجانب من إيران وباكستان وبنغلادش للعمل في مختلف المجالات مما أدى إلى تقليص فرص العمل للعراقيين.
ويرى خبراء ومراقبون في الشأن الاقتصادي أن الحكومات المتعاقبة فشلت بتحسين واقع المواطن المعيشي لاسيما الموظفين بينما ارتفعت رواتب الرئاسات الثلاث ورواتب النواب والمسؤولين بالدولة على حساب الموازنة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى