أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

بنية متهالكة وخدمات متردية تفضح الوعود الزائفة لحكومة الإطار بإصلاح المستشفيات

واشنطن بوست: جيش من المحتالين والسياسيين الفاسدين يسرقون تطلعات العراقيين إلى حياة صحية.

بغداد ــ الرافدين
أثارت التصريحات الحكومية المتوالية بشأن تحسين الخدمة الصحية بالعراق غضب وسخرية العراقيين اللذين يعانون عند مراجعتهم للمستشفيات.
وتشهد منصات التواصل الاجتماعي تداول مقاطع مصورة تكشف انعدام الخدمات داخل المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية في ظل غياب أي دور للجهات الرقابية وعدم محاسبة المقصرين.
وسلط برنامج “صوتكم” الضوء على شكاوى ومناشدات المرضى وذويهم الذين يعانون الإهمال وغياب الرعاية الصحية في مختلف المحافظات العراقية.
واستعرض البرنامج الذي تبثه قناة “الرافدين” الإهمال الحكومي الذي يشهده القطاع الصحي بالبلاد بعد عام 2003 والذي يدفع ثمنه المواطن العراقي.
ووثق أحد المراجعين خلو مستشفى الواسطي التعليمي ببغداد من الأطباء والموظفين في مشهد ليس بغريب من نوعه ببلد يفتقر إلى الرقابة الصحية ومحاسبة المقصرين.
وانتقد مواطن من ذي قار حالة الفوضى في مستشفى الشطرة وعدم استقبال الحالات المرضية الطارئة وتحويلها إلى مستشفيات أخرى في وسيلة للضغط على المواطن من أجل اللجوء إلى مستشفيات القطاع الخاص التابعة لأحزاب وجهات سياسية.
وشكى مواطن آخر من محافظة البصرة سوء الرعاية الصحية ووصفها بأنها “الأسوأ” بالعراق.
وأضاف المواطن بأن المريض يجبر على الانتظار لفترات زمينة تصل إلى سنة وأكثر ليتسنى له الحصول على موعد لإجراء الفحوصات الطبية.
وتحدث المواطن عن تقديمه لطلب من أجل معالجة أسنانه في أحد المراكز الحكومية منذ منتصف عام 2022 ولم يصل موعد علاجه حتى الآن.
وفند مقطع مصور لمواطن بصري أكاذيب وزير الصحة الحالي صالح مهدي الحسناوي، بعدم وجود طوابير انتظار في مستشفى الأورام السرطانية وأنها تقدم خدمات أفضل من مستشفيات بريطانيا خلال زيارته الاستعراضية كغيره من الوزراء والمسؤولين.
وبين المقطع المصور وجود طوابير الانتظار في ردهات المستشفى وسط غياب تام للرعاية وسوء الخدمات الصحية.
وأظهر حال المرضى من كبار السن وهم يفترشون الأرض بسبب الزخم الكبير داخل المستشفى متساءلًا أين هي الخدمات يا وزير الصحة؟
ويعاني مرضى السرطان في العراق من سوء الرعاية المقدمة داخل المستشفيات الحكومية وعدم توفير العلاج مما يضطرون لشرائها من الخارج وبأسعار مكلفة.
وأشاروا إلى عدم الجدية في استحداث مراكز مخصصة للمرضى لاكتشاف الحالات المرضية في وقت مبكر.
وتقر وزارة الصحة بتأخر الكشف عن الأمراض السرطانية في العراق مما يتسبب بزيادة عدد الوفيات.
وتوجد مراكز للكشف المبكر عن سرطان الثدي فقط، بينما تفتقر البلاد إلى مراكز مماثلة للأنواع الأخرى وبالتالي يتأخر الكشف حتى وصول المصاب إلى المرحلة الثالثة أو الرابعة، ما يجعل إمكانية الشفاء محدودة.
وأقر رئيس لجنة الصحة والبيئة ماجد شنكالي بتردي الواقع الصحي في البلاد على الرغم من المخصصات المالية الكبيرة للقطاع الصحي.
وأضاف بأن الواقع الصحي العراقي متهالك نتيجة تراكمات وإخفاقات وفساد على مدار عقود مشيرًا إلى ملف فساد كبير في القطاع الصحي، وأن هناك الكثير من المشاكل التي تزيد الوضع تعقيدًا وتنعكس سلبًا على الخدمات الصحية المقدمة، إضافة إلى قلة عدد المستشفيات قياسًا بأعداد السكان.
ولفت شنكالي إلى وجود أسباب سياسية تعرقل تطوير القطاع الصحي بالبلاد، نتيجة اختيار أشخاص غير مناسبين لإدارة الملف الصحي وفقًا لمبدأ المحاصصة.
وأشار إلى غياب العقوبات الرادعة تجاه المقصرين في المستشفيات الحكومية الأمر الذي يشجع الكثيرين على عدم القيام بواجباتهم على حساب المرضى الذين ليس لديهم إمكانية مادية للذهاب إلى المستشفيات الأهلية.
ويواصل مئات الآلاف من العراقيين المصابين بالفشل الكلوي رحلة علاجهم المتعثرة بين المستشفيات والمراكز الحكومية، وسط تزايد الدعوات لبناء مستشفيات جديدة لاستيعات الحالات المرضية المتزايدة.
ويضطر المواطن الفقير إلى الانتظار لأيام للحصول على رعاية صحية وهو الحال السائد مع غالبية الأمراض، ما يجعل شكاوى المواطنين كثيرة.
وشكى مواطنون من تدهور وضعهم الصحي والمادي، وأنهم غير قادرين على تأمين تكاليف العلاج وعمليات غسل الكلى المستمرة، وكذلك عجزهم عن إجراء عملية زرع كلى بسبب تكاليفها العالية.
وتحدث أحد المواطنين بأنه يعاني منذ أشهر من فشل كلوي، ويواجه ظروفًا صحية صعبة للغاية بسبب كثرة المصابين بهذا المرض الذين يرقدون في المستشفيات، مشيرًا إلى قلة الأسرة والكوادر الطبية مقارنة بعدد المصابين الذين يحتاجون إلى إجراء غسيل لمدة أربع ساعات يوميًا ثلاث مرات أسبوعيًا.
وطالب الجهات الحكومية بتوفير عدد أكبر من الأجهزة الطبية المخصصة لعملية “الديلزة”، وتأمين كوادر طبية متخصصة في المجال، فغالبية المصابين بفشل كلوي من كبار السن وذوي الدخل المحدود، ولا يمكن أن يجري كثيرون منهم عمليات غسل في المستشفيات الأهلية او الخاصة التي أصبحت تقتصر على ميسوري الحال بسبب ارتفاع كلفة العلاج هناك.
وبحسب الإحصاء الذي أجرته وزارة الصحة فإن يوجد في العراق نحو مليون مصاب بالفشل الكلوي. مع نقص في عدد الكوادر الطبية، إضافة إلى أن المستشفيات المتخصصة بأمراض الكلى تحتاج إلى استحداث مراكز جديدة للعلاج، لسد العجز الحاصل فيها مقارنة بعدد المصابين الكبير، وتوفير العلاجات اللازمة للسيطرة على تلك الحالات المتزايدة.
ويتناقض تصرح وزير الصحة الحالي صالح الحسناوي، مع واقع الخدمات المتردية، عندما زعم بوجود فائض في عدد الأطباء والصيادلة يصل الى 50 بالمائة من العدد الإجمالي، مبينًا أن 55 بالمائة من أموال الموازنة تذهب لصالح رواتب الموظفين.
ووصفت لجنة الخدمات النيابية الواقع الصحي في العراق بالمتخلف، وأن خمس حكومات لم تتمكن من توفير خدمات صحية حقيقية للمواطنين.
وقال عضو اللجنة النائب محما خليل، أن القطاع الصحي في العراق لا يليق بمكانة العراق الصحية والعلمية، بسبب الفساد وقلة التخصيصات المالية وضعف الجهود الحقيقية في هذا القطاع.
وشدد على ضرورة تخصيص أموال من الموازنة لتطوير القطاع الصحي وتوفير المزيد من الخدمات الصحية وبناء مستشفيات جديدة وتوفير كوادر جيدة ومرافق صحية نموذجية.
وتجمع التقارير الحكومية والدولية على تردي نظام الرعاية الصحية في العراق.
وكشف تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” أن العراقيين أصبحوا ضحية لنظام رعاية صحية مليء بالفساد والإهمال.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عراقيين قولهم إنه بعد عقود من الحروب والعقوبات الدولية التي ضربت القطاع الطبي، يقوم اليوم جيش من المحتالين بسرقة تطلعات العراقيين إلى حياة صحية.
وأكدوا على استشراء الفساد بالقطاع الصحي وأن الأموال المخصصة لكل شيء بدءًا من شراء الأدوية إلى بناء المستشفيات، يتم إهدارها من قبل مسؤولين ورجال أعمال، وأفراد من جماعات سياسية أخرى.
وقال الدكتور وليد بريسم إن ما يخصص من أموال للقطاع الصحي في العراق لا يصل ولا يستخدم بشكل صحيح للنهوض بالواقع الصحي المتردي في البلاد.
وأضاف في تصريح لقناة “الرافدين” أن بغداد فقط تحتاج إلى 71 مستشفى، بحسب منظمة التطوير والتنمية الأمريكية والذي يؤكد أنه بسبب الفساد بات القطاع الصحي في العراق ينافس نظراءه في إفريقيا الفقيرة بعد أن كان قبلة الشرق الأوسط.
وحلت بغداد في المرتبة الأخيرة بمؤشر الرعاية الصحية لمدن العالم خلال العام الحالي 2023 بحسب موقع “نومبيو” المختص في الأبحاث وتصنيف الدول.

د. عرفان يونس الشمري: الخدمات الطبية في العراق تتجه نحو التراجع ووصلت لمستويات من بين الأسوأ عالميًا

ويعد مؤشر الرعاية الصحية، تحليلًا إحصائيًا للجودة الشاملة لنظام الرعاية الصحية، ويستند إلى تقييم 89 دولة، بناءًا على متغيرات صحية مختلفة، ومنها البنية التحتية للرعاية الصحية، واختصاصيوا الرعاية الصحية، من أطباء وموظفي التمريض، وغيرهم من العاملين الصحيين والكفاءات، وتوافر الأدوية الجيدة، والاستعداد الحكومي.
ومن جانبه أكد الأخصائي طب الطوارئ الدكتور عرفان يونس الشمري أن المستشفيات الحكومية في العراق تحتضر بسبب نظام المحاصصة الذي تسبب بشلل مؤسسات الدولة وانعدام التنمية.
وأشار الشمري في حديثه لقناة “الرافدين” بأن الخدمات الطبية في العراق تتجه نحو التراجع حتى وصلت لمستويات من بين الأسوأ عالميًا.
وشدد على أن معظم المبالغ المخصصة للنهوض بالواقع الصحي أو لاستيراد الأودية تذهب لجيوب الفاسدين بسبب صفقات الفساد واستيراد أدوية غير نافعة أو ذات جودة أقل.
وأضاف أن نحو 62 ألف مريض عراقي يختارون العلاج خارج البلاد بسبب فقدانهم الثقة بالنظام الصحي داخل العراق.
وتكاد الوعود الحكومية بإصلاح القطاع الصحي لا تجد لها أي صدى على أرض الواقع، فبعد تصريحات حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بخصوص إصلاح الواقع الصحي المتردي في العراق، لم يتحقق منها أي شيء يذكر.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى