أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

استمرار عمليات القتل على الهوية وعدها جرائم جنائية في العراق

"هيومن رايتس ووتش" تؤكد أن جرائم القتل وعدم تحقيق المساءلة القانونية عن العنف في العراق يعود إلى أن الجهات الأمنية التابعة للحكومة ضالعة في الحوادث ذاتها.

بغداد- الرافدين
شكك أفراد من أسر عراقية فقدوا أبنائهم في عمليات قتل غامضة بالروايات الحكومية التي عزت القتل إلى جرائم جنائية.
ومع تزايد أعداد الضحايا وفق هويتهم، فأن التبريرات الأمنية التي تتذرع دائما بعدم وجود شبهات طائفية أو سياسية في عمليات القتل، فقدت مشروعيتها.
يأتي ذلك بعد أن كشف مسؤول أمني في العاصمة بغداد، عن ارتفاع عدد الجثث مجهولة الهوية التي عُثر عليها خلال الأيام العشرة الماضية إلى 11 جثة وجدت في مناطق متفرقة من بغداد، وجرى نقلها إلى دائرة الطب العدلي.
وأكد المسؤول الأمني في تصريحات صحفية على أن حوادث القتل مرتبطة بعصابات الجريمة المنظمة وخلفيات جنائية. من دون أن يوضح صلة الضحايا بتلك الجرائم.
وتتناقض التصريحات الحكومية بوجود عصابات جريمة منظمة مع المزاعم الرسمية التي تتحدث عن استقرار أمني وسياسي في البلاد.
ويتساءل عراقيون عن أي عصابات جريمة يتحدث المسؤولون الأمنيون بوجود كل تلك الأجهزة الأمنية والعسكرية وميليشيات الحشد.
ويشكك غالبية أسر ضحايا القتل الغامض بالروايات الحكومية ويؤكدون أن عمليات القتل على الهوية مستمرة في العراق وبطريقة مستترة بالجرائم الجنائية وعصابات لا تذكر السلطات دوافعها للقتل.
ونقل مراسل صحيفة “العربي الجديد” في بغداد عن مسؤول في قيادة شرطة بغداد قوله إن آخر الجثث التي عثر عليها كانت لرجل مقتول بالرصاص، وجدت ملقاة في بستان بمنطقة الراشدية شمال شرقي بغداد.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الجثث الأخرى عثر عليها في مناطق متفرقة في بغداد، وكلها عليها علامات قتل بالرصاص أو بأدوات حادة، مضيفاً أن الضحايا نقلوا للطب العدلي في بغداد.
وتوضح طريقة القتل أساليب الميليشيات الطائفية نفسها التي مارستها خلال سنوات القتل على الهوية وتهجير الأهالي من مناطقهم أبان ولايات رئيس الحكومة آنذاك إبراهيم الجعفري ومن ثم ولايتي نوري المالكي.
وشهدت فترة رئاسة الجعفري والمالكي سنوات مظلمة في العراق مارست فيها الميليشيات الطائفية عمليات قتل وتهجير واختطاف على الهوية.
وانضمت لاحقا كل تلك الميليشيات الى الحشد الشعبي وباتت تتحرك اليوم بمسميات حكومية.
ويعاني العراق منذ عام 2003 من ظاهرة السلاح المنفلت وعدم قدرة الدولة على السيطرة عليه في ظل وجود قوى سياسية تعتاش على السلاح المنفلت وتجعل من هذا السلاح مظلة لها.
وأسفرت نتائج الاحتلال الأمريكي للعراق منذ عام 2003 عن حرب القتل على الهوية التي مارستها الميليشيات الطائفية وتهجير السكان والاستيلاء على أراضيهم بغية التغيير الديموغرافي للمناطق، وتهميش دور مؤسسات الدولة، وإقامة نظام سياسي يعتمد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة والموارد وفق تفاهمات بين الأحزاب الرئيسية.
غير أن المسؤول في قيادة شرطة بغداد أشار إلى أن حوادث القتل الجنائية مرتبطة بالجريمة المنظمة، و”لا وجود لشبهات سياسية أو طائفية” من دون تفاصيل أكثر.
وسبق وأن أظهرت إحصائية نشرها مسؤول سابق في وزارة الداخلية ارتفاعاً كبيراً بمعدل جرائم القتل في العراق.
ونشر جمال الأسدي، المفتش السابق في وزارة الداخلية، إحصائية مفصلة بأعداد جرائم القتل في العراق طيلة الفترة الماضية.
وقال إن الجهات المختصة في الوزارة أحصت نحو 5300 جريمة قتل بنسبة سنوية تتجاوز 11.5 بالمئة لكل مئة ألف نسمة.
ووصف نسبة جرائم القتل الجنائية في العراق بأنها “الأعلى تاريخياً” مقارنة بالدول العربية وإيران وتركيا.
ويرى مراقبون بأن إضفاء تسمية “الجنائية” على الجرائم التي ترتكب لا يبعد عنها حقيقة الدوافع الطائفية، خصوصا وأن الميليشيات تتحرك بحرية وبتغطية حكومية.
واعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ياسر وتوت، أن استمرار الإعلان عن العثور على جثث مجهولة في بغداد “مثير للقلق والتساؤلات حول الوضع الأمني”.
وقال إن “الظاهرة خطيرة وتؤكد وجود عمليات خطف وقتل تُرتكب من قبل جماعات وعصابات مختلفة، خصوصاً أن هذه الحوادث أصبحت تسجل بشكل شبه يومي”.
وتعزو المنظمة الدولية لحقوق الانسان “هيومن رايتس ووتش” جرائم القتل وعدم تحقيق المساءلة القانونية فعليا عن هذا العنف إلى أن الجهات الأمنية التابعة للدولة نفسها ضالعة في الحوادث ذاتها التي عليها التحقيق فيها.
وذكرت المنظمة في أخر تقرير لها عن الأوضاع الأمنية والإنسانية في العراق “أشار كل من أفراد عائلات القتلى والجرحى الناجين من محاولات الاغتيال الذين تمت مقابلتهم إلى حقيقة أن نقاط التفتيش الأمنية المنتشرة، التي يديرها أفراد قوى الأمنية الحكومية في مختلف المدن، لم تفعل شيئا يذكر لمنع القَتَلة من التنقل عبر المناطق والمدن لتنفيذ الاغتيالات. في بعض حالات الاغتيالات ومحاولات الاغتيال، أصر الذين تمت مقابلتهم على اختفاء نقاط التفتيش القائمة منذ فترة طويلة بشكل غامض قرب مواقع عمليات اغتيال النشطاء وقبلها بفترة وجيزة”.
ونسبت المنظمة الدولية إلى أفراد الأسر الذين يسعون إلى المساءلة القانونية عدم استغرابهم بأن القضايا القانونية التي يرفعونها “نُيِّمت”، أي تم تحييدها أو تجاهلها من قبل السلطات، كما صرّح بعض الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، لأن أي تحقيق جاد قد يورط الشخصيات والمؤسسات نفسها التي يطالبها هؤلاء الأشخاص بتحقيق العدالة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى