أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

هل تحل رواتب الرعاية الاجتماعية محنة تسعة ملايين عراقي تحت خط الفقر

175 ألف متجاوز من موظفي الدولة يزاحمون الفقراء على رواتب الرعاية الاجتماعية.

بغداد – الرافدين

تدفع حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بحلول ترقيعية لمعالجة نسبة الفقر، بعد كشفت إحصائيات حكومية عن وجود أكثر من تسعة ملايين مواطن عراقي يعيشون تحت خط الفقر.
وأعلنت الحكومة الحالية عن توسيع قائمة العائلات الفقيرة والعاطلين عن العمل الذين تشملهم شبكة الرعاية الاجتماعية. مثيرة تساؤلات بشأن الاقتصاد الريعي للبلاد واهمال وضع استراتيجيات لتشغيل المصانع المعطلة ودعم قطاع الزراعة وتشجيع الاستثمارات.
وتشكل شريحة العاطلين نسبة تتجاوز 25 بالمائة من العراقيين، وتتصاعد باضطراد بسبب انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، والظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد.
ويرفع عدد المستحقين لرواتب الإعانة التي تمنحها دائرة الرعاية الاجتماعية للعاطلين عن العمل أو ذوي الاحتياجات الخاصة إلى نحو 9 مليون مواطن، بعد أن كان 3 ملايين عراقي.
ويمثل هذا الرقم عبئًا ماليًا على البلد الذي تعتمد الحكومة فيه على بيع النفط كمصدر وحيد لتأمين الرواتب، وسط مخاوف من انخفاض أسعار النفط عالميًا مما سيؤثر سلبًا على الواقع الاقتصادي العراقي.
وتوفّر السلطات رواتب مالية ومعونات شهرية للعاطلين عن العمل والأرامل والأيتام، بما لا يزيد عن 180 ألف دينار عراقي “نحو 120 دولارًا”. وهو مبلغ لا يغطّي معيشة أيّ عراقي لمدّة أسبوع.
وكشف ماهر جوهان، وكيل وزارة التخطيط في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الحكومية أن نسبة البطالة في العراق تتراوح بين 13 و15 بالمئة، “أي ما يقارب 7 ملايين عاطل عن العمل”، فيما تبلغ نسبة الفقر 22 بالمئة “أي ما يعادل نحو 10 ملايين نسمة” في بلد يربو عدد سكانه على 43 مليونا.
وتبدو هذه النسب معتادة وفق الأرقام الحكومية التي تقلل غالبًا من العدد الفعلي، ولا تعكس جديدا، بالنظر لما تعانيه البلاد من أزمات فساد متداخلة ومتراكمة سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا وإداريًا، ترتد سلبًا على مختلف مجالات التنمية والارتقاء بالواقع الخدمي والمعيشي للمواطنين، وهو ما ينجم عنه استفحال معدلات البطالة والفقر.
ويعبر خبراء اقتصاديون عن مخاوفهم الفعلية في ظل الواقع الاقتصادي الريعي الذي يعتمد بشكل شبه كلي على إيرادات بيع النفط لتأمين نفقات الدولة مع تداعي وتهالك جزء كبير من البنى التحتية للخدمات العامة والقطاعات الحيوية.
ويصف مختصون نظام الرعاية الاجتماعية وشمول هذا العدد الكبير ضمن المعونات التي تمنحها الرعاية بالبطالة المقنعة وباب من أبواب الفساد، لاسيما الكشف عن منح رواتب الرعاية لموظفين بالدولة يمتلكون راتبًا آخر.

أحمد خلف: ضباط برتب عالية من بين المتجاوزين على رواتب الرعاية

وكشف رئيس هيئة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق، أحمد خلف عن وجود نحو 175 ألف متجاوز على رواتب شبكة الرعاية الاجتماعية، أغلبهم موظفون حكوميون وضباط ومنتسبون في السلك العسكري، مؤكدًا أنهم كلفوا ميزانية الدولة أكثر من 220 مليار دينار.
وقال “منذ بداية العام الحالي حتى الآن جرى كشف 175 ألف متجاوز على رواتب شبكة الحماية الاجتماعية”، وأضاف “هذا العدد من المتجاوزين ليس نهائيًا، وأن هناك أعدادًا أخرى من المتجاوزين يجري التحقيق بشأنهم”.
وأكد على أنّ المتجاوزين هم موظفون حكوميون في بغداد والمحافظات الأخرى، والبعض من هؤلاء موظفون برواتب عالية، كاشفًا أنه “جرت استعادة 21 مليار دينار منهم، وما زال في ذمتهم للدولة أكثر من 200 مليار دينار، يجري تقسيطها عليهم لمدة 10 سنوات حسب القانون”.
وأوضح “من بين المتجاوزين 1200 منتسب من وزارة الدفاع بينهم ضباط بعضهم برتب عالية، وقد اتخذت الإجراءات الخاصة للاسترداد بحقهم”.
وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة الحالية أحمد الأسدي، قد أكد، قطع رواتب الإعانة عن 117323 من العوائل المتجاوزة، حتى منتصف شهر أيار 2023.
من جهته، قال مسؤول في وزارة العمل، إنّ “حجم الفساد كبير جدًا في رواتب الإعانة الاجتماعية، ويحتاج إلى سنوات لضبطه”.

علي القيسي: جهات سياسية وميليشيات تحت مسميات مختلفة تستحوذ على رواتب الرعاية الاجتماعية التي من المفترض أن تذهب إلى العائلات الفقيرة

وأكد المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أنّ “أغلب المتجاوزين على رواتب الإعانة الاجتماعية هم موظفون ويتقاضون رواتب حكومية بالإضافة إلى رواتب الإعانة الاجتماعية، وقد كلفوا ميزانية الدولة مليارات”.
وأشار إلى أنّ “الوزارة تواجه صعوبة بكشف هؤلاء، وأنها تعمل مع وزارات أخرى لأجل كشف ملفات التقاطع الوظيفي”، موضحًا أنّ “الأعداد التي جرى كشفها لا تمثل إلا نسبًا بسيطة من أعداد المتجاوزين”.وشدد على “ضرورة أن تتعامل المؤسسات القضائية مع هذا الملف من خلال فرض عقوبات قضائية صارمة على المتجاوزين وغرامات مالية ليُمنعوا من التجاوز”.
وعد الناشط الحقوقي علي القيسي وجود متجاوزين على منح الرعاية الاجتماعية بالعمل المدروس والمنظم وأن عدد المتجاوزين يفوق الرقم المعلن بأضعاف.
وأكد القيسي في تصريح لقناة “الرافدين” على أن هناك جهات سياسية وميليشيات تحت مسميات مختلفة تعتاش على رواتب الرعاية الاجتماعية التي من المفترض أن تذهب إلى العائلات الفقيرة التي تحتاجها”.
وأشار إلى أن العراق يعاني من انهيار كامل لمنظومة القضاء والرقابة ودليل ذلك عدم محاسبة الذين تجاوزوا على رواتب الرعاية الاجتماعية وعدم اتخاذ أي عقوبات بحقهم.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى