أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

برلمان العراق.. انحياز للسلطة وتقاطع مع الشعب!!

الميليشيات والمحاصصة الطائفية تسيطر على العمل البرلماني في العراق، بعيدًا عن هموم المواطنين والأزمات التي تعيشها البلاد

بغداد – الرافدين
يحتفل العالم في الثلاثين من شهر حزيران باليوم الدولي للعمل البرلماني، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2018 لتسليط الضوء على دور البرلمانات الوطنية في وضع الخطط والاستراتيجيات، وضمان تحقيق الشفافية والمساءلة التي تعد وغيرها من المهام جوهرًا أساسيًا لتحقيق العدالة وسيادة القانون.
ويمر اليوم الدولي للعمل البرلماني وما يزال الشارع العراقي يرى في البرلمان الحالي ممثلًا للأحزاب الفاسدة الحاكمة وليس ممثلًا للشعب.
ويتساءل عراقيون عن المنجز الذي حققه البرلمان منذ تأسيسه بعد الاحتلال الأمريكي، إذ لعب دورا رئيسًا في حماية الفاسدين وتشريع قاونين لصالح السلطات الحاكمة والميليشيات بعيدا عن تطلعات الشعب العراقي وأزماته التي يعانيها.
ويجمع عراقيون على أن أعضاء مجلس النواب لا يعرفون حدود مهامهم وواجباتهم تجاه الشعب، وأنهم  مجرد أدوات تستعمل من قبل الأحزاب الحاكمة لتحقيق مصالحها وتأمين مكتسباتها.
وتطغى على البرلمان في العراق المكون من 329 نائبًا المحاصصة الطائفية ما جعله بلا قيمة وعاجز عن تنفيذ مهامه كجهة تشريعية تعمل لخدمة البلاد وتحقيق ازدهارها وحل مشكلاتها.
ويواجه البرلمان الحالي انتقادات حادة منذ تشكيل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، لفشله في حل الأزمات المتلاحقة التي يشهدها العراق، وأبرزها ارتفاع سعر صرف الدولار وأزمة الجفاف وانتشار المخدرات بين الموطنين، وغيرها من الأزمات.
ورغم إقرار البرلمان الحالي أكبر موازنة في تاريخ البلاد يؤكد مراقبون أنها لن تعالج الأزمات ولن تحقق تطلعات المواطن، لخضوعها للمحاصصة والفساد، وأن البرلمانيين مثلوا مصالح كتلهم لا مصالح الشعب.
وتهيمن التوافقات السياسية على طريقة عمل البرلمان جاعلة منه عاملا معرقلا أمام تشريع قوانين من شأنها كبح الفساد وتحقيق النمو الاقتصادي في البلاد.
يقول رئيس المركز الوطني للبحوث والدراسات كامل الحساني، إن ” البرلمان الحالي تسيطر عليه الميليشيات ولا جود لأي خلافات بينه وبين الحكومة، ويعمل لخدمتها”.
ويؤكد خبراء سياسيون أن المحاصصة الطائفية وتورط جميع الجهات السياسية في الفساد جعل الجميع يعمل على حماية هذه المنظومة الفاسدة.
قال الخبير بشأن العراقي أحمد الشريفي، إن “الفساد في العراق أصبح متقاسمًا بين كل الأطراف السياسية بلا استثناء، ولهذا هناك حماية سياسية لهذا الفساد، ونرى إجراءات الحكومة لمحاربة الفساد تختصر على بعض المتورطين بقضايا الفساد الصغيرة أو الشخصيات التي ليس لها غطاء وحماية سياسية”.
وأضاف الشريفي أن حكومة السوداني لم تقترب من أي ملف فساد كبير يدين الشخصيات المتنفذة، فهذه الحكومة تريد إكمال دورتها الكاملة لأربع سنوات، دون أي مشاكل وأزمات سياسية قد تعجل من انهيارها. كما أن حكومة السوداني تدار من قبل بعض الأطراف السياسية التي هي بالأساس متورطة بشكل كبير بتلك الملفات الكبيرة والخطيرة للفساد.
ويتهم البرلمان الحالي بسرقة الأموال العامة بتشريعه قوانين تخدم الفاسدين وتعطل تقديمهم للمساءلة من غير أي اكتراث للظروف التي يمر بها البلد.
أكدت مؤسسة غالوب الدولية، أن 100 مليار دولار ستسرق من أموال العراقيين من خلال إضافة مادة في موازنة 2023 تتضمن إطفاء السلف للسياسيين.
وقال مدير الشرق الأوسط في المؤسسة منقذ داغر، إن المبالغ المتراكمة للسلف التي يراد إطفاؤها بموجب هذه الفقرة في الموازنة تبلغ 105 تريليون دينار لغاية 2021، مما يعني مناهزة المبلغ لـ 100 مليار دولار.
ووصف، داغر هذا الإجراء بالمصيبة قائلًا إن ضياع هذا المبلغ الهائل سيكون بجرة قلم، ليتم بعدها إطفاء السلف للسنوات من 2004 إلى 2021.
وأشار مدير الشرق الأوسط في مؤسسة غالوب، أن حكومة السوداني ستعطي لوزير المالية الحالي صلاحية تخصيص مئة مليار دولار من أموال العراقيين للتعويض عن السلف التي ستسرق.
وسبق أن بين النائب جمال كوجر أن البرلمان مكبل بإرادات سياسية وحزبية، وقد يؤدي ذلك إلى تصادم ما بين أعضاء مجلس النواب والكيانات السياسية وتحديدا القادة والزعامات.
وأضاف أن لجنة النزاهة في البرلمان موزعة على الأحزاب والميليشيات المسلحة، ولا يوجد فيها أي مستقل.
ومع أن مهام النائب البرلماني محددة بالمراقبة والتشريع والمساءلة، يستمر النواب في تجاوز حدود مهامهم من خلال تحولهم لجهات تنفيذية، إضافة لتورطهم في صفقات مشبوهة والتدخل في عمل الوزارات وتعيين وفصل موظفين باستخدام سلطتهم.
وتعد رواتب البرلمانيين والمسؤولين في العراق بابًا من أبواب الفساد الكبيرة، إذ تتفق الكتل المختلفة على عدم المساس بهذا الملف رغم تكبيد الدولة مبالغ طائلة.
يقول الباحث في المركز العربي للدراسات السياسية عبد الرازق الكيلاني، “تمثل رواتب مؤسسة الرئاسة والموظفين والمتقاعدين في العراق بابا من أكبر أبواب الفساد التي تكبد الدولة مبالغ طائلة، فالرئيس يتقاضى قرابة 50 مليون دينار، والوزير والنائب في البرلمان قرابة 30 مليون، فيما تصل رواتب كبار المؤسسات والهيئات إلى 20 مليونا”.
وأضاف أن تلك الفوارق الكبيرة لم تطرأ على الساحة إلا مع أنظمة ما بعد الاحتلال، حيث أن نسبة الفارق في الراتب خلال حقبة النظام السابق لم تتجاوز 20 بالمائة، على أقصى تقدير.
إن مجالس النواب(البرلمان) التي تعاقبت منذ احتلال العراق عام 2003 وحتى الآن، كانت ولا زالت تنطوي جلساتها عادة على مشاجرات ومشاكسات بين  من يطلقون على انفسهم “جزافا” تسمية “النواب”  كتعبير عن رغبة الأحزاب والقوى التي يمثلونها في فرض سطوتهم، وفي مشاهد متكررة تعكس سيطرة الميليشيات ورغبتها في فرض إرادتها تبعًا لحجمها وتأثيرها بعيدًا عن الادعاء بالديمقراطية واحترام الرأي الآخر وحتى الالتزام بالدستور الكسيح الذي يدعون احترام أحكامه.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى