أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

تجارة المخدرات تزدهر في العراق برعاية الميليشيات وتجاهل الحكومات

إعلان وزارة الداخلية عن القبض على 10 آلاف متاجر ومتعاط للمخدرات في النصف الأول من عام 2023 يكشف مدى تفشي هذه الآفة القاتلة في المجتمع وعجز الحكومة في الحد منه.

بغداد – الرافدين
أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الحالية، خالد المحنا، أن القوات الأمنية ألقت القبض على 10 آلاف شخص بتهمة استخدام المواد المخدرة والمتاجرة بها منذ بداية العام الحالي 2023 ولغاية الآن.
وأضاف المحنا، أن الكريستال والحشيش يهربان إلى العراق من أفغانستان عبر إيران، وحبوب الكبتاغون من قبرص عبر سوريا.
وعلى الرغم من قيام وزارة الداخلية  بالإعلان يوميًا عن إلقاء القبض على أعداد كبيرة من مروجي ومتعاطي المخدرات، إلا أن ذلك لم يحد من عملية انتشار المخدرات والمتاجرة بها، إذ تزداد انتشارًا وتوسعًا في عمليات توزيعها والمتاجرة بها في ظل سيطرة الميليشيات على الوضع الأمني في العراق ورعايتها لتجارة السموم هذه.
واستفحلت ظاهرة المخدرات في أوساط الشباب في السنوات الأخيرة لا سيما في مدن وسط وجنوبي العراق، إذ تسجل هذه المناطق ارتفاعًا خطيرًا بسبب الفقر والبطالة.
وسبق أن بينت المديرية العامة لشؤون المخدرات بالوزارة أن معدل المقبوض عليهم بتهمة الاتجار والتعاطي بلغ 41 متهما يوميا.
وتشير تقارير دولية ومحلية إلى أن أعداد المتعاطين أكبر مما تعلن عنه الجهات الحكومية، إذ تصل نسبة التعاطي في المناطق الفقيرة إلى 70 بالمائة فيما تصل إلى 50 بالمائة في بقية مناطق البلاد.
واعترفت لجنة مكافحة المخدرات في مجلس النواب الحالي، بتفاقم ظاهرة التعاطي والاتجار بالمخدرات في العراق. وذكرت اللجنة، أن تقارير الجهات المختصة بالمخدرات، أكدت ازدياد حالات التعاطي والاتجار بهذه الآفة الخطيرة، لافتة إلى أن التصدي لها يتطلب اتخاذ إجراءات حازمة وسريعة.
وسبق لعدد من أعضاء مجلس النواب الحالي أن بينوا أن المخدرات قد وصلت إلى بعض المدارس الابتدائية في عدد من مدن الجنوب، مع تفشي البطالة والفقر، وغياب القوانين الرادعة.
فيما قالت النائبة عن محافظة الديوانية، نور نافع، إنه “حسب النسبة التي صرحت بها مفوضية حقوق الإنسان فإن نسبة تعاطي المواد المخدرة في الديوانية تبلغ 45 بالمائة سواء للنساء أو الرجال على حد سواء، وهي الأعلى بين باقي المحافظات”.
وأضافت أن “مختلف الشرائح في محافظة الديوانية تتعاطى المخدرات، ووصل الأمر إلى تعاطي الشابات الصغيرات وطالبات المتوسطة والإعدادية للمواد المخدرة”.
وبينت أنه قبل مدة اكتشفوا وجود مادة الكرستال المخدرة في مدرسة ابتدائية في المحافظة.
وتعد تجارة المخدرات أحد نتاجات انهيار الدولة في العراق منذ عام 2003، وأن جهات متنفذة سواء من الطبقة السياسية أو الميليشيات جمعت أموالاً هائلة من تلك التجارة المستمرة مع سوريا وإيران.
وسبق أن اتهم (النائب السابق عن التيار الصدري) حاكم الزاملي، مسؤولين ومنتسبين في القوات الأمنية بالتواطؤ مع تجار المخدرات، والعمل في تجارة المخدرات.
وقال الزاملي، “أين جهد الأجهزة الامنية والقضائية للحد أو القضاء على هذا الوباء، الذي بدأ ينخر في بنية المجتمع العراقي، حيث يعد من أول أسباب أغلب الجرائم مثل الخطف والتسليب والقتل”.
وأضاف أن العراق أصبح مقرًا لتجارة المخدرات أكثر من الإكوادور والبرازيل وإيران وأفغانستان بعدما كان من أنقى بلدان العالم من ناحية التعاطي وتجارة المخدرات.
وبين الزاملي وجود ضباط ومنتسبين يتفقون مع المجرمين بتكييف الإفادات والأوراق التحقيقية وتغيير تهمتهم من المتاجرة إلى التعاطي لتخفيف الحكم، وكذلك هناك من يتستر عليهم ومن يحميهم كالعصابات المسلحة وبعض العشائر، إذ أن عملية نقل المخدرات تتم من خلال بعض العجلات التي تحمل تخاويل أو باجات حكومية لمنتسبين أو ضباط أو مسؤولين والكل يعرف أن مدن العمارة والبصرة والأنبار وديالى تعد المنافذ الرئيسية لدخول المخدرات”.
ويتهم مختصون الجهات الحكومية بالتسبب بتفاقم ظاهرة التعاطي نتيجة التخبط في القوانين، وعدم محاسبة الميليشيات المتورطة بشكل علني بتجارة وتهريب المخدرات من إيران وسوريا.
وبين عضو منظمة “عراق خال من المخدرات”، علي الحبيب، أن “المخدرات منتشرة بشكل كبير في العراق بسبب عدم السيطرة على المنافذ الحدودية”، وأكثر المحافظات المتضررة هي العمارة والبصرة وواسط، وجميعها حدودية مع إيران، حيث تتسرب كميات كبيرة من الحشيشة والكريستال والكبتاغون”.
وأوضح أن “قانون المخدرات في العراق يتسبب هو الآخر بطريقة أو بأخرى بانتشار المخدرات، خصوصًا أنه يشهد حالة من عدم التمييز بين المتعاطي والمتاجر، ناهيك عن تلاعب قانوني من قبل بعض المحامين والتجار من خلال تحويل المتاجرين إلى متعاطين لتخفيف العقوبة، إضافة إلى دخول الفساد والسلاح المنفلت على خط رعاية التجار وتسريب المخدرات إلى المدن العراقية”.
وكان رئيس حكومة الإطار محمد شياع السوداني قد أعلن عن خطة لعراق خال من المخدرات حسب وصفه، مبينا أنه سيتم التعامل مع الملف على أنه تهديد إرهابي.
فيما أكد عراقيون، بأن السوداني أصبح مثالًا للدعاية الفارغة بجعل العراق خاليًا من المخدّرات، بينما يدرك أن ميليشيات متنفذة داخل الإطار التنسيقي صارت تعتاش على تجارة المخدرات ما بين سوريا وإيران، وجعلت من العراق مستهلكًا وممرًا في اتّجاه عدد من البلدان العربية.
وتنتشر ظاهرة التعاطي بين منتسبي القوات الأمنية أيضا، وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية عن إجراء فحص لمنتسبيها، بعد التقارير التي كشفت تزايد أعداد المتعاطين من عناصر القوات الأمنية.
ولا تستطيع الحكومة الحالية إخفاء حقيقة تورط القوات الأمنية في تعاطي المخدرات والاتجار بها، حيث كشفت فحوص المخدرات التي أجرتها وزارة الداخلية الحالية عن وجود الكثير من المتعاطين في صفوف القوات الأمنية.
وأكدت ذلك، تقارير دولية أشارت إلى ارتفاع أعداد المتعاطين من القوات الأمنية حيث أشار تقرير للأمم المتحدة أن 6 من بين كل 10 منتسبين يتعاطون المخدرات.
وكان العراق قبل العام 2003 يصنف من الدول الخالية تمامًا من المخدرات نتيجة القوانين الصارمة التي وضعها النظام السابق في مكافحة آفة المخدرات والتي تصل إلى الإعدام.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى