أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدين

مجلس القضاء يستدعي البطريرك ساكو في خضوع “معيب” لسطوة الميليشيات

رسائل الدعم تتوالى على بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو، منددة بإرهاب الدولة والتواطؤ المعيب بين الرئاسة والقضاء مع زعماء الميليشيات.

بغداد- الرافدين
كشفت أمر الاستدعاء القضائي لبطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو، خضوع القضاء لسطوة الميليشيات بعد أن مهد لذلك مرسوم أصدره الرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد بسحب المرسوم الجمهوري الخاص بالبطريرك ساكو.
وأصدرت السلطة القضائية أمرًا يقضي باستقدام بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو.
وبحسب كتاب صادر من رئاسة محكمة استئناف الكرخ، فقد صدر قرار من قاضي محكمة تحقيق الكرخ بتبليغ لويس روفائيل بالمثول أمام المحكمة، على خلفية شكوى تقدم بها زعيم ميليشيا بابليون ريان الكلداني المنضوية في الحشد الشعبي.
ويمثل الاستدعاء لشخصية مسيحية عرفت باعتدالها على مستوى العراق والعالم، الانهيار الذي انحدر إليه القضاء في العراق وخضوعه لسطوة الميليشيات وزعمائها المدانين بعمليات القتل والسرقة المكشوفة.
ويعكس مجلس القضاء الأعلى صورة مشوهة للقضاء العراقي لم يمر بها منذ تأسيس الدولة العراقية، حيث قام بتفسير القرارات وفق مصالح أصحاب النفوذ في الأحزاب الحاكمة.
ويجمع خبراء القانون على أن هيبة الدول تقاس بقضائها باعتباره الحصن الأخير قبل انهيار مفهوم الدولة، وتجارب العقدين الماضيين تؤكد أن القضاء في العراق كان شريكا وفاعلا ومدافعا عن أكبر عملية سرقة لمفهوم الدولة في التاريخ وإهانة رموزها.
وسبق أن أعتبر البطريرك لويس ساكو، الميليشياوي المنضوي في الحشد الشعبي ريان الكلداني أنه لا يمثل المكون المسيحي، واتهمه بالتورط في سرقة أملاك المسيحيين.
وقال “لا أسمح لنفسي بمناظرة شخصية مثل ريان الكلداني، الذي سرق أملاك المسيحيين في بغداد ونينوى وسهل نينوى ويحاول شراء رجال الدين المسيحيين بمساعدة امرأة وضعها بمنصب وزيرة”، في إشارة إلى وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو التابعة لحركة “بابليون”.
وأثار قرار سحب المرسوم ومن ثم الاستدعاء القضائي للبطريرك ساكو، استياء وسط الأوساط المسيحية في العراق والعالم.
وتوالت رسائل الاستهجان والتنديد، واصفة ما يجري بالإهانة المشينة التي يرتكبها الرئيس الحالي ويكملها مجلس القضاء الذي أصبح مجرد تابع للميليشياوي ريان الكلداني المعروف بعمليات الاستيلاء على أملاك المسيحيين وتقديم الخدمات السياسية لزعماء في الحشد الشعبي.
وطالبت تجمعات للمسيحيين في بغداد والموصل وأربيل بالعدول عن قرار عزل رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم.
وتجمع المئات من المسيحيين أمام كاتدرائية مار يوسف في عنكاوا رافعين لافتات منددة بقرار رئيس الجمهورية الحالي والتي اعتبروها خطوة تصل إلى إهانة وإذلال الرموز الدينية واصفين القرار بأنه خطوة نحو تمزيق العراق.
واعتبروا القرار بأنه مسيس وجاء بتوصية من ميليشياوي ويحمل نوايا سيئة، في إشارة إلى زعيم ميليشيا بابليون ريان الكلداني، محذرين من تداعيات استمرار استهداف المسيحيين ووجودهم في العراق ودفعهم نحو طلب اللجوء والهجرة خارج البلاد.
وتساءل عراقيون “إذا كان رئيس الدولة والقضاء بهذه المستوى من الخضوع لزعماء الميليشيات، فعلى من يعولون؟”.
وشددوا على أن توقيت سحب المرسوم والاستدعاء من قبل القضاء يكشف التواطؤ المعيب للرئاسة والقضاء لميليشيات الحشد.
وتوالت البيانات والرسائل من الكنائس المسيحية والشخصيات السياسية في العراق والعالم على البطريرك لويس روفائيل ساكو.
ورفضت الرسائل قرار الرئيس الحالي، واصفة إياه بضربة في الصميم يوجها من يفترض أن يكون “حامي حمى العراقيين” من مختلف الأديان.
وذكرت رسالة من الجالية المسيحية العراقية في الولايات المتحدة “إن المسيحيين يواجهون إرهاب الدولة في خطوة نحن نفسرها بأنها سياسة إفراغ العراق من سكانه الأصليين”.
وذكرت “أن التخبط السياسي الذي يمر به وطننا العراق اليوم بسبب المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية والفساد الذي يضرب أطنابه بضلاله الكئيبة على كافة نواحي الحياة وبمختلف المستويات، أثر على كل أبناء شعبنا العراقي ومنهم المسيحيون وراعي كنيستهم الكلدانية البطريرك الكاردينال مار لويس الأول ساكو، الذي وقف دائما وبشجاعة ضد المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت داعيا إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتغليب قيم المواطنة والعدالة الاجتماعية والمساواة”.
وكان قسم الإعلام في هيئة علماء المسلمين قد ندد بالتدخل الحكومي السافر في الشؤون الداخلية للكنيسة الكلدانية في العراق واستهدافها من قبل السلطات وميليشياتها.
وذكر بيان لقسم الإعلام في الهيئة “المتعارف عليه وفق سياقات حرية الأديان أن البطريرك تختاره الكنائس بمحض إرادتها وتقوم الرئاسات في الدول المعنية بالمصادقة على هذا الاختيار وقد درج المسلمون منذ قرون على احترام الأديان ومراعاة حقها في اختيار ممثليها، وعدم التدخل بشؤونها الداخلية”.

رفض شعبي عراقي لإرهاب الدولة
وأوضح “جاء هذا القرار بعد الخلافات بين البطريرك لويس ساكو من جهة وريان الكلداني زعيم ميليشيا بابليون المسيحي المتهم بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في مناطق سهل نينوى، وهي إحدى الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي، والمتهمة من قبل البطريرك والطائفة المسيحية في العراق بسرقة أملاك المسيحيين وتشريدهم”.
وعبرت هيئة علماء المسلمين عن رفضها للقرار غير المسؤول من رئيس الجمهورية الحالي وتدخله السافر، ودعت ممن تسلط على رقاب العراقيين أن يكفوا عن تدخلهم في الشؤون الداخلية للأديان، وتسييسها لمصالح أشخاص وجهات يعرف القاصي والداني مشاريعها الخطيرة والمضرة بالعراق وشعبه. وطالبت بالتوجه لمعالجة المشاكل الحقيقية التي تعاني منها البلاد من الفساد المستشري وانهيار البنية التحتية وارتكاب المجازر بحق العراقيين وتشريد المواطنين وانتشار الفوضى وسرقة ثروات العراقيين والتلاعب بالقوانين وتسييسها لصالح دول عدوة للعراق وشعبه.
وكانت البطريركية الكلدانية قد رفضت قرار سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين بطريرك الكنيسة الكلدانية لويس ساكو روفائيل، مبدية استغرابها هذا القرار الذي اعتبرته غير مسبوق في تاريخ البلاد.
وذكر بيان البطريركية أنّ “المسيحيين بجميع طوائفهم اطّلعوا باستغراب على هذا القرار غير المسبوق في تاريخ العراق، وعدوه قراراً سياسياً كيدياً ليس ضد شخص البطريرك ساكو المعروف داخلياً وخارجياً بمواقفه الوطنية ونزاهته، وإنما ضد المقام البطريركي العريق في العراق والعالم”.
وطالبت البطريركية الكلدانية، وهي الكنيسة الأكبر في العراق، بـ “إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي قبل أن تتأزم وتفرز تداعيات لا تُحمد عقباها”، مشيرةً إلى أن “المسيحيين كانوا ولا يزالون عراقيين مخلصين لوطنهم ويحملون العراق في قلوبهم”.
وأشارت إلى أن “هذا القرار غير مسبوق في تاريخ العراق، ومنذ الخلافة العباسية كان البطريرك يُمنح براءةً رسمية، واستمر الأمر في العهد العثماني إذ كان البطريرك يُمنح فرماناً ولنا نسخة منه تسمى (الطغراء) وهكذا في الزمن الملكي والجمهوري”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى