أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مصانع للمخدرات في العراق مصدر مالي جديد للميليشيات

الميليشيات الولائية لم تعد تكتفي بكون العراق ممرًا لاستهلاك وعبور المخدرات، بل صار مصنعًا ومصدرًا لها، بعد أن شحت عليها الأموال التي كانت تستحصل عليها من العمليات العسكرية.

بغداد – الرافدين
أثار إعلان وزارة الداخلية الحالية في العراق ضبط مصنع لإنتاج مخدر الكبتاغون في محافظة المثنى حفيظة واستهجان الشارع العراقي للاستعراض الإعلامي الذي تقوم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني.
وعد عراقيون عملية الكشف عن المصنع حلقة جديدة في سلسلة التزييف الذي تمارسه حكومة السوداني، لتلميع صورتها لدى المجتمع العراقي، وإخفاء هوية الجهات المتنفذة التي تسيطر على تجارة وتهريب المخدرات تحت مظلة الميليشيات.
وكانت السلطات في العراق، قد أعلنت الأحد ضبط مصنع في جنوب البلاد لإنتاج الكبتاغون، في سابقة من نوعها، ببلد أصبح في السنوات الأخيرة ممرًا لتهريب وتجارة المخدرات.
وقالت وزارة الداخلية الحالية في بيان لها “إنّ المصنع المضبوط يقع في المثنّى، المحافظة الجنوبية الحدودية مع السعودية”.
وأوضح أنّ “المعمل معدٌّ لتصنيع حبوب الكبتاغون المخدّرة مع مواد أولية تقدر بسبعة وعشرين ونصف كيلوغرام مع الأختام الخاصة بالحبوب المخدرة”.
كما أظهر مقطع مصور نشر على مواقع التواصل الاجتماعي لمدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية الحالية، سعد معن، يقول فيه “اليوم ربّما لأول مرة يتمّ ضبط معمل لصناعة المواد المخدّرة وخاصة الكبتاغون”.
ويلف، الغموض تصريحات مدير الاعلام وبيان وزارة الداخلية، لخلوهما من صور المسؤولين عن المصنع أو الجهة التي يعود إليها كما جرت عادة الوزارة أن تفعل مع كل عملية تكشف فيها عن اعتقال تجار المخدرات أو ضبط كميات منها.
وقال، الباحث بالشأن السياسي العراقي، مهند الجنابي، في تغريدة له على تويتر، إن “إعلام وزارة الداخلية كان ينشر صور المعتقلين بجرائم المخدرات، حتى لو كانت أقل من كيلوغرام في العمليات السابقة”.
وعبر الجنابي عن استغرابه من خلو “عملية ضبط مصنع إنتاج المخدرات من أي معتقل أو تهمة توجه لجهة راعية”، مؤكدًا على أن “الميليشيات التي يلعنها الشعب كل يوم هي خط أحمر لدى الجهات الرسمية”.
ويتفق، الباحث السياسي نزار السامرائي مع ما ذهب إليه الجنابي من غياب المسؤولين عن حيازة هذا المصنع بالقول، “يجب الإعلان عن مالكي المعمل والمتعاملين معه ومروجي بضاعته التدميرية”.
ويرى مراقبون، بأن الميليشيات الولائية لم تعد تكتفي بكون العراق ممرًا لعبور المخدرات، بل صار مصنعًا ومصدرًا لها، بعد أن شحت عليها الأموال التي كانت تستحصل عليها من العمليات العسكرية.
وتعد تجارة المخدرات أحد نتاجات انهيار الدولة في العراق منذ عام 2003، وأن جهات متنفذة سواء من الطبقة السياسية أو الميليشيات جمعت أموالاً هائلة من تلك التجارة المستمرة مع سوريا وإيران.

حاكم الزاملي: أصبح العراق مقرًا لتجارة المخدرات أكثر من الإكوادور والبرازيل وإيران وأفغانستان بعدما كان من أنقى بلدان العالم من ناحية التعاطي وتجارة المخدرات
وسبق أن اتهم النائب السابق عن التيار الصدري حاكم الزاملي، مسؤولين ومنتسبين في القوات الأمنية بالتواطؤ مع تجار المخدرات، والعمل في تجارة المخدرات.
وقال الزاملي “أين جهد الأجهزة الأمنية والقضائية للحد أو القضاء على هذا الوباء، الذي بدأ ينخر في بنية المجتمع العراقي، حيث يعد من أول أسباب أغلب الجرائم مثل الخطف والتسليب والقتل”.
وأضاف أن العراق أصبح مقرًا لتجارة المخدرات أكثر من الإكوادور والبرازيل وإيران وأفغانستان بعدما كان من أنقى بلدان العالم من ناحية التعاطي وتجارة المخدرات.
وأشار إلى وجود ضباط ومنتسبين يتفقون مع المجرمين بتكييف الإفادات والأوراق التحقيقية وتغيير تهمتهم من المتاجرة إلى التعاطي لتخفيف الحكم.
ويتهم مختصون الجهات الحكومية بالتسبب بتفاقم ظاهرة التعاطي نتيجة التخبط في القوانين، وعدم محاسبة الميليشيات المتورطة بشكل علني بتجارة وتهريب المخدرات من إيران وسوريا.
ولا تستطيع الحكومة الحالية إخفاء حقيقة تورط القوات الأمنية في تعاطي المخدرات والاتجار بها، حيث كشفت فحوص المخدرات التي أجرتها وزارة الداخلية الحالية عن وجود الكثير من المتعاطين في صفوف القوات الأمنية.
وأشارت تقارير دولية إلى ارتفاع أعداد المتعاطين من القوات الأمنية حيث أوضح تقرير للأمم المتحدة أن 6 من بين كل 10 منتسبين يتعاطون المخدرات.
وسبق أن أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الحالية، خالد المحنا، أن القوات الأمنية ألقت القبض على 10 آلاف شخص بتهمة استخدام المواد المخدرة والمتاجرة بها منذ بداية العام الحالي 2023 ولغاية الآن.
وأضاف أن الكريستال والحشيش يهربان إلى العراق من أفغانستان عبر إيران، وحبوب الكبتاغون من قبرص عبر سوريا.
وعلى الرغم من قيام وزارة الداخلية بالإعلان يوميًا عن إلقاء القبض على أعداد كبيرة من مروجي ومتعاطي المخدرات، إلا أن ذلك لم يحد من عملية انتشار المخدرات والمتاجرة بها.
ويزداد توسع عمليات توزيع المخدرات والمتاجرة بها في ظل سيطرة الميليشيات على الوضع الأمني في العراق ورعايتها لتجارة هذه السموم.
واستفحلت ظاهرة المخدرات في أوساط الشباب في السنوات الأخيرة لا سيما في مدن وسط وجنوبي العراق، إذ تسجل هذه المناطق ارتفاعًا خطيرًا بسبب الفقر والبطالة.
وسبق أن أعلن القبض على رجل كان يصنّع الكريستال في العراق.
وتعلّم الرجل الذي لم يعلن عن هويته ولا الجهة التي تقف ورائه في التمويل والدعم صناعة الكريستال في إحدى مصانع حزب الله اللبناني في الضاحية الجنوبية ثم نقل التجربة إلى العراق، وقام بصنع كميات كبيرة من مادة الكريستال.
وتُشكّل دول الخليج، وفي مقدّمها السعودية، الوجهة الأساسية لحبوب الكبتاغون التي تُهرّب أساساً من سوريا والشريط الحدودي مع لبنان. وتحوّل تهريب هذه المخدّرات إلى تجارة مربحة يقدّر خبراء قيمتها الإجمالية بأكثر من عشرة مليارات دولار.
وحبوب الكبتاغون من المخدرات السهلة التصنيع ويصنّفها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة على أنّها “أحد أنواع الأمفيتامينات المحفّزة” وهي عادة مزيج من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى.
وإضافة لمناطقه الحدودية مع جارته الغربية سوريا، تعدّ مناطق جنوب العراق المتاخمة للحدود مع إيران، معبراً مهماً لتهريب المخدرات ولا سيّما مادة الكريستال.

استعراض إعلامي
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى