أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

العراقيون ينددون بتنازلات حكومة الإطار عن سيادة العراق لصالح الكويت

أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي تفرط بسيادة العراق وأرضه وتقدم أجزاءًا من أم قصر على طبق من ذهب للكويت عقب تفريطها بخور عبد الله قبل 10 سنوات.

البصرة – الرافدين
أثار إعلان وزير الخارجية الكويتي سالم الصباح موافقة محافظ البصرة الحالي اسعد العيداني، على إزالة منازل عراقية تقع في مدينة أم قصر بمحافظة البصرة وتسليم أراضي تلك المنازل للجانب الكويتي، حالة من ردود الفعل الغاضبة بين أوساط العراقيين.
وعلى إثر ذلك دعى شيوخ عشائر ووجهاء البصرة، أبناءهم للاستعداد والجهوزية لتنظيم تظاهرات ووقفات استنكارية للدفاع عن أراضيهم من الاستغلال السياسي لها وبيعها للكويت.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي حالة من الغضب بعد إعلان الوزير الكويتي موافقة حكومة الإطار التنسيقي ممثلة بمحافظ البصرة إزالة منازل المواطنين في أم قصر، ومنح أراضيهم لصالح الجانب الكويتي مقابل تسهيلات للصيادين العراقيين بممارسة نشاطهم ضمن المياه الإقليمية فضلًا عن فتح ملحقية تجارية تابعة لدولة الكويت في البصرة.
وعبر ناشطون على وسم #نرفض_ترسيم_الحدود_مع_الكويت الذي تصدر منصة أكس (تويتر سابقًا) عن استغرابهم من تعهد محافظ البصرة أسعد العيداني للجانب الكويتي بإزالة المنازل المحاذية للحدود في أم قصر وتسليم المنطقة للجانب الكويتي خلال أيام فضلًا عن تسليم حقل الرتقه (الرميلة الجنوبي) إلى الكويت وهو ما عدوه تفريطًا بحقوق العراق مقابل فتح ملحقية تجارية تابعة لدولة الكويت في البصرة.
وكشفت مصادر صحفية، عن عرض قدمته حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إلى الكويت يتم بموجبه موافقة العراق على الاعتراف بمطالب الكويت بالحدود البرية مقابل الحصول على ضمان باعتراف الاخيرة بالحدود المائية للعراق.
وشكك مراقبون بنتائج الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الكويتي عقب تصاعد الرفض الشعبي لمخرجاتها في ظل تجاذبات تسعى إلى استثمار حالة الغضب لتحقيق مصالح سياسية.
ويرى عضو الميثاق الوطني العراقي، عبد القادر النايل، إن “زيارة وزير الخارجية الكويتي إلى بغداد تهدف إلى إقناع بعض الأطراف السياسية المدعومة كويتيا سواء كان الدعم ماليا أو لوجستيا”.
ويضيف النايل أن “بعض الفاعلين السياسيين في الإطار التنسيقي يحظون بدعم كبير من الكويت، فضلا عن أطراف أخرى، وهؤلاء مارسوا ضغوطات لإنجاح مهمة الوزير الكويتي التي جاء من أجلها، والتي تتركز على ترسيم الحدود وإيقاف العراق عن الشكوى لدى الأمم المتحدة بشأن أزمة ميناء مبارك، لأن تقدم العراق بشكوى لدى مجلس الأمن يدفع الأمم المتحدة لاتخاذ قرار بوقف عملية إعدام ميناء الفاو الكبير حسب قانون ترسيم الحدود الأممي”.
وتوقع النايل أن تحقق زيارة وزير الخارجية الكويتي منفعة شخصية لشخصيات سياسية وتنفيذية عبر التدليس على حساب مصلحة العراق دون أن تدفع الزيارة بعجلة حل الخلافات العالقة بين البلدين.
وشدد النايل على أن مخرجات الزيارة ستضع الشعب العراقي في موضع الدفاع عن مصالحه الوطنية، وستكون عامل ضغط لإيقاف التجاوزات الكويتية بحق الأراضي والمصالح العراقية، ومنها آبار النفط المشتركة مما سيحرج الأطراف السياسية التي تبحث عن مصالحها الخاصة فقط دون مراعاة مصلحة العراق.
وأشار عضو الميثاق الوطني إلى أن “أطرافًا سياسية عراقية سواء كانت مناوئة للحكومة أو انسحبت، ستمارس التصعيد لإثبات نفسها أمام الجماهير العراقية بأنها حريصة على مصالح العراق، مما يؤكد أن الأزمة مستمرة ولا حلول لها”.
وأكد على “ضرورة تفعيل الطرف الضامن في قرار ترسيم الحدود وهو الأمم المتحدة، وهذا ما يدعونا إلى القول إن زيارة وزير الخارجية الكويتي لن تحقق أهدافها، وستبقى ضمن الزيارات الشكلية”.

وزارة النقل الحالية تتراجع عن تصريحاتها المتعلقة بالاحتكام للقانون الدولي بما يخص خور عبد الله

وكانت وزارة النقل في حكومة الإطار التنسيقي، أعلنت في الثلث الأول من تموز الماضي، التحرك رسميًا صوب خور عبد الله لاستعادته، وذلك عبر مخاطبة الجهات الدولية، والطعن بقرار لمجلس الأمن الدولي رقم (833) لسنة 1993.
وبحسب بيان أصدره مكتب وزير النقل رزاق محيبس السعداوي الإعلامي، أن الوزارة اتخذت إجراءات عدة لحفظ الحدود البحرية للعراق، واستعادة سيادته على القناة الملاحية في خور عبد الله، والممرات البحرية في خور الخفجة وخور العمية.
وطالب بيان المكتب الإعلامي للوزير، بـ”الطعن في قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993 بسبب الضرر الذي وقع على العراق وحرمانه إطلالته البحرية وحقه التاريخي بالقناة الملاحية في خور عبدالله”، وفق البيان.
وعقب تداول البيان بيوم واحد أصدر وزير النقل في حكومة الإطار التنسيقي، بيانًا توضيحيًا نفى فيه موقفًا كان قد أصدره مكتبه الإعلامي بشأن ملف خور عبد الله.
وأكد الوزير الذي ينتمي لميليشيا بدر بزعامة هادي العامري الذي شغل ذات المنصب إبان توقيع اتفاقية التنازل عن خور عبد الله عام 2013، في توضيحه العاجل، احترامه لقرارات مجلس الأمن الدولي، نافيًا حديثه الذي نقله المكتب الإعلامي في بيانه الأخير، الذي تحدث عن مخاطبات تخص القناة الملاحية في خور عبدالله.
وقال الوزير أيضًا، إن المكتب الإعلامي للوزارة تعامل مع الملف بطريقة غير مسؤولة، وتعاطى مع مخاطبات الوزارة الداخلية بطريقة ملتبسة.
وتشكك أطراف سياسية وشعبية في قدرة المسؤولين العراقيين ونزاهتهم في التعاطي مع ما يتعلق بالملفات الحدودية مع الكويت لاسيما أراضي أم قصر وخور عبد الله.
ويتهم النائب عدنان الجابري السلطات الكويتية بـ “التمدد على أرض العراق، واستغلال سنوات الأوضاع الصعبة دون أي مواجهة ودفاع من قبل السلطات العراقية”، مشيرًا إلى مزارع كبيرة “استحوذت عليها الكويت وفق قرارات أممية مجحفة بعد تنازلات عراقية قبل 2003 وبعدها”.
ويعتقد الجابري بضرورة أن يلجأ العراق إلى “المحاكم الدولية لاستعادة حقوقه، وترسيم الحدود وفق الوثائق التاريخية”، محذرًا من “الخضوع للاتفاقات الجديدة التي تخنق العراق بحريًا”.
ويرى الجابري أيضًا أنّ المفاوضات وكلّ ما يتعلق بالحدود مع الكويت “يجب أن تجري علنًا، مع إشراك مختصين فنيين مهنيين لتقديم المشورة قبل حسم أي اتفاقات”.

حكومة الإطار التنسيقي تسمح بتمدد الكويت داخل العمق العراقي وتتجاهل الغضب الشعبي إزاء ذلك

بدوره دافع محافظ البصرة أسعد العيداني عن الاتفاق الأخير، بالقول إن التحرك الجديد “لا يعدو نقل عائلات تسكن في الشارع المحاذي للدعامات الحدودية إلى مجمع بنته الكويت، بعد تجهيزه بالماء والكهرباء كونها لم تسكن هذه المنازل حتى الآن”.
وينفي العيداني المتهم بتدمير معالم البصرة وإرثها التاريخي فضلًا عن سرقة مواردها بالتفريط بـ “ذرة تراب واحدة” ويؤكّد أنّ ترسيم الحدود ليس من صلاحيات مجلس محافظة البصرة فيما يعد إثارة الملف جزءًا من الحرب الانتخابية.
ولا يقنع رد العيداني المختصين خاصة بما يتعلق بخط الحدود الواصل إلى القاعدة البحرية العراقية القديمة “مرسى الحوامات”، والتي قال محافظ البصرة إنّها باتت جزءًا من الكويت الآن العديد من المراقبين فضلًا عن العراقيين الغاضبين من تفريط الحكومة بسيادة بلادهم.
ويقول عضو نقابة البحريين العراقيين علي العقابي، إنّ “اتفاق ترسيم الحدود مع الكويت يحمل الكثير من الغبن للعراق الذي يعيش أوضاعًا صعبة، أمام ما تنفقه الكويت من مليارات على هذا الملف، بعضها ذهب إلى مسؤولين عراقيين”.
ويخشى العقابي، أن “تستولي الكويت على مساحات أكبر من الأراضي العراقية بالطريقة غير الشرعية ذاتها”، مبينًا أنّ “حديث محافظ البصرة أسعد العيداني عن حسم الترسيم للحدود البرية غير واقعي، حيث كانت القاعدة البحرية القديمة من ضمن حدود أم قصر لغاية عام 2003، وكانت الزوارق والسفن الحربية ترسو في القاعدة للصيانة وغيرها”.
ويتساءل العقابي، عن آلية ووقت “ترسيم الحدود لتصبح القاعدة جزءًا من الأراضي الكويتية”، وعن مصير الأراضي الصحراوية المحايدة التي كانت تحت سلطة الأمم المتحدة، والتي تبدأ من خارج أم قصر، على حد وصفه.
ويوضح العقابي، أنّ الحدود الكويتية كانت تبدأ على بعد ساعة من مدينة أم قصر حيث “مركز ختم الجوازات في منطقة المطلاع، خلال ثمانينيات القرن الماضي”، ويرى في زحف الحدود إلى المدينة “خيانة تنطوي على فساد أو أجندة”.
وتبدو المسألة أشد تعقيدًا بالحديث عن الحدود البحرية، إذ يقول العقابي إنّ “حسم الملف بوجود السلطة الحالية في العراق يعني ترسيخ التجاوزات الكويتية على المياه العراقية وآبار النفط”.
ومارست حكومة الإطار التنسيقي صمتًا مطبقًا ولم يصدر عنها أي تعليق حول التحركات الجديدة التي كشفت عنها زيارة وزير الخارجية الكويتي هذا الأسبوع.
ويرى الخبير في مجال ترسيم الحدود جمال الحلبوسي أن صمت الجهات الرسمية في بغداد مفهومًا وأنّ التحرك الأخير ينطوي على اجتزاء مساحات جديدة من الأراضي العراقية بـ “موافقة أصحاب السلطة في العاصمة”.
ويضيف الحلبوسي أنّ “على الحكومة والمفاوض العراقي الانتباه لخطورة قضية الحدود البحرية، فالكويت أخذت الأراضي العراقية وتمددت على المياه الإقليمية وطالبت بأمور فوق استحقاقاتها”.
ويرى الخبير في قضايا الحدود، أنّ “الكويت تنتهج سلوكًا عدوانيًا تجاه العراق، عبر محاصرته بحريًا، والاستيلاء على أراض حيوية برًا، ما يستوجب مفاوضات حازمة تعيد الحقوق إلى أصحابها”.
ويتابع أنّ “التنازل عن شبر الآن يعني خسارة آلاف الأمتار من الأراضي العراقية لاحقًا ما يعني استمرار الزحف الكويتي على الأراضي العراقية”.
ويتفق أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة أحمد صدام مع ما ذهب إليه الحلبوسي بالقول إن “التنازل بقبول التناصف في خور عبدالله وفق الشروط الكويتية، تكرر الآن بقبول الشروط أيضًا، دون امتلاك ما يثبت العكس أو يوقف التمدد الكويتي”.
ويضيف أستاذ الاقتصاد، أنّ “الكويت الآن تتحدث بهدوء وقوة، لأنها تمتلك وثائق مهمة توضح حقوقها التي تستطيع أخذها من العراق، مقابل موقف ضعيف لبغداد التي لا تملك ما تدافع به عن حقها التاريخي في هذه الأراضي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى