أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

صفقات الفساد تلاحق مشاريع “صندوق إعمار ذي قار”

ناشطون وإعلاميون من ذي قار يكشفون عن تبديد أموال صندوق الإعمار على مشاريع شكلية وبتكاليف باهظة بدلًا من تطوير البنية التحتية وإنجاز مشاريع خدمية في المحافظة.

الناصرية – الرافدين
عبر نشطاء من مدينة الناصرية عن غضبهم إزاء الهدر في المال العام وسوء تنفيذ مشاريع صندوق إعمار ذي قار وحجم الفساد الواضح في المشاريع المنجزة على الرغم من التخصيصات الضخمة لها.
ودعا النشطاء الجهات الرقابية في الحكومة إلى تفعيل دورها في متابعة المشاريع وتشخيص الخلل وإحالة الفاسدين إلى القضاء وعدم التستر على المقصرين.
وعزت مصادر محلية، أسباب سوء تنفيذ المشاريع في محافظة ذي قار إلى جملة من الأسباب من بينها سوء اختيار الشركات، وشبهات وصفقات فساد في إحالة المشاريع إليها، وتدخل الأحزاب والنواب في هذا المجال.
وقال الناشط المدني حسن هادي المدرس إن “المحاصصة الحزبية وتقاسم مغانم السلطة والعمولات التي يتلقاها المتنفذون من أصحاب الشركات القت بظلالها على مجمل مفاصل تنفيذ المشاريع”.
وأضاف أن “ذلك إدى إلى رداءة التنفيذ وظهور عيوب إنشائية واضحة في العديد من المشاريع المنفذة حديثًا”.
ونوه إلى أن “تنفيذ أغلب الأعمال والمشاريع التي أحيلت على الشركات المحلية غير مطابق للمواصفات والمعايير الفنية والإنشائية المعتمدة”.
وتحدث الناشط المدني عن وجود جهات خفية تقف خلف إحالة مشاريع الإعمار إلى شركات غير رصينة ما تسبب بإهدار أموال صندوق إعمار ذي قار عبر التنفيذ السيئ للمشاريع.
ودعا هيئة النزاهة إلى التحرك بصورة فاعلة لمحاسبة كبار المسؤولين المشرفين على إحالة وإدارة مشاريع المحافظة ومساءلة رؤساء الوحدات الإدارية عن فشل تنفيذ المشاريع.
وكشف المدرس عن توظيف بعض المشاريع لأغراض سياسية وانتخابية عبر فرش بعض الطرق الريفية بمادة (السبيس) أو توزيع محولات كهربائية أو غيرها من الاعمال الخدمية وتقديمها كعربون محبة لبعض العشائر والمناطق الشعبية لغرض كسب الولاء الانتخابي أو الحزبي في انتخابات مجالس المحافظات المرتقبة.
بدوره يقول المعلم الجامعي، أمجد كاظم، إنه لديه أمنية بأن يسمع صوت المحافظ محمد هادي، في مؤتمر صحفي أو حتى تصريح إعلامي يتحدث فيه عن المشاريع وخاصة ما يتعلق بمنطقة الحبوبي التي تحولت إلى منطقة خربة بسبب التجاوزات.
وتساءل “هل هذه هي الأحلام التي حلمنا بها؟، يا لخيبة أملنا الكبيرة تجاه المشاريع التي أعلنت خلال الفترة الماضية”.
وأضاف “من أبسط حقوقنا كمواطنين في ذي قار، أن توفر الجهات التنفيذية لنا ولأطفالنا أماكن نقضي فيها سويعات للراحة وللعب الأطفال، ولكن هذا لم يحصل للأسف خلال الفترة الماضية”.
وطالب بالاستيقاظ من السبات العميق الذي يعيش فيه الجميع داخل الناصرية وضواحيها، لأن المدن يعمرها الشرفاء فقط، والمدينة بحاجة لأناس أصحاب ضمير في العمل، لا أصحاب صفقات خفية بإحالة المشاريع.

أبناء الناصرية يحملون حكومة السوداني مسؤولية الفشل في إعمار محافظتهم

وفي محاولة منهم لمراقبة سير تنفيذ المشاريع وتشخيص مواطن الخلل فيها أعلن مجموعة من المواطنين والناشطين والإعلاميين في ذي قار تشكيل مجموعة الرقابة الشعبية لتفعيل دور الرقابة الشعبية والإعلامية على الاداء الحكومي وملاحقة شبهات الفساد بعد حقبة طويلة من عجز الجهات الرقابية والحكومية عن مواجهة كبار المتجاوزين على الأملاك العامة والمال العام والتباطؤ في ملاحقة المسؤولين الفاسدين المتورطين في تلك الملفات لاسيما المنتمين منهم للأحزاب المتنفذة.
وتُعرف مجموعة الرقابة الشعبية في ذي قار والتي باشرت عملها اواخر عام 2021 على أنها مجموعة تهدف إلى متابعة ومراقبة ونشر الحالات السلبية لغرض تقويمها وتوضيح الجوانب الإيجابية لمباركتها، وان الحالات السلبية التي تتابعها تتضمن تقصير المسؤولين في مجلس المحافظة فضلا عن الدوائر المرتبطة بالحكومة في أداء واجباتهم وغير ذلك من القضايا العامة.
واظهرت مقاطع مصورة وصور تداولها ناشطون وإعلاميون مؤخرًا ظهور تشققات وتخسفات وسوء تنفيذ في عدد من الطرق المنفذة حديثا فضلًا عن هدر في المال العام في عقود تنفيذ مشاريع النافورات.
ومن بين الصور المتداولة تلك التي رصدت طريقًا ريفيًا يربط مناطق آل أبو شهاب التابعة لقضاء الغراف، والشارع الرابط بين جسر الحضارات ومجمع تينا السكني وسط الناصرية، والطريق الممتد من السجن الإصلاحي إلى البوابة الشمالية لمدينة الناصرية وغيرها من المشاريع.
وأوضح ناشط في مجال الرقابة الشعبية أن “شارع آل كشاش في منطقة البو شهاب جرى تنفيذه منذ تسعة أشهر ومازالت طبقات الأسفلت غير متماسكة وتتفتت باليد تزامنًا مع ظهور تشققات طولية وعميقة في الشارع”.
ويجد الناشط الذي ظهر في المقطع المصور، أن “هذا يدل على وجود تلاعب في كميات ونوعية المواد المستخدمة في تعبيد الشارع”.
ووجه الناشط دعوة إلى “صندوق إعمار ذي قار ومديرية الطرق والجسور لتوجيه الشركة بقلع الأسفلت الرديء وإعادة تنفيذ المشروع”.
وشدد، على أهمية متابعة المشاريع الحكومية التي يجري تنفيذها من قبل الشركات الأهلية في ظل وجود شبهات فساد بطريقة إحالة المشاريع وتورط عدد من النواب والمسؤولين فيها”.
فيما كشف ناشط آخر عن سوء تنفيذ أعمال التعبيد في الشارع الرابط بين جسر الحضارات ومجمع تينا السكني أثناء قلعه لقطع الأسفلت غير المتماسكة من الشارع الذي مضى على تعبيده بضعة أسابيع بحسب ما يقول.
ودعا الناشط عبر مقطع مصور، مجلس المحافظة وهيئة النزاهة إلى متابعة المشروع والتحقيق في الأمر.
واظهرت لقطات أخرى ظهور تخسفات وتجمع للمياه الآسنة في أحد شوارع حي المنتظر الذي جرى تنفيذه حديثًا ضمن مشاريع صندوق إعمار ذي قار تزامنًا مع لقطات أخرى متداولة من قضاء سوق الشيوخ وتحديدًا في شارع الإطفاء بعد تخسفه وتجمع المياه الآسنة فيه على الرغم من تصوير اللقطات خلال فصل الصيف وقبل موسم الأمطار

وفي سياق متصل عرض برنامج صوتكم الذي تبثه قناة “الرافدين” الفضائية يوميًا عدا الخميس تفاصيل عقد إنشاء نافورة بطول عشرة أمتار وبقيمة 247 مليون دينار في تكلفة باهظة لمثل هذا النوع من المشاريع.
وبث البرنامج لقطات وثقها ناشط من الناصرية وهو يستعرض تفاصيل العقد على أرض الواقع والتكاليف الباهظة لأجزاء النافورة التي أنجزت بشكل بدائي.
واستغرب مدونون من أبناء ذي قار من حجم الاهتمام بمشاريع النافورات التي تنفذ بشكل مستعجل ودون مراعاة للشروط لكي تحسب على المواطن مشروعًا عملاقا بتكاليف باهظة كما حصل مع نافورة “لفظ الجلالة” في الناصرية و التي كلفت 221 مليون دينار والتي جرى إنجاز شبكة صرف المياه فيها بشكل بدائي ما تسبب بفيضان في الشوارع المحيطة بها بحسب لقطات بثتها قناة “الرافدين” الفضائية في برنامج صوتكم.
وكان مدير عام صندوق إعمار ذي قار محمد جواد الزيدي أقر في وقت سابق على إثر تداول المقاطع المصورة، بسوء تنفيذ الشارع الممتد من السجن الإصلاحي إلى البوابة الشمالية لمدينة الناصرية في محاولة لامتصاص النقمة الشعبية.
وأوضح الزيدي في تصريح له من موقع المشروع أنه “تمت زيارة موقع مشروع إنشاء الشارع الممتد من السجن الإصلاحي إلى البوابة الشمالية للاطلاع على الأعمال المنفذ وتوجيه الشركة بإيقاف العمل واتخاذ الإجراءات القانونية وتوجيه إنذار إلى الشركة المنفذة”.
وأشار إلى الاتفاق مع الشركة على قلع طريق الذهاب من الشارع المذكور واعادة تنفيذه وفق المواصفات الفنية.
وتحدث، عن توجيه إنذارات لعدد من الشركات وإصدار توجيهات لمعالجة ما تم تشخيصه من خلل في تنفيذ المشاريع في إشارة إلى سوء تنفيذ عدد من المشاريع الأخرى.

اتهامات لمحافظ ذي قار الحالي بالتقصير والتورط بشبهات فساد تتعلق بصندوق إعمار المحافظة

وكان نواب من ذي قار قد أبدوا اعتراضهم في منتصف العام الماضي على تخصيص جزء من أموال صندوق إعمار المحافظة لشراء آليات قتالية لقيادة الشرطة، فيما أشاروا إلى عدم مراعاة الأولويات والحاجة لمشاريع الخدمات الأساسية والبنى التحتية.
ويتهم نواب حاليون محافظ ذي قار والقائمين على صندوق إعمار المحافظة بالفساد وصرف الأموال على مشاريع وهمية وأخرى متلكئة.
ويرى النائب عن محافظة ذي قار محسن السعيدي أن “ملف إعمار ذي قار دخل نفق السياسة والفساد وأن بعض الجهات المتنفذة تأخذ نسبتها بين 10 بالمائة إلى 12 بالمائة عن كل مشروع مخصص لإعادة الاعمار ذي قار”.
وأشار إلى أن هناك سوء إدارة لملف إعمار ذي قار بسبب الفاسدين الذين يريدون الاستفادة من استمرار تلكؤ المشاريع في المحافظة.

زينب الخزرجي: صمت الحكومة عن الفساد المستشري في المحافظة أمر يُثير الاستغراب لدى نواب ذي قار، الذين يطالبون بتغيير المحافظ كونه غير قادر على إدارة المحافظة بالصورة الصحيحة.

بدورها قالت النائبة عن محافظة ذي قار زينب الخزرجي، إن “بقاء الوضع على ماهو عليه في المحافظة يستدعي من رئيس الوزراء التدخل العاجل والفوري في إقالة الجهات المختصة في المحافظة التي أسهمت في تدميرها”.
وشددت على، أن “صمت الحكومة عن الفساد المستشري في المحافظة أمر يُثير الإستغراب لدى نواب ذي قار، الذين يطالبون بتغيير المحافظ كونه غير قادر على إدارة المحافظة بالصورة الصحيحة والدليل على ذلك تلكؤ تنفيذ المشاريع ضمن صندوق إعمار ذي قار منذ ثلاث سنوات”.
وكان مجلس الوزراء إبان حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي قد أصدر في مطلع تشرين الأول من عام 2020 حزمة من القرارات تخص محافظة ذي قار تضمنت إنشاء صندوق مجلس إعمار محافظة ذي قار، يتولى تنفيذ مشاريع المحافظة ورصد التخصيصات المالية اللازمة له ضمن مشروع قانون الموازنة العامة في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي عقب ثورة تشرين.
واستمرت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بالعمل في هذا الصندوق الذي أنيطت مهام الإشراف عليه إلى الأمين العام لرئيس مجلس الوزراء حميد نعيم الغزي الذي تتهمه أوساط شعبية في الناصرية إلى جانب محافظ ذي قار الحالي محمد هادي الغزي بالتستر على الفساد وتبديد التخصيصات الضخمة لهذا الصندوق.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى