أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

فولكر تورك يتجاهل بشكل لا مسؤول التغييب القسري في العراق

المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك ينهي أربعة أيام من زيارة العراق في جولة غابت عنها معاناة النازحين والاعتقالات العشوائية والتقسيم الطائفي وإفلات قتلة الناشطين من العقاب.

بغداد– الرافدين
تجاهل بشكل لا مسؤول، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، معاناة مئات الآلاف من الأسر العراقية التي غيب أبنائها من قبل فصائل وميليشيات مسلحة منذ سنوات.
ولم يركز المفوض السامي لحقوق الإنسان بعد أربعة أيام قضاها في العراق على ملف الإخفاء القسري والاعتقالات العشوائية والقتل على الهوية ومطاردة الناشطين والإفلات من العقاب لقتلة ثوار تشرين ومعاناة النازحين والفساد الكامن في بنية المؤسسات الحكومية والتقسيم الطائفي القائم في العراق منذ عقدين.
وزار تورك بغداد وأربيل والبصرة، والتقى رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ووزير الخارجية فؤاد حسين ووزير العدل خالد شواني ورئيس إقليم كردستان نيجرفان البارزاني ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إلا أنه تجاهل في مؤتمره الصحافي بشكل معيب الإشارة الواضحة إلى الانتهاكات الشنيعة لحقوق الإنسان في العراق.
وأكتفي المفوض السامي بدعوة حكومة السوداني الالتزام بتوصيات لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري التي زارت العراق العام الماضي.
وقال “وحسب فهمي فإن هناك قانونا للاختفاء القسري سيصل إلى مجلس النواب وهي خطوة مرحب بها وفي الاتجاه الصحيح. وقد حان الوقت لتشريع قانون يتماشى مع معايير حقوق الإنسان الدولية”.
وتكشف الإشارة الخجولة من قبل المفوض السامي للانتهاكات الشنيعة لحقوق الإنسان في العراق، عن لا مسؤولية وظيفية وأخلاقية عندما يعبر على معاناة مئات الآلاف من الأمهات والزوجات اللواتي ينتظرن معرفة مصير أبنائهم المختطفين من قبل ميليشيات طائفية مارقة مشاركة في حكومة الإطار التنسيقي.
وللعراق تاريخ مؤلم من استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة خلال الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية للعراق وما تلاه من عمليات القتل على الهوية الذي مارسته ميليشيات طائفية.
ووثقت الأمم المتحدة مقتل ما لا يقل عن 487 متظاهرا و7715 جريحا خلال تظاهرات ثورة تشرين للفترة ما بين تشرين الأول 2019 و30 نيسان 2020، بسبب استخدام القوة من قبل قوات الأمن العراقية والميليشيات المسلحة ضد المتظاهرين.
وشكلت الحكومة لجنة تقصي الحقائق إلا أنها لم تعلن عن أي نتائج ولم تتم محاسبة القتلة في موقف متعمد لإفلات قتلة ثوار تشرين من العقاب.
وسبق أن قالت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري بعد انتهاء زيارة إلى مدن العراق المنكوبة “لقد حكم على أسر وأقارب المختفين أن يعيشوا في حزن دائم لعدم معرفة أي شيء عن مصيرهم ومكان وجودهم، ويتعين عليهم مواجهة إطار روتيني معقد للغاية في سبع مؤسسات عند تقديم أي شكوى أو مطالبة بحقوقهم”.
وأعربت اللجنة بعد زيارة إلى بغداد والأنبار والموصل وأربيل ومقابلة أهالي المغيبين في سجون الميليشيات عن قلقها البالغ إزاء الادعاءات العديدة بارتكاب أعمال انتقامية ضد أسر وأقارب وممثلي المختفين، وكذلك ضد الجهات الفاعلة التي تشارك في عمليات البحث والتحقيق.
وأشارت اللجنة المكونة من الرئيسة فيلا كوينتانا ونائبيها باربرا لوخبيلا ومحمد عياط، ورئيسة أمانة اللجنة ألبأن بروفيت بالأسكو، إلى أنه لا ينبغي أن يتعرض أي شخص من الذين شاركوا في المحادثات أو أسهموا بمعلومات إلى اللجنة لأعمال انتقامية.
وأكدت على أن المعلومات والبيانات المتوفرة في العراق لا تسمح بقياس حجم هذه الجريمة لكن الوفد تلقى خلال الزيارة، التي استغرقت 12 يوما، المئات من ادعاءات الاختفاء القسري من مختلف المحافظات.
وسبق أن وصفت صحيفة “واشنطن بوست” وعود الحكومات في بغداد فيما يخص إنهاء ظاهرة المختفين قسريا بمجرد كلام.

الاختفاء القسري
أين ولدي يا المفوض السامي لحقوق الإنسان؟
وقالت الصحيفة إن رؤساء الحكومات تعهدوا علنا بالتحقيق في حالات المخفيين قسرا ومعاقبة مرتكبيها، لكن لم يتحقق شيء يذكر من تلك الوعود، واستمرت حالات الإخفاء القسري لمواطنين عراقيين دون حساب.
وتؤكد بيانات جماعات حقوق الإنسان أن الميليشيات في العراق لا تعمل تحت مظلة قوات الأمن الحكومية وشرعت لنفسها قانونها الخاص حتى باتت تطارد وتستهدف المعارضين وتخفيهم قسرا.
وارتكبت ميليشيا العصائب برئاسة قيس الخزعلي جرائم التغييب القسري ضد أكثر من 55 ألف شخص، في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى والتأميم وحزام بغداد.
ومن ضمن هؤلاء المغيبين من تمت تصفيتهم أو بيعت أعضاؤهم البشرية من قبل الميليشيا، وكذلك من ضمنهم من تمت مساومة ذويهم من أجل تسليم جثثهم، بينما السلطات الحكومية مسلوبة الإرادة أمام نفوذ هذه الميليشيات، ولم تقم بأي دور تجاه هذه الأعداد من المغيبين.
وكان المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك قد حذر في ختام زيارته للعراق من أن ما يواجهه العراق من ارتفاع في درجات الحرارة وجفاف هو بمثابة “إنذار” للعالم أجمع.
وخلال جولته في العراق حيث تبلغ درجات الحرارة قرابة الخمسين مئوية، ووسط جفاف شديد، زار تورك جنوب البلاد حيث “الحقول جرداء ورازحة تحت وطأة الجفاف”، كما قال.
وقال تورك لوكالة الصحافة الفرنسية في بغداد في ختام زيارة دامت أربعة أيام، إن “ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وفقدان التنوع البيئي، أمور باتت واقعا. هي بمثابة إنذار إلى العراق والعالم أجمع”، مضيفا “حينما نشاهد أوضاع تلك المجتمعات، فنحن نشاهد مستقبلنا”.
للعام الرابع على التوالي، يواجه العراق، البلد الخامس الأكثر تأثرا بالتغير المناخي في العالم بحسب الأمم المتحدة، موجة جفاف.
ويعود ذلك إلى تراجع نسبة الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، لكن السلطات تحمل جزءا من المسؤولية إلى سدود تبنيها الجارتان تركيا وإيران على منابع دجلة والفرات، ما يسبب انخفاضا في منسوب الأنهر التي تعبر العراق.
وفي تموز، حذّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) من أن منطقة الأهوار التاريخية في جنوب العراق تشهد “أشدّ موجة حرارة منذ 40 عاماً”، متحدثةً كذلك عن تراجع شديد لمنسوب المياه.
واستعاد تورك تعبيراً استخدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الشهر الماضي، حيث قال إن العالم قد دخل في “عصر الغليان”، مضيفاً أنه “هنا (في العراق)، نعيش ذلك، ونراه كلّ يوم”.
وخلال مؤتمر صحافي في بغداد الأربعاء، أعرب تورك عن قلقه من “معلومات تفيد بأفعال عنف وترهيب وتهديدات بالقتل” ضدّ الناشطين البيئيين.
ومن بينهم، جاسم الأسدي، وهو ناشط بيئي منخرط في العمل على الحفاظ على أهوار جنوب البلاد، وتعرّض للخطف من قبل ميليشيات مشاركة في الحكومة لمدّة أسبوعين في شباط الماضي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى