أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

القضاء في العراق يشنق العدالة ويلغي حكم إعدام قاتل هشام الهاشمي

قرار لمحكمة التمييز يلغي حكم الإعدام الصادر بحقّ أحمد حمداوي عويد العنصر في ميليشيا حزب الله المنضوية في الحشد الشعبي، الذي أدين في قضية اغتيال الهاشمي.

بغداد – الرافدين
سقط القضاء العراقي من جديد في حبائل الخضوع للمصالح السياسية وتقديم خدمات مدفوعة للأحزاب والميليشيات المسيطرة على العملية السياسية، عندما نقضت محكمة التمييز الاتحادية حكم الإعدام الصادر بحقّ المدان باغتيال الباحث هشام الهاشمي، الجريمة التي أثارت تنديداً محلياً وخارجياً.
وأعادت محكمة التمييز القضية إلى محكمة التحقيق، ما يعني إلغاء الحكم.
وتذرعت المحكمة في قرارها بأنّ اللجنة التي تولّت التحقيق في القضية، وهي اللجنة 29 التي تشكّلت خلال الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي من أجل مكافحة الفساد، وجرى حلّها في 2022، “ليست لديها أيّ صلاحيات قانونية للتحقيق في الجريمة”.
وجاء في القرار الذي صدر في الحادي والثلاثين من تموز ونشرته المحكمة على موقعها الإلكتروني أنّه تقرّر “نقض كافة القرارات المميّزة الصادرة عن المحكمة المركزية (…) وإعادة إضبارة الدعوى لمحكمة التحقيق المختصة”.
ويعني هذا القرار إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقّ أحمد حمداوي عويد الكناني العنصر في إحدى الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي، الذي أدين في قضية اغتيال الهاشمي.
وإثر توقيفه، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأنّ الكناني كان مرتبطاً بميليشيا حزب الله، وهو فصيل مسلّح من فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران.
وأصدرت محكمة عراقية في أيار حكماً بالإعدام بحقّ الضابط السابق في الشرطة والعنصر في ميليشيا حزب الله أحمد حمداوي عويد بعدما أدانته بجريمة قتل الخبير الأمني هشام الهاشمي.
ووصفت مصادر قانونية الغاء حكم الإعدام على الشرطي السابق والعنصر في ميليشيا متنفذة في الحشد الشعبي، بمثابة حكم بشنق الحقيقة وحماية الميليشيات وافلات الجناة من العقاب.
وأكدت على ان القضاء في هذا الحكم الناقص وفق أسس العدالة يهدف الى تبرئة الميليشيا التي تقف وراء عملية قتل الباحث هشام الهاشمي.
وشددت المصادر القضائية على أن الحكم غير مكتمل الأركان، لأنه مجرد أداة بيد ميليشيا مسلحة ارتكبت جرائمها في القتل على الهوية واغتيال واختطاف النشطاء.
ويعكس مجلس القضاء الأعلى صورة مشوهة للقضاء العراقي لم يمر بها منذ تأسيس الدولة العراقية، حيث قام بتفسير القرارات وفق مصالح أصحاب النفوذ في الأحزاب والميليشيات الحاكمة.
ومع أن ديباجة مجلس القضاء تؤكد على استقلاله، إلا أن هذا الكلام لا يمثل إلا نفسه على الورق فمجلس القضاء الأعلى مجرد أداة قانونية لتمرير قرارات غير عادلة بحق العراقيين وتسويغ عمليات فساد كبرى في الاستيلاء على ثروة البلد منذ عام 2003، وإطلاق جناة ثبت بالدليل دورهم في تصفية وقتل العراقيين على الهوية.
واغتيل الهاشمي في السادس من تمّوز 2020 أمام منزله في العاصمة العراقية برصاص مسلّحين كانوا يستقلّون دراجة نارية.
وبعد عام على الاغتيال، أعلن رئيس الوزراء حينها مصطفى الكاظمي القبض على المتهّم الرئيسي بالجريمة، وهو أحمد حمداوي عويد الكناني، الضابط في وزارة الداخلية البالغ 36 عاماً والمنتمي الى القوات الأمنية منذ العام 2007.
وبثّ التلفزيون الرسمي “اعترافات” الكناني بالضلوع في اغتيال الهاشمي.

الميلشياوي يقتل ويفلت من العقاب

وكان الهاشمي يقدّم استشارات لشخصيات سياسية عراقية وتولّى وظائف استشارية لبعض الأجهزة الأمنية المحلية. وأثار اغتياله صدمةً في العراق وتنديداً من الأمم المتحدة وعواصم غربية.
وأيّد الهاشمي تظاهرات ثورة تشرين التي شهدها العراق في تشرين الأول 2019، والتي ندّد فيها المتظاهرون بالفساد في البلاد وبالنفوذ الإيراني، وطالبوا بتغيير للنظام السياسي.
وتعرّضت الحركة الاحتجاجية لقمع شديد وتلتها عمليات اغتيال وخطف ومحاولات قتل استهدفت عشرات الناشطين.
وأفاد تقرير أصدرته بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في حزيران الماضي أنّ “الإفلات من العقاب” لا يزال مستمراً في العراق في ما يتعلّق بهجمات تستهدف متظاهرين وناشطين ومنتقدين لـ”عناصر مسلحة وجهات سياسية” تنسب إليها الهجمات.
ولاحظ التقرير أنه في حين “يتم تنفيذ معظم الجرائم بدون الكشف عن هوية الجناة”، فإن “المعلومات تشير إلى أنّ المحتجزين والمدانين قد ينتمون إلى جماعات مسلحة معروفة تعمل خارج سيطرة الدولة”.
بدورها أكدت منظمة العفو الدولية على أن الإفلات من العقاب سمة سائدة في العراق بعد المئات من عمليات القتل غير المشروعة من قبل القوات الحكومية والميليشيات خلال الاحتجاجات في ثورة تشرين.
وشددت المنظمة على استمرار نهج الإفلات من العقاب في حكومة محمد شياع السوداني، أسوة بالحكومات السابقة في العراق.
ووفقًا للتقرير فإنه “ساد الإفلات من العقاب على المئات من عمليات القتل غير المشروعة خلال احتجاجات تشرين الأول 2019 مع إحراز تقدم ضئيل في التحقيق مع الجناة المشتبه بهم، وتقاعست السلطات العراقية عن إعلان نتائج التحقيقات التي أجرتها اللجان التي شـُكـّلت في أعقاب الاحتجاجات للتحقيق في أعمال العنف التي شابت الاحتجاجات، فضلا عن عمليات القتل المستهدفة ومحاولات القتل التي جرت ضد عشرات النشطاء بين عامي 2019 و2021 واستمرت الجهات المسلحة في تهديد النشطاء، فضلا عن أقرباء المحتجين والنشطاء القتلى أو المختفين، بالقتل أو بتعريضهم للاختفاء، ما دفعهم إلى الاختباء أو الهروب إلى خارج البلاد”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى