أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الفساد ينخر حكومة كردستان في شمال العراق

مايكل روبين: يواجه الحزب الديمقراطي الكردستاني معضلة وجودية مع تفاقم مرض مسعود البارزاني حيث يتوقع أن ينشب الصراع بين الأشقاء وأبناء العم على زعامة الحزب.

بغداد- الرافدين
قال الكاتب الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط مايكل روبين، إن الفساد لا يقتصر على الحكومة المركزية في بغداد، بل أنه ينخر حكومة كردستان في شمال العراق.
وشدد روبين الزميل في معهد “أمريكان إنتربرايز” بمقال تحت عنوان “أيام مسرور البارزاني معدودة” على أن سوء الإدارة والفساد ستتسببان في حدوث ركود اقتصادي، وستتعثر استراتيجيته القديمة في شراء ذمم الأصدقاء مع نفاد الأموال من يد حكومة كردستان.
وطالب الكاتب الذي يعد من بين أحد أهم المحللين الأمريكيين الذين يعرفون الوضع السياسي في العراق عن كثب، رئيس حكومة كردستان، أن يشعر بالقلق حقا، فكردستان العراق ليست آمنة ولا مستقرة كما يعتقد رئيس وزراء الإقليم والوريث الواضح لعائلة البارزاني.
ويحاول مسرور وهو نجل رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني المستحوذ على السلطات في مدينة أربيل، تعزيز أوراق اعتماده وسمعته بين الأكراد العاديين من خلال فيلم تلفزيوني يذكرنا بالجهود الدعائية لحكام أقوياء.
ويسعى الفيلم إلى التأكيد على مرونة وصمود مسرور. لكن الناشطين الأكراد يتهكمون على مدى صمود رئيس الحكومة عندما يجلب مكيفات الهواء لنفسه خلال الخطب في الهواء الطلق حتى في الوقت الذي يواجه فيه الأكراد العاديون انقطاع التيار الكهربائي اليومي وسط ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود.
ويتساءل الأكراد عن منجزات رئيس الحكومة مسرور البارزاني، وهم يصارعون شهريا للحصول على مرتباتهم.
وقال الكاتب الأمريكي الذي أصدر مجموعة كتب من بينها (الأعمدة السبعة: ما الذي يسبب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط حقا؟) و (الرقص مع الشيطان) “طلبت من عدد من الدبلوماسيين وقادة المجتمع المدني الكردي والطلاب وبعض المسؤولين من حزب البارزاني تقييم حكمه، ولكن النتائج لم تكن جيدة ومرضية”.
وبينما يذكر المسؤولون الأجانب بأن مسرور يتمتع بمزيد من السلطة، إلا أنهم يفضلون التعامل مع ابن عمه نيجيرفان البارزاني، رئيس إقليم كردستان.
وشبه مايكل روبين التعامل مع مسرور البارزاني مثل التعامل مع رجل العصابات في نيويورك فرانك كوستيلو “في إشارة للمجرم الأمريكي من أصول إيطالية الذي توفي عام 1973″. قائلا” قد يكون كلاهما فاسدا، لكنهما يختلفان في الاحتراف والتنفيذ.”
وأضاف أن هناك اجماع على فشل مسرور البارزاني في بناء “كردستان أقوى” كما وعد من قبل.
وعزا فشله بعد تلاشي فكرة الاستقلال عن العراق من أجل الاستحواذ على الحقول النفطية في محافظات شمال العراق، مشيرا إلى رفض الزعماء الأكراد آنذاك عرض البيت الأبيض لدعم الاستفتاء مقابل تأجيله لمدة عامين.
وقال إن سوء الإدارة في حكومة كردستان وجشعها وراء الاستسلام الكامل لحكومة بغداد في ملف تصدير نفط الإقليم إلى الخارج.
وأضاف أن اتفاق النفط مع حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني كشف أن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يستحوذ على حكومة أربيل في أضعف حالاته منذ احتلال بغداد من قبل القوات الأمريكية عام 2003.
وأوضح “في حين سعى والده المريض مسعود إلى التوازن والوحدة في سنواته الأخيرة بعد انقسامات منتصف السبعينيات والحرب الداخلية 1994-1997، أعاد مسرور وشقيقه كردستان العراق إلى أسوأ حالة من الوحدة الحزبية منذ ربع قرن “.
ويواجه الحزب معضلة وجودية مع تفاقم مرض مسعود البارزاني حيث يتوقع أن ينشب الصراع بين الأشقاء وأبناء العم على زعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني في أسوأ أزمة داخلية منذ عام 1975.
وقال روبين “لطالما كان الفساد سيئا في كردستان العراق، وربما أسوأ منه في بقية العراق، لكنه وصل إلى مستويات جديدة. فبدلا من بناء دبي جديدة، يقوم مسرور الآن ببناء إريتريا جديدة. الشباب الأكراد، والكثير منهم من المتعلمين الجامعيين، ولكنهم غير قادرين على إيجاد فرصة عمل في نظام فاسد، ويجازفون بحياتهم أمام المتاجرين بالبشر. ويفرون إلى أوروبا، وقد توفى الكثير منهم “.


مايكل روبين: التعامل مع مسرور البارزاني مثل التعامل مع رجل العصابات في نيويورك فرانك كوستيلو
مع ذلك يقول الكاتب الأمريكي، هناك دائما الهدوء قبل العاصفة. فبينما يعتقد الغرب أن بإمكانهم التعامل مع ديكتاتورية إذا حافظت على استقرار المنطقة وقيدت النفوذ الإيراني، إلا أنهم مخطئون في ناحيتين: الأولى أن حكومة البارزاني مستمرة في ملف التهريب إلى إيران، وأن مسرور على استعداد للتعامل مع القوات الإيرانية لتعزيز سيطرته على الإقليم، والثانية أن الإحباط السائد بين الأكراد من حكومة مسرور البارزاني وقسوته وعدم كفاءته يجعلهم مستعدين للتخلص منه.
وتساءل مايكل روبين في نهاية مقاله “عما إذا كان مسرور سيبقى في الحكم لفترات قادمة، بعد أن سيطر والده مسعود لمدة أربعين عاما على أربيل “.
وكان مايكل روبين العارف بدقة للمشهد السياسي العراقي، قد قال ليس بإمكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إصلاح الوضع المتردي ومواجهة الفساد المستشري، فلن تسمح القوى السياسية الفاسدة بإحداث تغيير داخل النظام.
وأشار إلى أن السوداني عندما كان محافظا لميسان كانت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي ووزير النقل هادي العامري تقود أكبر عملية فساد في التاريخ المعاصر.
وعبر عن توقعه باستحالة أي تغيير جوهري في النظام السياسي الفاسد في العراق، أثناء ولاية السوداني، مجيبا على سؤال عما إذا كان السوداني سينجح حيث فشل مصطفى الكاظمي، بأن الحال ليس متوقعا ولا مؤكدا.
وكتب روبين الذي سبق أن زار العراق لفترات مطولة قبل الاحتلال الأمريكي عام 2003، في مقال تحت عنوان “هل تستطيع الحكومة العراقية الجديدة إصلاح البلد؟” إن كثيرين مدينين للفساد ويرفضون السماح بأي تغيير للنظام الذي عزز قوتهم.
وأشار إلى أن “ساسة العراق والمثقفين يعترفون بأن البلد بحاجة إلى ميثاق جديد، لأن النظام الذي أقامه الدستور الحالي ليس فعالا، غير أن كثيرين سيقاومون الإصلاح، ولهذا فإن إنجاز دستور جديد في غياب ثورة سيكون أمرا مستحيلا”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى