أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

المجتمع العراقي أكبر ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد

السلطات العراقية لا تخضع لأي محاسبة من قبل المجتمع الدولي على انتهاكها المستمر لحقوق الإنسان وممارسة أعمال العنف القائمة على أساس المعتقد.

بغداد- الرافدين
بينما تستذكر الأمم المتحدة اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد، في الثاني والعشرين من آب، فإن المجتمع العراقي يكاد يكون من أكبر ضحايا القتل على الهوية.
وشهد العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 وما تبعه من عمليات عسكرية أكبر عمليات قتل وتهجير طائفي في التاريخ المعاصر.
وأسفرت نتائج الاحتلال الأمريكي للعراق عن حرب القتل على الهوية التي مارستها الميليشيات الطائفية وتهجير السكان والاستيلاء على أراضيهم بغية التغيير الديموغرافي للمناطق، وتهميش دور مؤسسات الدولة، وإقامة نظام سياسي يعتمد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة والموارد وفق تفاهمات بين الأحزاب الرئيسية.
واستحوذت أحزاب وميليشيات طائفية على السلطة واستهدفت فئات من المجتمع العراقي وسيطرت على أراضيهم الزراعية وهجروا من بيوتهم.
كما شهد العراق أكبر عمليات إخفاء قسري لمئات الآلاف من الأشخاص حسب الهوية، وباعتراف الأمم المتحدة، نفذته ميليشيات طائفية وبحماية القوات الحكومية.
وساعدت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 بإفلات الجناة من العقاب، فيما تعيش أسر في لوعة ترقب معرفة أي خبر عن مصير أولادهم المخفيين قسرا.
وشهد العراق حرباً طائفية طاحنة عامي 2006-2007 تسببت بمقتل واختطاف أكثر من 100 ألف مدني من العرب السنة، فضلاً عن تشريد مئات آلاف العراقيين، على خلفية تفجير مسلحين مجهولين لمرقدي “الإمامين العسكريين” في مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين، وعلى الرغم من غموض الجهة التي كانت تقف وراء التفجير، إلا أن مصادر أمنية كانت تتحدث عن أيد إيرانية وراء الهجوم، بهدف إثارة الفتنة الطائفية، وإجراء تغييرات ديمغرافية في عدد من المناطق.
ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” حينها عن جيمس ميللر، المستشار السابق للبنتاغون قوله ان الادلة المتوفرة حول التفجير تجعل من رواية حكومة رئيس الوزراء آنذاك إبراهيم الجعفري غير صحيحة، فالتفجير لم يكن نقطة تحول في الصراع، ولكن الوقود الذي صب على النار التي كانت مشتعلة.
ومع ان أحدا لم يقتل في التفجير الا ان موجة التطهير الطائفي والقتل على الهوية الذي أدارته الميليشيات أدت لقتلى وضحايا أغلبهم من المدنيين الأبرياء من المحافظات الغربية.
وتعزو المنظمة الدولية لحقوق الإنسان “هيومن رايتس ووتش” جرائم القتل وعدم تحقيق المساءلة القانونية فعليا عن هذا العنف إلى أن الجهات الأمنية التابعة للدولة نفسها ضالعة في الحوادث ذاتها التي عليها التحقيق فيها.
وذكرت المنظمة في آخر تقرير لها عن الأوضاع الأمنية والإنسانية في العراق “أشار كل من أفراد عائلات القتلى والجرحى الناجين من محاولات الاغتيال الذين تمت مقابلتهم إلى حقيقة أن نقاط التفتيش الأمنية المنتشرة، التي يديرها أفراد قوى الأمنية الحكومية في مختلف المدن، لم تفعل شيئا يذكر لمنع القَتَلة من التنقل عبر المناطق والمدن لتنفيذ الاغتيالات. في بعض حالات الاغتيالات ومحاولات الاغتيال، أصر الذين تمت مقابلتهم على اختفاء نقاط التفتيش القائمة منذ فترة طويلة بشكل غامض قرب مواقع عمليات اغتيال النشطاء وقبلها بفترة وجيزة”.
ونسبت المنظمة الدولية إلى أفراد الأسر الذين يسعون إلى المساءلة القانونية عدم استغرابهم بأن القضايا القانونية التي يرفعونها “نُيِّمت”، أي تم تحييدها أو تجاهلها من قبل السلطات، كما صرّح بعض الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، لأن أي تحقيق جاد قد يورط الشخصيات والمؤسسات نفسها التي يطالبها هؤلاء الأشخاص بتحقيق العدالة.
وفي الثاني والعشرين من آب من عام 2014، وثقت هيئة علماء المسلمين في العراق قيام ميليشيات منضوية في الحشد الشعبي بارتكاب مجزرة قتل 73 شخصاً على الأقل في هجوم على مسجد مصعب بن عمير في قرية إمام ويس غربي ناحية السعدية في محافظة ديالى. وحدث الهجوم خلال صلاة الجمعة، وفي وقت كان هناك حوالي 150 مصلي في المسجد. وفي وفي الثاني من تشرين الأول 2014، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن ميليشيات شيعية هي التي نفذت الهجوم حسب شهادات الناجين وشهود العيان.
وقالت بلقيس والي الباحثة المختصة في شؤون العراق في منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن الحكومات المتعاقبة بعد احتلال العراق عام 2003 استهدفت الأشخاص على الهوية خصوصا من العرب السنة.
وأكدت والي في مقال مطول نشر في موقع المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية “تشاتام هاوس”، على أن الحكومات في بغداد تزدري كل ما يتعلق بحقوق الإنسان.
وشددت ضمن ملف عن مرور 20 عامًا على احتلال العراق، على أن السلطات العراقية لا تخضع لأي محاسبة من قبل المجتمع الدولي على انتهاكها المستمر لحقوق الإنسان.
وقالت إن هذا التقاعس عن تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها يأتي على حساب مصالح الشعب العراقي بما في ذلك المرأة من عشيرة المحامدة التي، بعد مرور أكثر من ست سنوات على لقائنا الأول، ما زالت لا تعرف ما إذا كان زوجها وابنها على قيد الحياة.
ووصفت مجلة بريطانية مرموقة المشهد العراقي بأنه يعبر عن الفشل السياسي والفساد الحكومي ويذهب ضحيته ملايين العراقيين وبعد عشرين عامًا من احتلال العراق.

بلقيس والي: الحكومات المتعاقبة بعد احتلال العراق عام 2003 استهدفت الأشخاص على الهوية خصوصا من العرب السنة
وذكرت مجلة “بروسبكت” الشهرية المعنية بالعلوم السياسية والاقتصادية والفكرية في تقرير موسع كتبته الصحافية المتخصصة بشؤون العراق ليزي بورتر، إن الوضع معتم، فيما يبدو المستقبل قائمًا في نظر العراقيين الذين يحملون الاحتلال الأمريكي المسؤولية في وضع البلاد بيد أحزاب سياسية فاشلة وفاسدة.
وعرضت المجلة لمحنة عراقيين فقدوا أبناءهم في الحرب الطائفية وعمليات الاغتيال والخطف على الهوية من قبل الميليشيات الطائفية، معتبرة أن “الدرس الأكبر الذي بإمكان العالم تعلمه من احتلال العراق ومن إخفاقات الغزو، أن هناك حدوداً لقدرات القوى العظمى على فرض حلول من الخارج لبناء الدول”.
ولفت التقرير إلى أن “ملايين العراقيين فروا من البلد بعد الاحتلال، وقتل أكثر من 185 ألف مدني بسبب أعمال العنف بين عامي 2003 و2017، وفقا لمنظمة عراقي بودي كاونت”، في حين لا تتوفر أرقام محددة حول المفقودين، بينما تقول “اللجنة الدولية للمفقودين” إن ما يصل إلى مليون شخص اختفوا على مدى عقود من العنف قبل وبعد العام 2003.
وترى الأمم المتحدة أن حرية الدين أو المعتقد، وحرية الرأي والتعبير، والحق في التجمع السلمي والحق في حرية تكوين الجمعيات، هي جميعها أمور مترابطة ومتشابكة ومتعاضدة، وهي كذلك في صميم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولذا فللحفاظ على هذه الحقوق دور مهم في مكافحة جميع أشكال التعصب والتمييز على أساس الدين أو المعتقد.
وتعترف الأمم المتحدة بتواصل أعمال التعصب والعنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد ضد الأفراد، بمن فيهم أولئك الذين ينتمون إلى الطوائف الدينية والأقليات الدينية في كل أرجاء العالم. ويتزايد عدد هذه الحوادث وكثافتها، وهي غالباً ذات طبيعة إجرامية وقد يكون لها طابع دولي الخصائص.
واعتمدت الجمعية العامة “اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد” الذي يدين بشدة أعمال العنف والإرهاب المستمرة التي تستهدف الأفراد، بمن فيهم الذين ينتمون إلى الأقليات الدينية على أساس الدين والمعتقد أو باسمهما.
وقررت الجمعية العامة إعلان يوم الثاني والعشرين من آب يوما دوليا لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد.
ويأتي هذا اليوم مباشرة بعد اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم، الذي يُوافق في الحادي والعشرين من آب من كل عام.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حكومات العالم على منع أعمال العنف القائمة على أساس الدين والمعتقد ومناهضتها، مجددا عزم الأمم المتحدة على استئصال خطاب الكراهية من جذوره.
وقال غوتيريش، في رسالة بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد “إنني أحث جميع الحكومات على منع أعمال العنف القائمة على الدين والمعتقد ومناهضتها. وأدعو الجميع ولاسيما الزعماء السياسيون والمجتمعيون والدينيون، إلى المجاهرة بمناهضتهم للكراهية والتحريض على العنف. وأشجع الحكومات وشركات التكنولوجيا والجهات الأخرى المعنية على دعم العمل الذي تضطلع به الأمم المتحدة من أجل وضع مدونة سلوك طوعية لسلامة المعلومات على المنصات الرقمية في سياق التحضير لمؤتمر القمة المعني بالمستقبل العام المقبل، لمكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت”.
وأضاف “مع ذلك، ففي أنحاء العالم قاطبة، يجد الأشخاص والمجتمعات أنفسهم، وبخاصة منهم الأقليات، أمام ممارسات التعصب والتمييز والوعيد التي تهدد دور عبادتهم ومصادر رزقهم بل وحتى أرواحهم. أما السبب فكثيرا ما يكون مرتبطا بالكراهية، سواء أجج لهيبها على الإنترنت أم خارج نطاق الإنترنت”.
وتابع أن “اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد هو مناسبة نتذكر فيها كل من قاسى ويلات ذلك العنف. ونجدد فيه عزمنا على استئصال خطاب الكراهية من جذوره لكونه الوقود الذي يغذي أعمال التعصب الفظيعة المذكورة. ويمكن الاسترشاد في القضاء عليه بما تضمنته المبادرات المتخذة في هذا الشأن مثل مبادرتي الداعية إلى العمل من أجل حقوق الإنسان وإستراتيجية الأمم المتحدة وخطة عملها بشأن خطاب الكراهية”.


أنطونيو غوتيريش: يجد الأشخاص والمجتمعات أنفسهم، وبخاصة منهم الأقليات، أمام ممارسات التعصب والتمييز والوعيد التي تهدد دور عبادتهم ومصادر رزقهم بل وحتى أرواحهم
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى