أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

زعماء ميليشيات يديرون إمبراطورية الممتلكات غير المشروعة في بغداد

مرجعية النجف "تبرئ" نفسها من لصوص الأراضي والعقارات من كبار زعماء ميليشيات منضوية في الحشد الذي تأسس وفق فتوى السيستاني.

بغداد- الرافدين
وصف باحثان عراقي وأمريكي ما يحدث في الاستيلاء على العقارات في بغداد بإمبراطورية الممتلكات غير المشروعة المتنامية التي أصبحت بحوزة الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي، بالتوازي مع غسيل الأموال القذرة في العقارات والأراضي.
وكشف المحلل السياسي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مايكل نايتس، وأمير الكعبي المتخصص في شؤون الميليشيات المسلحة في العراق وسوريا، أسماء زعماء متنفذين في الحشد الشعبي قاموا بالاستيلاء على عقارات في منطقة الجادرية في بغداد.
واستثمر التيار الصدري برئاسة مقتدى الصدر واقعة الاستيلاء على أراضي الجادرية للانتقام من خصومه في “كتائب حزب الله” و”عصائب أهل الحق”، فيما حاول المرجع علي السيستاني ممارسة سطوته لتبرئة المرجعية من عملية الاستيلاء خصوصا وأن المتورطين بها ينضون في الحشد الذي تأسس وفق فتوى السيستاني نفسه.
ووصف الباحثان العراقي والأمريكي في تقرير لهما بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ما حدث في الجادرية هو لحظة نادرة من التداخل بين الهجمات الصدرية المخططة على خصومهم في الإطار التنسيقي والجهود الانتهازية التي يبذلها نوري المالكي لإضعاف الميليشيات الرئيسية التابعة للإطار التنسيقي، سواء في محاولةٍ للتأثير على الانتخابات المقبلة في المحافظات، أو كجزءٍ من المنافسة المتصاعدة بين الميليشيات على الغنائم.


كرم نعمة: بعد سرقة أراضي الجادرية، علينا أن نسأل من يحكم: المنطقة الخضراء أم مرجعية النجف؟

وذكر التقرير أنه عندما تدخّل السيستاني، تحرّك باقي عناصر الإطار التنسيقي للتضحية بطرفٍ واحدٍ ككبش فداء، وهو أبو زينب اللامي القيادي في الإطار التنسيقي الذي لديه الكثير من الأعداء.
وستتمثل الخطوة التالية في التنافس بين زعماء الميليشيات في استبدال أبو زينب اللامي كرئيس لجهاز الأمن المركزي لميليشيات الحشد.
وتستهدف جميع مذكرات الاعتقال تقريباً شبكة أبو زينب اللامي، ومن بينها مذكرات لم يتم الكشف عنها. ومع ذلك، فإن ميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي وميليشيا بدر بزعامة هادي العامري وجميع الميليشيات الأخرى في الإطار التنسيقي قد تلقت حصصها أيضاً من سرقات ممتلكات الجادرية.
وأشار الباحثان إلى أن هذه السرقات هي جهد جماعي بذله الإطار التنسيقي بأكمله، وليس فقط أبو زينب اللامي أو ميليشيا الكتائب أو لاعبين آخرين من المتهمين علناً.
وشملت لصوص أراض وعقارات منطقة الجادرية زعماء ميليشيات في الحشد ومن بينهم:
صفاء اللامي، صهر وابن عم عضو ميليشيات حزب الله، أبو زينب اللامي واسمه الحقيقي حسين فالح عزيز اللامي، ورئيس جهاز الأمن المركزي في الحشد الشعبي.
وصنّفت الولايات المتحدة في السادس من كانون الأول 2019، أبو زينب على قائمة “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” المرتبطة بالاغتيالات وقمع المتظاهرين في ثورة تشرين.
وعباس حميد البرزنجي وحسين حميد البرزنجي، شقيقان يعملان لدى أبو زينب اللامي.
وسلمان محمد حسين الحلو، عضو في ميليشيا حزب الله وزعيم في ميليشيات الحشد. ووليد الكبيسي، شريك الحلو في الأعمال العقارية.
وضياء كريم شحين الحلفي، عضو في ميليشيا حزب الله وقيادي في الحشد الشعبي، يعمل بشكل وثيق مع الحلو على ترهيب أهالي الجادرية لبيع ممتلكاتهم أو التنازل عنها.
ومحمد حسين علي الجنابي، شريك في الأعمال العقارية في إحدى الكتل الأصغر حجماً من الإطار التنسيقي.


أمير الكعبي: ميليشيا العصائب وميليشيا بدر وجميع الميليشيات الأخرى في الإطار التنسيقي تلقت حصصها أيضاً من سرقات ممتلكات الجادرية

وقام السياسي الصدري المثير للجدل حاكم الزاملي الذي كان على صلة بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، على غرار شخصيات الميليشيات الرئيسية بزيارة حي الجادرية في بغداد، برفقة طاقم تصوير من قناة فضائية تقدم خدمات إعلامية مدفوعة للتيار الصدري، وتصوير رجل مسن من إحدى أقدم العائلات المالكة للأراضي في الجادرية، وهو يضرب رأسه في حالة من اليأس ويطلب مساعدة السيستاني في هذه القضية.
ولطالما دعمت عائلة ذلك الرجل مؤسسات السيستاني من خلال تقديم الخمس لها.
وطلب السيستاني مقابلة العوائل ضحية سرقة أراضيها من قبل زعماء الميليشيات ليظهر في صورة البريء من رعاية لصوص الدولة من زعماء الميليشيات في الحشد الشعبي، الأمر الذي وضع تلك الميليشيات مع رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني تحت ضغط الرأي العام.
وأعلن هشام الركابي، أحد مستشاري السوداني ومدير المكتب الإعلامي لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أن السوداني “وجّه وزير الداخلية بالتحقيق في قضية التجاوز على أراضي المواطنين في الجادرية، كما وجّه بالتواصل مع الأهالي المتضررين من جراء التجاوز على ممتلكاتهم”.
ولم يعمد مكتب السوداني إلا بعد قيام المتضررين بزيارة السيستاني، إلى الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق وتوجيه المحكمة المركزية في منطقة الرصافة في بغداد باتخاذ إجراءات قانونية ضد المتهمين بسرقة الممتلكات، الأمر الذي يكشف أن مصدر القرار السياسي يتم في مرجعية النجف.
وتساءل الكاتب العراقي كرم نعمة بعد بيان حكومة السوداني أثر لقاء السيستاني مع المتضررين من السرقة “من يزعم بوجود دولة في العراق فليطلع على بيان وزارة الداخلية عن الأراضي التي سرقت في الجادرية”.
وذكر البيان الحكومي “الإجراءات الحكومية جاءت منسجمة مع توجيهات المرجع علي السيستاني خلال لقائه السبت بالمواطنين المتضررين”.
وكتب كرم نعمة “فمن يحكم بعدها المنطقة الخضراء أم مرجعية النجف؟”.


مايكل نايتس: استثمر مقتدى الصدر واقعة الاستيلاء على أراضي الجادرية للانتقام من خصومه في “كتائب حزب الله” و”عصائب أهل الحق”

وتكشف سرقة أراضي الجادرية من قبل زعماء ميليشيا الحشد الجانب الذي لم يعد خافيا على العراقيين في إدارة غسيل الأموال القذرة والثراء غير المشروع والاستحواذ على عقارات المواطنين بعد أن تم الاستيلاء على عقارات الدولة منذ احتلال العراق عام 2003.
وسبق أن كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن لصوص الدولة في العراق يقومون بغسيل الأموال التي استولوا عليها ببناء مجمعات سكنية وأسواق، مؤكدة على أن الاستثمار العقاري في بغداد بات أداة رئيسية لغسيل الأموال في العراق.
ويكشف الاستثمار العقاري كمية غسيل الأموال بعد اكتشاف سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة العامة في عملية احتيال عرفت باسم سرقة القرن.
وقال رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، إن جزءا كبيرا من الأموال المسروقة من الضريبة تم تحويله إلى مشاريع عقارية في بغداد.
وفي تقرير لمركز “ذي سنتشوري فاوندشن” للأبحاث، يشير الباحث العراقي سجاد جياد إلى أن “أكثر من مليار دولار” من أموال الضرائب المسروقة البالغة 2.5 مليار، “استثمرت في 55 عقاراً في بغداد، ومليار دولار أخرى وزعت بين ممتلكات، وأراضٍ، وأصول أخرى”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى