أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الأمم المتحدة تحذر من خطر وجود 11 مليون أمّي في العراق

إهمال الحكومات المتعاقبة وسيطرة الميليشيات على مفاصل الدولة وانتشار الفساد والمحسوبية دمّرت النظام التعليمي في العراق بعد أن كان أفضل نظام تعليمي في المنطقة.

بغداد – الرافدين
لا يزال العراق ضمن أكثر البلدان التي تعاني من ارتفاع بنسب الأمية بما يتجاوز 47 بالمائة للفئات العمرية بين 6 إلى 55 عامًا، وفقًا لتصنيفات منظمة اليونسكو، بعد أن كان يتبوأ المراتب الأولى عالميًا في جودة التعليم ومحو الأمية خلال سبعينيات القرن الماضي.
ومع الاحتفال الدولي باليوم العالمي لمحو الأمية، تجاوزت التقديرات التي أكدتها مصادر مطلعة الأرقام السابقة المعلنة من قبل وزارة التخطيط في العراق، والتي قدرت أعداد الأميين بنحو 6 ملايين شخص لا يجيدون القراءة والكتابة. فيما حذرت الأمم المتحدة من وجود أكثر من 11 مليون أمّي في البلاد.
ويحتفل العالم، في الثامن من أيلول، من كل عام باليوم العالمي لمحو الأمية؛ الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عام 1966 لتذكير المجتمع الدولي بأهمية محو الأمية والحاجة إلى تكثيف الجهود المبذولة نحو الوصول إلى مجتمعات أكثر إلمامًا بمهارات القراءة والكتابة.
وبحسب الإحصاءات الأولية لنقابة المعلمين العراقيين فقد بلغت نسبة الأمية أكثر من 10 ملايين، فيما يؤكد عضو نقابة المعلمين ناصر الكعبي بأن الأمم المتحدة أبلغت النقابة بوجود أكثر من 11 مليون أمّي في البلاد.
وكانت وزارة التخطيط في العراق، قد أعلنت في آب 2023 عن وجود 6 ملايين أمي عراقي بحسب آخر مسح أجرته الوزارة، مبينة أن نسب الأمية انخفضت مقارنة بالأعوام السابقة.
وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط الحالية، عبد الزهرة الهنداوي، إن المسح الأخير الذي أجرته وزارة التخطيط، أظهر أن معدلات الأمية في البلاد بلغت 12.3 بالمائة في عموم مدن البلاد، مؤكدًا أن المعدل انخفض مقارنة بالعام 2010 الذي بلغ فيه 20.5 بالمائة.
وشكك باحثون وتربويون في إعلان وزارة التخطيط الأخير، بسبب عدم وجود إحصاءات رسمية تكشف أعداد الأميين في العراق لغياب التعداد العام.
وهو ما أكده المتحدث باسم الجهاز التنفيذي لمحو الأمية التابع لوزارة التربية في العراق مؤيد العبيدي، بالقول “لا توجد نسب وأرقام دقيقة وحقيقية للأميين في العراق”، معللًا ذلك بعدم إجراء التعداد السكاني منذ عام 1997.
من جانبه شكك الباحث والمشرف التربوي السابق أيهم العبيدي في الرقم المعلن من وزارة التخطيط، لافتًا إلى أن السلطات تعتمد التخمين، في ظل عجز الحكومات المتعاقبة على تنظيم إحصاء شامل حيوي للسكان يشمل مؤشرات التعليم والصحة والسكن إلى جانب العدد الفعلي للسكان العراقيين.
وأكد على أن “النسبة أكثر من ذلك، وأن الأزمات والحروب والفقر دفع بملايين العراقيين للدخول في تصنيف الأمية”، مبينًا أن “نسبة التسرب من المدارس كبيرة للغاية”.
وقال إن نسبة الأمية داخل المدن في ازدياد مستمر، لافتًا إلى أن “الأميين يعتبرون هدفًا سهلًا لخطاب الكراهية والتطرف والتجنيد في المليشيات والجماعات المسلحة أيضًا”.
وتوقع العبيدي أن تكون النسبة الحقيقية بين 18 و20 بالمائة في عموم مدن العراق.
ويرى مراقبون، أن إهمال الحكومات المتعاقبة وسيطرة الميليشيات على مفاصل الدولة وانتشار الفساد والمحسوبية فضلًا عن غياب الاستثمارات في العراق دمّرت نظامه التعليمي الذي كان يُعد في ما مضى أفضل نظام تعليمي في المنطقة.

أيهم العبيدي: السلطات تعتمد التخمين في عدد الأميين في ظل عجز الحكومات المتعاقبة على تنظيم إحصاء شامل حيوي للسكان يشمل مؤشرات التعليم والصحة والسكن إلى جانب العدد الفعلي للسكان العراقيين.
وسبق أن حذرت تقارير مفصلة لهيئة علماء المسلمين في العراق، من أن حال التعليم سيبقى على ما هو عليه، وربما يزداد سوءًا سنة بعد سنة، طالما بقيت المحاصصة والحزبية والتجارة تسيطر على التعليم، وسيخرج لنا جيل من أنصاف المتعلمين في كافة التخصصات على مدى السنوات الماضية والمقبلة، وبالتالي سيكون تأثير هذا سلبيًا على المجتمع، وكل نواحي الحياة في البلاد من صحة وتعليم وصناعة.
وذكر قسم حقوق الإنسان التابع لهيئة علماء المسلمين في العراق، في ندوة نظّمها بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأميّة، بعنوان “تفشي الأمّية في مهد الحضارات: الجهل السلاح الصامت الذي يهدد العراق”، أن نسبة الأمية المتصاعدة في العراق تشير بوضوح إلى نتائج حتمية الجهل التي فرضها الاحتلال واتبعتها حكوماته المتعاقبة.
وأكد القسم على أن، عملية التجهيل تهدف إلى محاربة العلم وفرض التخلف واستشراء الفساد وتغييب الوعي وإحداث حالة الاستنزاف الفكري والانحلال الأخلاقي ونسف مقومات المجتمع المدني كافة في سبيل تسهيل بث التفرقة بين مكونات الشعب الواحد وصناعة العنف وافتعال الأزمات والصراعات وتفكيك آليات التغيير الجماهيري والتفرد بالسلطة.
في غضون ذلك دعا رئيس مجلس النواب الحالي محمد الحلبوسي في اليوم العالمي لمحو الأمية إلى العمل لإتاحة فرصة متساوية بالتعليم لكل العراقيين، في إشارة تنم عن هروب إلى الأمام بعدم الاعتراف أن التعليم في العراق صار يخضع إلى تقسيمات طائفية ومناطقية.
ولا يريد الحلبوسي في هذا الكلام الاعتراف بأن العملية التعليمية غير عادلة ولا تُعامل العراقيين وفق عراقيتهم عندما تمنح الفرص وفق تقسيم طائفي ومناطقي.
وعادة ما يتم ابتعاث الطلبة العراقيين للدراسات الجامعية في الخارج فضلًا عن كليات الطيران والكلية العسكرية وكلية الشرطة وفق المحاصصة الطائفية التي تحقق مآرب أحزاب وميليشيات العملية السياسية. فيما تمنع هذه الفرصة عن أبناء محافظات معينة.
يذكر أن العراق حقّق نهاية عام 1979 مراتب عالمية متقدمة في القضاء على الأمية، عبر حملات واسعة شملت جميع مدن وقصبات البلاد، عرفت باسم “القضاء على الأمية”، واستمرّت عدة سنوات، وحققت نجاحًا كبيرًا.
إلا أن الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وحكوماته المتعاقبة عملت على إبادة التعليم ما تسبب بانهيار التعليم ووصول العراق لمستويات متدنية في المقاييس والمؤشرات العالمية.
وفي عام 2012 أطلقت وزارة التربية في العراق، ما أسمتها “الحملة الوطنية لمحو الأمية”، ودعت المواطنين إلى التسجيل في مراكزها المختلفة في محافظات البلاد، للقضاء على الأمية، إلا أن المشروع تعرض للإهمال وقلة الدعم.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى