أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الاعتداء على الكوادر التعليمية في العراق.. تجسيد للفوضى وغياب هيبة التعليم

دخول السلاح في التجاوزات على المعلمين العراقيين يجعلهم تحت ضغط الابتزاز المستمر إذ بات المعلم غير ضامن لحياته أثناء ممارسته واجباته

بغداد – الرافدين
طالب عدد من التربويين بتفعيل القوانين الخاصة بحماية المعلمين و المدرسين من الاعتداءات والمطالبات العشائرية والابتزاز جراء قيامهم بأعمال الوظيفة الرسمية، وذلك بالتزامن مع التحاق أكثر من 700 ألف معلم ومدرس بمدارسهم، استعدادًا للعام الدراسي الجديد (2023-2024) المقرر انطلاقه في الأول من شهر تشرين الأول.
وحذروا من “وقوع المعلم تحت ضغط الابتزاز المستمر لدخول السلاح في التجاوزات على الهيئة التدريسية والذي يعد مؤشرًا خطرًا على مسيرة التعليم إذ بات المعلم غير ضامن لحياته أثناء ممارسته واجباته”.
وتواجه الكوادر التعليمية في العراق العديد من التحديات والمصاعب أبرزها الاعتداءات والتجاوزات ضدهم من قبل بعض الطلبة وذويهم، ففي كل عام دراسي جديد توثق المئات من حالات الاعتداءات المهينة بحق المعلم، وتحول هذا المشهد من تصرفات فردية إلى ظاهرة مقلقة تضاف إلى سلسلة الظواهر المفزعة التي يعاني منها البلد الذي يعيش حالة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فوسط الوضع الأمني الهش، والخلافات السياسية غير المنتهية، والمحاصصة في توزيع المناصب، انشغل المسؤولون عن متابعة مصير العملية التربوية في البلاد، التي وصلت لحال لم يتوقعه أكثر الناس تشاؤمًا.
وأجمع مدراء في وزارة التربية أسباب تفشي ظاهرة الاعتداءات على المدرسين والمدرسات، إلى انتشار السلاح لدى الطلبة وذويهم وانتماء الكثير من العائلات إلى الميليشيات المسلحة، ما شجع الطلاب على التجاوز على المدرسين وإدارات المدارس.
وأشاروا إلى أن “حالات الاعتداء على المدرسين تتدخل فيها أيضًا عشائر الطلاب وأحزاب وسياسيون متنفذون لإجبار الأساتذة على التنازل عن حقهم في رفع القضايا القانونية ضد المعتدين”.
وقال نقيب المعلمين العراقيين عباس السوداني في تصريحات سابقة أن “الأجهزة الأمنية والحكومات المتعاقبة ما بعد 2003، لم تول اهتمامًا جديًا للمسيرة التربوية، والهيئة التدريسية في العراق باتت في محل تهديد حقيقي مع كثرة الاعتداءات التي يواجهونها”.
وأضاف عباس السوداني أن “سكوت الحكومة، وتجاهلها لما يحدث في هذا القطاع الحيوي، مؤشر على وجود تحركات ممنهجة لهدم القطاع التعليمي في العراق”.
وأكد على أن “اللجوء إلى الحلول العشائرية للتعامل مع قضية الاعتداءات على معلمي العراق، هو بمثابة الإهانة للكوادر التدريسية”.
ويرى الخبير التربوي حيدر البياتي إن “المدرسة باتت أضعف حلقة داخل المجتمع العراقي بسبب عدم حمايتها من قبل وزارة التربية وكذلك من نظيرتها الداخلية، ويفترض أن يكون هناك تعاونًا بين الوزارتين بوضع حمايات خاصة لتأمين الكوادر التربوية والطلبة ومبنى المدرسة”.
وتتفق مديرة مدرسة في تربية الرصافة الأولى الأستاذة بان إسماعيل إلى ما ذهب إليه الخبير التربوي حيدر البياتي، وتقول إن “المدرسة باتت اليوم أضعف حلقة في المجتمع، وهيبة المعلم تفقد يومًا بعد آخر”.
وطالبت بان إسماعيل بضرورة حماية المعلم حسب المادة 5 من قانون حماية المعلمين والمدرسين رقم 8 لعام 2018 والذي ينص على حبس ثلاث سنوات وغرامة 10 ملايين لكل من يعتدي على المعلم أو المدرس.
ويرى الخبير القانوني علي التميمي أن “المشكلة ليست في العقاب أو النص، لكن تنفيذ العقوبة وتطبيقها يحقق الردع والعدالة الاجتماعية، وهذا هو المهم”.
وأشار التميمي أن “الموضوع يحتاج إلى توعية من أكثر من جهة، منها رجال الدين والإعلام والمدارس نفسها”.
من جانبه قال الخبير القانوني، صفاء اللامي إن “المعلم مثله مثل باقي الشرائح والموظفين في دوائر الدولة، يعد موظفًا مكلفًا بأداء خدمة عامة والاعتداء عليه يعتبر جريمة في القانون العراقي”.
ونبه اللامي على أن “العبرة ليست بكثرة تشريع القوانين في قبة البرلمان، وإنما بالتطبيق الفعلي والحقيقي للقانون، فهناك قانون لحماية الأطباء وقانون آخر لحماية المحامين وعلى الرغم من ذلك نشاهد بين فترة وأخرى اعتداءات متكررة على الأطباء والمحامين دون رادع”.
وترى المعلمة سرى أحمد أن “على الحكومة أن تلعب دورًا كبيرًا في تصحيح عملية التعليم التي تشهد تراجعًا كبيرًا”.
وأضافت سرى أحمد أن “الكوادر التعليمية تتخوف من تداعيات التعامل مع التلاميذ، وأن تثير التقييمات التي يعطيها المعلمون لبعض التلاميذ غير الملتزمين بواجباتهم المدرسية، حتى لو كانت تستند إلى معطيات حقيقية وواضحة، حنقهم أو حنق أهاليهم، فيتعرضون لاعتداءات”.
ويخبر المعلم خالد العزاوي أنه “نصح زملاءه بالابتعاد عن التشنج في التعامل مع الطلبة لتجنب حصول ما لا تحمد عقباه، فقد هدد أحد المسلحين زميلاً طرد ابنه من الفصل بعدما اكتشف أنه يغش في الامتحان، فاضطر لاحقًا إلى منح الطالب درجة النجاح”.
ويرى مراقبون أن زيادة الاعتداءات على المعلمين “مؤشر خطير جدًا على المستوى التعليمي في البلد، وتهديد واضح للأمن”.
وأضافوا أن “عدم التعامل مع حالات الاعتداء على الكوادر التدريسية بسرعة وحزم سوف يؤثر على انتظام العملية التربوية والتعليمية وإشاعة الفوضى”.
وأكدوا على أن “الحكومة تتحمل مسؤولية الاعتداءات المتكررة على المعلمين بسبب عدم تفعيلها للقوانين الرادعة وعجزها عن محاسبة المعتدين”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى