أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

السلطات الحكومية في العراق توطن مئات الآلاف من الإيرانيين والأفغان

توطين أكثر من 365 ألف من المهاجرين إلى العراق غالبيتهم من الأفغان والإيرانيين خلال ثمانية أشهر منذ بداية عام 2023 يمثل معضلة سكانية للعراق الذي يعاني بالأساس من أزمات السكن والعمل.

بغداد- الرافدين
حل العراق في المرتبة 90 بين دول العالم لاستقبال وتوطين المهاجرين، عندما وطّن منذ بداية العام الحالي 365766 مهاجرا يشكل الإيرانيون والأفغان الغالبية العظمى منهم.
ولا يشكل العراق وجهة مثالية للمهاجرين من دول العالم، إلا أن استراتيجية ديمغرافية تقودها أحزاب متنفذة في حكومة الإطار التنسيقي ومراجع طائفية تحت على هجرة فئات من بعض الدول للتوطين في العراق.
وتستثمر جهات متنفذة حزبية وطائفية الزيارات الدينية لإبقاء نسبة كبيرة من الزوار الإيرانيين والأفغان وتوطينهم في العراق.
ووفقا لدراسة استقصائية شاملة أجرتها مجلة (CEOWORLD) في شهر آب 2023، كانت هناك زيادة كبيرة في رغبة الناس في الهجرة، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ عشر سنوات في عام 2022.
وجاء العراق في المرتبة التسعين وفق دراسة المجلة بين دول العالم حيث حلت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى إذ يهاجر إليها الملايين سنويا.
وإذا كان المهاجرون يتوقون للوصول إلى دول العالم المستقرة اقتصاديا وسياسيا من أجل الاستقراء الاجتماعي والعمل، فإن الهجرة إلى العراق تمثل استراتيجية ديمغرافية لتغيير التركيبة السكانية واستقطاب فئات من محددة من الإيرانيين والأفغان وفقا لهويتهم الطائفية.
ويمثل توطين أكثر من 365 ألف من المهاجرين إلى العراق غالبيتهم من الأفغان والإيرانيين خلال ثمانية أشهر منذ بداية عام 2023 معضلة سكانية للعراق الذي يعاني بالأساس من أزمات السكن والعمل.
ويشكل المهاجرون عبئاً على العراقيين لأنهم يأخذون الوظائف والمزايا الاجتماعية.
ويعاني العراقيون أنفسهم من الفقر والبطالة وتدهور البنى التحتية، إذ تبلغ نسبة البطالة بين الشباب فيه 40 بالمائة، وثلث سكانه البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة، يعانون من الفقر، بينما يسعى عدد كبير منهم إلى الهجرة.
فضلًا عن ذلك، يواجه القطاع الصحي في العراق مشاكل عديدة تدفع الكثير من العراقيين إلى التوجه نحو الدول المجاورة مثل إيران وتركيا ولبنان، لتلقي العلاج.
ولا يتم حساب العمالة الوافدة إلى العراق في تعداد المهاجرين الذين يتم توطينهم في العراق.
ويشكل استمرار توافد العمالة الأجنبية التي وجدت في العراق فرصة ثمينة لا سيما في القطاع الخدمي والنفطي، عبئًا اقتصاديًا على العراقيين في ظل الأرقام المقلقة لمعدلات البطالة، بعد إعلان نقابة العمال في العراق عن وجود أكثر من مليون عامل أجنبي يعملون في العراق بشكل غير رسمي.
وحذر خبراء اقتصاديون من تبعات استقدام العمالة الأجنبية وما يترتب عليها من مشاكل اقتصادية تنعكس سلبًا على الواقع الاقتصادي في العراق، بالتزامن مع الارتفاع الملحوظ في معدلات البطالة لدى العراقيين.
ويرى أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي أن “العمالة الأجنبية في العراق موضوع شائك ويحتاج إلى دراسة وحلول تنفذ بصورة مباشرة”.
وشدد السعدي على “الحاجة الماسة لتشريع قوانين دقيقة خاصة تحث على تشغيل أو إعطاء الأولوية للفرد العراقي في العمل، وفرض رسوم كبيرة على أصحاب العمل الراغبين في تشغيل الأجانب، وملاحقة العمال غير الشرعيين وفرض غرامات على مشغليهم”.
ويعزو الخبير القانوني علي التميمي انتشار ظاهرة العمالة الأجنبية إلى “عدم وجود قوانين خاصة تنظم عملية تدفقهم إلى البلاد وأن القانون المطبق ينظر لحصول العامل على إجازة العمل كشرط للتواجد وجواز سفر وسمة دخول وشروط أمنية أخرى”.
وسبق أن أجمعت مصادر سياسية واقتصادية عراقية على أن تدفق أعداد هائلة من اللبنانيين على العراق، تحت وطأة الحاجة الاقتصادية والبحث عن فرصة عمل، يخفي خلفه مشروعًا سياسيًا يديره حزب الله اللبناني في العراق.
وبين حزيران 2021 وشباط 2022، دخل أكثر من عشرين ألف لبناني إلى العراق، وفق السلطات في حكومة بغداد، بدون احتساب الزوار الذين يأتون إلى النجف وكربلاء.
وتساءل سياسي عراقي في تصريح لـ “الرافدين” طالبًا عدم ذكر اسمه، إذا كان الاقتصاد العراقي قادرًا على استيعاب عشرين ألف لبناني خلال بضعة أشهر، ألا يجدر أن يختار تشغيل الكفاءات العراقية العاطلة عن العمل.
وعبر السياسي عن شكوكه بأن وراء دخول هذا العدد الكبير من اللبنانيين إلى العراق، الحاجة إلى العمل وحده.
وقال إن ثمة من يدير مشروعًا سياسيًا طائفيًا في العراق بتخطيط إيراني وبتنفيذ حزب الله اللبناني وبإدارة كبار قادة الميليشيات في الحشد.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن السفير اللبناني في العراق “علي حبحاب” قوله إن حركة اللبنانيين إلى العراق “مؤخرًا تضاعفت، وزادت بشكل مطّرد”.
ويرى الخبير الاقتصادي العراقي علي الراوي أن هناك “مساحة كبيرة وفرصًا أكبر للشركات اللبنانية في الاقتصاد العراقي”، لأن “أغلب الشركات الأجنبية تتخوف من الاستثمار” في البلاد بسبب “الصورة المأخوذة عن الوضع الأمني”.
لكن تصريح السفير اللبناني والخبير الاقتصادي العراقي يتناقضان مع حقيقة الوضع في العراق. الذي يعيش أزمات عميقة في بلد يعتمد بإيراداته بنسبة 90 بالمائة على النفط.
وأشار تقرير وكالة الصحافة الفرنسية إلى مفارقة تشابه الوضع السياسي والتركيبات الطائفية وانتشار الفساد في البلدين العراق ولبنان.
وتمثل الشركات اللبنانية فرصة مواتية لحزب الله لاستثمارها داخل العراق، خصوصًا بعد ضعف موارده جراء الأزمة الاقتصادية المتفشية في لبنان، وتراجع الدعم المالي الإيراني بسبب استمرار العقوبات الأمريكية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى