أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

العراق.. أقلية مترفة وغالبية تعيش حياة الفقر والعوز

أكثر من 16 ألف مليونير و36 مليارديرًا، مقابل نحو 22 مليون مواطن يعانون الفقر، في أوضح صور التفاوت الاجتماعي في العراق

بغداد – الرافدين
كشفت دراسة لمركز الأبحاث الفرنسي (CFRI) حول العراق اتساع حجم الفوارق بين الطبقات المجتمعية في بلد يطفو على بحر من الثروات وانقسام المجتمع إلى طبقات عليا تعيش الترف يمثلها الأقلية من الشعب وطبقة دنيا تحت خط الفقر تصارع من أجل البقاء، بسبب الفساد المستشري وسوء إدارة موارد الدولة.
ومنذ تولي حكومات الاحتلال بعد عام 2003 إدارة البلاد ارتفعت معدلات الفقر والبطالة والفساد، وصنف العراق ضمن الدول الأكثر فسادًا والأكثر فقرًا.
وذكر مركز الأبحاث الفرنسي أن هناك 36 مليارديرا وأكثر من 16 ألف مليونير في العراق.
وبحسب الدراسة “منذ عام 2003، كانت قضية العدالة الاجتماعية في قلب الاحتجاجات المختلفة، لأسباب كثيرة ومعقدة، لكن لا بد من القول إن المجتمع العراقي منقسم الآن بين طبقة عليا حيث تعيش الأقلية بشكل مريح وطبقة دنيا حيث الأغلبية تناضل بشدة من أجل البقاء. وبين الاثنين، اختفت ببساطة الطبقة المتوسطة التي كانت حاضرة إلى حد كبير بين السبعينيات والتسعينيات”.
وبينت الدراسة أنه “في العراق الجديد الذي أقامه الأمريكيون، تتكون هذه الأقلية المميزة بشكل رئيسي من كبار المسؤولين التنفيذيين في الأحزاب السياسية ومنظمات الميليشيات، فضلا عن مديري الشركات التابعة لهم، والنواب والوزراء الحاليين أو المتقاعدين، والعائلات التي تنتمي إلى البرجوازية العليا والدنيا، والمجموعات الإعلامية المؤثرة، ومديري الشركات المتوسطة، أو الكبيرة المرتبطة بدول النظام الإقليمي في إشارة إلى إيران.
وأوضحت أن لدى هذه الطبقة إمكانية الوصول إلى السلع التي نادرًا ما تكون متاحة للسكان الأكثر حرمانًا، والسكن في مجمعات جديدة مبنية وفقًا للنموذج الغربي، ومدارس مستقلة باللغة الإنجليزية لأطفالهم، وحمامات سباحة، وملاعب، وحدائق، ومناطق ترفيهية، ومسارح ودور سينما، ووجهات مميزة لقضاء العطلات مثل إسطنبول ولندن وواشنطن وباريس، أو السفر على درجة رجال الأعمال أو كبار الشخصيات.
وأصبحت إدارة الفوارق الاجتماعية في العراق أولوية ملحة للغاية تتطلب خطة عمل قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل وهذا بلا شك يمثل أحد أهم التحديات، ووفقا لمركز الأبحاث.
ويعاني المواطنون على الطرف الآخر حيث الطبقات المعدمة وغير القادرة على توفير لقمة العيش في ظل فساد الحكومي طال كل شيء حتى مرتبات الرعاية الاجتماعية.
وتأثرت جميع الفئات الاجتماعية بالأزمة الاقتصادية المستمرة وارتفاع سعر صرف الدولار وانعكاسه على أسعار السلع والمواد الأساسية، ما زاد من أعداد الفقراء في البلاد.
ووفقا لإحصاءات رسمية تتصدر محافظات الجنوب معدلات الفقر، ففي مقدمتها محافظة المثنى بنسبة 52 بالمائة، وتليها محافظة القادسية وميسان وذي قار بنسبة 48 بالمائة، وتبلغ نسبة الفقر في العاصمة بغداد 13 بالمائة، وفي محافظة نينوى 34.5 بالمائة، في حين تصل نسبة الفقر في محافظات الوسط  إلى 18 بالمائة.
وكانت الإحصائية الرسمية التي أعلنت عنها وزارة التخطيط لعام 2022، قدرت عدد العراقيين الذين هم تحت خط الفقر بأكثر من 10 ملايين مواطن بنسبة تجاوزت 25 في المائة، وأن هذه النسبة ارتفعت مقارنة بعامي 2019 و2020، حيث كانت لا تتجاوز 20 في المائة.
فيما تبين كثير من الدراسات والمختصين أن الأعداد أكبر من ذلك بكثير ومعدلات الفقر بازدياد، وإن 22 مليون عراقي يعانون من الفقر، وأكثر من نصف الشعب العراقي لا يمتلكون كتلة نقدية كافية لتعينهم على مستلزمات الحياة في حال حصلت معه ظروف قاهرة.
وعلى الرغم من زعم رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني وضع محاربة الفساد على قائمة أولويات حكومته إلا أن العراق بقي محافظًا على تصنيفه في تقرير مدركات الفساد ما يكشف حجم الفشل الحكومي واستشراء الفساد في جميع مفاصل الدولة.
وسبق أن أكدت لجنة النزاهة النيابية، أن الواقع المتردي للخدمات في جميع محافظات البلاد يعكس بشكل واضح حجم توغل الفساد في العراق.
وقال عضو اللجنة النائب باسم خشان، إن الحرب على الفساد يجب ألا تكون حبرًا على ورق في ظل التدهور المستمر للمؤسسات الحكومية والجرائم المالية التي جرى الكشف عنها مؤخرًا وعلى رأسها سرقة القرن التي بددت أموال الأمانات الضريبية.
ويعد سوء إدارة ثروات العراق المهولة واستشراء الفساد وعجز الحكومات الناعاقبة في محاربته أبرز أسباب الفقر والبطالة وزيادة الفوارق بين العراقيين.
وطالب خبراء بوضع سياسات تنموية واستثمارية شاملة تعمل على التوظيف الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية العراقية، وبما يسهم في تقليص معدلات الفقر المرتفعة بشكل كبير، حيث لا يعقل أن يعاني ملايين العراقيين من الفقر، في بلد يسبح على بحار من النفط والغاز والمعادن ومختلف الثروات الطبيعية.
يقول مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل حسين، إن “الفقر المدقع علاوة على وجود 6 ملايين يتيم ومليوني أرملة، وأكثر من 4 ملايين يعيشون في العشوائيات، يستوجب معالجة هذه المشكلة المزمنة، واعتماد برامج واستراتيجيات إصلاح كبرى تخلق فرص العمل وتشجع الاستثمارات وتوظف الثروات في إطار تنمية مستدامة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى