أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

وزارة الزراعة تميت المحاصيل العراقية بتعمد استيراد الخضروات من إيران

حكومة الإطار التنسيقي تفتح الحدود أمام المحاصيل الزراعية الإيرانية دون مراعاة للخسائر الكبيرة التي تسببها للمنتج المحلي وما تلحقه من أضرار بالاقتصاد الوطني وللقطاع الزراعي الذي يعاني بالأساس من الإهمال والتصحر وشح المياه.

بغداد ــ الرافدين
حذر خبراء في مجال الاقتصاد من تداعيات استمرار النهج الحكومي في قتل الزراعة العراقية عن طريق فتح باب الاستيراد فضلًا عن إهمال المزارع العراقي وعدم حماية المنتج المحلي.
وتسعى حكومات ما بعد الاحتلال إلى تدمير منظومة القطاع الزراعي ودفع العاملين فيها على الهجرة وترك الأراضي الزراعية لفسح المجال أمام المخططات والأجندات الخارجية التي تهدف إلى إغراق الأسواق المحلية بالمحاصيل المستوردة.
وأصدرت وزارة الزراعة الحالية قرارًا يسمح باستيراد محصول الطماطم بعد أن منعته في وقت سابق، بذريعة ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية.
وأوضحت الوزارة أنه سيتم إدخال هذا المحصول إلى الأسواق اعتبارًا من الحادي والعشرين من تشرين الأول 2023.
وشكا بائعو الخضروات من الآثار السلبية للسياسات الخاطئة لوزارة الزراعة بشأن المحاصيل الزراعية لا سيما محصول الطماطم.
وأكد البائعون أن قرار الوزارة بإعادة فتح استيراد الطماطم من إيران، سيضر كثيرًا بمحصول الطماطم المنتج في النجف وكربلاء الذي سينزل الأسواق في غضون أسبوعين، وبعده سيأتي محصول الزبير من محافظة البصرة.
وطالبوا الجهات الحكومية بحماية المنتج المحلي وعدم إغراق الأسواق بالمحاصيل المستوردة التي تدمر مصادر أرزاق البائعين والفلاحين في البلاد.
وتعد مزارع الطماطم في محافظة البصرة من أشهر المزارع في المحافظات العراقية إنتاجًا للمحصول، وكان قضاء الزبير يضم أكثر من 9000 مزرعة تكفي لتغطية حاجة السوق العراقية، إلا أن الضربات المتتالية التي تواجه قطاع الزراعة وفتح الحدود أمام استيراد الطماطم، خفضت عدد هذه المزارع إلى قرابة 4000 مزرعة، مما يشكل تهديدًا كبيرًا أمام زراعة الطماطم العراقية.
وكشف عضو الجمعيات الفلاحية في البصرة عبد الحسن كاظم، عن انهيار زارعة الطماطم ذائعة الصيت في قضاء الزبير جنوب غربي المحافظة.
وبين أن سعر الطماطم المستوردة في السوق، لا يسد تكاليف إنتاج محصول الطماطم المحلية مما عرض المزارع العراقي لخسائر مالية كبيرة.
وأوضح أن سعر الكيلو الواحد من الطماطم المحلية أصبح بمائة دينار، أي ما يعادل ثلاثة آلاف دينار للصندوق الواحد الذي يزن 30 كيلوغرامًا، نتيجة إغراق الأسواق بالمستورد والذي يكون مدعوم بشكل كبير داخل بلدانه الاصلية.
وأكد على أن الزراعة في البصرة تحتضر، بسبب ما تعانيه من إهمال حكومي كبير، فضلاً عن شح المياه وعدم توفير الدعم اللازم للمزارعين، مبينًا أن تجاهل هذه المخاطر سيؤدي إلى كارثة كبيرة تهدد الأمن الغذائي العراقي.
وطالب عبد الحسن الجهات الحكومية المعنية بالتدخل العاجل وحماية المنتج المحلي من الهلاك والاندثار، أمام هجمات دول الجوار لقتل الزراعة في العراق.
وتشتهر البصرة بإنتاج الطماطم ذات مذاق له شعبية واسعة في العراق، والتمر الذي تتميز به المحافظة، إلى جانب محاصيل زراعية أخرى التي تواجه الكثير من المعوقات وسط غياب الدعم الحكومي لقطاع الزراعة في البلاد.
وتعد الطماطم من أهم المحاصيل الزراعية العراقية، التي تنتشر زراعتها في جميع المناطق لما يميزها من قدرة على تحمل مختلف الظروف المناخية.
ويواجه هذا المحصول انتكاسة وتراجعًا خطيرًا في مستوى الإنتاج الزراعي، بسبب العديد من العوامل أبرزها فتح أبواب الاستيراد الخارجي وشح المياه وغياب الدعم للفلاحين بالإضافة إلى ضعف التسويق، مما دفع المزارعين إلى الاحتجاج والتظاهر احتجاجًا على التدمير الممنهج لقطاع الزراعة في البلاد.
وشهدت البلاد تظاهرات للمزارعين الذين يتلفون محاصيلهم الزراعية كنوع من الاحتجاج على إدخال الطماطم المستوردة من دول الجوار وعدم توفير الدعم اللازم للمزارعين، مطالبين بإيقاف الاستيراد والاكتفاء بالمنتوج المحلي لكن دون أي استجابة من قبل الحكومة.
وندد المزارعون العراقيون خلال التظاهرات بسياسة فتح الحدود أمام المحاصيل الزراعية المستوردة من إيران دون مراعاة للخسائر الكبيرة التي تسببها للمنتج المحلي فضلًا عما تلحقه من أضرار بالاقتصاد الوطني وللقطاع الزراعي الذي يعاني بالأساس من الإهمال وشبح التصحر وشح المياه.
وعد المزارعون التسهيلات الحكومية لإدخال المحاصيل الزراعية الإيرانية في موسم حصادها ووفرتها في السوق المحلية، حربًا على المنتج الوطني والفلاح العراقي وتناقضًا صريحًا مع شعارات حماية المنتج المحلي والتشجيع على الإنتاج.
ومن المثير للاستغراب أن وزارة الزراعة الحالية قد فتحت باب التصدير لعدد من المحاصيل الزراعية من بينها الطماطم والبطاطا والخيار في مطلع شهر أيلول الماضي، بسبب تحقيقها فائضًا في الإنتاج المحلي، لتعود بعد فترة وجيزة لتعلن العودة لاستيرادها من الخارج مما يكشف تخبط القرار الحكومي وعدم الاكتراث لمصلحة المزارعين والمحصول الوطني.

وليد الكريطي: نستغرب قرار وزارة الزراعة بفتح باب الاستيراد لمحصول الطماطم مع قرب موسم الحصاد المحلي

وطالب الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية التعاونية في محافظة كربلاء خلال بيان صحافي، بإغلاق المنافذ الحدودية أمام المحاصيل المستوردة من دول الجوار، ولا سيما محصول الطماطم.
واستغرب رئيس الاتحاد وليد الكريطي من قرار وزارة الزراعة بفتح باب الاستيراد لمحصول الطماطم مع قرب موسم الحصاد المحلي، موضحًا أن ذروة إنتاج المحاصيل الزراعية ومنها الطماطم تبدأ من اليوم العاشر من شهر تشرين الثاني من كل عام، وأن الإنتاج يبلغ أكثر من 16 ألف طن يوميًا في عموم العراق.
وأكد على أن أكثر الفلاحين والمزارعين في البلاد يعتمدون في إنتاجهم على التمويل الذاتي من دون دعم حكومي.
وأشار إلى أن عدم اهتمام الحكومة بمحصول الطماطم وعدم حمايته من منافسة المستورد سيلحق الضرر بالفلاحين والمزارعين العراقيين.
وأكد اتحاد الجمعيات الفلاحية في ديالى أن الأسمدة زادت من فاتورة الزراعة الشتوية بنسبة 15 بالمائة وأن نسبة كبيرة من فلاحي ديالى لم تصلهم حصصهم من الأسمدة الكيميائية.
وقال الاتحاد إن الكثير من الفلاحين اضطروا لشراء الأسمدة من الأسواق، مما زاد من التكلفة المادية عليهم بنسب تصل إلى 15 بالمائة، رغم أن العراق يملك احتياطات هائلة من المواد الأولية لصناعة الأسمدة، وهي كافية لتحقيق الاكتفاء والتصدير في ذات الوقت، ولكن جزءًا كبيرًا من الفلاحين يعاني للحصول على الحد الأدنى من احتياجاته.
فيما تواصل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بنشر الوعود الزائفة بشأن دعم الفلاح العراقي وحماية المنتج المحلي ومنع الاستيراد، إلا أن هذه القرارات تبقى حبرًا على ورق.
وحذر خبراء اقتصاديون من استمرار حالة الانهيار الشامل الذي يعصف بمختلف القطاعات الزراعية العراقية التي تواجه الإهمال الحكومي منذ 2003 ولغاية الآن.
وقال الخبير في الاقتصاد الزراعي عادل المختار، إن وزارة الزراعة تتحمل مسؤولية انهيار قطاع الزراعة وتحديدًا الطماطم، بسبب عجزها عن توفير الوقاية والحماية والدعم اللازم للمزارعين من أجل رفع قدرتهم الإنتاجية.
وأضاف أن فتح المجال أمام استيراد المحاصيل من الخارج يكلف المزارعين العراقيين خسائر كبيرة، تؤدي إلى قتل الزراعة الوطنية ومن ضمنها زراعة محصول الطماطم.
ويرى الباحث في الاقتصاد الزراعي أحمد عبد الله، أن زراعة الطماطم كانت من الزراعات الرائدة في العراق، وكان البلد ينتج هذا المحصول بكميات كبيرة وتشكل اكتفاءًا ذاتيًا لحاجة السوق، إلا أن غياب التخطيط والتغييرات الهيكلية في الخطط الحكومية حولت البلاد إلى رهينة للمحاصيل الزراعية المستوردة.
وطالب الجهات الحكومية بوضع الخطط الاستراتيجية لدعم زراعة المحاصيل الزراعية الأساسية، من خلال دعم أسعار البذور والأسمدة ومبيدات للحشرات الضارة بالمحاصيل، بالإضافة إلى توسيع المساحات الزراعية من أجل رفع الضرر الذي يواجه المزارع العراقي.
وتدفع الخسائر الفادحة التي يتعرض لها المزارعون في العراق جراء إغراق الأسواق بالمحاصيل الزراعية، نحو تعميق أزمة الزراعة في البلد الذي يشهد بالأساس شحًا في الموارد المائية والتمويل اللازم للقطاع الزراعي، حيث يضطر الكثيرون إما إلى بيع محاصيلهم بأثمان بخسة أو إتلافها وهجرة الأراضي الزراعية إلى أعمال أخرى.
وتحدث عمار التميمي وهو أحد المزارعين في محافظة بابل، أن لديه أكثر من 40 دونمًا، ولا يملك أي مصدر رزق يؤمن قوت يومه غير هذه الأرض، بينما يشكو منافسة المحاصيل المستوردة والمدعومة، مشيرًا إلى أنه هناك تخريب ممنهج متعمد الهدف منه إغراق السوق المحلي بالمستورد في موسم الوفرة بالإنتاج الوطني.
وكشف عضو اتحاد الجمعيات الفلاحية في محافظة ديالى عمار علي، أن 85 بالمائة من المحصول الزراعي في أسواق المحافظة هو مستورد من عدة دول، فيما يعتمد السوق على 15 بالمائة فقط من الإنتاج المحلي، رغم أن المدينة من المدن العراقية التي تمتلك أرضًا واسعة صالحة للاستصلاح الزراعي.
وأضاف أن دول الجوار تقدم الدعم لقطاعها الزراعي على العكس من السياسة المتعبة في العراق بهذا الشأن، ما أدى إلى تفاوت في الأسعار والاتجاه نحو المستورد لأسعاره المنخفضة من مختلف الدول ولجميع الأنواع.
ويؤكد أن هذا الأمر ترتبت عليه آثار سلبية على الاقتصاد الوطني بسبب خسارة القطاع الزراعي والاعتماد على المنتج المستورد الرخيص، داعيًا الجهات الحكومية إلى دعم القطاع والنهوض بالواقع الزراعي وتقليل المنتجات المستوردة.
فيما تشير الإحصائيات الرسمية، أن محصول الطماطم يأتي بالمرتبة الأولى ضمن كان من أكثر محاصيل الخضر إنتاجًا في العراق والذي يقدر بحدود 755 ألف طن في الموسم، وبسبب عوامل الجفاف وشح المياه وإغراق السوق بالمستورد، انخفض إلى أقل من النصف مما يشكل تدهورًا كبيرًا لزراعة الطماطم في البلاد.

إغراق الأسواق المحلية بالطماطم المستوردة يعمق أزمة الزراعة في البلاد
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى