أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

بلاد الرافدين تمضي إلى التصحر سريعًا!!

حكومة الإطار التنسيقي تقر بعجزها في حل أزمة الجفاف والاعتماد على المياه الجوفية كبديل لنهري دجلة والفرات، وسط تحذيرات من استنزاف خزين العراق منها.

بغداد – الرافدين
كشف تصريح وزير الزراعة في حكومة الإطار التنسيقي عباس المالكي في حاجة العراق إلى بدائل لنهري دجلة والفرات، عن استمرار الفشل الحكومي في إيجاد حلول لأزمة الجفاف التي تعصف بالبلاد وتدهور واقع الزراعة فيها نتيجة السياسات الحكومية الفاشلة.
ويرزح العراق تحت خط الفقر المائي ضمن 12 دولة حول العالم بحسب تقارير سابقة للأمم المتحدة حول الأمن المائي من غير أن تتخذ الحكومة خطوات جدية للحد من الآثار الكارثية لشح المياه.
وقال وزير الزراعة عباس المالكي “يحتل العراق اليوم المركز الخامس في قائمة الدول الأكثر تأثرًا بالمناخ، لذلك نحن أمام خيار صعب، والبديل المتوفر هو المياه الجوفية، لكن استخدام المياه الجوفية يجب أن لا يكون استخدامًا جائرًا، وإلا ستتحول إلى عبء”.
وأشار إلى أن “محافظات النجف وكربلاء والأنبار وصلاح الدين هي المناطق الأكثر حفرًا للآبار، وأن المناسيب الموجودة بعيدة، فقد كانت في السماوة سابقًا على عمق 50 – 100 متر، والآن نحتاج إلى حفر 200 متر للوصول إلى المياه بسبب الجفاف، بينما في أربيل تحتاج إلى 800 متر للوصول إلى المياه”.
وكانت وزارة الموارد المائية قد أعلنت عن حفر نحو 600 بئر في مناطق مختلفة منذ مطلع عام 2023، في خطوة الهدف منها حفر 1000 بئر ضمن ما سمي بخطة النفع العام، وسط مخاوف من الاستنزاف العشوائي للمياه الجوفية.
فيما تشير بيانات وزارة الموارد المائية أن هناك أكثر من 100 ألف بئر 80 بالمائة منها لم تحصل على موافقات رسمية.
ونتيجة للسياسات المائية الحكومية غير المجدية مع تفاقم أزمة الجفاف اتجه كثير من المزارعين إلى الاعتماد على  الآبار لسقي أراضيهم إضافة إلى الاستخدام المنزلي.
ويحذر خبراء مياه من كون المياه الجوفية في العراق ليست البديل المناسب لنهري دجلة والفرات ولا يمكن الاعتماد عليها في المدى المتوسط والبعيد.
الخبير المائي ومستشار لجنة المياه والزراعة النيابية عادل المختار يقول، إن “هناك عدة مؤشرات تؤكد انخفاض مستوى المياه الجوفية وبدئها بالنضوب، وأن المياه الجوفية تعتبر هي الخزين المائي للعراق والتي لا يجب استخدامها إلا في حالات الطوارئ وشحة المياه، ولكن ما حصل هو عمليات التجاوز الكبيرة على المياه الجوفية خلال الفترة الأخيرة، حيث يتم استعمال المياه في الري السيحي من قبل بعض المزارعين وهذه تعتبر كارثة يجب معالجتها قبل خروجها عن السيطرة”.
وأضاف المختار أن “عدة مؤشرات تؤكد انخفاض مستوى المياه الجوفية ومنها مناسيب المياه في بحيرة عين ساوة في السماوة وعين التمر كربلاء وعين ترمة في شقلاوة إضافة إلى جنوب سامراء وشرق سنجار، وأن استنزاف المياه الجوفية خطير جدًا كونه من الصعب تعويضها لذلك يجب تركها كخزين في الأزمات واستخدامها لأغراض الشرب فقط”.
وتخلت الحكومة عن زراعة أكثر من 7 ملايين دونم في الخطة الزراعية التي أقرتها للموسم الشتوي نتيجة شح المياه والتخبط في إدارة هذا الملف.
وأقرّت وزارتا الزراعة والموارد المائية، خطة زراعية للموسم الشتوي المقبل، تعتبر هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، عبر الاعتماد على المياه الجوفية بشكل رئيسي في تأمين مياه السقي، وسط تحديات كبيرة تتعلق بإمكانية الدولة تأمين منظومات السقي الحديثة لتقليل استهلاك المياه ومغادرة طرق الري القديمة.
وحسب بيانات رسمية فإن خطة الموسم الزراعي في عموم مدن العراق للموسم الشتوي 2023/ 2024، تعتمد على زراعة 5.5 ملايين دونم فقط، منها 1.5 مليون دونم يكون سقيها بالاعتماد على المياه السطحية، بينما ستكون المساحة المزروعة بالمياه الجوفية، نحو 4 ملايين دونم.
وقال عضو الجمعية الفلاحية في محافظة ديالى غزوان العزاوي “لا يمكن حل أزمة الزراعة إلا بتحرك حكومي ومفاوضة دول المنبع لمنح العراق حصته المائية”.
فيما حمل مختصون الحكومات المتعاقبة مسؤولية الفشل في إدارة ملف المياه وتسلم وزارة الموارد المائية وزراء لا يملكون خبرة ويقدمون مصلحتهم الشخصية على مصلحة البلاد.
يقول الأكاديمي المتخصص في شؤون المياه نظير عباس الأنصاري في تصريح لقناة الرافدين، إن “من تسلم وزارة الموارد المائية بعد 2003 معظمهم بلا خبرة في مجال المياه واهتمامهم بملف المياه كان ثانويا وقد لا يذكر إضافة إلى الأخطاء المتراكمة وتقديم المصلحة الشخصية على المصالح العامة”.
وبين أن على الحكومة أخذ أمر المياه بجدية ولا تستطيع وزارة الموارد المائية وحدها إيجاد حل بسبب تفاقم الأزمة، والتفاوض مع دول الجوار من أجل المياه هي مسؤولية حكومية شاملة.
وأكد أن الحكومة لا تملك خططًا للتعامل مع أزمة المياه الحالية ولم تخصص ميزانية لتنفيذ مشاريع استراتيجية لتخليص البلد من الوضع المائي الخطر.
وتضرر كثير من الفلاحين الذين يعتمدون على الزراعة بشكل أساسي في معيشتهم بعد أن قلصت وزارة الزراعة نسبة المساحات المزروعة لكل فلاح إلى 50 بالمائة بسبب شح المياه، من غير أي تعويضات لهم في ظل أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد، الأمر الذي أدى إلى نزوح آلاف المواطنين من سكان الأهوار في مدن الجنوب بعد أن أفقدهم الجفاف مصادر رزقهم وسط تساؤلات عن جدية الحكومة في وضع حد لهذه الكارثة وما يترتب عليها من تداعيات اجتماعية واقتصادية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى