أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الثروة الحيوانية في العراق تواجه المجهول في ظل الإهمال الحكومي

مربو المواشي يحذرون من انقراض الثروة الحيوانية في البلاد خلال سنوات قليلة في ظل استمرار الصعوبات التي تواجههم وغياب العوامل التي تحفزهم للاستمرار على عكس ما كان يقدم من دعم واهتمام قبل العام 2003.

بغداد ــ الرافدين
حذرت جمعيات ومنظمات معنية بالثروة الحيوانية في العراق من مخاطر استمرار الإهمال الحكومي المتعمد لمربي المواشي الذين يواجهون الكثير من التحديات والصعوبات خلال عملهم.
وتتعرض الثروة الحيوانية إلى إهلاك ممنهج من قبل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، بوسائل متعددة بهدف إضعافها وإجبار العاملين فيها على الهجرة وبيع مواشيهم.
وشهدت البلاد تراجعًا ملحوظًا في مستوى الإنتاج الحيواني بعد عام 2003 نتيجة التجاهل الحكومي للمطالبات والمناشدات من أجل دعم هذا القطاع لما يشكل من مورد اقتصادي مهم للبلاد ويعتمد عليه آلاف المربين والمزارعين.
ويواجه قطاع الثروة الحيوانية الكثير من التحديات التي تسببت في انخفاض مستوى تربية المواشي إلى نسبة الـ 50 بالمائة خلال الفترة الماضية، بسبب غياب الدعم الحكومي لقطاع المربين وعدم توفير الأعلاف واللقاحات والخدمات البيطرية مع استمرار تفشي الأوبئة بين فترة وأخرى في ظل انعدام التخطيط الاستراتيجي لهذا القطاع المهم.
وحذر رئيس جمعية الثروة الحيوانية في محافظة نينوى عبد الحميد الراشدي، من انخفاض الثروة الحيوانية إلى النصف، ملقيًا باللوم على السلطات في العراق.
وقال الراشدي إن الحكومات لم تدعم مربي الماشية في أعوام الجفاف السابقة والعام الحالي مؤكدًا أن دعم أسعار الأعلاف وتوفير اللقاحات سيحفزان المربين على البقاء في مهنتهم وتطويرها.
وقالت الخبيرة في الشأن الاقتصادي سلامة سميسم، إن عدم وجود سياسة اقتصادية واعية تهدف إلى تعزيز القاعدة الإنتاجية في العراق، أدى إلى تراجع إنتاج الثروة الحيوانية، محملة الحكومة مسؤولية عدم تقديم الفرص والدعم اللازم الذي يحتاج إليه القطاع الخاص لاستثمار إنتاج الثروة الحيوانية، بالتالي هناك تراجع كبير في كميات الإنتاج من أصل الحجم الكلي للمنتجات التي تغطي السوق المحلية.

تربية المواشي في العراق انخفضت إلى أكثر من 50 بالمائة بعد عام 2003

وأجمع مربو المواشي على أن أسباب ارتفاع أسعار الأعلاف هو نتيجة لعمليات التهريب التي تجري على مرأى ومسمع الحكومة دون اتخاذ خطوات جادة لإنقاذ الثروة الحيوانية، محملين حكومة السوداني مسؤولية خسائرهم الفادحة وغياب الفحص البيطري واللقاحات.
وقال مربو مواشي خلال مقابلات حصرية لبرنامج “مع الناس” الذي تبثه قناة “الرافدين” إن الجهات الحكومية لم ترسل لهم أي شخصية بصفة رسمية للتباحث معهم حول أزمة ارتفاع أسعار الأعلاف وسبل الحل في ظل غياب الدعم الحكومي لهم منذ احتلال العراق، مشيرين إلى فشل الحكومة في السيطرة على عمليات التهريب الواسعة للمواشي.
وتوقعوا انقراض الثروة الحيوانية في البلاد خلال سنوات قليلة مع استمرار الصعوبات التي تواجههم وغياب العوامل التي تحفزهم للاستمرار على عكس ما كان يقدم من دعم واهتمام قبل العام 2003.
وعبر مربو المواشي عن استغرابهم من الإهمال الحكومي الكبير لقطاع الثروة الحيوانية في حين أن الدول الكبرى دومًا ما تعمل على تحسين قطاع الإنتاج وتدعمه بشتى الوسائل الممكنة.
واستهجنوا تعمد استيراد الجهات الحكومية للمنتوجات الحيوانية من إيران في حين بإمكان ذات الجهات الالتفات إلى مواشيهم وتشغيل قطاع الصناعة مما تنتجه بأثمان أقل من تلك المستوردة وبالجودة التي يرغب بها الناس.
وأكد المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف، على أن الثروة الحيوانية في العراق قد انخفضت إلى نسبة تصل إلى أكثر من 50 بالمائة، فضلًا عن تدمير البنى التحتية ومشاريع الثروة الحيوانية بشكل كامل بعد غزو العراق سنة 2003، لافتًا إلى عدم إعادة تأهيل وتطوير هذه القطاع بحجة عدم وجود السيولة المالية.
وبين أن تراجع الثروة الحيوانية في العراق هي بسبب إلغاء الدعم الحكومي لمحاصيل الذرة الصفراء والشعير بشكل كامل، فضلاً على اعتماد استيرادها من خارج البلاد، مما يجعل المنتجين غير قادرين على استيرادها بالعملة الصعبة خاصة بعد ارتفاع قيمة الدولار في العراق.
وقالت النائبة زوزان علي صالح، إن قطاع الثروة الحيوانية يواجه تحديات كثيرة، منها أزمة المياه وغلاء الأعلاف وانتشار الأوبئة، وارتفاع تكلفة الإنتاج.
وأكدت على ضرورة دعم الثروة الحيوانية بتوفير الأعلاف واللقاحات، ومنح القروض للمزارعين مع الرعاية الطبية البيطرية، وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي، وتشجيع الفلاحين على استخدام الطرق الحديثة في الزراعة واستخدام منظومات الري الحديثة.
بالوقت الذي لا تتوفر لدى الجهات الحكومية أي أرقام تتعلق بإحصاء الثروة الحيوانية في العراق، في حين تعتمد على إطلاق أرقام تقريبية والتي عادة ما تكون مستندة على معدلات الاستهلاك للأعلاف أو أرقام يقدمها مربو المواشي وهي غير دقيقة.

حسن التميمي: الانخفاض في مستوى الثروة الحيوانية وقطاع الإنتاج يدعو إلى قلق كبير على مستقبل الثروة الحيوانية في البلاد

ويعزو رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق حسن التميمي، الانخفاض الحاصل في الثروة الحيوانية وقطاع الإنتاج بالمجمل في مناطق وسط وجنوب العراق، إلى النقص الحاد في كميات الأعلاف، وعدم توفر الدعم الحكومي اللازم للمربين.
وقال إن الانخفاض في مستوى الثروة الحيوانية يدعو إلى قلق كبير على مستقبل الثروة الحيوانية في البلاد.
وطالب الحكومة بتوفير الدعم اللازم والعمل على إيجاد السبل الناجحة لتوفير الأعلاف لمربي ومنتجي الثروة الحيوانية، والذي انعكس على إغلاق الكثير من المشاريع الخاصة بتربية وتسمين المواشي بسبب قلة الدعم.
ومن جانب آخر حمل رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في محافظة ميسان كريم حطاب جيجان، وزارة الزراعة مسؤولية تدهور إنتاج قطاع الثروة الحيوانية، بسبب التقصير الكبير في أداء مهامها.
وحذر من الخطر الكبير الذي يهدد الثروة الحيوانية في جنوب العراق، بسبب تدهور أوضاع الفلاحين ومربي المواشي، نتيجة لهجرة الكثير من المزارعين ومربي المواشي، لعدم استطاعتهم مواصلة عملهم لما تعرضوا له من خسائر كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، مما دعاهم إلى ترك الحقول والأهوار والهجرة إلى المدينة.
وفاقم انتشار الأمراض والأوبئة من معاناة مربي الثروة الحيوانية التي تعاني بالأساس من قلة الأعلاف وارتفاع أسعارها، فضلًا عن شح المياه وجفاف الأراضي وفقدان الكثير من المراعي الطبيعية.
وسجلت محافظات عراقية الكثير من الإصابات بالحمى النزفية، مع ضعف إجراءات الحكومة في التصدي لانتشار المرض، والتي لا تتناسب مع التهديد الذي يواجه مستقبل الثروة الحيوانية في العراق.
وأكد مربو المواشي على تراجع أعداد المواشي قياسًا بالسنوات الماضية، بسبب نفوق العديد منها جراء الحمى النزفية، موضحين أن أعداد ولادات الأبقار والأغنام والجواميس انخفضت إلى مستويات كبيرة والسبب في ذلك قلة اللقاحات الوقائية من الأمراض التي تصيب الحيوانات ومنها المواشي.
ودفع الإهمال الحكومي مربي الأبقار والمواشي إلى التقليل من مساحة مشاريعهم لعدم توفر المياه أو بسبب قلة الدعم غلاء العلاجات، وهو ما انعكس بطبيعة الحال على أسعار اللحوم المحلية في العراق مقارنة بالمستوردة من دول الجوار.
وأشار خبراء في مجال الاقتصاد أن العديد من منتجات الثروة الحيوانية تأثرت بسبب انتشار الحمى النزفية منها اللحوم والجلود ومشتقات الألبان فضلًا عن الأسمدة الحيوانية الداخلة في تركيب الأسمدة الكيميائية التي تستخدم لإصلاح الأراضي الزراعية.
ولفت الخبراء إلى أن الحظائر الحيوانية موبوءة بالعديد من الأمراض الخطيرة، مما يعد إهمالًا كبيرًا للثروة الحيوانية، وأن الدوائر المعنية بالثروة الحيوانية لا تتابع أو تكشف الأسباب، فضلًا عن عدم وجود قاعدة بيانات معتمدة.
وحملوا الجهات الحكومية مسؤولية ما يشهده قطاع تربية المواشي والذي ينذر بكارثة حقيقية تهدد مستقبل الثروة الحيوانية.
ويرى الخبراء أن الحكومات المتعاقبة ومنذ عام 2003 لم تفكر يومًا في انتهاج سلوك اقتصادي رصين يحافظ على المقدرات ويعزز الإنتاج الحيواني ويدعمه ويطوره، وإنما دأبت على وضع حلول ترقيعيه لتهدئة السخط الشعبي.
وقال الخبير الزراعي عادل المختار، إن انتشار الحمى النزفية ترك انعكاسات خطيرة تهدد الثروة الحيوانية في العراق خاصة وأن الثروة الحيوانية تعاني من مشاكل كبيرة في ظل ضعف الدعم المقدم من قبل الجهات المعنية، مما يعد عاملًا مهمًا في تراجع الثروة الحيوانية الوطنية.
وانتقد المختار انعدام الوقاية والإهمال المتعمد من قبل وزارة الزراعة والدوائر والمراكز البيطرية، مما ساهم في انتعاش الأوبئة وانتقاله المباشر والسريع.
وفرطت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 بقطاع الثروة الحيوانية في العراق بسبب الفساد واستحواذ لصوص الدولة على المغانم ولافتقادهم الحس الوطني بالمحافظة على ثروات البلاد الوطنية.
ولم تضع هذه الحكومات أي خطة فعلية لدعم الثروة الحيوانية التي تميز بها العراق عبر تأريخه المعاصر، إلى أن بلغ الوضع أن غالبية المزارعين الذين باعوا مواشيهم بسبب الجفاف وانعدام الأعلاف.

الجهات الحكومية تتحمل مسؤولية تدهور قطاع تربية المواشي الذي ينذر بكارثة حقيقية تهدد مستقبل الثروة الحيوانية في البلاد
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى