أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

منصة بيع الدولار للمسافرين العراقيين بوابة جديدة لصفقات فساد كبرى

مبيعات البنك المركزي الأساسية للحوالات الخارجية تصل يوميًا إلى 200 مليون دولار تذهب أغلبها لتمويل أحزاب وميليشيات متنفذة.

بغداد- الرافدين
كشف عراقيون في مقاطع مصورة لعبة الفساد الجديدة التي تديرها جهات متنفذة داخل البنك المركزي عبر منصة بيع الدولار للمسافرين والشركات التجارية.
وأكد مسافرون على أن المنصة لا تعمل عند بدأ التسجيل فيها من أجل الحصول على مبالغ التحويل، وأن فتحها مجرد ذريعة إلكترونية جديدة يتم استغلالها لتمرير صفقات كبرى لبيع الدولار.
يذكر أن مبيعات البنك المركزي الأساسية للحوالات الخارجية تتراوح يوميًا ما بين 150 إلى 200 مليون دولار تذهب أغلبها لتمويل أحزاب وميليشيات متنفذة.
ومعظم المصارف الخاصة تابعة للأحزاب والميليشيات الموالية لإيران. وهي تحصل على المليارات من الدنانير لشراء الدولار من المصرف المركزي أو من السوق السوداء، لتحويله إلى إيران. وغالبا ما تتم تغطية هذه العمليات بمستوردات وهمية، أو مبالغ في قيمتها.
وفي حين يقول المصرف إنه ملزم بتوفير الدولار للتجار وللمصارف الخاصة، إلا أنه يعجز عن ضبط أسعار الصرف في السوق الموازية التي تتلاعب بها البنوك الخاصة.
وكان البنك المركزي وتحت الضغوطات الأمريكية لمنع تهريب الدولار إلى إيران، اضطر الى فتح منصة الكترونية يتم تسجيل المسافر عليها قبل 48 ساعة من رحلته، لكن الفيديوهات المتداولة تؤكد أنها لا تفتح في وقت يقترب موعد سفرهم.
وتشترط المنصة على المسافر أن يسجل فيها قبل 48 ساعة على أن يظهر صورة من الفيزا وبطاقة السفر.
وبدأ البنك المركزي العراقي خلال شهر تشرين الأول الماضي اعتماد الحجز الالكتروني من خلال ملء استمارة الحجز عبر رابط التسجيل الالكتروني المنشور على الموقع الالكتروني للمصرف.
غير أن مسافرًا كشف في مقطع فيديو مصور للمنصة أنها خدعة يتم استغلالها من قبل جهات معروفة تستحوذ على الدولار بالتواطؤ مع متنفذين في البنك المركزي، بينما يصعب على المسافرين التسجيل بها، حتى يضيع الوقت أمامهم ويضطرون إلى شراء الدولار من السوق الموازية بأسعار مضاعفة.
ويبلغ سعر الصرف الرسمي 1320 دينارًا للدولار في الموازنة العراقية، إلا أن السعر الموازي يشهد صعوداً مستمراً ويصل إلى 1600 دينار.
يأتي ذلك بينما قالت لجنة النزاهة النيابية، إن المنصة الإلكترونية لبيع الدولار للمسافرين تحولت إلى باب آخر للفساد واستنزاف العملة الأجنبية في العراق بشكل منظم.
وأكد عضو اللجنة النائب أحمد الربيعي، على أن اللجنة بدأت تحقيقًا حول منصة بيع الدولار للمسافرين لوجود شبهات فساد متسلسلة يتورط فيها البنك المركزي وشركات السياحة التي تحجز الرحلات إضافة إلى لشركات السياحة والمسافرين أنفسهم.

لاتوجد حجوزات!!!

وقال الباحث في الشؤون الاقتصادية عمر الحلبوسي إن مجموعة من المصارف تحتكر الجزء الأكبر من نافذة بيع العملة، مبينًا أن هذه المصارف تمتلك نفوذًا داخل البنك المركزي وهو ما مكنهم من فرض نفوذهم في السوق.
وأضاف الحلبوسي في تصريح لقناة “الرافدين” أن قرار إيقاف سحب الدولار والحوالات بالدولار من قبل البنك المركزي جاء بسبب تدخل مصارف ذات نفوذ في البنك المركزي من أجل أن تستولي على الدولار.
وأشار إلى أن إجراءات البنك المركزي لم تقدم حلولًا ملموسة لمشكلة الدولار، إنما فاقمت المشكلة بعد إغلاقها لعدد من منافذ الإيداع النقدي مما فرض الاحتكار في السوق الموازي.
وشدد على أن بعض المصارف تحتال على المسافرين بعد استلام أوراقهم الثبوتية لغرض البدء بتسليمهم الدولار وبعد إدخال المعلومات للمنصة يتم إبلاغهم بنفاد الدولار، فيما يتبين بعد ذلك أن المصرف قد اشترى الدولار باسم المسافر دون علمه.
وكشف رئيس غرف التجارة في محافظة ديالى محمد التميمي، أن السوق الموازي لبيع الدولار يمول نصف أحزاب العراق.
وقال التميمي إن السوق الموازي مصدر تمويل لنصف أحزاب العراق من خلال المكاتب الاقتصادية بطرق مختلفة وبالتالي فأن أي قرار يُتخذ لإعادة سعر الصرف يقابل بأزمة ما أو شائعات تدفع بارتفاع أسعار الصرف، مشيرًا إلى أن هناك من يريد بقاء السوق الموازي خاصة وان فرق السعر والمضاربات تسهم في كسب أموال طائلة.
وكان مدير عمليات مكافحة الجريمة المنظمة في وزارة الداخلية قد كشف عن ضبط عشرات الشركات المتهمة بتجارة العملة الأجنبية في الأسواق الموازية.
وقال مدير العمليات العميد حسين التميمي، إن 50 شركة في المحافظات وبغداد ضبطت في مخالفة قواعد البنك المركزي في بيع الدولار.
وأضاف التميمي أن الضبط شمل أصحاب مراكز تسوق كبيرة ومجمعات سكنية يتقاضون الإيجارات من شاغليها بالدولار، لافتًا إلى ضبط أصحاب معارض في بغداد ومحافظات لاسيما الجنوبية يتعاملون بالدولار بدلًا من الدينار.
يذكر أن السياسيات الحكومية المتخبطة في التعامل مع أزمة الدولار زادت من تهريبه بشكل كبير خلال الأشهر الماضية.
ويحاول المصرف أن يفرض قيودا على التعاملات بالدولار، تشمل تقديم شهادات تثبت الحاجة إلى الدولار في عمليات الاستيراد. إلا أن لا أحد في بغداد يجهل أن هذه الشهادات نفسها قابلة للتزوير، وأن البنوك الخاصة تمتلك فروعًا في الخارج توفر لها أوراقًا تعاقدية، إن لم تكن مزورة بالكامل، فإنها تنطوي على الأقل على بيانات غير صحيحة.
ويقوم البنك المركزي بإصدار قرارات تنعكس غالبيتها سلبًا على الواقع الاقتصادي العراقي ما تسبب في زيادة الفجوة في سعر صرف الدينار أمام الدولار والتي كان آخرها قرار حظر السحب النقدي والمعاملات بالدولار الأمريكي اعتبارًا من مطلع عام 2024.
ووصف عضو اللجنة المالية السابق أحمد حمه، عملية حظر السحب النقدي والتحويلات الخارجية بالدولار من المصارف والتداول اليومي بالعملية الصعبة التي ستؤدي إلى تعقيد الوضع الاقتصادي في البلاد مضيفًا أنها ليست حلًا للأزمة.
وأضاف أن هذه العملية ستزيد من هيمنة السوق الموازية، مما سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في سعر الصرف بمستويات لا يمكن لأي خطوات حكومية أن تتحكم بها.


عمر الحلبوسي: إجراءات البنك المركزي لم تقدم حلولًا ملموسة لمشكلة الدولار، إنما فاقمت المشكلة بعد إغلاقها لعدد من منافذ الإيداع النقدي مما فرض الاحتكار في السوق الموازي

وتدفع السياسات المالية التي تنتهجها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، السوق العراقية إلى السيناريو اللبناني بعد أن بدأت فوضى الدولار تهدد الأسواق العراقية التي تعيش بالأساس وضعًا هشًا وعدم استقرار سعر الصرف.
وحذر تقرير صادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن من أن محاولات البنك المركزي العراقي لمنع تهريب الدولار باءت بالفشل، إذ يستمر سعر الدينار بالتراجع أمام الدولار، مما يفاقم من معاناة العراقيين ويرفع أسعار السلع.
وأشار التقرير إلى أن النظام المصرفي العراقي وبدلاً من أن يكون مساعدًا في تطوير الاقتصاد العراقي أصبح عائقاً كبيراً أمام النمو أو جذب الاستثمارات، فضلاً عن أنه أصبح رديفًا أساسيًا لشبكات تهريب وغسل الأموال، فهناك عدد كبير من المصارف التي تعود لشخصيات مقربة من سياسيين وأحزاب وميليشيات مسلحة تسهم بشكل كبير في تهريب الدولار وتمويل عمليات التجارة الخارجية مع دول الجوار مقابل الحصول على عمولات ودعم سياسي.
ويقدر التقرير بأن ثلثي مبيعات البنك المركزي العراقي في ما يعرف بـ”نافذة بيع العملة” التي تتراوح عند مستويات 250 مليون دولار يوميًا لم تستفد منها السوق العراقية على مدى العقدين الماضيين، مما أدى إلى خسارة البلاد مبالغ مالية لا تقل عن 400 مليار دولار.
ولم يستبعد التقرير البريطاني أن تتسبب عمليات تهريب الدولار في عزل وحظر مزيد من المصارف العراقية لأن بعضاً منها يسهم في خرق العقوبات الدولية، مشيرًا إلى أن قرارات الخزانة الأمريكية بفرض حظر على عدد من المصارف العراقية وإلزام ما تبقى الامتثال لمنصة مراقبة حركة الأموال الإلكترونية ما هو إلا بداية لخطوات أشد وأعمق وأكثر إيلامًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى