أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

إعلان حكومة الإطار عن عودة بعض النازحين لا ينهي معضلة سنجار

العلاقات التكافلية القائمة بين حزب العمال الكردستاني وميليشيات الحشد الشعبي تحول دون عودة النازحين وتطبيع الأوضاع في سنجار

نينوى – الرافدين
أثار إعلان وزارة الهجرة والمهجرين في العراق عن إعادة 487 نازحًا إلى قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، تساؤلات بشأن قدرة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني على توفير الأمن وإخراج ميليشيا حزب العمال التركي المنصف إرهابيًا إضافة لبقية الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي والتي تشكل العائق الأكبر في منع النازحين من العودة.
وقالت وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان جابرو، إن “هؤلاء النازحين عادوا طوعًا من مخيم شاريا في محافظة دهوك إلى مناطق سكنهم الأصلية في قضاء سنجار والنواحي والقرى التابعة له في محافظة نينوى”.
وأضافت أن “عملية العودة جاءت بالتنسيق مع فرع الوزارة في المحافظة والقوات الأمنية والحكومتين المحلية في المحافظتين وقيادة العمليات المشتركة لتأمين عودتهم”.
ولا يمثل تصريح الوزيرة في حكومة الإطار التنسيقي انجازً فعليًا مقارنة بالأعداد الهائلة من النازحين من أهالي سنجار، فضلا عن عدم وجود مصادر محلية تؤكد الرقم الذي تحدثت عنه جابرو.
ولأكثر من تسعة أعوام لا يزال نحو 200 ألف عراقي من أهل سنجار، ممنوعين من العودة إلى مناطقهم التي يسيطر عليها مسلحو حزب العمّال، فيما تتجاهل حكومة الإطار التنسيقي تطبيق اتفاقية تطبيع الأوضاع في القضاء الموقعة عام 2020.
ويخشى النازحون في مخيمات النزوح من العودة إلى مناطقهم لسيطرة ميليشيات موالية لإيران عليها، إذ تنتشر في القضاء أكثر من ميليشيا مرتبطة بالحشد الشعبي إضافة لحزب العمال الكردستاني.
ويعاني القضاء من انهيار بناه التحتية إلى جانب الأوضاع الأمنية غير المستقرة الناجمة عن التنافس والصراعات الدائرة بين أحزاب وميليشيات لتنفيذ مخطط إيران في المنطقة، فقضاء سنجار يعد منطقة استراتيجية بالنسبة للحرس الإيراني.
وسبق وأن أعلنت ميليشيات الحشد الشعبي عن تشكيل لواء آخر في قضاء سنجار يتألف من أكثر من ألفي مسلح، إلى استراتيجية الهيمنة التي يعمل عليها الحرس الثوري الإيراني منذ سنوات.

بنية تحتية منهارة في قضاء سنجار وسيطرة للميليشيات تمنع عودة السكان

ونقلت مصادر إعلامية عن زعيم في ميليشيا الحشد تأكيده تشكيل اللواء الجديد من دون الانتهاء من استكماله.
وقال إن “اللواء الجديد في سنجار سيتألف من أربعة أفواج من متطوعين من أهالي سنجار حصراً، ويتولى مراد شيخ كالو، الذي يعد أحد قياديي ميليشيا بدر، ويعمل حالياً مستشاراً لرئيس هيئة الحشد في المناطق الشمالية، مهمة تشكيل هذا اللواء الجديد”.
ويجمع خبراء عسكريون على أن الحرس الإيراني قد حول قضاء سنجار الى “عش للمكائد والصراعات” وتنافس بين الدول والجواسيس والفصائل المسلحة، من اجل تعزيز نفوذه في هذه المنطقة الاستراتيجية.
وجزء من الاستراتيجية الإيرانية مد خط لتصدير الغاز الى اوروبا عبر سنجار، ومنها الى الاراضي السورية واللبنانية، في حال رفعت العقوبات عن طهران.
وقال مسؤولون أمنيون إن هناك “علاقات تكافلية” قائمة بين حزب العمال الكردستاني وبين الميليشيات المدعومة من إيران، حيث إن الحشد يؤمن الدعم المالي والغطاء الحكومي والملاذات الأمنية لـ (بي كا كا) وفروعه السورية، بينما يقوم حزب العمال وحلفاؤه بتأمين الحدود السورية وطرقات التهريب، في حين يواصل ضغطه على تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني في اقليم كردستان العراق”.
وتحولت قضية عودة النازحين نتيجة للصرعات في سنجار، إلى ورقة يتجار بها السياسيون فيما يعيش النازحون ظروفا لا إنسانية في المخيمات.
وأكدت مصادر سياسية في محافظة نينوى أن غالبية العائلات النازحة من قضاء سنجار ترفض العودة بسبب سيطرة ميليشيا حزب العمال الكردستاني على القضاء.
وأشارت المصادر أن الدعم المستمر والضوء الأخضر الممنوح من ميليشيا الحشد إلى حزب العمال يساهم بشكل كبير في تثبيت وجود الحزب في قضاء سنجار، وتكريس تغيير ديموغرافي في المنطقة.
وبينت المصادر أن تأخير الحكومة في بغداد تنفيذ اتفاق سنجار يدفع الأمور نحو فوضى أكبر في ظل التهديد الذي يشكله حزب العمال على أمن واستقرار العراق.
وبعد مرور أكثر من عام على حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بقيت اتفاقية تطبيع الأوضاع في سنجار مهملة مع تجدد مطالبات حكومة كردستان العراق على تنفيذ الاتفاقية.
وأبرمت بغداد وأربيل، في التاسع من تشرين الأول عام 2020، اتفاق تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار، برعاية الأمم المتحدة والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بهدف إخراج الميليشيات، وعودة نازحيها الذين لا يزال نحو 70 بالمائة منهم يخشون الرجوع، إضافة إلى طرد ميليشيا حزب العمال الكردستاني، الذي ينشط في المدينة.
وقال موقع “ميدل إيست أونلاين” إن مسألة قضاء سنجار تفاقم التوتر بين السلطات في بغداد وأربيل.
وأشار الموقع البريطاني إلى أن رئيس حكومة كردستان العراق مسرور البارزاني جدد مطالبته السوداني بتنفيذ اتفاق سنجار وطرد جميع الميليشيات كميليشيا حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” المصنفة على قوائم الإرهاب من القضاء، من أجل إعادة النازحين من مخيمات كردستان العراق إلى مناطقهم.
ونقل عن محافظ نينوى نجم الجبوري قوله إن هناك صراعا دوليا في قضاء سنجار، وذلك في إشارة إلى التهديد المستمر الذي يمثله تنظيم “بي كا كا” لتركيا.

محافظ نينوى نجم الجبوري: هناك صراع دولي في قضاء سنجار يحول دون عودة النازحين ويفاقم الخلاف بين بغداد وأربيل.

وطالب ناشطون حكومة الإطار التنسيقي بتحمل مسؤوليتها تجاه النازحين من سنجار واتخاذ خطوات حقيقية لضمان استقرار الأمن في القضاء وطرد الميليشيات.
يقول الناشط أنور السنجاري إن “ملف النزوح ما زال في حاجة إلى خطوات حكومية أكثر جرأة عبر توفير الأمن في سنجار أولا، من خلال إبعاد  ميليشيا حزب العمال الكردستاني والجهات الخارجة عن القانون”.
وأضاف أنّه “من غير الممكن أن تكون ثمّة عودة طوعية لنازحي سنجار من دون توفير الظروف الملاءمة لذلك”.
وأشار إلى أن “وجود تلك الجماعات عامل رعب بالنسبة إلى النازحين ويجب أن تتحمّل الحكومة مسؤوليتها إزاء الملف وتتّخذ الخطوات العملية الحقيقية لحسمه”.
وسبق أن حذّر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال زيارة للعراق التقى خلالها كبار المسؤولين في بغداد وأربيل، من أن حزب العمال الكردستاني يحاول ربط مناطق عراقية بأخرى سورية لتأمين شبكة تنقل لعناصره، مؤكدًا على ضرورة مكافحة الإرهاب في العراق وتركيا.
وقال فيدان خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده وزير الخارجية فؤاد حسين في ببغداد إن “حزب العمال الكردستاني احتل سنجار ومخمور وقنديل والسليمانية ويسعى إلى توحيد هذه المناطق مع سوريا والعراق من خلال تجاهل الحدود”.
وطالب فيدان حكومة السوداني الاعتراف بشكل رسمي بأن حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية”.
وسبق أن حذر مسؤولون من تبعات استمرار سيطرة الميليشيات المصنفة إرهابيًا على سنجار وما يترتب على ذلك من فوضى وانهيار للأوضاع الأمنية في القضاء.
وقال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، إن “اتفاقية تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار، وطرد المسلحين منها ثم إعادة النازحين إلى المدينة، كانت ضمن الاتفاقات السياسية التي عقدها الحزب الديمقراطي مع تحالف الإطار التنسيقي إلا أن هناك تنصلا وإهمالا يبدو متعمّدا لتطبيق هذا الاتفاق”.
وأضاف أن “تعطيل هذا الاتفاق يسمح للمسلحين بالاستمرار في ممارسة النشاطات العسكرية الضارة بالمدينة والوضع العام في محافظة نينوى وإقليم كردستان، ويعني مواصلة هذه الجماعات العبث في سنجار، وتعطيل عملية الإعمار التي من المفترض أن تبدأ بها الحكومة عقب تطبيق الاتفاق، بالتالي فإنّ رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مطالب بتنفيذ الاتفاق”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى