أخبار الرافدين
تقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

إنهاء عضوية الحلبوسي يزيد الصراعات على الحصة الأكبر من مغانم الحكومة

قرار المحكمة الاتحادية بإقصاء رئيس مجلس النواب الحالي يكشف عن انهيار آخر حصن في مفهوم الدولة متمثلا بالقضاء، عندما أصبح أداة بيد القوى والأحزاب السياسية لتنفيذ مآربها في قرارات قضائية.

بغداد- الرافدين
يضيف قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق، بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب الحالي محمد الحلبوسي، مزيدًا من الوهن للتحالفات القائمة في العملية السياسية ويكشف عن الصراعات المتصاعدة للظفر بالحصة الأكبر من مغانم الحكومة. كما يهدد انتخابات مجالس المحافظات المؤمل إجراؤها في الثامن عشر من كانون الأول المقبل.
ويعد الحلبوسي أحد مختطفي الرأي العام للمحافظات الغربية في العراق، وكان شريكًا فاعلًا على مدار سنوات في تمرير أجندة الأحزاب السياسية المدعومة من إيران وقدم لها تنازلات سياسية ووطنية على حساب جراح أبناء المدن المنكوبة.
ويكشف قرار المحكمة الاتحادية انهيار آخر حصن في مفهوم الدولة متمثلًا بالقضاء، عندما أصبح أداة بيد القوى والأحزاب السياسية لتنفيذ مآربها في قرارات قضائية.
ويتساءل الشارع العراق إذا كان قرار إنهاء عضوية الحلبوسي بناء على دعوى تزوير تقدم بها أحد النواب، فهل يستطيع القضاء تزكية أي من لصوص الدولة والمزورين الكبار الذين يقودون العملية السياسية.
ويجمع العراقيون على أن الجميع في سدة الحكم شركاء في عمليات التزوير وسرقة الدولة وانهيار مؤسساتها وتبرئة اللصوص والقتلة في صفقة سياسية مكشوفة بين أحزاب وميليشيات ائتلاف إدارة الدولة.
ويعزون إقالة الحلبوسي إلى سياسة الانتقام الطائفية الكامنة بين القوى والأحزاب السياسية، وأن تعبير “ائتلاف إدارة الدولة” الذي شكل حكومة محمد شياع السوداني، مجرد تسمية زائفة لصراع على مغانم الدولة بين أحزاب وميليشيات اختطفت السلطة في زمن شاذ من تاريخ العراق السياسي.


كرم نعمة: محمد الحلبوسي الذي لا يخفي البعض من العراقيين إعجابهم بأناقته (كأفندي) وسط رجال الطوائف لا يمثل النموذج الوطني الذي تنتظره البلاد، سواء أراد ذلك أم عجز عن الوصول إليه، لأنه خاضع لتقسيم طائفي لا يمكن العبور عليه

واعتبر الباحث في الشأن السياسي العراقي، فراس إلياس، القرار “جزءًا من سياسة الإقصاء”، قائلا في تدوينة على منصة “إكس” إن “ثقافة الإقصاء جزء من هوية النظام السياسي في العراق، وأنه قد يتم إنهاء عضويتك أو اجتثاثك لأي سبب كان، لكن أن تسلم ثلاث محافظات لداعش فهذه قمة الوطنية”، في إشارة إلى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
ويكشف إقصاء الحلبوسي عن السياسية التي تتخذها أحزاب الإطار التنسيقي الذي يضم القوى والميليشيات الولائية، والنظرة الطائفية والهامشية لما يسمى بـ “الشركاء السنة” في العملية السياسية.
ويؤكد أيضًا على أن ما يسمى بـ “الشركاء السنة” هم مجرد هامش للصورة المتهرئة للعملية السياسية لإضفاء نوع من الشركة الزائفة. وإن ما يسمى الأحزاب السنية مجرد أداة خانعة لكبار لصوص الدولة من أحزاب وميليشيات إيران في العراق. وأن لا دورًا سياسيًا لهم بعد أن عجزوا عن استعادة المدن المخطوفة من قبل ميليشيات الحشد وفشل إعادة المهجرين إلى بيوتهم وأراضيهم المستلبة والتغاضي عن كشف قتلة آلاف المختطفين من مدن غرب العراق.
وقال الكاتب السياسي مصطفى سالم “حرس خامنئي عزل الحلبوسي قضائيًا، ويبدو ذلك ضربة قوية لكنها ليست صعبة، فهو ضمن عملية سياسية فاسدة بالكامل، والقضاء يشبه فرق الموت”.
وأضاف سالم “المرحلة حرجة لطهران إقليميًا والعراق تريده مجرد ميليشيا في وجه السفيرة الأمريكية والعرب، وتستند على أن (الشيعة) اتخذوا قرارهم بالولاء لإيران منذ عشرين عاما”.
ويتوقع سياسيون عراقيون أن قرار المحكمة بإنهاء عضوية الحلبوسي سيقلب موازين القوى في البلاد وسيؤثر على نتائج الانتخابات المرتقبة، كما يتوقع تأجيلها خصوصًا بعد موقف التيار الصدري المطالب بمقاطعتها.
وأجرى الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الأحزاب والميليشيات الولائية لقاءات واتصالات، في محاولة لإيجاد هامش جديد من “القوى السنية” منها تحالف العزم، والسيادة، والحل لشغل موقع الحلبوسي في البرلمان وداخل ائتلاف إدارة الدولة.
ويسعى الإطار التنسيقي في دعم قرار إقصاء الحلبوسي لتعزيز نفوذ الأطراف الحليفة له وطرح “قيادات سنية” جديدة خانعة لسياسة الإطار.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، الثلاثاء قرارًا بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي .


مصطفى سالم: حرس خامنئي عزل الحلبوسي قضائيًا، ويبدو ذلك ضربة قوية لكنها ليست صعبة، فهو ضمن عملية سياسية فاسدة بالكامل، والقضاء يشبه فرق الموت

وجاء في البيان الذي نشر على الموقع الرسمي للمحكمة أنها “قررت إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد ريكان الحلبوسي اعتبارًا من تاريخ صدور الحكم في الرابع عشر من تشرين الثاني 2023. كما اتخذت المحكمة قرارًا مماثلا بحق النائب ليث مصطفى حمود الدليمي الذي أقام الدعوى” وفقا للبيان.
وبدأت المحاكمة في شباط الماضي أمام المحكمة الاتحادية العليا، بعد شكوى تقدم بها النائب ليث الدليمي.
واتهم الدليمي رئيس البرلمان بـ “تزوير” تأريخ طلب استقالة باسمه قدم سابقًا، بهدف طرده من البرلمان.
والدليمي، وهو أصلا نائبًا كان ينتمي إلى حزب تقدم الذي يتزعمه الحلبوسي، اتهم رئيس البرلمان في بيان بإنهاء عضويته كنائب في كانون الثاني عبر “أمر نيابي غير قانوني”.
ووصف الحلبوسي القرار بانه “غريب”، مضيفًا “للأسف هناك من يسعى الى عدم استقرار البلد”.
وعبر عن استغرابه من صدور هذه القرارات، وعدم احترامهم للدستور.
وتعليقا على القرار القضائي، ندد حزب تقدم في بيان بما اعتبره “خرقًا صارخًا للدستور واستهدافًا سياسيًا”.
وردا على ذلك، أعلن الحزب استقالة وزرائه الثلاثة من الحكومة، علما أنهم يتولون حقائب الثقافة والتخطيط والصناعة، مؤكدا أيضا أنهم سيقاطعون جلسات مجلس النواب.
وتؤدي استقالة وزراء التخطيط والصناعة والثقافة إلى زعزعة استقرار حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني الذي تولى السلطة قبل عام بدعم من ائتلاف تقوده مجموعة من أحزاب الإطار التنسيقي.
ويشكل حكم المحكمة العليا تطورا آخر في العملية السياسية التي تشهد اضطرابات وصراعات وانتقامات طائفية، حيث تؤدي الانقسامات الداخلية إلى تشكيل وكسر التحالفات بين الأحزاب الرئيسية وزعماء التحالفات السياسية.
وغالبا ما تكون الانتخابات وتعيين المسؤولين في أعلى المناصب عمليات شاقة تخضع للمساومات وصفقات بيع المناصب في أكبر عملية فساد سياسي، ويمكن أن تستمر عدة أشهر، وتعقدها مفاوضات لا نهاية لها مع صعوبة كبيرة في التوصل إلى اتفاقات.
ويهيمن على البرلمان الذي يضم 329 نائبًا حاليًا ائتلاف من الأحزاب الموالية لإيران، وحتى داخل هذا التحالف توجد انشقاقات.


فراس إلياس: إنهاء عضوية الحلبوسي جزء من سياسة الإقصاء، وهي جزء من هوية النظام السياسي في العراق، فقد يتم إنهاء عضويتك أو اجتثاثك لأي سبب كان، لكن أن تسلم ثلاث محافظات لداعش فهذه قمة الوطنية

ومع انتخاب 37 نائبًا من حزب تقدم خلال الانتخابات التشريعية لعام 2021، تولى الحلبوسي زعامة ائتلاف داخل البرلمان، قبل حدوث انشقاقات في معسكره.
وحصل الحلبوسي، المحافظ السابق لمحافظة الأنبار، على أول ولاية له كرئيس للبرلمان في عام 2018، بدعم من الكتل الموالية لإيران. وبدأ صعوده السريع، وأصبح لاعبًا رئيسيًا على الساحة السياسية، ومحاورا للعديد من المستشاريات الغربية والعربية.وانتخب الحلبوسي رئيسا للمجلس للمرة الثانية في كانون الثاني 2022 في أعقاب انتخابات برلمانية مبكرة أجريت في تشرين الأول 2021.
غير أن الكاتب السياسي العراقي كرم نعمة قدم قراءة لشخصية الحلبوسي السياسية بعد اختياره لرئاسة البرلمان واصفا إياه بـ “زعيم السنة في العراق كما تريده إيران” ويبدو اليوم انتهت مهمته العراقية وفق المواصفات الإيرانية لذلك ستبحث عن بديل له.
وقال كرم نعمة “الحلبوسي الذي لا يخفي البعض من العراقيين إعجابهم بأناقته كـ (أفندي) وسط رجال الطوائف، لا يمثل النموذج الوطني الذي تنتظره البلاد، سواء أراد ذلك أم عجز عن الوصول إليه، لأنه خاضع لتقسيم طائفي لا يمكن العبور عليه وفق اتفاقات المنطقة الخضراء المبرمة بين السياسيين الفاسدين”.

انتهت مهمتك!

 

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى