أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.. نساء العراق بلا حماية وحقوق

يسجل العراق ارتفاعًا كبيرًا في حالات العنف الأسري بلغت نحو 100 حالة يوميًا، في ظل الأزمات الاقتصادية والأمنية والإهمال الحكومي لهذا الملف.

بغداد – الرافدين
حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني من كل عام يومًا دوليًا للقضاء على العنف ضد المرأة، وتسليط الضوء على أشكال العنف التي تتعرض لها النساء ودور الحكومات والمجتمعات في مواجهتها.
ويمر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة مع ارتفاع كبير في حالات العنف الأسري في المجتمع العراقي لأسباب اجتماعية واقتصادية وغياب الحلول الحكومية للحد من هذه الظاهرة التي بدأت بالتفاقم بعد العام 2003 مهددة وجود الأسرة العراقية.
ومنذ العام 2003 تفاقمت ظاهرة العنف الأسري في العراق لأسباب كثيرة، حيث تتصدر النساء قائمة حالات التعنيف ويليها الأطفال، بحسب البيانات الرسمية.
وتشهد المحافظات العراقية لا سيما محافظات الوسط والجنوب ارتفاعا في حالات العنف الأسري مع استمرار الأزمات الاقتصادية والأمنية وعدم وجود قانون رادع.
وتشير إحصائيات وزارة الداخلية إلى أرقام خطيرة عن حالات العنف الأسري، حيث كشفت الوزارة عن تسجيل نحو 100 حالة عنف أسري يوميا في البلاد ما يعني 3000 حالة شهريا، في مؤشر على استمرار هذا النوع من العنف الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة، وسط غياب للمعالجات.
ووفقا لتصريحات مديرية حماية الأسرة والطفل من العنف الأسري، التابعة لوزارة الداخلية فإن معدل حالات اعتداء الزوج على الزوجة ضمن ظاهرة العنف الأسري في البلاد بلغ 57 بالمائة من إجمالي الحالات، أما اعتداء الزوجة على الزوج فقد بلغت نسبته 17 في المائة، واعتداء الأبوين على الأطفال وصلت نسبته إلى 6 بالمائة، والاعتداء على كبار السن كالجد والجدة بلغ 2 في المائة، وما تبقى ونسبته 18 في المئة يتنوع بين ما سبق بارتفاع وانخفاض وكذلك اعتداء إخوة على إخوتهم وأخواتهم أو العنف اللفظي.
ويؤكد حقوقيون أن النسب التي أعلنت عنها وزارة الداخلية المخيفة والمرتفعة لا تغطي كافة جرائم العنف المجتمعي والأسري، والأرقام الحقيقية هي أضعاف ما تضمنته إحصائية وزارة الداخلية.
ووفقًا لتقارير دولية يعد العنف ضد النساء والفتيات أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا واستمرارا في جميع أنحاء العالم. ولكن لا يزال معظمه غير مبلغ عنه بسبب انعدام العقاب والصمت.
وبين حقوقيون أن قسمًا كبيرًا من حالات التعنيف والضرب والإهانة بحق النساء والأطفال، تبقى طي الكتمان ولا يتم التبليغ عنها، لهذا فالرقم بلا شك يصل لمئات وربما آلاف حالات التعنيف يوميًا، والتي تنجم عن بعضها وفيات أو إصابات بعاهات مستديمة وتشوهات عميقة، إضافة لآثارها النفسية الرهيبة على الضحايا.
واتهم مختصون الحكومة بإهمال ملف العنف الأسري وعدم وضع خطط لمعالجته، حيث لم تذكر مديرية حماية الأسرة والطفل أي خطوات أو خطط للحد من جرائم العنف المتصاعدة.
وقالت الباحثة في الشأن المجتمعي، سهاد المعموري، إن “جرائم العنف الأسري تتصاعد بشكل مستمر في العراق، والأمر يعود لعدم وجود معالجات واهتمام من قبل الحكومة”.
وأضافت المعموري، أن “الجهات المختصة تتحدث عن إحصاءات الجرائم، ولا تتكلم عن حلول، في وقت أن مسؤولية معالجة الملف تقع على عاتقها”.
وأشارت إلى أنه “على وزارة الداخلية أن تعمل بالتنسيق مع المؤسسات الإعلامية والجامعات ومنظمات المجتمع المدني على محاربة الظاهرة، من خلال حملات وندوات ومؤتمرات تثقيفية مستمرة، خاصة في الجامعات والمدارس، لتحجيم الظاهرة”.
وتقف أسباب كثيرة وراء تزايد العنف الأسري في العراق أبرزها البطالة والوضع الاقتصادي الذي تعانيه الأسرة وعدم القدرة على تلبية متطلبات الحياة فضلا على الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي وتعاطي المخدرات.
وقالت الإخصائية النفسية شهرزاد العبدلي، إن “من أسباب تزايد حالات العنف الظروف السيئة التي تمر بها البلاد فضلا عن التهجير والظروف الاقتصادية الصعبة؛ لارتباط العنف بالحالة النفسية”.
وأضافت العبدلي، أن “هناك العديد من أوجه التعنيف ولا يقتصر على الجانب البدني وقد يتعدى لأوجه أخرى مثل التعنيف النفسي وحتى الاقتصادي في حال حرمانهم من المال أو إجبار الأطفال على العمل تحت ظروف صعبة، واستغلال الأطفال والبنات من أجل الأموال”.
ويؤدي العنف الأسري في كثير من الحالات إلى الطلاق والتشرد والأمية وضياع مستقبل الأبناء، حيث شهدت نسب الطلاق في البلاد ارتفاعا بسبب التعنيف وغيره من الأسباب، يصل إلى 7 آلاف حالة شهريا.
وخلال العام 2022 تم تسجيل 5292 حالة عنف أسري في مختلف مناطق البلاد، الأمر الذي أدى إلى الوفاة في بعض الحالات، مع استمرار معاناة المرأة في ظل الفوضى وضياع الحقوق السائدة في العراق.
وسبق أن ذكر قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق، أن المرأة من أولى ضحايا السياسات التي انتهجت بعد الاحتلال والممارسات التي تقوم بها أجهزة السلطة. فقد توالت الإجراءات والتشريعات من أجهزة السلطة التي تحطّ من مكانة المرأة.
وأوضح تقرير قسم حقوق الإنسان في الهيئة، أنه قدم إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تفاصيل تعرض عدد غير قليل من المعتقلات إلى الاعتداء من قبل الحراس أو الموظفين الرسميين، ولم تتخذ السلطات أية إجراءات لمعاقبة المجرمين، بل قامت بالدفاع عنهم والتستر على هذه الجرائم البشعة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى