أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

حكومة الإطار التنسيقي لا تبالي بمعاناة الفلاحين جراء الجفاف

المجلس النرويجي للاجئين يحمّل حكومة السوداني المسؤولية في عدم كفاءة إدارة الموارد المائية المتناقصة في العراق.

بغداد- الرافدين
حمّل المجلس النرويجي للاجئين مسؤولية تراجع الزراعة في العراق إلى “إدارة الموارد المائية” في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني خصوصًا “ممارسات الري في العراق وعدم الكفاءة في استخدام الموارد المائية المتناقصة”.
وذكر تقرير المنظمة بأن “نحو 70 بالمائة من المزارعين الذين شملهم مسح أجري خلال الأشهر الماضية” يقولون “إنهم يستخدمون الري بالغمر”، وهي طريقة تعتبر على نطاق واسع “الأكثر استهلاكاً للمياه” وغير مناسبة للمناطق “المعرضة للجفاف الموسمي”.
واقترح المجلس النرويجي للاجئين تحسين الإمكانات الزراعية عبر “رصد وتنظيم وتوزيع الموارد المائية”.
وحذّر مدير المكتب الوطني للمجلس أنتوني زيليكي من “تغيّر مناخ العراق بشكل أسرع من قدرة الناس على التكيّف”.
ويعاني ستون بالمائة من الفلاحين في العديد من المحافظات العراقية جراء تقليص المساحات المزروعة وخفض كميات المياه المستخدمة، وفقا لاستطلاع أجرته منظمة “المجلس النرويجي للاجئين” غير الحكومية، داعية السلطات إلى إدارة الموارد المائية بشكل أفضل.
وكشف مسج أجراه المجلس أن دخل بعض المزارعين زاد في 2023 مقارنة بالعام 2022، عازيًا الفضل في ذلك إلى هطول الأمطار بنسبة “أعلى من التقديرات” الأولية، مما أدى لتحسن معدلات المحاصيل.
وأجرت المنظمة الدراسة خلال تموز وآب في أربع محافظات عراقية، بناءً على نتائج الحصاد وتأثير الجفاف على الأسر، وقابلت خلالها 1079 شخصًا. وكانت 40 بالمائة من العيّنة من النساء، و94 بالمائة من المستطلعين من سكان المناطق الريفية.
وخلال 2023، استمرت قضايا “الحصول على المياه” في “التأثير على الإنتاج الزراعي”، وفقًا للمسح الذي أكد أن “60 بالمئة من المزارعين اضطروا لزراعة مساحات أقل من الأراضي أو لاستخدام كميات أقل من المياه بسبب أحوال الطقس القاسية” في محافظات شمال البلاد (نينوى، كركوك، صلاح الدين)، وفي الأنبار (غرب).
وأكدت المنظمة “اضطر أربعة من كل خمسة أشخاص من بين أولئك الذين شملهم الاستطلاع في المجتمعات الزراعية في نينوى وكركوك، إلى خفض إنفاقهم على الغذاء خلال الأشهر الـ12 الماضية”.
وأتى نشر الدراسة قبل أيام من انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب28) الذي تستضيفه دبي بين 30 تشرين الثاني و12 كانون الأول.
وفي ظل انحسار كمية الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، يعاني العراق جفافًا للسنة الرابعة على التوالي. وتندّد السلطات العراقية بسدود تبنيها تركيا وإيران على نهري دجلة والفرات، تتسبب بانخفاض منسوب النهرين وروافدهما حينما يصلان إلى العراق.
وأطلقت منظمات دولية تحذيرات عن قرب نفاد المياه الجوفية المخزنة في العراق مع تزايد معدلات حفر الآبار بدون تخطيط مسبق، ما يمثل خطرًا على التوازن البيئي، لافتين إلى صعوبة تحديد موعد نفاده، إلا أن الأدلة المتاحة حاليًا تشير إلى انخفاضها لمستويات خطيرة جدًا، وغالب الحقول المائية أصبحت الآن تستنفذ بشكل أسرع مما يمكن تعويضه.
وأكدوا “أن الاعتماد على المياه الجوفية لا يعد البديل الأنسب لمياه الأنهار على المدى المتوسط والبعيد، وأن العراق لا يراقب مستويات المياه الجوفية ولا يملك الأدوات التي تمكنه من معرفة كميتها وما يتم الاستحواذ عليه منها عبر الآبار التي يستخدمها المواطنون”.
وأكد الخبير المائي ومستشار لجنة المياه والزراعة النيابية عادل المختار أن “هناك عدة مؤشرات تؤكد انخفاض مستوى المياه الجوفية وبدئها بالنضوب، وأن المياه الجوفية تعتبر هي الخزين المائي للعراق والتي لا يجب استخدامها إلا في حالات الطوارئ وشحة المياه، ولكن ما حصل هو عمليات التجاوز الكبيرة على المياه الجوفية خلال الفترة الأخيرة، حيث يتم استعمال المياه في الري السيحي من قبل بعض المزارعين وهذه تعتبر كارثة يجب معالجتها قبل خروجها عن السيطرة”.
وأضاف المختار أن “هناك عدة مؤشرات تؤكد انخفاض مستوى المياه الجوفية منها انخفاض مناسيب المياه في بحيرة عين ساوة في السماوة وعين التمر كربلاء وعين ترمة في شقلاوة إضافة إلى جنوب سامراء وشرق سنجار، وأن استنزاف المياه الجوفية خطير جدًا كونه من الصعب تعويضها لذلك يجب تركها كخزين في الأزمات واستخدامها لأغراض الشرب فقط”.

هذا حال بلاد النهرين تحت وطأة الفشل الحكومي
وقال مدير مركز التغير المناخي في معهد واشنطن للدراسات محمد محمود “العراق لا يقوم بقياس نسب مياهه الجوفية، وهو من ضمن البلدان الأكثر تأثرًا بعمليات استغلال المياه الجوفية نظرًا لعدم وجود دراسات محلية تتابع نسب المياه المخزنة وكمية ما يتم استخدامه منها الآن”.
ويرى مدير المعهد الألماني للموارد الطبيعية رامون برنفيوهرر أن المياه الجوفية الموجودة في العراق هي “مياه أحفورية” حيث لا يمكن الاستعاضة عن هذه المياه في حال استغلالها كما هي العادة مع المياه الجوفية في مستوياتها الأعلى والتي يمكن تعويضها عبر الموارد الطبيعية الأخرى.
وأكد أن المياه الأحفورية في العراق يتم استخدامها الآن، الأمر الذي يمثل خطورة على التوازن البيئي وخصوصًا أن العراق من الدول الخمس على مستوى العالم بالتأثر السلبي بالتغير المناخي الحالي
ويعد الخبير المائي حسام الربيعي موضوع المياه الجوفية في العراق من المواضيع المعقدة فهي بدأت تقل في السنوات الأخيرة بسبب السحب لأغراض الزراعة، وتحتاج إلى تعويض عبر التساقط المطري، وهو ما لا يحصل بسبب تراجع نسب الأمطار بشكل عام في العراق
ويصف الربيعي السحب لأغراض الزراعة بـ”السلاح ذي الحدين” قائلًا “من جهة لدينا تصحر ونحن بحاجة إلى المياه لزراعة غطاء أخضر، ومن جهة أخرى لدينا استنزاف للمياه الجوفية، هنا يأتي دور الحكومة إذ يقع عليها واجب الإدارة الرشيدة للمياه السطحية والجوفية على حد سواء”.
وأكد الربيعي على الحاجة الملحة لإدارة حقيقية للمياه الجوفية بحيث تكون لدينا القدرة على التحكم بكميات المياه الجوفية المتجددة من خلال حصاد الأمطار المتساقطة سنويًا وهذا لا يحصل في العراق حاليًا.
ويقع العراق ضمن الدول الـ25 الأكثر تعرضًا للإجهاد المائي وفقًا لتقرير معهد الموارد العالمية الذي صدر في منتصف شهر آب الماضي.
وحذر التقرير من المخاطر المحدقة بوظائف الإنسان وصحته والمحاصيل الزراعية وتربية الماشية وأمن الطاقة.
وأشار إلى أنه “في حال غياب إدارة فعالة للمياه، فإن النمو السكاني والأنشطة الاقتصادية والتغير المناخي، أمور ستفاقم من الإجهاد المائي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى