أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عصابة احتيال تُوقع بأكثر من 800 معتمر بشباكها دفعة واحدة

فساد حكومات الاحتلال ينعش عمليات النصب والاحتيال بعد تحولها إلى ظاهرة مقلقة في السنوات الأخيرة يذهب ضحيتها المواطن البسيط ممن يقع ضحية للاستغفال بطرق مبتكرة.

بغداد – الرافدين

أثارت قضية تعرض أكثر من 800 معتمر لعملية نصب واحتيال من قبل شركة وهمية للسفريات في بغداد المخاوف بين أوساط العراقيين من تبعات هذه الظاهرة الآخذة بالاتساع بشكل كبير في ظل بيئة خصبة أوجدتها الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال وأحزابها بعد 2003.
وشغلت قضية تعرض مجموعة من المواطنين ممن تقدموا لأداء العمرة لدى شركة تتخذ من منطقة المنصور مقرًا لها الرأي العام خلال الساعات الماضية بسبب جرأة القائمين على هذه الشركة والطريقة التي سحبوا بموجبها نحو 300 ألف دولار من جيوب المواطنين الذين خدعوا بالبرنامج الخاص بالعمرة الذي روجته الشركة في ظل غياب الرقابة الحكومية.
وأبدى المواطنون الذين تحولوا بين ليلة وضحاها إلى ضحايا لعملية نصب واحتيال مبتكرة، مخاوفهم من استخدام القائمين على هذه الشركة لمستمسكاتهم لأغراض غير قانونية لاسيما تلك المتعلقة بعمليات تهريب الدولار التي تعتمد على المستمسكات والأوراق الثبوتية الشائعة مؤخرًا في عمليات تهريب العملة الصعبة للخارج.
وتفاجأ عراقيون في الفترة الأخيرة، بأنهم مطالبون بدفع ضرائب بمبالغ كبيرة للدولة، على الرغم من أن بعضهم من الكسبة وآخرين موظفون في دوائر صغيرة، بل إن بعضهم عاطلون عن العمل أصلًا، وذلك من جرّاء عمليات تحويل مبالغ مالية كبيرة بالعملة الصعبة إلى خارج البلاد عبر شبكات متخصصة بالتهريب من خلال استغلال هوياتهم وأسمائهم دون علمهم.
وتتكرر هذه الحالة في أكثر من محافظة، حتى بات العراقيون يخشون من منح نسخ من هوياتهم في بعض المعاملات المالية، ومنها مكاتب الصرافة وتحويل الأموال الداخلية.
وسبق أن كشف النائب سوران عمر، عن قيام سماسرة باستغلال 5000 مواطن من محافظات كردستان العراق بتأسيس شركات وهمية لتهريب الدولار عبرهم في شكل آخر من أشكال عمليات النصب والاحتيال الآخذة بالتزايد بشكل لافت.
وقال إن “هناك 5 آلاف شخص من السليمانية من ذوي الدخل المحدود قام بعض الدلالين بنقلهم إلى بغداد واخذوا مستمسكاتهم وتوقيعاتهم لتوكيل محامين لتأسيس شركات تجارية مقابل 200 دولار لكل فرد”.
وبين أن “رأس مال تلك الشركات يصل إلى أكثر من مليار دينار، وقد قام محامو أولئك الاشخاص ببيع أسهم تلك الشركات عن طريق التوكيل الذي حصلوا عليه من قبل المواطنين الذين تم استغفالهم، والآن تلك الشركات تأخذ الدولار من سوق العملة والبنك المركزي العراقي بحجة التجارة علمًا أن تلك الشركات هي شركات وهمية ولا وجود لها”.
وتابع النائب “أما المواطنون الذين تم استغفالهم فهم مطلوبون من قبل الأجهزة الأمنية وقد قطعت وزارة التجارة الحصة التموينية عليهم بحجة أن وارداتهم الشهرية تفوق مليوني دينار، لهذا يتطلب التدقيق بمنح الترخيصات الرسمية للشركات التي تم تأسيس عشرات الآلاف منها في كردستان العراق على نحو العام”.

عصابات النصب والاحتيال تستغل الأوراق الثبوتية للمواطنين ومستمسكاتهم بعمليات تهريب الدولار بطرق ملتوية

وانتشرت في السنوات الأخيرة، ظاهرة الاحتيال على المواطنين عبر أساليب يُصعب إثبات واقعة الجريمة فيها، ما يؤدي إلى تكبد الضحايا خسائر فادحة، فيما يفلت المتهمون من العقوبة دون محاسبة.
وفي شهر حزيران الماضي تعرض عدد من حجاج بيت الله الحرام الى عملية نصب واحتيال على غرار عملية النصب التي تعرض لها المعتمرون قبل أيام من قبل شركة للسفر والسياحة بعد منحهم تأشيرة سياحية بقيمة 9 الآف دولار للشخص الواحد.
ونشر الكاتب أمين ناصر تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيها “وصل عدد من الحجاج العراقيين المضحوك عليهم للأسف إلى مطار بيروت على متن خطوط جوية عراقية تابعة لشركة أور”.
وأوضح أن “هؤلاء الحجاج قدموا (ترانزيت) على أساس أن الشركة حجزت لهم تذاكر وفيز لحج بيت الله الحرام”.
واستدرك قائلًا “لكن المفارقة وحين وصول الحجاج لمطار بيروت، منعهم الأمن العام اللبناني من السفر الى مكة المكرمة وذلك لأن التأشيرات التي حصلوا عليها هي سياحة وليست للحج”.
وأشار إلى أن “الأمر يتنافى مع شروط فيزة الحج المعتمدة لدى السلطات السعودية”، مبينًا أن “الغريب بالأمر قيمة هذه التأشيرة والتي بلغت للفرد الواحد 12 مليون دينار عراقي أي ما يعادل تسعة آلاف دولار أميركي!!”.
وتابع “حينما علمت بالأمر من قبل شخص عراقي معروف يقيم بالخارج كون شقيقته من بين المنصوب عليهم بادرت إلى الاتصال بالعميد حسن شقير نائب رئيس جهاز أمن الدولة والذي سارع بدوره إلى الاتصال بمدير عام الأمن العام اللبناني مشكورًا وتم إدخال بعضهم إلى بيروت بإقامة مؤقتة حتى عودتهم للعراق وإعادة البعض الآخر عبر الخطوط الجوية العراقية إلى بغداد بمساعدة مدير مكتب الخطوط الجوية العراقية في لبنان”.
ويُطلق على هؤلاء المحتالين في الشارع العراقي لقب (56)، الذي جاء نسبة الى المادة القانونية في القانون العراقي، وهو قانون النصب والاحتيال، المادة 456 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، واختصارًا تم إطلاق 56 على المادة القانونية 456.
وتُعاقب هذه المادة بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات (حسب جسامة الفعل وخطورته) بحق كل من استعمل طرقًا ووسائل لخداع المواطنين والاحتيال عليهم، وأدى هذا الفعل إلى حصول منافع مادية أو معنوية لمرتكب الاحتيال.

عصابات الاحتيال تتستر خلف عناوين حكومية وتنتحل صفة ضباط كبار للإيقاع بضحاياها

وتتنوع عمليات الاحتيال التي باتت أشبه بالمهنة لدى البعض حتى وصل بهم الحال إلى انتحال صفات، أبرزها صفات لضباط جيش، أو عناصر شرطة أو مستشارين حكوميين أو أطباء أو محامين، وأحيانًا موظفين لدى مكاتب مسؤولين حكوميين.
ويقدم هؤلاء على استغلال المواطنين بأشكال مختلفة بهدف الحصول على المال، منها وعود بالتوظيف أو تسهيل إتمام معاملات رسمية أو إجراءات حكومية، وقد تكون دوافع النصب والاحتيال تحقيق غايات شخصية واجتماعية.
ويرى الناشط السياسي أيوب سامان، إن “جريمة انتحال الشخصية أو الصفة تعد إحدى أخطر الجرائم التي تؤثر على الثقة بين الناس”.
ولفت إلى أن ظاهرة انتحال الصفة باتت تزداد على الرغم من إعلان السلطات الأمنية مرارًا اعتقال هؤلاء.
ويوضح أن “هناك أنواعًا كثيرة لمثل هذا الاحتيال، أبرزها انتحال الصفات الأمنية والحكومية للنصب على الراغبين بالتعيينات في مقابل الحصول على مبالغ مالية، وكذلك صفات اجتماعية مثل المصلحين الاجتماعيين ووجهاء العشائر الذين عادة ما يتدخلون بين أسرتين متنازعتين ويحصلون على المال في مقابل حل المشكلة، وسرعان ما يختفون بعد الحصول على المال”.
ويضيف أن “ازدياد هذه الحالات يُشير إلى ضعف القانون والاستخفاف به، بدليل أن مثل هذه الحالات تحدث داخل دوائر ومؤسسات الدولة، مثل المستشفيات ومديريات المرور، ولا مبالغة في القول إن بعض هؤلاء يتواجدون داخل المنطقة الخضراء، ويمارسون النصب والاحتيال على موظفين ومراجعين وأن بعض الذين يمارسون انتحال الصفات اختاروا صفات حساسة كمستشارين في رئاسة الحكومة والبرلمان والسلطات القضائية”.
بدوره، يبين المحامي علي التميمي أن “القانون العراقي يتعامل مع انتحال الصفة على أنها جريمة مركبة، كونها تشمل الاحتيال والانتحال وبالتالي فإن العقوبة مشددة، وتزداد شدة في حالة انتحال الصفات الأمنية”.
وأكد على أن “القانون يعاقب بالسجن 10 سنوات على جريمة انتحال الصفات، فيما اعتبر الانتفاع المادي من جراء ذلك ظرفًا مشددًا يجيز لمحكمة الجنايات تشديد العقوبة بالسجن والغرامة”.
وأوضح أن “حالات انتحال الصفة لم تعد موجودة على أرض الواقع فقط، بل باتت مواقع التواصل الاجتماعي مساحة لمنتحلي الصفات وأنه يتوجب على المشرع العراقي أن يكون أكثر صرامة في التعامل مع هؤلاء، لأنهم يتسببون غالبًا بفقدان الثقة بالسلطات والقوات الأمنية”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى