أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حكومة السوداني توشك على تجريف مقبرة الشيخ معروف الكرخي التأريخية

عشرون ألف قبر مهدد بالتجريف بعد قرار وزارة الإعمار والإسكان إزالة أجزاء من مقبرة الشيخ معروف الكرخي بحجة فك الاختناقات المرورية، متجاهلة قيمة المقبرة التأريخية.

بغداد – الرافدين
أثار إعلان وزارة الإعمار والإسكان إزالة جزء من مقبرة الشيخ معروف الكرخي التاريخية في العاصمة بغداد بحجة تنفيذ مشاريع فك الاختناقات المرورية، غضب واستنكار ذوي المتوفين والأوساط الشعبية لقيمة المقبرة التاريخية المرتبطة بهوية بغداد.
وزعمت وزارة الإعمار والإسكان أنه لا بد من إزالة مساحة 20 مترًا من القبور في مقبرة معروف الكرخي للمباشرة بتنفيذ مشروع مجسر الطلائع وربطه بطريق البيجية.
ومنحت الوزارة ذوي المتوفين، الذين تقع قبورهم ضمن مساحة تبلغ 20 مترًا التي حددتها الوزارة موعدًا إلى 15/12/2023، لنقل جثامين ورفات المتوفين، دون أن تعرض المساعدة المادية، أو تحديد بديل لأماكن القبور.
ولاقى القرار استهجانا كبيرا من العراقيين كون المقبرة وقفًا إسلاميًا لا يحق للجهات الحكومية التصرف بها، ويأتي قرار وزارة الإعمار بالإزالة في استمرار لسلسلة الانتهاكات التي توصف بالطائفية التي طالت كثيرًا من المعالم والمساجد التاريخية للعراقيين السنة، كان آخرها هدم منارة جامع السراجي التاريخي في البصرة بحجة التوسعة أيضا.
وتظاهر وجهاء ومواطنون من ذوي المتوفين من منطقة الكرخ قرب مقبرة معروف الكرخي بعد تفاجئهم بقرار الإزالة معبرين عن غضبهم ورفضهم لهذا التعدي على حرمة موتاهم.
وقال ذوو المتوفين، إن المساحة التي تعتزم الوزارة على إزالتها مكتظة بالقبور ولا يوجد مكان في المقبرة لنقل الجثامين والرفات إليه، ما يهدد بتجريف 20 ألف قبر إذ إن مساحة العشرين مترًا ستمتد إلى مئات الأمتار على طول المقبرة.
وناشد ذوو المتوفين الجهات المعنية بالتدخل العاجل وإيقاف هذا القرار احتراما لحرمة مواتهم مهددين بالتصعيد والاعتصام لمنع القرار.
وعلى الرغم من الغضب والاستنكار الشعبي العلني زعمت وزارة الإعمار والإسكان عدم وجود أي اعتراض على عملية الإزالة، متجاهلة المطالبات الشعبية والمئات من ذوي المتوفين المعترضين على القرار.
وقال المتحدث باسم الوزارة نبيل الصفار “لغاية الآن لا توجد أي شكوى أو اعتراض من قبل المواطنين على نقل رفات بعض المدفونين في مقبرة الشيخ معروف، وفي حال صدرت هكذا ردود أفعال، فأن الوزارة سيكون لها إجراءات وخطوات”.
وتضم مقبرة الشيخ معروف قبورًا تعود إلى عام 200 هجري، وللعديد من العلماء والشخصيات الإسلامية أبرزهم الشيخ معروف الكرخي، والمفسر المشهور أبو الثناء الآلوسي، والعلامة عبد الرحمن الآلوسي، وعلماء آل السنوي وآل الحريري وعائلات بغداد القديمة وأعيانها، ومفتي بغداد نوري الشيراوني، وقبر والدة الناصر لدين الله العباسي.
وتمتد المقبرة على مساحة واسعة تحيط بمسجد يعرف بجامع ومرقد الشيخ معروف الكرخي المتوفي سنة 200هـ / 815 م، جدد بنائه الخليفة العباسي الناصر لدين الله سنة 622هـ، والجامع عبارة عن رحبة مستطيلة ممتدة من الباب الخارجي إلى باب المصلى.
وتداول ناشطون ومدونون قرار إزالة جزء من المقبرة مستنكرين نبش قبور الموتى، مطالبين الجهات المعنية بوضع حد للانتهاكات المتكررة والتخريب المتعمد الذي يستهدف الأماكن التاريخية والدينية.
ووصف الصحفي العراقي عثمان المختار القرار بالطائفية والانتقائية للنظام السياسي في العراق التي لم يسلم منها حتى الأموات.
وقال المختار إن ” حكومة السوداني ستبدأ بعد أيام تجريف أجزاء من إحدى أقدم مقابر بغداد الموجودة منذ العهد العباسي، مقبرة معروف الكرخي التي تضم قبور كبار علماء وفقهاء ومفكري بغداد وأعيانها يريدون تجريف جزء منها من أجل مد جسر كان بالإمكان تمريره من مكان مجاور وبسهولة”.
وأضاف أن ” السؤال الأكثر صراحة ماذا لو كان الجسر يمر عبر (مقبرة براثا) هل كان الوزير سيتجرأ على نبش القبور؟؟ أتحداه”.
وأشار إلى أن “هذه المقبرة وقف إسلامي ليس لأحد الحق في العبث بها وأخيرا من سيرفع أمواتًا رحلوا منذ قرون؟ أين أهلهم الذين تطالبونهم الحضور لرفعها؟”
وعلق الكاتب الصحفي إياد الدليمي بقوله ” وعلى الضفة الأخرى من ضفاف القهر، يحدث أن تقوم الحكومة بمحاولة لتجريف واحدة من أقدم مقابر بغداد التي تضم رفات علماء وصالحين من القرن الثالث الهجري، والسبب إنشاء مجسر، يحدث هذا عندما تأتي بمسؤولين من باحة خلفية بعيدة لا تعرف عن البلاد وتاريخها أي شيء، لهفي على العراق”.
أما المتحدث باسم مرصد “أفاد” الحقوقي، حسين دلي وصف ما تقوم به الحكومة والميليشيات بانتهاك لحقوق العراقيين السنة وحرمة مقدساتهم أحياء وأمواتا.
وقال دلي “قبل أشهر هدموا منارة جامع السراجي التاريخية بالبصرة التي يبلغ عمرها 300 عام، واليوم يريدون هجم جزء من مقبرة الشيخ معروف الكرخي ببغداد التي تعود لأكثر من 1200 عام”.
ومنذ العام 2003 مارست الحكومات المتعاقبة والميليشيات التابعة لها عمليات تخريب لآثار ومعالم العراق التاريخية لغرض التغيير الديموغرافي وبحجج واهية، ومع عمليات التخريب الحالية تستمر حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بإغلاق عيونها عن تغيير التاريخ بصلافة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى