أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حكومة الإطار التنسيقي تزج بالطلبة للدراسة في إيران خدمة لمصالحها الحزبية

الجامعات الإيرانية ترفض منح أي وثائق لطلبة عراقيين بعد تخرجهم وتتعمد التسويف في إصدار الموافقات والمستمسكات الخاصة بذلك.

بغداد ــ الرافدين
أدان أكاديميون ومراقبون استمرار النهج الحكومي في زج الطلبة للدراسة في إيران وجعلهم فريسة سهلة لعمليات النصب والاحتيال والابتزاز من قبل بعض الجامعات المعترف بها من قبل وزارة التعليم العالي، من دون أن تحمل أي معايير دولية ورصانة في الدراسات الجامعية.
وحذرت نقابات وأكاديميات علمية عراقية من الاستمرار في إبادة التعليم في العراق، والاستهانة بمعايير ورصانة الجامعات المعترف بها في الخارج على حساب مصالح تجارية وحزبية ضيقة.
وشهدت العاصمة بغداد وقفة احتجاجية نظمها طلبة عراقيون أمام السفارة الإيرانية للمطالبة بالحد من حالات “النصب والاحتيال” التي تمارسها الجامعات الإيرانية ضد الطلبة في الخارج.
وأكد الطلبة أنهم أكملوا الدراسات العليا لمدة 3 سنوات وبعد إكمال المناقشة تبين رفض منحهم أي وثائق لهم تثبت تخرجهم، كما أكد بعضهم أن الجامعة الإيرانية تتعمد التسويف فيما يخص إصدار القبولات النهائية والمستمسكات الخاصة بذلك.
ويتعرض الطلبة العراقيون بين الحين والآخر للتهديد والضرب أثناء مراجعاتهم لمعادلة الشهادة الدراسية في لبنان وإيران.
ويتعمد موظفو الجامعات والدوائر الحكومية في تلك الدول على إذلال الطالب العراقي من خلال أسلوب التعامل الحاد، أمام صمت مطبق من قبل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عن مشاهد إهانة الطلاب العراقيين بالخارج.
ويلجأ الطلبة إلى الدراسة خارج العراق على نفقتهم الخاصة، بعد أن خابت آمالهم بقبولهم في الجامعات العراقية، نظرًا لغلاء أجور الدراسة في الداخل، بالإضافة لقلة عدد المقاعد الدراسية المخصصة لهم بواقع مقعد واحد لكل كلية للقبول العام، ومقعدين للقبول الخاص والتي لا تخلو من المحسوبية والحزبية في منح المقاعد لغير أصحابها والمؤهلين علميًا.
واتهم مراقبون وزارة التعليم العالي بالاستحواذ على مقاعد الدراسات العليا وتخصيصها لغير مستحقيها ممن ترقنت قيودهم أو فشلوا دراسيًا وبذرائع مختلفة كأن يكونوا من أقرباء “الشهداء” أو ممن لديهم سجين سياسي أو من ضحايا ما يعرف بـ “الإرهاب.
وكتب الناشط والطبيب المتخصّص في علم النفس هشام الذهبي على حالته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك “معدلي أعلى منه في الماجستير وتقديري في رسالة الماجستير أعلى منه ودرجتي في الامتحان التنافسي في الدكتوراه أعلى منه”.
وتابع لكنه منح مقعدًا لدراسة الدكتوراه لأنه من ضحايا الإرهاب وجرى استثناءه من شرط النجاح في الامتحان التنافسي وأنا سوف أنتظر للسنة القادمة.
واختتم الذهبي تعليقه بعبارة “الرصانة العلمية” في إشارة إلى إجهاز وزارة التعليم الحالي على الرصانة العلمية للجامعات والدراسات العليا في البلاد.
وأشار محمد تحسين سمران وهو طالب ماجستير في الأدب العربي بالجامعة العراقية، إن أبرز أسباب توجه الطلبة العراقيين للدراسة في الخارج هي قلة عدد المقاعد الدراسية التي تحددها وزارة التعليم العالي لكل جامعة.

الدكتور بهروز الجاف: عندما يكون جلب الشهادات من الخارج جزءًا من التجارة السائبة فيتوقع الحصول على أردأ أصناف الشهادات وبأبخس الأثمان

وقال عضو لجنة التعليم العالي النيابية محمد قتيبة البياتي، إن عددًا ليس بالقليل من الطلبة يقدمون طلبات لجامعتهم من أجل المضي بإكمال دراستهم العليا سواء الماجستير أو الدكتوراه ولكن القدرة المتوفرة لاستيعابهم محدودة ولا يمكنها احتواء الجميع.
وأضاف، أن المئات وربما الآلاف يضطرون للسفر إلى دول عدة أبرزها لبنان وإيران وغيرها لإكمال دراساتهم العليا في اختصاصات متعددة، رغم أن مستوى الرصانة في الجامعات العراقية هي أعلى ولكنم مجبرين على هذه الخطوة لعدم وجود مقاعد كافية في الداخل.
وتواصل وزارة التعليم العالي في العراق التي تهيمن عليها ميليشيا العصائب الموالية لطهران في زيادة عدد الجامعات الإيرانية المعتمدة بهدف زج المزيد من الطلبة للدراسة في إيران دون النظر إلى مدى رصانة وجودة الجامعات الإيرانية في التعليم.
وتتصدر إيران قائمة الدول الأكثر استقبالًا للطلبة العراقيين نتيجة للعدد الكبير من الجامعات المعترف بها من قبل وزارة التعليم في العراق.
وبحسب المستشار الثقافي في السفارة الإيرانية ببغداد غلام رضا، فإن عدد الجامعات الإيرانية التي جرى اعتمادها من قبل وزارة التعليم العراقية ارتفع من 33 إلى 62 جامعة.
وقام وزير التعليم العالي نعيم العبودي القيادي في ميليشيا العصائب والحاصل على شهادة من الجامعة الإسلامية في لبنان (التي سبق لوزارة التعليم العالي أن أعلنت قبل أن يتولى مسؤوليتها عدم اعترافها بشهادات تلك الجامعة) بإعادة الاعتراف بعدد من الجامعات اللبنانية والإيرانية.
وقال المستشار العلمي الأسبق في وزارة التعليم أحمد الطائي، إن قرار إعادة الاعتراف بتلك الجامعات كان متوقعًا منذ بداية تسلم العبودي وزارة علمية مهمة في العراق.
وأضاف إن من المفترض أن يرمم العراق علاقته مع دول غربية مختلفة، لفتح مجال الابتعاث لطلابه في مجالات علمية مختلفة أسوة بدول الخليج العربي المجاورة، لكن يظهر جليًا هنا حجم أذى المحاصصة الحزبية على العراق.
وأشار إلى أن منح وزارة التعليم العالي لكتلة صادقون التابعة لجماعة عصائب أهل الحق الحليفة لإيران يجب أن يكون له نتائج سلبية ومنها مراعاة الاعتبارات السياسية والحزبية في قرارات مهمة بالوزارة.
وأكد الطائي أن الجامعات العراقية أفضل بكثير من الإيرانية من الناحية العلمية، لكن الراغبين بإكمال تعليمهم هناك إما أنهم لم يحصلوا على معدل يؤهلهم لدخول التخصص الذي يريدونه في العراق فيذهبون إلى إيران ويأتون به وينافسون الآخرين من المتفوقين، أو أنهم يبحثون عن نجاح سهل.
ولفت مسؤول في وزارة التعليم العالي، أن بعض الجامعات الخاصة في إيران تعود ملكيتها لشخصيات سياسية ونواب سابقين في حكومة بغداد، وأنه مع وصول العبودي إلى منصب وزير التعليم العالي، فسيكون التحرك باتجاه إلغاء قرار عدم الاعتراف بجامعاتهم.
واعترف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه، بأن الواقع التربوي في البلاد يزداد سوءًا، وأن نسبة كبيرة من حملة الشهادات العليا في العراق يتخرجون بطرق وصفها بالملتوية.
ويرى أكاديميون أن ظاهرة الحصول على شهادات من جامعات غير رصينة أضرت بسمعة التعليم العراقي لا سيما أن أغلب الذين يحصلون على الشهادات في الخارج يحصلون عليها من أجل وظيفة مجزية أو نيل ترقية معينة إلى مناصب أعلى وللوجاهة طبعًا، وليس لأغراض دراسية أو علمية.
وقال الدكتور بهروز الجاف وهو أحد أساتذة جامعة السليمانية، إنه عندما يكون جلب الشهادات من الخارج جزءًا من التجارة السائبة فيتوقع الحصول على أردأ أصناف الشهادات وبأبخس الأثمان.
وأضاف أنه عندما لا يكون الهدف من الشهادة العليا هو بناء شخصية علمية إبداعية وخلاقة تخدم البلد فذلك يؤسس لتضخم شهادوي تختلط فيه الرصانة بالفساد، وتفقد الشهادة قيمتها وسمعتها في المجتمع وسوق العمل.
وأكد على أن الدراسة في الخارج فتحت الأبواب لكثير من المسؤولين العراقيين لشراء الشهادات لنيل مناصب عليا.
وأوضح أن هناك فقدانًا للسيطرة على نظام الابتعاث والزمالات من خلال إصدار قوانين نافذة تحدد نوع ومنشأ وعدد الشهادات والاختصاصات العلمية المطلوبة والرصانة في معادلتها بالشهادات العراقية لأجل خطط التنمية، ومن ثم فسح المجال لسوق الشهادات السائبة في العالم، وخصوصًا العالم النامي، لأغراض الحصول على وظيفة عليا من خلال مؤهل علمي مزيف ولو بشرائه من دون دراسة أو بحث.
وأشار إلى أن ذلك لا ينتقص من قيمة الشهادة فحسب بل يسيء إلى الوظيفة الحكومية، وخصوصًا العليا منها، من خلال إشغالها بمؤهلات زائفة مما يؤدي إلى تردي حالها وانهيارها وتفشي الفساد في مفاصلها، ومن ثم احتمال انهيار الإدارة ومن ثم الدولة من ورائها.
وقال الأكاديمي العراقي الدكتور وليد عويد حسين، “قرار فتح الدراسات وقبول منح الشهادات العليا من الجامعات اللبنانية و من على شاكلتها في الدول الأخرى، هو قرار أطاح بهيبة الشهادات العليا ورفعتها وسموها من كون تلك الجامعات، هي جامعات غير مؤهلة علميًا وتمنح الشهادة بلا كفاءة، لذا نرى كثيرًا من الطلبة يهرعون إليها، لأنها تمنح تلك الشهادة مقابل المال المدفوع مسبقًا أو المقسط بالتدريج، فهي جامعات تجارية لا تتوفر فيها أية معايير علمية”.
وأضاف “يلجأ الطلبة غير المؤهلين إلى شهادة بعيدة من الجد والاجتهاد، وقد أُطلق على هذه الجامعات المانحة “جامعات الدكاكين” من حيث كونها تمنح الشهادات لمن هب ودب.
وبين أن هذه الظاهرة المشينة تفاقمت، بحيث غدت أزمة انعدام أخلاقي وتلاش لهيبة التعليم والقانون.
وطالب بإلغاء الاعتراف بالجامعات غير الرصينة وإعادة النظر بالشهادات والأطاريح التي حصل عليها الطلبة من هذه الجامعات من خلال تشكيل لجنة علمية.
ويعمد غالبية المسؤولين الحكوميين إلى شراء الشهادات من أجل البقاء في مناصبهم وبتستر من أحزابهم كونهم بلا تحصيل دراسي، حيث يشمل ملف الشهادات المزورة مسؤولين بارزين في الحكومات المتعاقبة.
وكانت لجنة التربية والتعليم النيابية، قد ذكرت في وقت سابق أن 90 بالمائة من الشهادات الممنوحة لطلبة الدراسات العليا من خارج البلاد مزورة، مشيرة إلى أن الواقع التربوي يزداد سوءًا منذ عام 2003.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى