أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

من يعيد للعراقيين حقوقهم بعد الإبادة الجماعية التي ارتكب بحقهم

المجتمع الدولي يحتفل في التاسع من كانون الأول باليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية، فيما يتم التغاضي عن إبادة مئات الآلاف من العراقيين وإفلات الجناة من العقاب.

بغداد- الرافدين
يتواطأ المجتمع الدولي مع الحكومات المتعاقبة منذ احتلال العراق عام 2003، بالتستر على أكبر إبادة جماعية مرت على العراق منذ عام 1990 ومازالت مستمرة. فيما يفلت الجناة من العقاب.
ويتساءل عراقيون مع الاحتفال باليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية في التاسع من كانون الأول من كل عام، عما إذا كان المجتمع الدولي يمتلك ما يكفي من الإنسانية والأخلاق كي يستذكر الإبادة الجماعية التي حلت بالعراقيين منذ عام 1990 ومازالت مستمرة.
وعاش العراقيون تحت إبادة لا إنسانية منذ فرض حصار قاس غير مسبوق على البلاد عام 1990 استمر ثلاثة عشر عامًا، فيما ارتكب القوات الأمريكية المحتلة عام 2003 مجازر بحق المدنيين راح ضحيتها مليون عراقي، واستمرت الإبادة بحق المدنيين عندما سيطرت الميليشيات على مدن عراقية وقامت باعمال قتل شنيعة على الهوية في محافظات غرب العراق راح ضحيتها مئات ألآلاف فيما تم اختطاف وإخفاء عشرات الآلاف في عملية اخفاء قسري ومازال مصيرهم غير معروف حتى اليوم.
وتم ارتكاب أشنع إبادة جماعية بحق المدنيين في الموصل بذريعة استعادتها من تنظيم داعش، وتم تدمير مناطق كاملة فيها ودفن آلاف الضحايا تحت الأنقاض ومازال إلى اليوم يتم اكتشاف مقابر جماعية واستخراج جثث من تحت الأنقاض.
وفي التاسع من كانون الأول من كل عام، تحتفل الأمم المتحدة باعتماد اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي تعد التزامًا عالميًا حاسمًا قٌدّم مباشرة قبيل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عند تأسيس الأمم المتحدة.
وبموجب قرار الجمعية العامة في التاسع والعشرين من أيلول 2015، أصبح ذلك اليوم يُعرف باليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة.
وتظل اتفاقية الإبادة الجماعية ذات أهمية كبيرة هذا العام. حيث قننت الاتفاقية لأول مرة جريمة الإبادة الجماعية في القانون الدولي. وتعترف ديباجتها بأن الإبادة الجماعية قد ألحقت بالبشرية خسائر فادحة في جميع فترات التاريخ وأن التعاون الدولي مطلوب لتحرير البشرية من هذه الآفة الشنيعة.
وحتى الآن، صدقت 153 دولة على الاتفاقية من بينها العراق. ويظل تحقيق التصديق العالمي الكامل للاتفاقية فضلا عن ضمان تنفيذها الكامل، ضروريًا لإحراز تقدم فاعل في منع جريمة الإبادة الجماعية.
وتتضمن اتفاقية الإبادة الجماعية الالتزام ليس بتنفيذ العقاب على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وحسب، بل ومنعها بشكل حاسم. فيما فلت من العقاب كل من ارتكب جرائم الإبادة الجماعية في العراق من القوات الأمريكية والبريطانية خلال احتلال العراق حتى حكومات الاحتلال والميليشيات الطائفية التي مارست القتل والإخفاء القسري على الهوية في المدن المنكوبة بغرب العراق.
وتركز فعالية هذا العام للاحتفال بذكرى اتفاقية الإبادة الجماعية على موضوع “قوة حية في المجتمع العالمي: إرث اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”. ويُراد من هذه الفعالية تسليط الضوء على بعض الإنجازات التي انبثقت عن الاتفاقية وإبراز تراثها والتذكير بالجهود التي أدت إلى صياغتها واعتمادها.
وستعرض الفعالية كذلك للتحديات التي لم تزل تواجه تنفيذها تنفيذًا فعالا. ولم تزل الإبادة الجماعية تشكل تهديدا في عالم اليوم. ولم يزل سكان العالم حتى اليوم عُرضة لمخاطر هذه الجريمة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالة وجهها بمناسبة هذا اليوم “لعلّ في موضوع احتفالنا لهذا العام تذكرةً لنا بوجوب أن تبقى اتفاقية منع الإبادة الجماعية ورسالتها الصالحة لكل زمان بمثابة قوة حية في عالمنا، قوة تدفعنا إلى الوفاء بالوعد المَهيب الذي انبثق عن الاتفاقية”.

أين أبي؟
وفتح إعلان الدفاع المدني عن العثور على رفات وجبة جديدة من الجثث تحت أنقاض المنازل المدمرة في الموصل القديمة وبعد سنوات من استعادتها من تنظيم داعش، الباب مجددًا للحديث عن حجم الإبادة الجماعية الذي تعرضت له المدينة الموصل.
وتتغاضى السلطات الحكومية عن المطالب المتكررة من آلاف العائلات في محافظة الموصل بمعرفة مصير أبنائها المفقودين منذ انتهاء معركة استعادة المدينة، وضرورة إجراء فحص الحامض النووي الوراثي لحسم هوية تلك الجثث وإبلاغ ذويهم بنتائج الفحوصات.
وخلال الفترة من 2014 إلى 2017، غُيّب أكثر من مئتي ألف عراقي، في حملة طائفية وانتقامية، واقتيد هؤلاء من قبل ميليشيات مسلحة إبان نزوحهم من مناطقهم التي سيطر عليها تنظيم داعش، إلى جهات مجهولة.
وتُوجه اتهامات لميليشيات عدة منضوية في الحشد الشعبي بالوقوف وراء تغييبهم، أبرزها “حزب الله”، و”عصائب أهل الحق”، و”بدر”، و”سيد الشهداء”، و”الإمام علي”، و”الخراساني”، و”رساليون”، و”النجباء”.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر “لا تزال العائلات في العراق تبحث عن إجابات بالرغم من مضي سنوات على اختفاء أحبائها”.
ويعيد إعلان مديرية الدفاع المدني للأذهان خبر العثور على مقبرة جماعية في حي الرفاعي بمدينة الموصل، والتي عدها مراقبون بمثابة المفتاح للإجابة عن كثير من التساؤلات حول مصير عشرات الآلاف من المدنيين الذين فقدوا تحت الأنقاض.
وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق قد أصدرت بيانًا موسعًا، قالت فيه أن هناك “محاولة مفضوحة لتضليل الحقائق والتستر على هذه الجريمة وأسبابها ومرتكبيها وطبيعة الجثث الموجودة فيها، إذ منعت القوات الحكومية الصحفيين من تغطية هذه المشاهد أو مرافقة فريق انتشال رفات الضحايا”.
ولفت البيان إلى وجود أكثر من عشرين مقبرة مماثلة في مدينة الموصل، كما شدد نقلا عن مسؤولين محليين على أن “هذه المقبرة الجماعية تضم ضحايا من أهالي منطقة حي الرفاعي والأحياء المجاورة لها”.
وعدت الهيئة في بيانها المقبرة بأنها “جزء من دلائل وشواهد خطيرة على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مدينة الموصل”، مُحمّلة حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي المسؤولية المباشرة عن هذه الجرائم والحكومات اللاحقة بـ”التستر عليها وتضليل الرأي العام بشأنها”.
ولم تقتصر الإبادة على مدينة الموصل بل أن الميليشيات والقوات الحكومية ارتكبت مجازر في عدة مدن عراقية.
وينطبق التعريف الدولي للإبادة الجماعية تمامًا على مئات الآلاف من المختفين منذ احتلال العراق عام 2003.
وسبق أن قالت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري بعد انتهاء زيارة إلى مدن العراق المنكوبة “لقد حكم على أسر وأقارب المختفين أن يعيشوا في حزن دائم لعدم معرفة أي شيء عن مصيرهم ومكان وجودهم، ويتعين عليهم مواجهة إطار روتيني معقد للغاية في سبع مؤسسات عند تقديم أي شكوى أو مطالبة بحقوقهم”.
ووصفت صحيفة “واشنطن بوست” وعود الحكومات في بغداد فيما يخص إنهاء ظاهرة المختفين قسريا بمجرد كلام.
وقالت الصحيفة إن رؤساء الحكومات تعهدوا علنا بالتحقيق في حالات المخفيين قسرا ومعاقبة مرتكبيها، لكن لم يتحقق شيء يذكر من تلك الوعود، واستمرت حالات الإخفاء القسري لمواطنين عراقيين دون حساب.
ومرت سنواتٍ على واحدةٍ من أبشع جرائم الإخفاء القسري في العالم، وهي التي حصلت في مدينة الصقلاوية ضمن قضاء الفلوجة في محافظة الأنبار، حيث جرى إخفاء ما يقرب من 1000 شخص في يوم واحد في الفترة ما بين الثاني والخامس من حزيران 2016. من دون أن يعرف مصيرهم إلى اليوم.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى