أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

المنصة الإلكترونية تفشل في كفاية حاجة المسافرين من الدولار

اتهامات للبنك المركزي وإدارته بالفشل في وضع آليات مناسبة لتغطية طلبات الحصول على حصص المسافرين من الدولار بالسعر الرسمي بعد عجز المواطنين عن الولوج للروابط الإلكترونية المخصصة للحجز المسبق.

بغداد – الرافدين

عبر عراقيون عن امتعاضهم من إجراءات البنك المركزي بعد إخفاقهم في الحصول على حصة المسافرين من الدولار بالسعر الرسمي واضطرارهم إلى شراء الدولار من السوق الموازي بسعر أعلى لتأمين نفقات سفرهم لأغراض السياحة والعلاج فضلًا عن الدراسة.
وحمل عراقيون محافظ البنك المركزي المقرب من حزب الدعوة علي العلاق مسؤولية فشل منصة حجز الدولار في تأمين الحصص الكافية للمسافرين وتحول العملية إلى مهمة عسيرة على الراغبين بشراء الدولار بالرغم من تأكيدات البنك المركزي تسهيل إجراءات الحصول عليه.
وتخصص السلطات الحكومية مبلغ 3000 دولار شهريًا لكل مسافر بسعر الصرف الرسمي (1320 دينار مقابل كل دولار) إلا أن معاملة الحصول على هذا المبلغ معقدة للغاية بسبب اعتمادها على الحجز المسبق عبر روابط إلكترونية لعدد من المصارف وشركات الصرافة.
ويؤكد مواطنون أن أوقات عمل هذه الروابط غير معلومة في الغالب ومن يحالفه الحظ منهم في معرفة أوقات افتتاحها فإنه يتفاجأ بسرعة إغلاقها دون أن يكمل عملية تسجيل بيانته بعد مرور 45 ثانية أو نحو دقيقة واحدة فقط في أحسن الأحوال الأمر الذي جعل الجميع يشعر وكأنه يمارس لعبة إلكترونية من ألعاب الحظ.
ويرى خبراء اقتصاديون أن الجهات المسؤولة مطالبة بزيادة الحصص ومنح موافقات للمصارف والشركات لتقديم حصة المسافرين بالسعر الرسمي وعدم اقتصار الأمر على عدد محدود لتغطية حاجات جميع المسافرين لاسيما من يتلق العلاج في الخارج.
ويرى المختص بالشأن المالي والمصرفي مصطفى حنتوش أن “البنك المركزي تأخر كثيرًا في فتح منصة إلكترونية تشمل جميع شركات الصرافة وتمكن المواطنين عبرها من الحجز الإلكتروني واستلام الدولار في المطار”.
وقال حنتوش إن “هذا الإجراء سوف ينهي الطوابير التي يقفها المسافر امام الشركات والتي هي أشبه بعمليات ابتزاز للمواطن العراقي الذي لا يستحق مثل هذا التعامل المذل”.
وأضاف أن “البنك المركزي العراقي بطيء جدًا في اتخاذ هذه الإجراءات، وهناك حاجة الى منصة إلكترونية تشمل جميع المصارف والشركات وهي أكثر من 1200 شركة وتمكينها من بيع دولار المسافرين وعدم اقتصار البيع على مصارف معينة والكف عن التعامل بمزاجية مع الموضوع”.

وسبق أن حددت إدارة مطار بغداد الدولي، أربعة منافذ لبيع الدولار للمسافرين في صالة المغادرة إلى جانب فروع مصارف الرافدين والرشيد ومصرف التجارة العراقي.
وبينت إدارة المطار في بيانها، أن إيداع المسافرين يتم خارج المطار لدى مكاتب شركات الصرافة المحددة وهي كل من (شركة سما بغداد، وشركة القند، وشركتي الريان والفنجان) المسجلة رسميًا لدى البنك المركزي العراقي، وأن الاستلام يتم داخل صالة الترانزيت قبل المغادرة باتجاه الطائرة بعد إكمال إجراءات المغادرة.
ويرى مختصون أن هذه الخطوة فتحت أبوابًا جديدة للفساد وتهريب العملة بشكل لا يمكن السيطرة عليه، مع وجود إجراءات وأبواب تحايل جديدة على إمكان حصول المسافرين الحقيقيين على الدولار، خاصة وأن شركات الصرافة التي مُنحت حق وتصريح البيع داخل المطار تعود لمكاتب اقتصادية للميليشيات وجهات متنفذة.
وأكد الباحث الاقتصادي، عمر الحلبوسي، أن هناك شركات صرافة خُوِّل إليها بيع الدولار في مطار بغداد الدولي تعود لجهات متنفذة في الدولة، ولديها نفوذ وقرار لدى البنك المركزي العراقي، وأنها تحتكر الدولار لبيعه بالسوق الموازي.
وأضاف الحلبوسي، أن عددًا كبيرا من المسافرين لا يتمكن من الحصول على الدولار لغرض السفر أو العلاج أو الدراسة خارج العراق، بسبب قيام هذه الشركات بعرقلة حصول المسافر الحقيقي على الدولار.
وأشار إلى أن هذه الشركات هي نفسها التي احتالت على عدد كبير من المواطنين من خلال شراء الدولار بأوراق عملاء غير حقيقيين، ومن ثم المضاربة في سوق الدولار، ما يعني أنها ستستمر في بيع الدولار لمسافرين غير حقيقيين، بالوقت الذي يمنع عن أغلب المسافرين الحقيقيين.
وبيّن الحلبوسي، أن المستفيد الأكبر من تخويل شركات هو المضاربون في السوق، والمهربون للدولار إلى إيران ودول أخرى، لتحقيق أكبر قدر من الأرباح، في عمليات تحايل منظمة.
وفي هذا السياق كشف مصدر مطلع عن حرمان مصرف الرافدين الحكومي من حصص المسافرين بعد الكشف عن عمليات بيع وشراء للحجوزات بالتنسيق مع مافيات فساد تستحصل مبالغ تصل إلى 100 ألف دينار مقابل كل حجز.
وأشار المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته إلى أن هذا الحرمان تسبب بتوقف رابط الحجز الإلكتروني لمصرف الرافدين منذ نحو شهر عن تقديم خدمات الحجز المسبق لحصة المسافرين.
وأكد المصدر أن قرار الحرمان جرى بشكل ارتجالي وتحول إلى عقوبة جماعية يعاني منها المواطن بالدرجة الأساس في وقت كان من المفترض فيه معاقبة المتورطين وتحرير عقوبات إدارية بحقهم دون إيقاف الخدمة وإلحاق الضرر بالمواطنين.
وختم المصدر الذي يعمل في البنك المركزي قوله إن “استمرار منح شركات خاصة متهمة بالمضاربة بالعملة الصعبة واستغلال بيانات المواطنين سابقًا إمكانية الحصول على الدولار مقابل منع مصرف الرافدين الذي يعد المصرف الحكومي الأول عن تقديم حصة المسافرين ينم عن تواطؤ مع شركات الصرافة المقربة من الأحزاب والميليشيات من قبل محافظ البنك ومن يعمل بمعيته من متنفذين”.

ويبدو أن أزمة معاناة المسافرين مستمرة إلى أجل غير معلوم كونها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمشكلة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار بعد عجز الحكومة عن ردم الهوة بين السعر في السوق الموازي وسعر بيعها الرسمي للدولار لاسيما بعد إعلان رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني الأخير واعترافه ضمنيًا بفوز جماعات التهريب والمضاربة على حكومته في معركة الدولار.
ويرى الباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية زياد الهاشمي أن “حكومة السوداني لم تعد ملزمة بتخفيض أسعار صرف الدولار، وإنما تكون مسؤوليتها فقط في توفير الدولار بالسعر الرسمي ولجهات شرعية محددة!”.
وأضاف الهاشمي في تدوينه له على منصة أكس أن “كلام السوداني يدلل على أن الحكومة قد أخَلّتْ بكل وعودها السابقة والتي وعدت بها الشعب والمتعلقة بمكافحة المهربين وحل مشكلة ارتفاع اسعار صرف الدولار وإعادة قيمة الدينار!”.
وتابع “هذا التغيير في الموقف، ربما جاء نتيجة أن الحكومة قد استنفدت فعلًا كل ما مسموح لها به من حلول ولم يعد ممكنًا الآن إلا تبرير فروقات أسعار الصرف العالية وإقناع الشعب بقبول واقع عمليات التهريب والتجارة غير النظامية عبر الحدود!”.
وخلص بالقول إن “رئيس الحكومة حاول الالتفاف بطريقة مكشوفة مدعيًا أنه لن يسلم الدولار للجهات غير الشرعية، رغم انه يعلم والجميع كذلك يعلم، ان تلك الجهات مستمرة في الحصول على الدولار ومن اكثر من طريق، رغمًا عن الحكومة والمركزي وأمام عيون الشعب!”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى