أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

التسمم الغذائي.. خطر متنام يهدد أرواح العراقيين وسلامتهم

السلطات الحكومية تفشل في الحد من إغراق الأسواق بالسلع الفاسدة إلى جانب فشلها في مراقبة عمل المطاعم ومنافذ البيع التي باتت تهدد سلامة العراقيين بالأغذية الفاسدة والتالفة.

كربلاء – الرافدين

كشف إعلان إصابة 120 شخصًا بحالات تسمم بعد تناولهم وجبات طعام سريعة بمطعم شعبي في محافظة كربلاء حجم الخطر المتزايد على أرواح المواطنين وسلامتهم جراء غياب الرقابة الصحية عن قطاع المطاعم وتأثيرات إغراق الأسواق بالسلع الغذائية الفاسدة.
وقال قائممقام قضاء الهندية، منتظر الشافعي الأربعاء إن “120 شخصًا من مختلف الأعمار أصيبوا بحالة تسمم بعد تناولهم وجبات سريعة من أحد المطاعم، 30 حالة منهم ما زالت ترقد في المستشفى لتلقي العلاج”.
ويحمل مواطنون السلطات الحكومية مسؤولية تبعات ترهل نظام السلامة الغذائية وغياب الرقابة الصحية على عمل أغلب المطاعم والكفتريات في عموم البلاد وسط دعوات لوضع معايير صارمة تجنبهم تناول الأغذية “الفاسدة”.
وتعلن السلطات الحكومية اتلاف آلاف الأطنان من المواد الغذائية منتهية الصلاحية سنويًا للحد من حالات التسمم الغذائي و إقفال المطاعم التي تفتقر إلى شروط السلامة الصحية إلا أن هذه الإعلانات لم تحد من هذه الظاهرة الآخذة بالاتساع.
ويؤكد الباحث الاقتصادي صالح لفتة أن “التقليل من أهمية سحب الأغذية غير الصحية أو التي تحتوي على مواد ضارة من سموم وجراثيم، يرتبط بمستوى الرفاهية وانعدام الفقر في المجتمع”.
ويضيف أن “ما يزيد الأمر سوءًا افتقار الرقابة الصحية الصارمة على جميع الأغذية والأطعمة من ناحية التصنيع أو التخزين أو حتى في محلات العرض، وتترك أغلب تلك الأطعمة في أماكن تخزين سيئة تعجل من فسادها، وبعضها يفسد بسبب انقطاع الكهرباء على الرغم من أن مدة الصلاحية لم تنته بعد، فمدة الصلاحية المطبوعة على الغلاف تتطلب شروط تخزين صحية لا كما يحدث في بعض المخازن والمحلات”.
ونوه إلى أنه حتى لو نُشرت بعض إجراءات تلف أغذية غير صالحة للاستهلاك البشري، فإنها لن تسهم بشكل كبير بتغيير الواقع.

السلع الفاسدة تغزو الأسواق العراقية جراء غياب الرقابة وارتباط الموضوع بمتنفذين

وعلى الرغم من إعلان الدوائر المختصة في وزارتي الصحة والبيئة عن حملات للمتابعة تشمل المطاعم وظروف إعداد الطعام فضلًا عن أماكن الخزن ووضعها شروطًا صارمة تحدد مناشئ امدادات الطعام إلا أن الإعلان عن حالات التسمم بين الحين والآخر صار جزءًا من المشهد العام في عراق ما بعد الاحتلال على خلفية ارتباط هذا الملف بمتنفذين.
ويشكك خبراء في جدوى إرسال السلطات الرقابية لعينات من المواد الداخلة للعراق للفحص المخبري، ومراقبتها من قبل الجهاز المركزي لمراقبة وضبط النوعية التابع لوزارة التخطيط، فيما لو كانت صالحة للاستهلاك البشري أو غير ذلك.
ويشير الخبير في سلامة الأنظمة الغذائية أمجد محمد إلى أن “كثيرًا من المنتجات الغذائية التي تدخل العراق تحتاج إلى فحوصات دقيقة في المختبرات للتأكد من تطابقها مع شروط السلامة والمواصفات المتبعة من قبل الجهات ذات الصلة وعلى رغم ذلك، لم يواكب العراق بشكل حقيقي التطورات في هذا المجال”.
وأكد أنه “يجب أن تكون هناك قوانين رادعة تجاه كل من يسعى إلى إدخال مواد غذائية تحتوي على فيروسات أو أمراض منقولة عبر الأغذية أو غير صالحة للاستهلاك البشري، لا سيما العراق الذي يعتمد بشكل كامل على الاستيرادات من الخارج”.
ويصف مختصون الغزو السلعي للمواد الغذائية نافذة الصلاحية “الإكسباير” للسوق المحلية، بـ “الإرهاب السلعي” الذي يعد من المشاكل التي استفحلت مؤخرًا بشكل لافت لارتباط الموضوع بمافيات متنفذة تشرف عليها مكاتب اقتصادية للميليشيات.
ويعزو المختصون أسباب انتشار هذه الظاهرة، إلى الفساد الإداري والمالي المستشري في البلاد، فضلًا عن امتلاء المخازن بالبضائع الفاسدة “الاكسباير” ذات الأسعار الزهيدة.
ويرجع أستاذ علم الاقتصاد كريم جبر سبب إغراق السوق بالبضائع الغذائية والاستهلاكية المنتهية الصلاحية إلى جملة أسباب أبرزها، “غياب الدور الرقابي لحماية المستهلك من سلطوية التجار”.
ويرى جبر وجود “خطورة في الاستيراد العشوائي للسلع الرديئة وغير الصالحة للاستهلاك البشري كونها تسبب مشاكل اقتصادية للبلد كغسيل الأموال وهدر للعملة الصعبة ناهيك عن مردودها السلبي على صحة المواطن”.

اتلاف السلطات للسلع الفاسدة لم يحد من ظاهرة إغراق الأسواق والمطاعم بالأغذية منتهية الصلاحية

ودقت جهات رقابية وطبية في العراق، ناقوس الخطر من تبعات تدفق المواد الغذائية الفاسدة ومنتهية الصلاحية بكميات كبيرة إلى الأسواق والمطاعم لاسيما الشعبية منها ممن تفتقر لأدنى شروط السلامة.
وكان نقيب الصيادلة مصطفى الهيتي قد أشر هذا الملف الخطير، حينما قال في تصريحات صحفية سابقة، إن “كل المواد الغذائية التي تدخل إلى العراق لا تُفحص، بضمنها الأدوية”.
وأضاف الهيتي في تصريحاته التي أثارت ضجة كبيرة على إثرها، بعد أن أدت الى استياء شعبي بل وحتى نيابي أن “عملية التهريب كبيرة في البلاد، ولا يُعلم ما يأتي من مواد غذائية”.
وشدد نقيب الصيادلة على أن “هناك حاجة إلى تكثيف الجهود على الأغذية، وإنشاء الهيئة العليا للغذاء والدواء وضرورة ارتباطها بمجلس الوزراء مباشرة، كما في سائر دول العالم”.
بدوره قال عضو نقابة الأطباء العراقية جابر العزي، إن “حالات التسمم التي تسجل بشكل مستمر في المستشفيات لا يمكن إهمال أسبابها ولا يمكن القبول بالاكتفاء بوضع ملف المواد التالفة تحت خانة الإهمال فقط”.
وأكد العزي على أهمية ” ممارسة الجهات الرقابية لواجبها بدءًا من الحدود وانتهاءًا بتفتيش المخازن والأسواق وبشكل يومي، والتعامل مع الجميع بمسؤولية أخلاقية، بغض النظر عن الارتباطات الأخرى للتجار وأصحاب الأسواق”.
وأشار إلى أن “إهمال الملف وعدم المحاسبة القانونية للمخالفين، هو مشاركة بتعريض حياة المواطنين للخطر”.
وفي السياق، أوضح عضو غرفة تجارة بغداد، علي الجميلي، أن “هناك عمليات استيراد عشوائية تجري لتلك المواد، وأن كثيرًا من التجار والمنتفعين يستوردون مواد غذائية تقرب صلاحيتها على الانتهاء، لتحقيق مكاسب كبيرة من خلالها، لأنها تكون أقل سعرًا بالنسبة لهم”.
وانتقد الجميلي “ضعف الإجراءات الرقابية وأجهزة التقييس والسيطرة النوعية التي يجب أن تخضع جميع المواد الداخلة إلى البلد للفحوصات واستناد حملات الرقابة والتفتيش إلى البلاغات في تنفيذ حملاتها، في وقت يجب أن تكون هناك حملات يومية ومفاجئة على الأسواق والمخازن الخاصة للتجار، وأن تكون المحاسبة شديدة على المخالفين”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى