أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

ازدهار المخدرات في العراق وتورط جهات حكومية بتجارتها

تجارة المخدرات في العراق تأتي بالمرتبة الثالثة بعد تجارة النفط والسلاح لارتباطها بالميليشيات والقوى السياسية الحاكمة، والتي تجني منها مكاسب مالية طائلة وتستغلها للحفاظ على نفوذها وسلطتها.

بغداد – الرافدين
تنامت ظاهرة تجارة المخدرات في العراق في عام 2023 نتيجة الفشل الحكومي في السيطرة عليها، وتورط مسؤولين حكوميين ومليشيات في تجارتها وانتشارها ورفع نسب التعاطي بين العراقيين لا سيما فئة الشباب.
وفي آخر إحصائية حكومية بلغ عدد المعتقلين بتهمة المخدرات خلال عام 2023 أكثر من 17 ألف معتقل، وهو رقم يعكس تنامي خطر آفة المخدرات في ظل تواطؤ وفشل حكومي.
وبحسب إحصائية جديدة أوردها المتحدث باسم وزارة الداخلية مقداد ميري، الخميس 28 كانون الأول 2023، أن عدد المحكومين بجريمة المخدرات بلغ 7 آلاف و397 خلال العام الجاري.
ويشير مراقبون إلى أن الجهات الأمنية تلاحق التجار الصغار والموزعين الذين يرفضون دفع نسبة من أرباح تجارتهم لقيادات الميليشيات وغير المحميين بالنفوذ الحزبي والسياسي، وتلقي القبض عليهم، ولكن في المقابل تتجاهل المتورطين الرئيسيين وذلك بسبب ارتباطهم المباشر بجهات سياسية متنفذة وميليشيات مسلحة.
فيما تؤكد دراسات وتقارير دولية ومحلية أن ظاهرة المخدرات في العراق تخطت كونها مجرد تجارة يمارسها صغار تجار المخدرات، إلى أنشطة مرتبطة بصورة فعالة ومؤثرة بالميليشيات والقوى السياسية، والتي تجني من خلال هذه التجارة مكاسب مالية طائلة وتستغلها في الوقت نفسه للحفاظ على نفوذها وسلطتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وسبق أن أقرت لجنة الأمن والدفاع النيابية بأن العراق تحول إلى بيئة لإدمان المخدرات بعد أن كان ممرًا لعبورها وهو ما تسبب في إغراق الكثير من الشباب في مستنقع فاسد مؤكدة أنها وصلت للجامعات ومدارس البنات وحتى طلبة المرحلة الابتدائية.
وشددت على وجوب بدء ما سمتها بالحرب الفعلية على المخدرات وقطع الطريق أمام مافيات وعصابات تعبث بالشباب عبر أدوات الإدمان بالإضافة إلى أن تجارة المخدرات تمثل استنزافًا لثروات البلاد.
ويتهم مراقبون الحكومة بالتستر على الميليشيات التي تسيطر على تجارة المخدرات وتعمل على إغراق العراق بها على الرغم من تصريحاتها الكثيرة عن خطر المخدرات على المجتمع وأنها باتت وجهًا من أوجه الإرهاب.
وقال رئيس تحرير صحيفة وجهات نظر مصطفى كامل، إن “الأعداد التي أعلنت عنها الجهات الحكومية للمعتقلين بتهمة المخدرات أعداد هائلة ولا يمكن أن تفهم إلا من خلال السعي لتدمير العراق وخاصة فئة الشباب، حيث كان العراق قبل عام 2003 خاليا تماما من المخدرات لوجود القوانين الرادعة والجهات المسؤولة، لكن اليوم الجهات الرسمية هي من تعمل بتجارة وتهريب وتصنيع وترويج هذه الآفة الخطيرة”.
وأضاف مصطفى كامل في حديث لقناة الرافدين الفضائية، أن “الجهات التي تتولى تجارة وتهريب المخدرات هي الجهات الميليشياوية المسيطرة على القرار الأمني والسياسي والقضائي، وكل ما من شأنه تدمير العراق تدعمه هذه الميليشيات والأمر غير مقتصر على المخدرات وحدها وجميع الجهات الحكومية متورطة مع الميليشيات”.
وأكد أنه لا قيمة للوعود التي يطلقها المسؤولين الحكوميين بشأن مكافحة المخدرات، فجميع الحكومات المتعاقبة بعد 2003 قدمت وعودًا لكنها فشلت تماما في تحقيق أي منها، لأنها جزء من مشروع تدمير العراق.
وتشهد المدن العراقية لا سيما مدن وسط وجنوبي العراق ارتفاعا في نسب المتعاطين، حيث صار انتشار المخدرات في البلاد أسرع من السيطرة عليها، ويزداد انتشارها في المناطق الفقيرة والتي تعاني من البطالة، حيث تصل نسبة التعاطي بين الشباب إلى 70 بالمائة.
وتؤكد مصادر رسمية أن كميات المخدرات التي تدخل إلى العراق قد تضاعفت خلال السنة الحالية، إضافة إلى ضبط مصنع للمخدرات في محافظة المثنى.
وكشفت اللجنة العليا لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، عن إتلاف نحو 18 طناً من المواد المخدرة في العراق خلال العام 2023.
وقال عضو اللجنة، أشرف الدهان، إنه “تم إتلاف مليون قرص من مادة الآرتان، و17 طنا من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية، و 10 ملايين و323 ألف قرص مخدر.
وتأتي تجارة المخدرات بحسب مصادر رسمية بالمرتبة الثالثة بعد تجارة النفط والسلاح وجميعها تدار من قبل الميليشيات وبتواطؤ حكومي.
وتواصل ميليشيات تابعة للحشد الشعبي متمركزة  على الحدود العراقية مع سوريا  ولبنان وإيران، تهريب المخدرات من هذه الدول إلى العراق عبر المعابر الرسمية وغير الرسمية دون تعرضها للتفتيش، في ظل فشل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في إيجاد حلول لكارثة المخدرات.
وكشفت مصادر حكومية عن تورّط أجهزة أمنية وعسكرية سورية وقسم من ميليشيات الحشد في العراق في تلك التجارة، مضيفة أن تهريب المخدرات بات من أهم المصادر المالية للميليشيات ولسلطات النظام في سوريا حيث تدر عليهم عائدات مالية تفوق عائدات تهريب النفط.
وسبق أن اتهم النائب السابق عن التيار الصدري حاكم الزاملي، مسؤولين ومنتسبين في القوات الأمنية بالتواطؤ مع تجار المخدرات، والعمل في تجارة المخدرات.
وقال الزاملي “أين جهد الأجهزة الأمنية والقضائية للحد أو القضاء على هذا الوباء، الذي بدأ ينخر في بنية المجتمع العراقي، حيث يعد من أول أسباب أغلب الجرائم مثل الخطف والتسليب والقتل”.
وأضاف أن العراق أصبح مقرًا لتجارة المخدرات أكثر من الإكوادور والبرازيل وإيران وأفغانستان بعدما كان من أنقى بلدان العالم من ناحية التعاطي وتجارة المخدرات.
وأشار إلى وجود ضباط ومنتسبين يتفقون مع المجرمين بتكييف الإفادات والأوراق التحقيقية وتغيير تهمتهم من المتاجرة إلى التعاطي لتخفيف الحكم.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى