أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة السوداني تهدر كرامة المتقاعدين في هيئة التقاعد العامة

التمييز والانتظار في طوابير طويلة وتأخر الرواتب عن موعدها وعدم كفايتها لتأمين عيش كريم من أبرز مشاكل المتقاعدين العراقيين.

بغداد – الرافدين

وصف عراقيون ناقمون على السلطة وفسادها مشهد اكتظاظ الآلاف من المواطنين أمام هيئة التقاعد في بغداد لترويج متطلبات شهادة الحياة لضمان استمرار مرتباتهم التقاعدية بالحلقة الجديدة من حلقات هدر كرامة العراقيين إمعانًا في إذلالهم.
وتداول مدونون في الساعات الماضية مقاطع مصورة لآلاف المسنين وهم يقفون في طوابير لانتظار دورهم في الدخول إلى هيئة التقاعد التي اكتظت أروقتها بأعداد تفوق استيعابها وبشكل فوضوي في وقت تصف فيه الحكومة نفسها بأنها حكومة خدمة جاءت لخدمة العراقيين ولتذليل المصاعب بوجههم في الدوائر الحكومية.
وأبدى عراقيون تفاعلوا مع مشاهد كبار السن ممن أفنوا حياتهم في خدمة الدولة العراقية، غضبهم عن الحال التي وصل إليها هؤلاء وعن تقاعس الحكومة في استيعاب هذه الأعداد ووضع الآليات المناسبة لترويج المعاملات في وقت يشهد العالم فيه طفرات تكنولوجية تعجل من إنهاء المعاملات الحكومية خلال دقائق.

وانتقد متقاعدون تجاهل حكومة الإطار التنسيقي لمعاناة المتقاعدين، حيث أن رواتبهم اليوم لم تعد تسد متطلبات الحياة الكريمة كالسكن والمعيشة والملبس وغيرها في وقت يضطرون فيه لدفع الرشى لتمشية معاملاتهم.
وبينوا أن معاناة المتقاعد تبدأ من أول يوم لإحالته على التقاعد إذ يعاني بين الدوائر الحكومية لحين إكمال معاملته وكل هذا يعد بسيطًا لما سيواجهه لاحقًا من تأخر صرف الراتب والمستحقات.
ويصف متقاعد خلال مراجعته هيئة التقاعد في ساحة الوثبة بشكل مجازي أن الذهاب إلى الجحيم أهون من التوجه إلى دائرة التقاعد.
ويضيف المتقاعد السبعيني الذي بدى التعب عليه “إذا حاولت سؤال أي من الموظفين فإنه لن يجيبك، بل يتجاهلك و يمسح بشخصيتك الأرض”.
ويتابع “ليست هناك آلية لاحترام البشر من المسنين سواء الرجال أو النساء وكذلك لا يوجد ترتيب في المعاملات بشكل صحيح”.
وعن تجاوب المسؤولين مع شكاوى كبار السن يؤكد المتقاعدون عدم مبالاة السلطات بمعاناتهم على الرغم من وضعها صندوقًا لاستقبال الشكاوى قبل أن يتحول إلى جزء من الديكور الداخلي لدائرة التقاعد.
ويصف المتقاعد عدنان سبتي “صندوق الشكاوى بالطرفة المضحكة لأي مراجع بعد أن وجد لكي يكون ظاهرًا للعيان ومعلقا في الواجهة ليراه حتى الأعمى لكن لا أحد يفتحه و لو بالصدفة  و لربما فيه مقترحات تخدم عمل دائرة التقاعد”.
ويتابع “الصندوق مرفوع كديكور فقط وبدلًا من صندوق الشكاوى هناك شعار متداول بين المتقاعدين وهو الشكوى لغير الله مذلة”.

وتقدر أعداد المتقاعدين في العراق بنحو مليون و600 ألف يقبع 60 بالمائة منهم تحت خط الفقر نتيجة الإهمال وغياب الدعم الحكومي على الرغم من وعود رئيس الحكومة الحالية محمد شياع السوداني بتحسين ظروفهم ورفع الحد الأدنى لرواتبهم ومنحهم أراض سكنية.
ويؤكد رئيس الجمعية العراقية للمتقاعدين مهدي العيسى أن “المتقاعدين، ينقسمون إلى فئتين نتيجة القوانين الجائرة؛ فئة المتقاعدين القدامى المحالين على التقاعد قبل عام 2014 نزولًا إلى ما قبل 2003، والفئة الثانية هم المتقاعدون المحالون بعد عام 2014، وهم المشمولون بهذه القوانين الجديدة”.
ولفت إلى ان “القوانين الجائرة أفرزت تمايزًا بين هاتين الفئتين من ناحية الاستحقاقات القانونية والمخصصات ومقدارها وطريقة الاحتساب وغيرها، ونحن نتحدث هنا عن مظلومية كبيرة لحقت بالمتقاعدين القدامى، بينما أقرانهم من الفئة الثانية نالوا استحقاقاتهم القانونية”.
وأشار إلى أن هذا التمييز أفرز ما لا يقل عن مليون و600 ألف متقاعد يعيشون بمستوى خط الفقر، أو تحته.
واستعرض رئيس الجمعية العراقية للمتقاعدين عددًا من المطالب التي أكد عدم تراجعهم عنها حتى تحقيقها بعد نجاحهم بتنظيم نحو 20 تظاهرة خلال عام 2023.
وأكد أن “المطلب الاول الذي لا يمكن ان نتنازل عنه هو التعديل الثاني لقانون التقاعد متمثلا بالمسودة المرفوعة وتفعيل المواد المعطلة فيها وهي المادة 13 و14، والمساواة بين جميع المتقاعدين”.
وتابع “مطلبنا الثاني يتمثل بمراعاة الأرامل واليتامى والمطلقات للمرة الأولى والعائلات الورثة الذين يحرمون من الراتب التقاعدي بسبب الابن البالغ وإلغاء هذا الشرط”.
واستطرد قائلًا إن المطلب الثالث يتعلق بجعل “الحد الأدنى للراتب التقاعدي 800 ألف دينار وليس 500، مع زيادات سنوية تتناسب مع مستوى التضخم المرتفع، وهذه المطالب سنعمل على رفعها والمطالبة بتحقيقها”.
وانتهى بالقول إن المطلب الرابع هو توفير التأمين الصحي للمتقاعد بشكل مجاني، لتخليصه من استنزاف الراتب نتيجة المراجعات الصحية والأدوية وغيرها، وهذا من شأنه التخفيف على المتقاعد الكثير من الأعباء المالية”.
ويتفق الكاتب حامد شهاب مع ما ذهب إليه رئيس الجمعية العراقية للمتقاعدين حول وجود تمييز بين شرائح مستفيدة وأخرى مضطهدة من المتقاعدين.
ويرى شهاب أن “شريحة المتقاعدين، وبخاصة من شملوا بقانون التقاعد قبل عام 2014، من أكثر شرائح المجتمع العراقي مظلومية ومعاناة معيشية، وهم من تحملوا كل تلك السنوات عناء تدني رواتبهم، وعدم شعورهم بأنهم مشمولون بالمواطنة الحقيقية”.
ويؤكد أن “الراتب الذي يتراواح ما بين 400 – 500 ألف دينار لا يكفي ربما لأسبوع واحد، أو في أقصى تقدير عشرة أيام، وبقية أيام الشهر يبقى المتقاعدون في حيرة من أمرهم، وعائلاتهم تعاني الفاقة والعوز والحرمان، وكل أشكال القهر والاضطهاد والشعور بالغبن المجتمعي والحكومي غير المبرر، بل يعد حرمانهم من حقوقهم تجاوزًا على حرياتهم وحقوق الإنسان في العراق في أبسط صورها”.
ويشدد على أن يتخذ مجلس الوزراء ومجلس النواب قرارات سريعة لا تقبل التراخي أو الإبطاء او المساومة لإنصاف شريحة المتقاعدين المظلومين تاريخيًا”.
وطالب الكاتب حامد شهاب “بجعل قضية المتقاعدين من الأولويات المعيشية، وأن تزداد رواتبهم بنسب تتساوى مع أقرانهم ممن تقاعدوا قبل خمس أو ست سنوات وأن لا يبقى التمييز بين العراقيين على أساس السنوات والأنظمة والقوانين الجائرة، بل على أساس عدد سنوات الخدمة والدرجات الوظيفية على مر الأزمان”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى