أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

رغم الموازنات الانفجارية.. المستشفيات الحكومية بلا خدمات طبية

مرضى السرطان والفشل الكلوي يعانون من النقص الحاد في الأدوية والأجهزة الطبية وتجاهل مستمر لحكومة الإطار التنسيقي لمعاناتهم المتفاقمة

المثنى – الرافدين
اشتكى عدد من مرضى الكلى وأهاليهم في محافظة المثنى من الإجراءات الفوضوية لوزارة الصحة حيث تم إلغاء التقاعد مع الشركة التي كانت تزود المحافظة بـ 44 جهازًا لغسل الكلى والتعاقد مع شركة أخرى لا تمتلك سوى 14 جهازًا متهالكًا.
وتساءلوا عن حيرتهم في تقديم المناشدات فوزارة الصحة هي المسؤولة عن عقود الشركات التي توفر هذه الأجهزة الطبية واتخذت قرارًا ينم عن جهل كبير ولامبالاة لمعاناة المرضى التي تتفاقم بسبب القرارات الخاطئة التي تتخذها الوزارة.
وقالوا إن أعداد المحتاجين لغسل الكلى تقدر بـ 300 شخص وقد كانوا يعانون بوجود 44 جهازًا لأنها لا تغطي حاجتهم في المحافظة فيكف سيكون الحال بوجود 14 جهازًا فقط.
وطالبوا من خلال وقفة أمام مكتب مجلس النواب في المحافظة بتوفير أجهزة غسل الكلى وتلبية احتياجات المرضى مقللين في الوقت ذاته من استجابة المسؤولين لمطالبهم لانشغالهم بتقاسم حصص المحافظة من خلال الترتيبات الجارية لإدارة مجالس الفساد.
ولا يختلف حال مرضى الكلى عن مرضى السرطان حيث اشتكى أحد المرضى من أمام مركز الأورام وأمراض الدم في البصرة من عدم توفر علاج مرضى السرطان داخل المستشفيات الحكومية.
وأضاف أن الإبرة العلاجية خارج المستشفى تقدر بـ 115 ألف دينار متسائلًا كيف أستطيع تأمين العلاج بتكلفته الباهظة وأنا رجل متقاعد ولا أملك الأموال اللازمة لشراء العلاج وسط غياب الدعم الحكومي وارتفاع تكاليف المعيشة جراء الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد وانعكاساتها السلبية على حياة المواطنين.
وفي آخر إحصائية أعلنتها وزارة الصحة العراقية (قبل نحو ثلاثة أعوام) عن أعداد مرضى وإصابات السرطان، كشفت عن تصدر سرطان الثدي والرئة والقصبات المرتبة الأولى.
وأفاد أمين عام مجلس السرطان في الوزارة خضير الرواق في تصريح، أن “آخر إحصائية مسجلة عام 2020 من مجلس السرطان في وزارة الصحة أكدت وجود نحو 31 ألف حالة جديدة، بينها سرطان الثدي لدى النساء النوع الأول وسرطان الرئة والقصبات الأول عند الرجال”.
وأوضح “لقد أعددنا تقريراً لعام 2021 ومن المتوقع أن يكون العدد المسجل ما يقارب 37 ألف حالة جديدة”.
فيما أكدت منظمة الصحة العالمية، أن أعداد المصابين بمرض “السرطان” في العراق قد بلغ نحو 35  ألف مصابًا، مشيرة إلى أن أكثر من نصف الاصابات من “النساء”.
واشتكى الناشط أبو زين العابدين الحسناوي من الإهمال الحكومي لمستشفى ناحية الحرية في محافظة النجف والذي تم افتتاحه حديثًا حيث يفتقر إلى أبسط العلاجات والرعاية الصحية.
وتحدث الناشط عن “معاناة المرضى من خلال إحالتهم إلى مستشفيات أخرى بسبب غياب الخدمات الصحية في مستشفى الناحية”.
وأضاف الناشط أن “هذه المستشفى تفتح فقط يومين في الأسبوع بسبب نقص الكادر الطبي مما يضطر الأهالي إلى مراجعة المستشفيات الأهلية”.
وأكدت لجنة الصحة النيابية خلال الفترة الماضية عن وجود مشاكل كبيرة بالقطاع الصحي وخاصة فيما يتعلق بعدم توفر الأدوية.
وقالت اللجنة إن بعض المستشفيات تعاني من نقص بالتجهيزات سواءًا العلاجات أو المستلزمات الطبية والأسباب كثيرة، منها عدم توافق التخصيصات مع حجم الأدوية والعلاجات المطلوبة.
وأضافت أن شركة كيماديا تجهز نسبة 30 بالمائة تقريبًا للمستشفيات والدوائر الصحية وأيضًا توجد لجان المشتريات تجهز 15 بالمائة تقريبًا من الأدوية، فيما تبقى 50 بالمائة على عاتق المواطن، حيث يشتري هذه العلاجات غير المتوفرة من القطاع الخاص بأسعار مرتفعة.
وأقر رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي في تصريحات صحافية سابقة أن “كل المحافظات العراقية تعاني من نقص حاد بأدوية معالجة الأمراض السرطانية ومعالجة الأمراض المزمنة”، مردفًا “لا نستطيع وفق الأموال المخصصة توفير أكثر من 35 بالمائة من هذه الأدوية”.
وأشار شنكالي إلى أنه ” تم تخصيص مليار و200 مليون دولار لهذه الأدوية والعلاجات، بينما نحتاج إلى 4 مليارات دولار لتوفير الأدوية والعلاجات للمواطنين المرضى”.
ويرى عضو الهيئة العمومية لجمعية الهلال الأحمر عقيل الشويلي إن “الوضع الصحي في العراق مترد، ويعد فقيرًا نسبيًا بسبب النقص في مستلزمات الأدوية والأجهزة الطبية، فضلًا عن البنى التحتية التي بحاجة إلى تطوير”.
ولفت الشويلي إلى أن “حلول وزارة الصحة تعد ترقيعية، ولم تعالج نقص الخدمات الذي يزداد سوءًا”.
وتعاني المستشفيات في العراق من سوء الخدمات الطبية المقدمة والبنى التحتية المتهالكة للمستشفيات التي بني بعضها منذ 60 عامًا، إضافة إلى قلة توفير الأجهزة الطبية الحديثة، والأدوية، وسوء الرعاية الصحية المجانية في القطاع الحكومي.
وقالت طبيبة مقيمة في مستشفى الشيخ زايد ببغداد رفضت الكشف عن اسمها إن “أبرز الصعوبات التي تواجه عمل الأطباء في العراق، هي عدم وجود أبسط الوسائل لإجراء الفحوصات الطبية والتحاليل اللازمة، فضلًا عن عدم وجود أهم العلاجات التي تعتبر مهمة لإنقاذ حياة المريض”.
ويرى الطبيب وليد بريسم أن “العراق لا يملك سياسية واضحة ومركزية في عملية إيصال أدوية الأمراض المزمنة لمحتاجيها ولا توجد خطة مركزية لتسويق وتزويد المستشفيات بما تحتاجه من أدوية”.
وأضاف بريسم في تصريح لقناة الرافدين أن “المريض في العراق أصبح فريسة لأصحاب مذاخر الأدوية التي بات أغلبها أشبه بمافيا مسؤولة عن تهريب الأدوية والمتاجرة بها”.
مشيرًا إلى أن “أغلب عمليات تهريب الأدوية والصفقات الفاسدة تجري من داخل المؤسسات الحكومية بالتعاون مع مافيات تتاجر بالأدوية”.
وقال أخصائي طب الطوارئ الدكتورعرفان يونس الشمري في مداخلة له على قناة الرافدين إن “المستشفيات الحكومية في العراق تحتضر بسبب نظام المحاصصة الذي تسبب بشلل مؤسسات الدولة وانعدام التنمية”.
وأشار الشمري بأن “تراجع الخدمات الطبية المستمر بالعراق حتى وصل من بين الأسوأ عالميًا جعلت العديد من العراقيين يختارون العلاج خارج البلاد بعد أن انعدمت ثقتهم بالنظام الصحي داخل العراق”.
وتجمع مصادر سياسية على أن “نظام الرعاية الصحية الفاسد في العراق، يعكس بشكل واضح فشل أسلوب الحكم والعجز عن التغلب على الصراعات السياسية”.
والعراق خامس أغنى دولة نفطية في العالم، ومع ذلك لا يستطيع مواطنوه الحصول على الأدوية الأساسية وتأمين صحي يعالجهم من الأمراض.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى