أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

كرامات مهدورة ورسوم علاج مكلفة تزيد أوجاع العراقيين في المستشفيات الحكومية

حكومة الإطار التنسيقي تزج المرضى في سلسلة من الأزمات بدلًا من إيجاد الحلول المناسبة لانتشال الواقع الصحي المتردي وتخفيف المعاناة.

بغداد ــ الرافدين
أعرب عراقيون عن استيائهم من استمرار تخبط القرار الحكومي بشأن واقع الخدمات الصحية في العراق، حيث تعمد الحكومات المتعاقبة على زج المرضى في سلسلة من الأزمات بدلًا من إيجاد الحلول المناسبة لانتشال الواقع الصحي المتردي وتخفيف معاناة المرضى.
وعلى الرغم من الثروات الهائلة والإمكانيات المالية التي يتمتع بها العراق والموازنات الانفجارية، تصر الجهات الحكومية على وضع الرسوم المالية مقابل التشخيص الطبي والعلاج داخل المستشفيات الحكومية بعد إلغاء نظام الرعاية الصحية المجاني عام 2016.
وانتقد مراقبون النهج الحكومي في تجاهل معاناة المرضى داخل البلد الذي يفتقر إلى أبسط الخدمات الصحية بالإضافة إلى العشوائية في وضع رسوم العلاج داخل المستشفيات الحكومية حتى أصبح المرضى ينفقون مدخراتهم في سبيل دفع مبالغ العلاج.
وانزلقت كافة القطاعات الخدمية في البلاد لا سيما الصحية نحو التراجع السريع بسبب الفشل الحكومي منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، فضلًا عن الفساد المستشري وتخبط القرار داخل أروقة الحكومات المتعاقبة.
ويعاني القطاع الصحي في العراق من تراجع كبير وانهيار أدى إلى حرمان ملايين العراقيين من الرعاية الصحية المستحقة لهم ولعائلاتهم، بعدما أدى الفساد والفشل الحكومي إلى نقص الكوادر الطبية ونهب مخصصات الرعاية الصحية لصالح الفاسدين في الأحزاب الحاكمة والميليشيات المتنفذة سياسيًا.
وتسبب الإهمال والفساد في إلغاء مجانية الرعاية الصحية للعراقيين إبان حكومة حيدر العبادي التي بدأت بتحصيل الرسوم المالية مقابل التشخيص والتحاليل والأشعة والعلاج داخل المستشفيات والمؤسسات الصحية الحكومية.
وباشرت المستشفيات الحكومية بتحصيل رسوم للخدمات الصحية من المرضى لأول مرة بعد ما كانت الرعاية الصحية تتكفل الدولة بتأمينها للمواطنين بشكل متميز ومجاني قبل الاحتلال.

منظمات دولية تكشف زيف الوعود الحكومية بشأن تحسين الواقع الصحي المتدهور

وبررت الجهات الحكومية بعد الرفض الشعبي الواسع لقرار إلغاء مجانية العلاج، أنها ستوفر الخدمات الطبية بشكل مجاني للمواطنين المستفيدين من نظام الحماية الاجتماعية، وهو أمر وصفه مراقبون بأنه وجه آخر للفساد لعدم وجود أليات شفافة وجادة تمكن من إحصاء المستحقين لشمولهم وفق برنامج الرعاية الصحية المجانية بشكل عادل.
وتكشف بيانات هيئة النزاهة أن أكثر من نصف معاملات شبكة الحماية الاجتماعية، هي معاملات مزورة لشخصيات وهمية، بل إن الملايين من رواتب الرعاية الاجتماعية تصرف إلى موتى، في الوقت الذي يحرم كثير من العراقيين ممن يعيشون تحت خط الفقر من التسجيل في نظام الحماية الاجتماعية وبالتالي يحرمون من حقهم في مجانية الرعاية الصحية.
وأنشئ نظام الرعاية الصحية في البلاد بشكل مركزي ومجاني في سبعينات القرن الماضي، حيث تدفع الدولة ثمن الأدوية والمستلزمات الطبية وأجور الأطباء والعاملين والموظفين في المستشفيات الحكومية.
وتحول القطاع الصحي والمستشفيات العراقية بعد عام 2003 إلى مجاز طبيبة باعتراف المؤسسات الحكومية نفسها، وإن التقارير الإعلانية لا يمكن أن تقوم بغسيل السمعة الطبي أمام المواطن العراقي الذي يعاني شحة الدواء وغلائه وتردي الخدمات في المستشفيات الحكومية.
وفاقم إلغاء الدعم الصحي الحكومي من معاناة المرضى داخل المستشفيات بسبب غلاء رسوم التشخيص والعلاج والأشعة والتحاليل الطبية وغيرها.
وأعرب المرضى عن استيائهم من قرار الحكومة إلغاء مجانية الرعاية الصحية، في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشها العراقيون.
وتحدثوا عن عدم امتلاكهم إمكانيات مادية لدفع تكاليف العلاج ما يتسبب في مخاطر صحية للعراقيين بعد تخلي الحكومة عن دعمهم بالعلاج والتشخيص الطبي داخل المستشفيات التابعة لها.
وقال أحد المواطنين إنه خلال المراجعة لأحد المستشفيات الحكومية في بغداد تم استيفاء رسوم عن الفحص والتحليلات المرضية وقسم الأشعة بمبالغ لا يتمكن الفقير من دفعها.
وتابع المواطن أن زيارة واحدة لمستشفى حكومي لإجراء تحاليل وفحوصات مرضية تحتاج إلى ما يتراوح بين 30 إلى 50 ألف دينار على أقل تقدير بالوقت الذي كانت تقدم هذه الخدمات مجانًا.

نقيب الأطباء العراقيين جاسم العزاوي: الأزمة العاصفة بالقطاع الصحي العراقي هي نتاج تراكمات السنين، فالمستشفيات لا تقدم الخدمات اللازمة للمرضى.

وتجمع مصادر سياسية وهيئات دولية على أن نظام الرعاية الصحية الفاسد في العراق، يعكس بشكل واضح فشل أسلوب الحكم والعجز عن التغلب على الصراعات السياسية.
وأشارت إلى أن العراق خامس أغنى دولة نفطية في العالم، ومع ذلك لا يستطيع مواطنوه الحصول على الأدوية الأساسية والتأمين الصحي الذي يعالجهم من الأمراض.
وبحسب تصنيف موقع “نومبيو” المعني بقياس المستوى المعيشي لدول العالم، فقد جاء العراق بالمرتبة الثالثة ضمن أسوأ الدول في مجال الرعاية الصحية الأولية بالعالم خلال عام 2023.
وكشف التصنيف زيف شعارات حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني التي روجت بالاهتمام بالقطاع الصحي وتخفيف معاناة المواطن من خلال الضمان الصحي.
ووصفت كوادر صحية وأعضاء نقابات وعود حكومة الإطار التنسيقي، بشأن تفعيل قانون الضمان الصحي “باللغو المكرر” والوعود الفارغة البعيدة عن أمل التحقيق والواقعية تحت وطأة الفساد الذي ينخر وزارة الصحة منذ أول حكومة شكلت بعد الاحتلال الأمريكي.
ويرى المختصون أن هناك جملة تحديات ستواجه تنفيذ قانون الضمان الصحي منها ضعف قواعد بيانات الفئات المستهدفة، فضلًا عن ضعف الحوكمة الإلكترونية وتحديد حجم الفئات المستثناة، وحجم الفجوة المالية المتوقعة بداية تطبيق القانون، فضلًا عن الفساد المستشري في وزارة الصحة.
وقال نقيب الأطباء العراقيين جاسم العزاوي، إن قانون الضمان الاجتماعي يواجه تحديات ومعرقلات حقيقة تحول دون تطبيقه والعمل به.
ولفت إلى الحاجة الماسة للجهود من أجل الإسراع بتطبيق القانون، مطالبًا الحكومة بتهيئة كافة المتطلبات ومشاركتها في التمويل اللازم.
وأكد العزاوي على أن الأزمة العاصفة بالقطاع الصحي العراقي هي نتاج تراكمات السنين، فالمستشفيات لا تقدم الخدمات اللازمة للمرضى.
وأضاف أن ما يحتاجه القطاع الصحي في العراق هو الإصلاح والتطوير بشكل جذري تؤطره خطة علمية شاملة ومدروسة يضعها أهل الاختصاص والخبراء لتذليل التحديات التي تجابه قطاع الصحة.

الدكتور عرفان يونس الشمري: المستشفيات الحكومية في العراق تحتضر بسبب نظام المحاصصة الذي تسبب بشلل مؤسسات الدولة وانعدام التنمية

وقال أخصائي طب الطوارئ الدكتور عرفان يونس الشمري إن المستشفيات الحكومية في العراق تحتضر بسبب نظام المحاصصة الذي تسبب بشلل مؤسسات الدولة وانعدام التنمية.
وأشار الشمري في تصريح لقناة “الرافدين”، بأن “تراجع الخدمات الطبية المستمر بالعراق حتى وصل من بين الأسوأ عالميًا جعلت العديد من العراقيين يختارون العلاج خارج البلاد بعد أن انعدمت ثقتهم بالنظام الصحي داخل العراق.
يذكر أن قانون الضمان الصحي قد أقر في البرلمان عام 2020، مع إلزامية تطبيقه خلال ستة أشهر بعد المصادقة عليه في 2021، لكن لم يطبق القانون حتى اللحظة بسبب صراعات الأحزاب والأزمات السياسية المتفاقمة والاكتفاء بتبادل الاتهامات فيما بينهم.
واتهم النائب السابق عباس الزاملي، وزارة الصحة مسؤولية سوء الخدمات، مشيرًا إلى سيطرة مافيات الفساد على الوزارة، فضلًا عن سوء الإدارة في غالبية المستشفيات الحكومية وغلاء رسوم العلاج التي يدفعها المواطن الفقير.
وأضاف أن طبقة الدخل المحدود لا تملك ثمن العلاج، وهذا الأمر خطير جدًا ويمكن أن يؤثر على حياة الناس.

الفساد والإهمال الحكومي يفاقمان معاناة المرضى في العراق
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى