أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

صفقات الغاز والكهرباء الفاسدة تحول دون استثمار الطاقة النظيفة في العراق

البنك الدولي: يتمتع العراق بأكثر من 3000 ساعة من سطوع الشمس، من أصل 8700 ساعة في السنة، إلا أن أكثر من 98 في المائة من الكهرباء في العراق تُنتَج عن طريق الوقود الأحفوري.

بغداد – الرافدين
لا يزال العراق يعاني الإهمال المتعمد من حكومات الاحتلال المتعاقبة لملف الطاقة والبيئة واقتصاره على الوقود الأحفوري كمصدر للطاقة والمال، على الرغم من وجود طاقة شمسية كبيرة ونظيفة متاحة في العراق، في ظل تحذيرات من انتكاسات اقتصادية وبيئية واجتماعية واسعة النطاق، إذا استمرت حال البلاد على هذه الوتيرة.
ومع حلول اليوم الدولي للطاقة النظيفة الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في السادس والعشرين من كانون الثاني من كل عام لتحفيز وعي الناس وحشدهم للعمل للانتقال العادل والشامل إلى الطاقة النظيفة بما يعود بالنفع على الناس والكوكب، تستمر حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في عدم استثمار الطاقة الشمسية في العراق بسبب الفساد الحكومي والصفقات المشبوهة في مشاريع وهمية متعلقة بالنفط والكهرباء.
ويعيش العراقيون، في ظل تأثيرات التغير المناخي، انقطاعًا متكررًا للكهرباء يصل إلى عشر ساعات يوميًا، ويزداد الأمر سوءًا مع ارتفاع درجات الحرارة حتى الخمسين خلال فصل الصيف.
وتتعمد الحكومات المتعاقبة وآخرها حكومة السوداني التي شكلها الإطار التنسيقي الموالي لإيران، استيراد الغاز من إيران بتكاليف باهظة وبالعملة الصعبة، لسد النقص في تجهيز البلاد بالطاقة الكهربائية، في حين أنها تهدر الغاز المصاحب بكميات كبيرة من شأنها سد النقص الحاصل.
ولا تزال الطاقة النظيفة في العراق غير مستغَلة بشكل كاف، على الرغم من حاجة العراق إلى أكثر من 32 ألف ميغاواط لتغطية النقص في انتاجه من الطاقة الكهربائية والذي يبلغ نحو 24 ألف ميغاواط فقط، بسبب تهالك بنيته التحتية عقب عقود من النزاعات السياسية والفساد المالي والإداري، وتغول الميليشيات في مفاصل الدولة، وانشغال الأحزاب بتقاسم حصص أموال البلاد.
ووفقًا للبنك الدولي، فإن يتمتع العراق بأكثر من 3000 ساعة من سطوع الشمس، من أصل 8700 ساعة في السنة، إلا أن أكثر من 98 في المائة من الكهرباء في العراق تُنتَج عن طريق الوقود الأحفوري.
وكانت حكومة مصطفى الكاظمي قد وقّعت اتفاقات عدة لبناء محطات طاقة شمسية، ومشاريع لإنتاج الطاقة المتجددة، إلا أنها لم تر النور بسبب عدم أهلية الشبكة الوطنية العراقية لإحداث دمج كميات كبيرة من مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة، بحسب ما يراه المستشار المستقل لشؤون الطاقة وعضو معهد الطاقة العراقي هاري ستيبانيان.
وأضاف ستيبانيان، خلال حديثه وسائل إعلام عربية، أن الشبكة المجهزة للكهرباء في العراق تعاني منذ عدة سنوات من عدم تلبية كمية الكهرباء التي يتم توليدها محليًا بفعل الطلب المتزايد.
وأشار خبير الطاقة، إلى أن الطبيعة المتقطعة للطاقة الشمسية ستتسبب بتحديات تشغيلية لمشغل الشبكة الوطنية العراقية، مما يتطلب الحاجة إلى موازنة النظام وتقنيات تخزين الطاقة، التي لا تعتزم الحكومات في العراق إضافتها على الأقل في المستقبل القريب.

الدكتور سامي الهاشمي: مشاريع الطاقة المتجددة لن تنجح في العراق في الوقت الحاضر، بسبب سطوة السلاح المنفلت على القرار الاقتصادي.

من جانبه استبعد الخبير العراقي في مجال الطاقة الكهربائية والمتجددة الدكتور سامي الهاشمي، نجاح هذه المشاريع في حل أزمة الكهرباء في العراق.
وقال الهاشمي “إن مشاريع الطاقة المتجددة لن تنجح في العراق في الوقت الحاضر، بسبب سطوة السلاح المنفلت على القرار الاقتصادي فضلًا عن الفساد المالي والإداري الذي ينهش الكهرباء التي تعتبر عمود الاقتصاد العراقي لإنعاش مفاصله الأخرى كالصناعة والزراعة وغيرها من المفاصل الاقتصادية”.
وأشار إلى أن الاقتصاد العراقي متهالك جدًا وأن القائمين عليه لا يأخذون بأي أفكار وخطط اقتصادية تُعرض من قبل المختصين، مؤكدًا على أن تعافي قطاع الكهرباء يكمن في خروج الانتهازيين من وزارة الكهرباء العراقية.
وما يؤكد ذلك وجود عروض من شركات دولية لإقامة مشاريع كبرى لتوليد الطاقة الشمسية في صحراء الأنبار، لكنها لم تحصل على موافقات حكومية، مع أن البيئة مناسبة وجاهزة لمثل هذه المشاريع الكبرى.
ويرى خبراء ومراقبون بأن الطاقة الشمسية متاحة بشكل كبير ومجاني إذ يعد العراق من بين الدول التي تتمتع بالشمس الوفيرة، لكنها مهملة، وعدم تبني الحكومات المتعاقبة لمشاريع الطاقة النظيفة كما تفعل دول أخرى في المنطقة كاستثمار دول مثل المغرب والإمارات العربية المتحدة وحتى الأردن ومصر على نحو واسع في بناء مشاريع للطاقات المتجددة.
وقال خبير الطاقة في “مؤسسة روكفلر” الأمريكية، علي الصفار: إن “أسوأ موقع للطاقة الشمسية في العراق قادر على توفير موارد تفوق ثلثيْ أفضل موقع في ألمانيا”، مضيفًا أن “الطاقة الشمسية ستوفر إمدادات رخيصة ونظيفة، تتيح للعراق حل أزمة النقص الدائم في الكهرباء بشكل نهائي”.
وتتعارض رغبات حكومة الإطار التنسيقي مع الدعوة التي أصدرها مؤتمر المناخ الأخير، COP28، الذي عقد في الإمارات العربية المتحدة، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري كالنفط والغاز الطبيعي لحماية البيئة، كما يتقاطع الاقتصاد العراقي الهش مع فكرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر الذي يهدف إلى الحدّ من المخاطر البيئية، وقطعت فيه دول الخليج شوطًا مهمًا.
وسبق أن حذرت تقارير دولية من انتكاسات اقتصادية وبيئية واجتماعية واسعة النطاق، ما لم يتم اتخاذ تدابير فورية وفعالة من خلال تطوير الطاقة المتجددة.
وعلى الرغم من كل الوعود بالتغيير، لا تزال البلاد تعاني من أهم العقبات، كسوء الإدارة والفساد وغياب السياسات الصحيحة، وتشجيع مشاركة الاستثمار الأجنبي الذي يرفضه وكلاء إيران في العراق.

حكومة الإطار تنعش موارد إيران
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى