أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

ميليشيا حزب الله تلتزم بأوامر طهران المتعلقة بخفض التصعيد مع واشنطن

حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني تسارع لتقديم المسوغات لتبرير فضيحة تبعية ميليشيا حزب الله لإيران وتناقض ذلك مع ادعاءاتها المتكررة بوحدة القرار ومركزيته في الحشد الشعبي الذي يخضع لأوامر القائد العام.

بغداد – الرافدين

أجمعت أوساط سياسية على أن تعليق ميليشيا حزب الله في العراق لعملياتها ضد القوات الأمريكية في العراق والمنطقة جاء استجابة لأوامر إيرانية في وقت تزعم فيه حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني خضوع الميليشيا لسلطتها وقرارها.
وأشار كتاب ومعنيون بالشأن العراقي إلى أن المؤشرات تدلل على أن بيان تعليق العمليات للميليشيا المنضوية تحت جناح الحشد الشعبي، جاء بأوامر إيرانية لتجنب المواجهة مع واشنطن.
وكانت ميليشيا حزب الله قد أعلنت على نحو مفاجئ في بيان، تعليق العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية بعد أقل من شهر على إعلان أكدت فيه تصعيد عملياتها وتغيير قواعد الاشتباك “نصرة لغزة” على حد وصفها.
وجاء بيان الميليشيا بعد إعلان واشنطن التحضير لرد عسكري على الهجوم الذي استهدف القاعدة الأمريكية قرب الحدود بين سوريا والأردن والذي أسفر عن مقتل 3 جنود مطلع الأسبوع.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية “بنتاغون”، إنها تنتظر أفعالًا وليس أقوالًا فقط من ميليشيا “حزب الله العراقي”، فيما يخص عدم الاعتداء على القواعد الأمريكية في المنطقة.
جاء ذلك في معرض رد على بيان الميليشيا التي أعلنت تعليق عملياتها العسكرية ضد القوات الأمريكية.
وبينت الوزارة على لسان المتحدث باسمها باتريك رايدر “لقد طالبنا بوضوح وكلاء إيران في المنطقة بوقف هجماتهم، لكنها لم تتوقف.
وأضاف رايدر “سنرد الآن في الوقت والطريقة التي نختارها وسننظر إلى أفعالهم وليس تصريحاتهم، ويكفي أن أقول إن 3 هجمات أخرى وقعت خلال آخر يومين على حد علمي”.
وأكد أن بلاده تواصل تحقيقاتها في الهجوم بالمسيرات على القاعدة العسكرية الأمريكية قرب الحدود السورية الأردنية.
بدوره قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، إن واشنطن تحقق في “دور مباشر” لإيران في استهداف القاعدة الأمريكية على الحدود الأردنية السورية.
وأضاف في مؤتمر صحفي الثلاثاء، أن هناك “أصابع إيرانية” في هجوم الأردن، ويجري التحقيق في ما إذا كانت طهران قد زودت أم لا المهاجمين بالطائرة المسيّرة المستخدمة في الاعتداء.

ميليشيا حزب الله تمتلك سجلًا حافلًا بالجرائم ضد المدنيين في العراق وسوريا فضلًا عن تورطها بعمليات إخفاء قسري للسكان

ويرى مراقبون أن الميليشيا سارعت لإعلان تعليق العمليات خشية من رد أمريكي وشيك في مناطق نفوذها لاسيما منطقة جرف الصخر التي تضم معسكرات لها بعد أوامر إيرانية بخفض التصعيد لتجنب ضربة عسكرية على نطاق واسع.

جمال عبيدي: لا أستبعد أبدًا أن الإدارة الأمريكية هي من طلبت من طهران أن يكتب بيان تعليق ميليشيا كتائب حزب الله العراقية العمليات بهذا الشكل

وقال الصحفي جمال عبيدي أن “طهران أرادت من تعليق عمليات كتائب حزب الله في العراق وسوريا تخفيف التصعيد مع واشنطن والتأكيد على أن إيران لا علم لها في الهجوم”.
وأضاف الصحفي الأحوازي المقيم في لندن في تغريدة على منصة أكس أن “إعلان تعليق العمليات يعد بادرة حسن نية من طهران لتخفيف الضغط على إدارة بايدن”.
وتابع “لا استبعد أبدًا أن الإدارة الأمريكية هي من طلبت من طهران أن يكتب بيان تعليق العمليات بهذا الشكل”.
وكشف بيان تعليق العمليات الذي أثار موجة سخرية كبيرة بين أوساط العراقيين عن التناقض بين التصريحات الحكومية التي طالما أكدت أن الميليشيات خاضعة لها وتأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة، بينما بيان حزب الله يقول إنه أوقف العمليات لتجنب “إحراج” الحكومة وسط تساؤلات عمن يخضع لمن.
وقال الباحث بالشأن العراقي مجاهد الطائي إن “إيران ومنذ أيام؛ تؤكد في المحافل الدولية أنها غير مسؤولة عن أفعال بيادقها في المنطقة؛ وبيادقها هي الأخرى تؤكد أنها مستقلة وتنفذ أعمالها بدون توجيه من أحد”.
وتساءل الطائي في تغريدة على منصة أكس “هل استسلمت ميليشيا كتائب حزب الله من أول تهديد جدي أمريكي؟”.
وتابع “لو يعلم الأمريكان أن ميليشيات طهران سيتخلون عن مفرقعاتهم بهذه السرعة؛ لهددوهم منذ زمن”.
وخلص الطائي بالقول إن “المضحك بالأمر أنهم يتعهدون بمواصلة دعم غزة بطرق أخرى، دون إلافصاح عن هذه الطرق، لكن من يصدق محور المقاومة؟”.
وعلى الصعيد الحكومي حاولت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني تقديم المسوغات لتبرير فضيحة تبعية ميليشيا حزب الله لإيران وتناقض ذلك مع ادعاءاتها المتكررة بوحدة القرار ومركزيته في الحشد الشعبي الذي يخضع لأوامر القائد العام.
وقال مستشار رئيس الوزراء في حكومة الإطار للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين إن “قرار كتائب حزب الله جاء بعد أيام من الجهود الحثيثة لرئيس الوزراء العراقي بهدف منع أي تصعيد جديد بعد هجوم الأردن”.
وأضاف “بذل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني جهودًا مضنية خلال الأيام القليلة الماضية ويتواصل مع جميع الأطراف المعنية داخل العراق وخارجه”.

أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني وراء تأسيس ميليشيا حزب الله الذراع الأبرز للحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا

وتعد ميليشيا حزب الله جزءًا فاعلًا في حرب الإبادة في المدن المنكوبة التي شنها الحشد الشعبي الذي يضم ميليشيات عدة تشكل معظمها في عام 2014 فضلًا عن تورطها بتغييب عشرات الآلاف من المدنيين خلال الحرب.
وتنشط الميليشيا الموالية لطهران في العراق وسوريا في وقت تشير فيه مصادر إلى أن زعماء الميليشيا تورطوا منذ الثمانينيات في أنشطة إرهابية بدعم من إيران، رغم أنها تأسست رسميًا في نيسان 2007″.
وبعد الاحتلال الأمريكي في 2003، توسع نشاط هؤلاء، ومنهم أبو مهدي المهندس مؤسس المجموعة الذي قتل في غارة أمريكية مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العراق في 2020.
وتحت قيادة المهندس، أنشأت ميليشيا حزب الله شبكات تهريب لنقل الأسلحة والمعدات الإيرانية لاستخدامها إلى العراق وسوريا، وفقا لمصادر مطلعة.
ومنذ مقتل جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم، المعروف بلقب أبو مهدي المهندس برفقة سليماني، يقود الميليشيا أحمد الحميداوي، وفق تقرير من برنامج مركز الأمن والتعاون الدوليين.
ويؤكد المتابع للشأن العراقي عقيل عباس إن “الحميدواي هو أهم شخص بالحشد الشعبي وهو من يدير العمليات العسكرية”.
ويرى عباس أن “الكتائب ليس لديها قاعدة شعبية، ولكن قاعدتها مؤسساتية داخل الحشد الشعبي، وتكمن قوتها في القدرة على جلب وتوظيف المقاتلين ودفع رواتبهم”.
ويشير إلى أن “كتائب حزب الله” هي الأكثر انضباطًا والأفضل تدريبًا والأقرب أيدولوجيا لإيران.
وتتهم الميليشيا بارتكاب جرائم حرب في سوريا إبان الثورة السورية ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد عام 2011 بعد أوامر إيرانية زجت أفرادها بالقتال لصالح الأسد تحت شعار الدفاع عن مرقد السيدة زينب لكسب الزخم الطائفي ولتبرير مشاركتها في القتال.
وتشير التقارير إلى أن ميليشيا حزب الله شغلت أدوارًا قتالية ونفذت هجمات ضد مدن الثورة السورية لاسيما الحصار الذي ضربه بشار الأسد 2012-2016 على حلب لاستعادتها من فصائل الثورة السورية.
وبحلول نهاية 2015، زعمت ميليشيا حزب الله أنها أرسلت أكثر من 1000 مقاتل إلى حلب وحدها، واعتبارًا من كانون الأول 2019، احتفظت الميليشيا بقواعد ومرافق لتخزين الذخائر في سوريا وفقًا لتقارير.
ويتهم فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بتزويد ميليشيا حزب الله “بدعم فتاك” لاستهداف المصالح الأمريكية ضمن قواعد الاشتباك التي تحدد الصراع دون خروجه عن المرسوم كما يرى مراقبون.
ومن الناحية المالية، تتلقى الميليشيا ملايين الدولارات من طهران لتمويل عملياتها المختلفة عبر العراق وسوريا، وفق تقرير من برنامج مركز الأمن والتعاون الدوليين.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى