أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

جامعات عراقية تتنافس على تصنيفات تجارية للتغطية على غياب الرصانة العلمية

نقابة الأكاديميين العراقيين تحذر من فوضى التصنيفات الوهمية مع وجود مجلات ومواقع مزيفة لنشر البحوث الأكاديمية وتحول وزارة التعليم العالي إلى مؤسسة ترويج لبعض المواقع الإلكترونية والمكاتب.

بغداد – الرافدين
كشفت تصريحات نقابة الأكاديميين العراقيين بشأن تنافس جامعات عراقية على تصنيفات تجارية ووهمية، استمرار إهمال التعليم العالي في العراق والتركيز على المكاسب المالية في ظل غياب الرقابة لا سيما بعد تسلم نعيم العبودي القيادي في ميليشيا العصائب وزارة التعليم العالي.
ونتيجة للفساد والصراع الحزبي بعد عام 2003 خرجت الجامعات العراقية من جميع التصنيفات العالمية الرصينة لجودة التعليم العالي مثل تصنيف شانغهاي العالمي للجامعات وتصنيف مجلة التايمز البريطانية.
وتتجاهل وزارة التعليم العالي تحذيرات نخب أكاديمية وأساتذة جامعات من غياب النزاهة والرصانة الأكاديمية وانعكاس ذلك على واقع التعليم في البلاد.
وبينت نقابة الأكاديميين أن وزارة التعليم العالي تحولت إلى مؤسسة ترويج لبعض المواقع الإلكترونية والمكاتب، محذرة مما وصفتها بفوضى التصنيفات الوهمية مع وجود مجلات ومواقع مزيفة لنشر البحوث الأكاديمية.

نقيب الأكاديميين العراقيين مهند الهلال: التصنيفات التي تتنافس عليها الجامعات العراقية هي في الغالب تجارية ووهمية

وقال نقيب الأكاديميين العراقيين مهند الهلال إن “التصنيفات التي تتنافس عليها الجامعات العراقية هي في الغالب تجارية ووهمية، عدا التصنيفات العالمية المعروفة كـشانغهاي والتايمز وغيرهما”.
وأشار إلى أن “تلك التصنيفات عبارة عن مواقع إلكترونية تتنافس عليها الجامعات وتضغط على التدريسي للنشر فيها، وأن التدريسيين يضطرون للذهاب إلى مكاتب تمارس الاحتيال الأكاديمي في كتابة البحوث والأطاريح، وكشف عن أن عددها وصل إلى 600 مكتب داخل العراق وخارجه مسلطة فقط على الباحثين وطلاب الدراسات العليا العراقيين”.
ودعا إلى “الحد من هذه الظواهر التي تمس بشكل مباشر معايير النزاهة الأكاديمية عن طريق التأكد من هذه المستوعبات، لافتًا إلى أن الوزارة باتت عبارة عن مؤسسة للترويج لبعض المواقع الإلكترونية والمكاتب”.
وحذر “من عقوبات كبيرة وكثيرة قد تواجه من ينشر بحثا في هذه المستوعبات، مؤكدا وجود مجلات مجهولة المصدر، وهي عبارة عن حقل تجارب، ضحيته الأستاذ وطالب الدراسات العليا والباحث، وعليه يجب التمحيص جيدا من قبل الملاكات العلمية والبحثية لتكون بديلا ناجحا وموثوقا به بدلا من فوضى النشر والمستوعبات”.
ومارست وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق في السنوات الأخيرة ضغوطا على الجامعات الحكومية والأهلية كي تطالب الأساتذة وطلاب الدراسات العليا بنشر بحثين على الأقل سنويًا في مستوعبات “سكوباس”، وهي قاعدة بيانات للملخصات والاستشهادات المرجعية الخاصة بالإنتاج الفكري، مع التلويح باحتمال فقدانهم ميزات كثيرة في حال عدم فعلهم ذلك، وتعطيل ترقياتهم العلمية، ما أفسح المجال أمام انتشار غير مسبوق لمكاتب البحوث والمجلات العلمية غير الرصينة التي تسعى إلى تحقيق أرباح.
وسبق أن كشفت لجنة التعليم البرلمانية عن وجود مكاتب تجارية تبيع البحوث العلمية في الجامعات العراقية.
وقال عضو اللجنة، فراس المسلماوي، إن هناك مكاتب تجارية تعمل على بيع أطاريح وبحوث للطلبة، وهذه الظاهرة تقوم بإضعاف العملية التعليمية وضرب رصانة التعليم في العراق.
وتصل قيمة نشر بحث واحد إلى 3000 آلاف دولار أحيانا، ويجبر الأستاذ أو الطالب على دفع هذه القيمة، في وقت تتنصل الجامعات من أي مسؤولية إذا تبين أن مكاتب البحوث والمجلات مقرصنة أو مشبوهة.
وتضغط الجامعات بطرق مختلفة على الأساتذة تصل إلى عزلهم عن التدريس لإجبارهم على النشر في مواقع ومجلات تختارها الجامعات بحسب أكاديميين.
وقال الأستاذ في جامعة بغداد، علي المحمدي، “أصدرت الجامعة قرار منعي مع عشرات الأكاديميين من التدريس، وأحالتنا إلى شغل وظائف إدارية، في إجراء ارتجالي لا يتماشى مع مهنية التعليم ومكانة الأستاذ الجامعي”.
وأضاف أن “وزارة التعليم العالي وإدارة الجامعات تعلم أن نشر البحوث أصبح تجارة مشبوهة، وأن مئات من الاساتذة والطلاب وقعوا ضحية مجلات مشبوهة حصلت منهم على مبالغ كبيرة من دون أن تنشر بحوثهم”.
وعبر عن  استغرابه من إصرار الجامعات والوزارة على تجاهل هذا النهج الذي يتنافى مع الأسس العلمية الرصينة.
وكانت مؤسسة (كيو إس) البريطانية قد استبعدت الجامعات العراقية من قائمة أفضل 500 جامعة على مستوى العالم، فيما ضمت (14) جامعة عربية ضمن القائمة.
وخلت قائمة المؤسسة المختصّة في مجال التعليم من الجامعات العراقية والتي تفتقر إلى جودة ورصانة التعليم، لعدم مطابقتها للمعايير التي اعتمدتها المؤسسة الدولية.

عومل وزير التعليم والقيادي في ميليشيا العصائب نعيم العبودي بالإهمال عند زيارته لجامعة أكسفورد

ويتهم مراقبون وزارة التعليم العالي بالتواطؤ مع المؤسسات التعليمية الأهلية التي تحولت إلى دكاكين لبيع الشهادت إذ تحقق مكاسب مالية كبيرة.
وقال الناشط في مجال التعليم علي حاكم، إن العملية التربوية في العراق فقدت جوهرها الحقيقي، حيث أصبحت تتجه نحو المنفعة لا التعلم، وأن الطلاب اليوم لا يدرسون لاجل المعرفة، بل بهدف الحصول على شهادة جامعية تؤهلهم الحصول على وظيفة حكومية إن وجدت، أو لكسب مكانة اجتماعية.
وأضاف أن تجار التعليم وجدوا من البيئة الحالية مكانا يصلح للاتجار بالعملية التعليمية، والاستمرار ببناء المزيد من الجامعات والمدارس والمعاهد الأهلية، محذرا من تداعيات إهمال القطاع التعليمي، وأن التعليم مسؤولية كبيرة، يتحملها الجميع وللمجتمع المدني والناشطين في مجال التعليم وأولياء الأمور والتدريسيون دور في تحسين واقعه.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى