أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

العدالة الاجتماعية شعار براق يخفي جحيمًا يعيشه العراقيون

تتمثل غياب العدالة الاجتماعية في العراق، بالإقصاء والتهميش وعدم تفعيل حق مشاركة الجميع في الإدارة، وتفرد الأحزاب وميليشياتها بإدارة مفاصل الدولة وصناعة القرار دون غيرها على الرغم من وجود الكفاءات الوطنية.

بغداد – الرافدين

يتساءل عراقيون عن العدالة الاجتماعية الغائبة في بلدهم في وقت تتجه المجتمعات الإنسانية وحكوماتها لتنظيم العمل لأجل العدالة.
وتعاني شعوب الدول العربية ولاسيما العراق، مع احتفال العالم باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية في العشرين من شباط، من غياب العدالة الاجتماعية في بلدانهم، التي تضمن مكافحة الفقر، وتقليص معدلات البطالة، وتنمية حقوق الإنسان وتأمين الحماية الاجتماعية.
وانطلاقًا من ضرورة انتهاج السياسات والوسائل الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 2007، تسمية يوم 20 شباط من كل عام (اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية)، بُغية تعزيز العمالة الكاملة والعمل اللائق والمساواة بين الجنسين والرفاه الاجتماعي.
ويتمثل غياب العدالة الاجتماعية في العراق، بالإقصاء والتهميش وعدم تفعيل حق مشاركة الجميع في الإدارة والتنمية المستدامة وغياب فرص حقيقية للإبداع والعطاء وبالتالي التطوير الذاتي والمجتمعي، وتفرد الأحزاب وميليشياتها بإدارة مفاصل الدولة وصناعة القرار دون غيرها على الرغم من وجود الكفاءات الوطنية.
ولا يقتصر غياب العدالة في العراق على ميدان دون آخر، وبالنظر لحال السجون في العراق، فهي تكشف حال الظلم الذي يعيشه العراقيون، لاسيما ما يتعرض له المعتقلين من إهمال طبي وتعذيب وظلم، واكتظاظ داخل الزنازين.
وأثر غياب العدالة الاجتماعية على الوضع الاقتصادي في العراق بالوقت الذي تسرق ثرواته جهارًا، مما ساهم بارتفاع معدلات الفقر بالبلاد.

عراقيات يمارسن أعمالًا شاقة بسبب غياب العدالة الاجتماعية

وحينما يأسر الفقر صاحبه وتسود اللاعدالة في بلد مثل العراق، وقتها تضطر (أم عمر) من الرمادي بمحافظة الأنبار للعمل كحمالة للطحين لإعالة أطفالها بعد أن اعتقل زوجها في سجن التاجي.
وتقول (أم عمر) إنه بعد اعتقال زوجها وإيداعه السجن بتهمة “الإرهاب” وحرمانها من أي تعويض حكومي، لم تجد غير العمل الشاق هذا وبمبلغ زهيد قدره ألفان وخمسمئة دينار، ولساعات طويلة.

هبة الفدعم: المجتمع العراقي لا يعيش أي نوع من العدالة الاجتماعية

وحال أم عمر لا يختلف عن آلاف النساء الاتي يعشن الحال نفسه ويعملن بأعمال شاقة في بلد هو الأغنى في العالم لكن يتحكم به السراق والفاسدين.
وطالما تبجحت الحكومات المتعاقبة في العراق بأنها تسعى لإقامة عدالة اجتماعية وطالما وعدت العراقيين بأنه سينعم بحياة أفضل، إلا أن هذه التصريحات لم يلمس منها المواطن العراقي أي شيء.
وتشير الباحثة السياسية هبة الفدعم إلى أن الواقع الاقتصادي للعراقيين ما زال في حال انهيار مستمر لاسيما ما استمرار انخفاض العملة العراقية أمام الدولار، وأن تكرار التصريحات والوعود الكاذبة من قبل الأحزاب السياسية قبل الانتخابات جعلت هناك أزمة ثقة بين المواطن والأحزاب الحاكمة”.
وشددت الفدعم في تصريح لقناة “الرافدين” على أن “الفساد الإداري المستشري في العراق ولاسيما في محافظات غنية بالثروات جعل من سكان تلك المدن يعيشون تحت خط الفقر بسبب غياب العدالة والمساواة”.
وأكدت على أن “المجتمع العراقي لا يعيش أي نوع من العدالة الاجتماعية، وطالما أنه لا يوجد عدالة اجتماعية في البلد فسيبقى هنالك صوت منهاض للواقع المزري الذي يعيشه المواطن، عبر التظاهرات والاعتصامات”.

فاطمة العاني: الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يتحمل جزء كبير مما يحدث في العراق من انعدام للعدالة الاجتماعية لأنها سكتت منذ سنوات طويلة عما يحدث من ظلم وقتل وفساد من قبل الأحزاب التي جاء بها الاحتلال الأمريكي

وحملت مستشارة المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب الدكتورة فاطمة العاني مسؤولية انعدام العدالة الاجتماعية في العراق على عاتق الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003.
وقالت إن “النظام السياسي الحالي في العراق أسس على أساس التمييز بين العراقيين من خلال تقسيمهم إلى طوائف وساهم في وصول البلاد إلى مستويات عالية من الفقر”.
وأكدت على أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يتحمل جزء كبير مما يحدث في العراق من انعدام للعدالة الاجتماعية لأنها سكتت منذ سنوات طويلة عما يحدث من ظلم وقتل وفساد من قبل الأحزاب التي جاء بها الاحتلال الأمريكي”.
ومن صور غياب العدالة الاجتماعية في العراق تتضح من خلال النظر إلى ما يعيشه النازحين اليوم وهم محرومون من أبسط حقوقهم وهو العودة إلى مناطقهم التي هجروا منها، وعدم تعويضهم عن بيوتهم التي هدمت بسبب العمليات العسكرية، حتى أضطر نحو 71 بالمائة منهم إلى العيش في بيوت مستأجرة ولا يستطيعون العودة إلى بيوتهم بحسب منظمة “ريتش” الدولية للإغاثة الإنسانية.

أي عدالة اجتماعية مع تهجير العجائز من بيوتهن في العراق؟

ويصف الكاتب العراقي فاروق يوسف الحديث عن العدالة الاجتماعية في العراق بانه بمثابة خيانة الحقيقة.
وكتب “الذين يزورون العراق من المثقفين يلتقطون صورا لهم في المقاهي ولا أحد منهم كتب يوما ما عن الفقر هناك وهو ظاهرة صارت مرئية بسبب وقوع ملايين البشر تحت خط الفقر. لا أحد كتب عن خريجي الجامعات العاطلين عن العمل وتقارير الحكومة تفيد بأن نسبة البطالة تصل أحيانا إلى 40 بالمائة من بين القوى القادرة على العمل. لا أحد كتب عن انهيار قطاعي التعليم والصحة وانتشار الأدوية الزائفة. لا أحد كتب عن المخدرات التي صارت تفتك بشريحة الشباب حيث دخل مصطلح الكبسلة مفردة في معجم الحياة اليومية”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى