أخبار الرافدين
داود الفرحان

مصيدة صهيونية اسمها: حل الدولتين

مسلة داود الفرحان: السياسيون العرب، وبضمنهم الفلسطينيون، ومعهم الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب يتصورون أن “حل الدولتين” للقضية الفلسطينية هو نسخة من حل المشكلة الألمانية التي تركها أدولف هتلر بعد إعدامه، أي ألمانيا الديمقراطية، وهي الشرقية الشيوعية، وألمانيا الغربية الرأسمالية في عام 1990 حين توحدت  ألمانيا مرة أخرى، وهو يوم الوحدة الألمانية، وذلك عندما قامت خمس من الولايات الفيدرالية التي أعيد إنشاؤها في ألمانيا الشرقية بالانضمام رسميًا إلى ألمانيا الغربية وبالمناسبة كان العراق أول دولة اعترفت بجمهورية ألمانيا الديمقراطية، وكان هذا هو “الإنجاز” الأول لحركة 17 تموز التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل عبد الرحمن عارف وتولى الرئاسة حزب البعث والمرحوم أحمد حسن البكر ثم نائبه الرئيس الراحل صدام حسين.
ونعود إلى المهرج ترامب فقد قال خلال زيارته للشرق الأوسط في عام 2017 إنه “يدعم الحل على أساس إقامة دولتين والذي سيؤدي إلى فلسطين مستقلة”، معربًا عن اعتقاده و “شعوره” أن هذا هو الحل الأرجح!
ومن جهته انتقد الاتحاد الأوروبي خطة ترامب للسلام وتمسكه بحل الدولتين على أساس حدود 1967 لأنها “ربما تكون فرصة أخيرة للفلسطينيين”. وقد يكون تفكير ترامب أصح من تفكير المجرم الإرهابي بنيامين نتنياهو بعد ما شاهد العالم ما فعله هذا البربري في المدن الفلسطينية وقطاع غزة وملايين الأطفال والنساء وكبار السن الذين اغتالهم رئيس الوزراء الإرهابي الذي انتقده العالم المسالم كله. وفي الوقت نفسه رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخطة قائلا “رفضنا خطة ترامب منذ البداية، ولن نقبل دولة دون القدس كما يريد وستذهب خطة ترامب إلى مزبلة التاريخ”. وهو اقتراح كان بداية الجحيم الذي انفتح على إرهاب عنصري صهيوني وثورة عالمية ضد هذا الكيان الصهيوني الإجرامي الذي رفع شعار “إبادة الفلسطينيين” مستغلا صمت أكثرية النظم العربية “عسى ولعل”، بل إن بعضها أقام مهرجانات غنائية راقصة بلا خجل ولا حياء من جثامين الأطفال والنساء وكبار السن التي لم تجد من يدفنها طوال أكثر من شهر.
شاهد المجتمع الدولي طيارًا أمريكيًا قبل أيام يحرق نفسه حيًا أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن وهو يقول إنه قرر التظاهر بطريقة مختلفة لأنه لا يستطيع أن يتواطأ مع الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون من قبل محتليهم، والتي أصرت الولايات المتحدة على أنها “ليست إبادة جماعية”. وقد فارق الطيار الأمريكي الحياة بعد نقله إلى المستشفى بعكس بعض المطربين العرب والراقصات والممثلات الذين كانوا يقدمون عروضا غنائية وراقصة وبينهم مذيع مصري شهير، وكان الثمن جنسيات من دولة عربية نحترمها.
عالميًا الصين الشعبية طالبت بهونغ كونغ وتم إلحاقها بالحكومة الصينية بعد انتهاء الاستعمار البريطاني. والصين تطالب أيضا بتايوان باعتبارها جزءا من الصين. وكوريا الشمالية تطالب بكوريا الجنوبية. والإمارات تطالب بالجزر الإماراتية الثلاث التي احتلتها إيران في زمن الشاه محمد رضا بهلوي زاعمًا إنها تابعة للفرس. ويعرف الجميع أيضا أن قبرص كانت محتلة من بريطانيا، ووافقت بريطانيا على إلحاق الجزء التابع لليونان بأثينا، بينما رفضت قبرص الالتحاق بتركيا. وحكاية الهند وباكستان تستحق أن تروى، ففي عام 1858 تم إخضاع الهند للحكم البريطاني المباشر، إلا أن حركة استقلال الهند بزعامة المهاتما غاندي اندلعت في عام 1920 مطالبة باستقلال الهند. وردًا على ذلك اعتقل البريطانيون غاندي بتهمة التحريض وإثارة الفتنة وسجنوه لمدة عامين. وقال المهاتما جملته الشهيرة “إن القانون صمم لقمع حرية المواطن” ولا يزال هذا القانون معمولا به في قانون العقوبات الهندي ضد الطلبة والصحفيين والمثقفين والنشطاء الاجتماعيين والمعارضين للحكومة. بل أن الهند استخدمت بتهور هذا القانون ضد مسلمي الهند وقمعتهم حتى اليوم. وفي حينه قرر قائد باكستان محمد علي جناح استقلال باكستان عن الهند لأن للمسلمين الحق في تأسيس دولة خاصة بهم مستقلة عن الهند. ومثل هذا القانون يمكن أن يطبق اليوم وليس غدا بالنسبة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة ولا حاجة إلى قانون غامض ومعقد يحمل تسمية قانون “حل الدولتين” متخم بالفوضى واستخدام السلاح والمعتقلات وافتراضات الرئيس الأمريكي السابق ترامب الذي كان يريد فرض وصاية إسرائيلية على الفلسطينيين ودولتهم في البر والبحر والجو تحت تسمية سخيفة وهائمة وفوضوية تدعى “حل الدولتين”.
بعد “طوفان الأقصى” يحتكم الفلسطينيون من أهالي الضحايا إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي وليس إلى بايدن ولا ترامب ولا المجرم الإرهابي بنيامين ناتنياهو. لقد قال الفلسطينيون كلمتهم: فليذهب اقتراح ترامب عن “حل الدولتين” إلى مزبلة التاريخ.
فلسطين دولة منذ فجر التاريخ والأنبياء والحضارات، ولن يقرر مصيرها شراذم العالم السفلي في تل أبيب أو المستوطنون العبيد والرقيق…

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى