أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

النزاع العشائري في ذي قار يكشف هشاشة عروض السوداني عن الاستقرار الأمني

الوضع في قضاء الإصلاح بمحافظة ذي قار فوضوي ومتوتر بعد حرق العديد من المنازل السكنية والمحال التجارية والسيارات، وسط حالة رعب يعيشها الأهالي.

ذي قار – الرافدين
كشفت النزاعات العشائرية المدعومة بسلاح الميليشيات جنوبي العراق عن زيف مزاعم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بشأن استقرار الوضع الأمني، وحصر السلاح المنفلت بيد الدولة.
وكان نزاع مسلح قد تجدد مساء الأحد في قضاء الإصلاح بمحافظة ذي قار بين عشيرتي آل عمر والرميض، بعد أن هاجمت الأخيرة عشيرة آل عمر ليرد آل عمر على الهجوم ويصيبوا أربعة من أفراد عشيرة الرميض، الأمر الذي أدى إلى تبادل إطلاق النار حتى وقت متأخر من ليل الأحد.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع مصورة للاشتباكات العنيفة التي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة حتى الثقيلة منها، كما تداول الناشطون لقطات أخرى لمناشدات أطلقتها مساجد المنطقة عبر مكبرات الصوت للعشيرتين بوقف إطلاق النار حفاظًا على أرواح المواطنين.
وفي إثر ذلك دفعت القوات الأمنية بتعزيزات عسكرية إلى قضاء الإصلاح من أجل السيطرة على النزاع العشائري العنيف، ما أدى إلى مقتل مدير مكافحة واستخبارات محافظة ذي قار العقيد عزيز شلال جهل، والتسبب بسقوط ضحايا وحرق عدد من المنازل السكنية.
وقالت مصادر أمنية إن الوضع في قضاء الإصلاح فوضوي ومتوتر جدًا خصوصًا بعد حرق العديد من المنازل السكنية والمحال التجارية في البلدة، فضلاً عن عدد من السيارات، وسط حالة رعب يعيشها الأهالي داخل القضاء.
وقال مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الانسان في ذي قار، داخل عبد الحسين المشرفاوي في حديثه لوسائل إعلام محلية “إن الأمور داخل القضاء باتت خارج السيطرة نظرًا لتاريخ الخلافات بين العشيرتين، فضلًا عن وقوع إصابات في صفوفهما الليلة الماضية”.
وعزا المشرفاوي احتدام النزاع إلى مشكلة قديمة بين الطرفين على مناصب إدارية تتعلق بالحكومة المحلية من جانب، ومن جانب آخر نزاع تاريخي.
ولفت إلى أن الأرقام سجلت حصول 183 نزاع عشائري في مختلف مناطق المحافظة خلال عام 2023، مشيرًا إلى أن “ذي قار لم تكن هكذا، حيث كانت آمنة قياسًا بمحافظتي ميسان والبصرة، لكننا أصبحنا أشد ضراوة من ميسان والبصرة”.

عارف الحمامي: بعض العشائر تمتلك ترسانة تفوق إمكانية الأجهزة الأمنية في محافظة ذي قار.
وتُعد النزاعات العشائرية في مناطق وسط وجنوبي العراق إحدى أبرز المشكلات الأمنية التي تعيد الحديث عن هشاشة الوضع الأمني في البلاد وعجز القوات الحكومية عن ضبط الأمن والسيطرة على السلاح المنفلت رغم مزاعم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة السوداني باستقرار البلاد أمنيًا.
وتفند الاشتباكات التي تندلع بين مدة وأخرى بين الميليشيات وعمليات الاغتيال والخطف والنزاعات العشائرية، ما تروج له حكومة الإطار التنسيقي عبر آلتها الإعلامية من سيطرتها على السلاح المنفلت واستقرار الوضع الأمني.
وأثارت حدة الاشتباكات التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة خارج إطار الدولة ردود فعل غاضبة في الشارع العراقي حول حجم الترسانة التي تمتلكها العشائر في وسط وجنوب العراق، وانفلات الوضع في تلك المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الإطار.
وهو ما ذهب إليه النائب في البرلمان الحالي عن محافظة ذي قار عارف الحمامي، حيث أكد أن بعض العشائر تمتلك ترسانة تفوق إمكانية الأجهزة الأمنية بالمحافظة وهذا جزء مما تسبب بنزاع قضاء الإصلاح.
وتساءل الباحث بالشأن العراقي مجاهد الطائي عن دور سلطة الدولة في نزع السلاح المنفلت، متسائلًا “متى تنزع الدولة سلاح الميليشيات والعشائر في الجنوب كما فعلت في الشمال والغربية؟”.
وتهكم الطائي في تدوينة له على منصة “أكس” بالقول: “هل باع أحد سلاحه بعد عروض وزارة الداخلية؟”، في إشارة إلى الحملة “الاستعراضية” التي أطلقتها حكومة الإطار التنسيقي عبر وزارة الداخلية بشراء الأسلحة من المواطنين، والتي أنعشت تجارة السلاح بشكل ملحوظ في البلاد.
وسبق أن وصف النائب في البرلمان الحالي سجاد سالم، حملات الحكومة لحصر السلاح المنفلت، بـ “غير المجدية”.
وقال إن “الوعود الحكومية بشأن السيطرة على السلاح المنفلت ما زالت مجرد وعود لا تطبيق لها على أرض الواقع، والسلاح لا يزال يصول ويجول في مدن العراق المختلفة، دون رادع حقيقي”.
وأضاف أن “حصر السلاح المنفلت يطلب تطبيق القانون بقوة الدولة بعيدًا عن أي ضغوطات سياسية أو خارجية، خاصة أن هذا السلاح يهدد الدولة العراقية، ولهذا يجب الحد منه عبر خطوات حقيقية وعملية وليس عبر الوعود والقرارات التي تبقى حبرًا على ورق”.
ويرى مراقبون أن تصاعد وتيرة النزاعات العشائرية بهذا الشكل المقلق، نتيجة متوقعة لحكومة تحتفل بمنجزات في وسائل الإعلام فقط، وغيابها على أرض الواقع.
وأظهرت حدة النزاعات حجم الانفلات الأمني في البلاد وعدم تنفيذ أي من الخطط التي تعلن عنها حكومة الإطار لمعالجة النزاعات العشائرية، نتيجة غياب القانون وانتشار السلاح المنفلت وسطوة الميليشيات وتجارة بيع السلاح التي يديرها متنفذون مرتبطون بأحزاب السلطة.
وعلى الرغم من عدم وجود أرقام رسمية بعدد قطع السلاح الموجودة لدى أفراد المجتمع العراقي، أو أماكن بيعها، إلان أن التقديرات تشير إلى وجود نحو 15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، تستخدم من قبل الميليشيات والعصابات والكثير من العشائر جنوبي ووسط البلاد.
العروض الحكومية لم تنه النزاعات العشائرية
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى