أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الاختناقات المرورية ترهق البغداديين دون معالجات حكومية

لا تمتلك حكومة الإطار استراتيجية واضحة لمواجهة الاختناقات المرورية، ما أدى لازدحامات شديدة عطلت مصالح المواطنين وأرغمت الموظفين والعاملين على قضاء وقت مضاعف للوصول إلى أعمالهم.

بغداد – الرافدين
كشفت الاختناقات المرورية اليومية التي تشهدها العاصمة العراقية بغداد عجز حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عن وضع خطط لمواجهة الأزمة مع كل البهرجة الإعلامية بافتتاح المجسرات التي لم تساهم بحل الأزمة المرورية.
وبينما لا تمتلك حكومة الإطار استراتيجية واضحة لمواجهة ذلك سواء بالسيطرة على عدد السيارات المستوردة أو فتح طرق جديدة، ما تزال العاصمة العراقية بغداد تعاني ازدحامات شديدة عطلت مصالح المواطنين وأرغمت الموظفين والعاملين على قضاء وقت مضاعف للوصول إلى أعمالهم.
ويُجمع خبراء المرور على أن الفشل الحكومي في معالجة الاختناقات المرورية، نتيجة الاستيراد العشوائي للسيارات والذي أغرق العاصمة بالفوضى المرورية، والإهمال الحكومي للطرق، والفساد في مشاريع إعمار وهمية.
وقالت مديرية المرور العامة في بغداد إن بغداد تكتظ بأربع ملايين مركبة وهو ما يعادل عشرة أضعاف الطاقة الاستيعابية لشوارع العاصمة.
وبحسب تقارير رسمية تجاوز عدد السيارات في العراق سبعة ملايين منها أربعة ملايين سيارة في بغداد وحدها، ما أدى إلى اختناقات مرورية كبيرة، خصوصًا مع عدم توسيع الطرق الرئيسة أو إضافة جديد لها منذ عام 2003 عندما كان عدد السيارات 350 ألفًا فقط.

لسان حال البغداديين في طوابير الانتظار: متى تنتهي الأزمة؟
وأكد مختصون في هندسة الطرق والجسور، أن الطرق في بغداد مصممة لاستيعاب 400 ألف سيارة فقط، مشيرين إلى أن حزمة المشاريع التي أعلنت عنها الحكومة، لن تحل الأزمة إلا في حدود 15 بالمائة فقط.
وعزا المختصون الاختناقات المرورية إلى عدم تفعيل نظام حافلات النقل العام والاعتماد على نظام النقل العشوائي.
وكان رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني قد أعلن عن وضع 19 مشروعًا لحل مشكلة الازدحامات المرورية في بغداد، بينما يشكك خبراء اقتصاديون بجدوى هذه المشاريع وإمكانية تنفيذها، مشيرين إلى أن عجز موازنة 2023 يستحيل معه تنفيذ أي مشاريع استراتيجية.
وحول إمكانية تنفيذ حكومة السوداني لهذه المشاريع، قال الباحث السياسي، عبد الله سلمان في حديث لقناة “الرافدين” “منذ عام 2005 يوجد في العراق ما يقارب 6500 مشروع وهمي صرف عليها أكثر من 300 مليار دولار، وإضافة 19 مشروعًا لن يغير شيئًا ولا معنى لهذه المشاريع طالما أنها لن تنجز”.
وأضاف “يُعلن عن المشاريع في العراق بدون سقف زمني وهذا لعدم جدية الحكومة في تنفيذها، ونقص الخبرة والكفاءة في القائمين على هذه المشاريع”.
عبد الله سلمان: يوجد في العراق ما يقارب 6500 مشروع وهمي صرف عليها أكثر من 300 مليار دولار، وإضافة 19 مشروعًا من قبل السوداني لن يغير شيئًا ولا معنى لهذه المشاريع طالما أنها لن تنجز
وأكد، أن الحكومة تتعمد في إحالة الوزارات ومن ضمنها وزارة التخطيط إلى من لا يملكون الخبرة لأنها لا تريد بناء البلد.
ويرى خبراء أن الحكومة ليس لديها خطة واهتمام بالنقل العام، على الرغم من أن هناك كثيرًا من النقاط الإيجابية في النقل العام كونه ينقل عددًا كبيرًا من الناس، فضلًا عن أن له فوائد بيئية وسيقلل الانبعاثات الناتجة من عوادم السيارات وفوائد اقتصادية في التقليل من استهلاك الوقود.
ويقول خبراء إن الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد أجبر كثيرًا من ذوي الدخل المتوسط والموظفين على البحث عن مصدر دخل إضافي حيث اتجه أغلب هؤلاء إلى العمل كسائقي أجرة ما ساهم في زيادة الطلب على سيارات الأجرة وفاقم مشكلة الازدحامات.
وتساءل الباحث السياسي إياد العنبر في مقطع مصور نشره على منصة إكس يوثق ازدحامًا مروريًا على الطريق السريع باتجاه منطقة الدورة “من المسؤول عن أذى المواطنين بهذه الطريقة؟”.
وتهكم العنبر في تدوينته على ما يجري بالقول “هذه الفوضى المرورية في سريع الدورة، سببها أعمال صيانة بسيطة قرب منطقة مصفى الدورة”، في إشارة لغياب التخطيط الحكومي في معالجة أزمة الاختناقات المرورية.
ويرى المهندس أحمد العبادي المتخصص في الطرق والجسور، أن “مسألة فك الاختناقات المرورية في بغداد عبر إيجاد طرق بديلة لن يساهم في الحد من الاختناقات المرورية إلا بنسبة 5 بالمائة”.
وقال: إن “بغداد تحتوي على كثافة في السيارات أكثر من قدرتها الاستيعابية، وبالتالي فإن إيجاد طريق بديلة أو مساعدة لن يحد من الاختناقات المرورية”.
وأضاف أن، “التخلص من الزحام يتطلب إيجاد مدن جديدة، وتوسعة عمرانية كاملة بمساعدة الطرق البديلة، وأيضًا بناء جسور في الساحات الحيوية، وهذا فقط من شأنه تقليل نسبة الاختناقات المرورية في العاصمة”.
وأظهرت مواقع التواصل الاجتماعي امتعاض المواطنين من غياب التخطيط المدروس في إغلاق طرق رئيسة داخل العاصمة بذريعة تنفيذ مشاريع فك الاختناقات المرورية، في ظل تهالك البنى التحتية للعاصمة وشوارعها، فضلًا عن تفعيل نظام “الكاميرات الذكية” لرصد المخالفات المرورية، والذي أثار استياءًا لدى سائقي المركبات في العاصمة بغداد.
وأبدى أبو حسن امتعاضه وهو سائق سيارة لنقل الركاب من الكرخ إلى جانب الرصافة في بغداد بالقول “أوقات الدوام الرسمي هي أسوأ الأوقات في الشوارع بالنسبة للسائقين، إذ نضطر أحيانًا للبقاء ساعتين في شارع واحد قبل أن نُكمل المسير”.
فيما كتب أحد الناشطين على منصة إكس تدوينة يصف فيها طريقه من الكرادة إلى الباب الشرقي والذي استغرق ساعة كاملة في حين أنه لا يستغرق سوى 15 دقيقة بسبب الازدحامات التي تعاني منها العاصمة بغداد.
وحول تفعيل نظام “الكاميرات الذكية” في بعض تقاطعات بغداد، أعرب عدد من السائقين عن امتعاضهم من تطبيق النظام بالقرب من المجمعات التجارية، رغم حاجة المركبات التوقف لوقت أطول لتحميل البضاعة.
وبين السائقون أن القانون يلزم السائق التوقف لثلاثين ثانية فقط قبل احتساب الغرامة، كاشفين عن مشكلات في تحميل تطبيق الغرامة الإلكتروني الذي يبين قيمتها المسجلة على المركبة ونوع المخالفة.
وكانت مديرية المرور العامة في بغداد قد أعلنت عن بدء تطبيق نظام الغرامات الإلكترونية عبر الكاميرات الذكية في تقاطعات بغداد، في خطوة قالت إنها تهدف إلى تحسين السلامة المرورية والحد من الازدحام، مرجحة ارتفاع عدد الغرامات المرورية وحجم الإيرادات إلى أكثر من 400 بالمائة بعد تشغيل الكاميرات.
يقول محمد صفاء “سائق سيارة أجرة” إن “الشوارع الرئيسية في جانبي الرصافة والكرخ، وطيلة أيام الدوام الرسمي أصبحت مكتظة، لا سيما عند استضافة المنطقة الخضراء أو الفنادق الرئيسة لحدث أو مؤتمر، فيتم قطع الجسور والطرق الرئيسة بذريعة تطبيق الخطة الأمنية، وأن هذا الأمر أثَّر كثيرًا على رزقه وقوته اليومي”.
وقال بلال عبد الوهاب إن “الازدحامات أثَّرت كثيرًا على نفسية المواطن، فهو يستهلك وقته بانتظار لحظات الفرج وفتح السير بعد توقف لساعات في الشوارع”.
المواطن ضحية الإهمال الحكومي واللامبالاة المستمرة
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى