أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

تبرئة قاتل هشام الهاشمي تكشف حقيقة انحياز السلطة القضائية في العراق

القضاء يحرر صك الغفران للمدان بجريمة اغتيال هشام الهاشمي بعد تسهيل السلطات الحكومية تهريب المتهم بشكل غير قانوني إلى خارج العراق خلال الفترة التي حُوكم فيها غيابيًا.

بغداد – الرافدين

عززت تبرئة قاتل الخبير الأمني هشام الهاشمي من الاتهامات الموجهة للقضاء بالخضوع للميليشيات ورعايته غير المحدودة لسياسة إفلات الجناة من العقاب في ظل تسييس ممنهج، حول السلطة القضائية إلى أداة بيد القوى الحاكمة التي تطوع القرارات والقوانين وفقًا لمصالحها.
وبين القرار القضائي القاضي بالإفراج عن أحمد حمداوي عويد الكناني المدان بجريمة قتل الهاشمي الذي اغتيل في تموز 2020، على الرغم من صدور قرار سابق بإعدامه في مطلع أيار من العام الماضي حجم السقوط المدوي لمجلس القضاء الأعلى وعدم مهنيته واستقلاليته.
ويعكس مجلس القضاء الأعلى صورة مشوهة للقضاء العراقي لم يمر بها منذ تأسيس الدولة العراقية، حيث قام بتفسير القرارات وفق مصالح أصحاب النفوذ في الأحزاب والميليشيات الحاكمة.
ومع أن ديباجة مجلس القضاء تؤكد على استقلاله، إلا أن هذا الكلام لا يمثل إلا نفسه على الورق فمجلس القضاء الأعلى مجرد أداة قانونية لتمرير قرارات غير عادلة بحق العراقيين وتسويغ عمليات فساد كبرى في الاستيلاء على ثروة البلد منذ عام 2003، وإطلاق سراح جناة ثبت بالدليل دورهم في تصفية وقتل العراقيين على الهوية.
وكشفت حيثيات الإفراج عن الكناني الذي ينتسب لميليشيا حزب الله إلى جانب عمله في وزارة الداخلية تواطؤ السلطة التنفيذية إلى جانب السلطة القضائية بعد تداول معلومات عن إخراجه من السجن بشكل غير قانوني ومغادرته العراق في الفترة السابقة بعد صدور حكم الإعدام بحقه وفقًا لمعهد واشنطن.
وأشار معهد واشنطن إلى أن “القضاء أعلن برائة الكناني الذي يعد أحد قتلة الفصائل من جميع التهم على الرغم من وجود أدلة مقنعة على أنه قتل المحلل الامني العراقي الشهير هشام الهاشمي”.
وأضاف المعهد في تقرير مفصل أن “الكناني اختفى بعد تغيير الحكومة في تشرين الأول 2022، عندما تم التصديق على حكومة السوداني من قبل الإطار التنسيقي الذي ضم الفصائل ولم يكن حاضرًا عندما حكمت محكمة جنايات الرصافة في بغداد عليه بالإعدام غيابيا في 7 أيار من عام 2023”.
ولفت المعهد في تقريره إلى أن “الحكومة لم تسع إلى إعادة القبض على الكناني المفرج عنه بشكل غير قانوني والذي كان خارج العراق، وربما في لبنان تحت ضغط من كتائب حزب الله”.
وجاء في تقرير المعهد أن “الكناني نقل مرة أخرى إلى خارج العراق عبر مطار بغداد من قبل فريق أمني بعد أن قضت المحكمة بأن مذكرة الاعتقال الأصلية غير شرعية”.
وخلص التقرير بالقول إن ميليشيا حزب الله على وجه الخصوص خرجت منتصرة في قضية الهاشمي إلى جانب كونها منظمة إرهابية شريكة في التحالف مع رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني.

معهد واشنطن: قاتل هشام الهاشمي كان خارج ⁧العراق⁩ وأخرج من السجن بشكل غير قانوني

وقالت مصادر مطلعة إن “إطلاق سراح المدان بجريمة قتل هشام الهاشمي، جاء بعد إعادة التحقيق والطعن بحكم الإعدام، بعد أن ألغت محكمة التمييز الاتحادية، في 2 كانون الثاني من عام 2024، حكم الإعدام قبل أن تحيل القضية مرة أخرى إلى محكمة ابتدائية لإعادة المحاكمة”.
وأضافت المصادر أن “المحكمة الابتدائية ادعت في نهاية المطاف أنه لا توجد قضية يجب الرد عليها من قبل الكناني، الذي تراجع عن اعترافه وعاد إلى العراق خصيصًا للحكم هذا الأسبوع”.
ونقلت المصادر عن عائلة الهاشمي، “مخاوفها من العودة إلى العراق وتقديم طعن ضد قرار الإفراج عن المدان الذي اعترف سابقًا بالجريمة، خشية من الملاحقة من قبل الميلشيات، خاصة وأن العائلة تعيش خارج البلاد منذ أشهر، بعد تعرضها لضغوطات وتهديدات كثيرة من أجل التنازل عن هذه القضية”.
وبينت المصادر أن المدان الكناني سافر خارج العراق بعد إطلاق سراحه، بينما تعمل “جهات وشخصيات متنفذة” من أجل عودته إلى عمله في وزارة الداخلية كونه يحمل رتبة ملازم فيها.
وقبل النطق بحكم الإعدام على الكناني، تأجلت جلسة محاكمته مرات متتالية في محاكمة مثيرة للجدل ظهر فيها تواطؤ القضاء جليًا في وقت أجمع فيه متابعون سياسيون ونشطاء على أن إخلاء سبيل قاتل هشام الهاشمي “ليس مفاجأة” ويوضح كيف يتم ترسيخ الإفلات من العقاب في العراق.
وقال الناشط عقيل علي، إن “قرار اطلاق سراح المتهم بقتل هشام الهاشمي كان متوقعًا، خصوصًا بعد تأجيل محاكمته (10) مرات متتالية، والكل كان يعلم بأن هناك نية لتبرئته بعد تمكن الإطار التنسيقي من تشكيل الحكومة”.
وبين علي أن “ما حصل يؤكد بأن قتلة الناشطين والمدونين والمتظاهرين، سيبقون أحرارًا، حتى لو تم القبض عليهم، ما دامت الجهات صاحبة السلاح هي المسيطرة والمتحكمة بالمشهد العراقي، وما حصل بقضية الهاشمي خير دليل على ذلك”.
وأشار الناشط إلى تحرك وتنسيق ما بين عدد من النشطاء من أجل ترتيب وقفة احتجاج ورفض لإطلاق سراح المدان بقتل الهاشمي.
وقال إن “السكوت عن هذا الأمر دون تحرك، يعني أن دماء أي شهيد سوف تذهب سدى ولن تكون هناك محاسبة للقتلة”.
بدوره، علق الناشط المدني القاسم العبادي بالقول إن “هذا الخبر كارثة جديدة تضاف لعاصفة الانهيار التي نعيشها”.
وتحدى الناشط في تغريدة له على منصة أكس من وصفهم بالذباب الإلكتروني ممن يشككون بخبر الإفراج عن الكناني بتقديم مقتبس الحكم بالدعوى المرقمة (1337/ج م/2024 – محكمة جنايات الرصافة المركزية) الخاصة باغتيال الهاشمي لإثبات عكس كلامه.

ميليشيا حزب الله وأبو علي العسكري يقفان خلف عملية اغتيال هشام الهاشمي وفقًا لمصادر مطلعة

وأثار القرار الأخير للقضاء الحالي ردود فعل رافضة، خصوصًا وأن المتهم الرئيس فيها أقر بجريمته باعترافات مصورة جرى بثها في 2021 على القناة الحكومية الرسمية.
وسبق وأن أشاد المسؤول الأمني لميليشيا كتائب حزب الله، أبو علي العسكري، بقرار السلطة القضائية القاضي بنقض قرار الإعدام الذي صدر ضد قاتل الخبير الأمني هشام الهاشمي.
وقال العسكري، إن القرار أنصف “ابن المؤسسة الأمنية”، معربًا عن سعادته بقرار النقض، الأمر الذي كشف حينها بشكل لا لبس فيه أن سطوة الميليشيات فوق القضاء العراقي، وأن استقلالية القضاء مجرد كلام مزيف.
وبرز اسم العسكري بسبب تغريداته المتشددة والعنوان الذي يحمله بصفته “المسؤول الأمني” لميليشيا حزب الله، المعروفة بسريتها وابتعاد قادتها عن الإعلام.
وفي عام 2021 تضاربت الأنباء بشأن إصدار محكمة في بغداد مذكرة لإلقاء القبض على المسؤولِ الأمني لكتائب حزب الله في البلاد حسين مؤنس فرج المعروف إعلاميًا بأبو علي العسكري، في حين توعد رئيس الوزراء السابق في حينها مصطفى الكاظمي بملاحقة من يهددون العراقيين بالسلاح المنفلت.
ويتهم العسكري بالمسؤولية عن مقتل الهاشمي الذي كان أول من ربط بين حساب ابو علي العسكري واسم حسين مؤنس، وتصاعدت حدة الاتهامات الموجهة إليه بعد مقتل الهاشمي إلى حد اضطره لنفي تلك الاتهامات علنًا.
وبحسب تقارير إعلامية، أصدرت المحكمة القرار وفق المادة الرابعة من قانون الإرهاب، ردًا على ما يبدو على تغريدة منسوبة للعسكري على تويتر عدت بمثابة تهديد لرئيس الحكومة في حينها.
ونفت ميليشيا الحشد الشعبي وقتها إقامة مديرية الأمن دعوى قضائية لدى الجهات المعنية على حسين مؤنس فرج أو شخص يكنى أبو علي العسكري، ودعت وسائل الاعلام إلى ضرورة التعامل مع المصادر الرسمية في تناول هذه الأخبار والمعلومات في محاولة للملمة تسرب وثيقة إلقاء القبض.
وبحسب وثيقة متداولة فإن العسكري مطلوب على أساس شكوى مقدمة لمكتب أمن الحشد، وفق قانون مكافحة الإرهاب.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى