أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حملة ترحيل قسرية للاجئين السوريين من العراق

اللاجؤون السوريون في العراق يطلقون مناشدات إنسانية لإنقاذهم من حملة الترحيل القسرية وإيقاف إجراءات تسليم العشرات منهم لنظام بشار الأسد وسط مخاوف من تعرضهم لانتهاكات مميته فور وصولهم مطار دمشق.

بغداد – الرافدين

أثارت حملة ملاحقة وترحيل اللاجئين السوريين في العراق بذريعة مخالفتهم شروط الإقامة وتسليمهم لنظام بشار الأسد مخاوف ناشطين ومنظمات معنية في مجال حقوق الإنسان جراء المخاطر المترتبة على عمليات التسليم والانتهاكات المهددة لحياتهم.
وكشفت الحملة التي أطلقتها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عن التخادم بين ميليشيات الإطار التنسيقي ونظام الأسد في سوريا بعد استغلال الاتفاقيات الأمنية الموقعة بين الطرفين.
وفي الأيام القليلة الماضية، احتجز عناصر أمن حكوميون في العراق عددًا من اللاجئين السوريين ورحلوا بعضهم إلى دمشق، كما سحبوا الأوراق الثبوتية لآخرين، بينهم نساء وأطفال، لأجل ترحيلهم.
ووفقًا لمصادر محلية، تم توقيف عشرات السوريين في مناطق مختلفة في الساعات الأخيرة بعد عمليات مداهمة لأماكن إقامتهم في بغداد.
وأفاد أقارب أحد الموقوفين بأنه ليس مخالفًا لشروط الإقامة، حيث يمتلك “ورقة طالب لجوء” من الأمم المتحدة، ومع ذلك، فإن القوى الأمنية داهمت مكان إقامته مع عدد من السوريين وقامت بتوقيفهم واقتيادهم إلى سجن الإقامات.
وجاء الكشف عن احتجاز السوريين متزامنًا مع إعلان وزارة الداخلية العراقية تنفيذ حملة كبرى في عدد من مناطق بغداد، أسفرت عن توقيف 555 شخصًا مخالفًا لشروط الإقامة من مختلف الجنسيات.
وبينت الوزارة أن هذه الحملة تأتي في إطار تنفيذ قانون الإقامة رقم 76 لعام 2017، الذي يهدف إلى تنظيم إقامة الوافدين وفقًا لشروط محددة، بالتعاون مع جهاز المخابرات واستخبارات الشرطة الاتحادية.
وناشد لاجؤون سوريون السلطات الحكومية في العراق وقف حملة ترحيلهم القسري إلى سوريا على الرغم من امتلاكهم وثائق رسمية عراقية تُمكنهم من البقاء والعمل.
وقال أحد اللاجئين، وهو عامل في مطعم في العاصمة بغداد، إن “اللاجئين السوريين يتعرضون في بغداد وعدد من محافظات البلاد لملاحقات أمنية لأجل ترحيلهم”.
وبين مشترطًا عدم ذكر اسمه أن “الكثير من الشبان السوريين اضطروا إلى ترك أعمالهم في المحال التجارية والمطاعم خوفًا من حملات الملاحقة”.
وأكد، أنّ “عناصر الأمن احتجزوا العديد من الشبان، وتم ترحيل نحو 10 منهم، وأبلغوا الآخرين بأنه سيتم ترحيلهم عبر مطار بغداد إلى بلادهم (سوريا)، كما تم سحب الأوراق الثبوتية والجوازات لعدد آخر منهم، بينهم نساء وأطفال، بغية إجبارهم على الترحيل القسري”.
وشدد اللاجئ السوري على أن “إعادتنا إلى دمشق عبر مطار بغداد هي بمثابة إعدام لنا، إذ سيتم تسليمنا إلى نظام الأسد”.
وناشد الحكومة والشعب العراقي “الوقوف لأجل منع حملة الترحيل القسري لأنهم اليوم لا وطن لهم سوى العراق ولكونهم يتواجدون بشكل رسمي ومعهم أوراق ثبوتية ورخص أمنية من البلاد، وتم تدقيق ملفاتهم أمنيًا وهم لا يمثلون أي تهديد أمني”.

اتفاقيات أمنية بين حكومة السوداني ونظام الأسد تقف وراء ترحيل اللاجئين السوريين من العراق

وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، طالب لاجؤون سوريون الحكومة في بغداد والشعب العراقي بالوقوف معهم ومنع حملة الترحيل التي يواجهونها.
ودعت الناشطة السورية ميسون اللباد “الشعب العراقي الحرّ للوقوف في  وجه الحملة”.
وقالت في تسجيل مصور عبر حسابها الشخصي على منصة إكس إننا “نناشد الشعب العراقي الوقوف مع مظلومية أهلنا وعزوتنا وتاج رؤوسنا الشعب السوري في قضية قيام السلطات الأمنية العراقية بترحيل اللاجئين السوريين من العراق وتسليمهم للمجرم بشار الأسد ونظامه”.
مقابل ذلك، دعا ناشطون عراقيون الحكومة في بغداد إلى إيقاف الحملة، مؤكدين أنها تأتي بضغوط سياسية.
وقال عضو منظمة “الأمل” العراقية سامي إسماعيل إنّ “السلطات في بغداد تلاحق وتمارس المضايقات بحق اللاجئين بحجج عديدة، من بينها أنهم دخلوا بصورة غير شرعية، مع العلم أنهم أنهوا كل ما طُلب منهم من تسجيل بيانات والحصول على تصريحات بالإقامة من الأمم المتحدة”.
وبين أن “قوات الأمن لا تعرف آلية التعامل مع اللاجئين على عكس سلطات كردستان العراق”.
وأضاف إسماعيل، أنّ “غالبية اللاجئين المرحّلين إلى سوريا يتم اعتقالهم في مطار دمشق، ما يعني أنّ هناك تعمّدًا في تعريض السوريين الأبرياء وهم ضحايا الحرب، إلى خطر واضح على حياتهم”.
وأشار إلى “احتمال وجود اتفاق ما بين السلطتين العراقية والسورية على دفع أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين في العراق إلى سوريا من جديد، من أجل اعتقالهم ومحاسبتهم من قبل نظام بشار الأسد”.
وسبق أن أصدرت السلطات الفضائية قرارًا يقضي بعدم ترحيل أي لاجئ سوري من العراق، ونص القرار على “الاعتراف بالقوانين الصادرة عن أي مركز لمنظمة الأمم المتحدة في العراق، سواء مناطق كردستان العراق أو باقي المحافظات”.
وفي غضون ذلك أكد الناشط العراقي علي الهاشمي، أنه “لا وجود لقرار قضائي رسمي بترحيل اللاجئين السوريين، وأن ما يجري يتم بدوافع سياسية”.
وشدد الهاشمي على أنه “يجب على حكومة السوداني أن تقف موقفًا إنسانيًا بوجه تلك الحملة التي تستهدف ضيوفنا السوريين”.
وأضاف “لا يمكن السكوت على ترحيل إخواننا، ومن بينهم نساء وأطفال ويجب وضع حد لتلك الخطوات”.
ولم تمنع هذه المطالبات ترحيل اللاجئين السوريين، بل واصلت السلطات الحكومية اعتقالهم وإيداعهم في مراكز الشرطة وسجن بعضهم لفترات مختلفة بتهمة دخول البلاد بطريقة “غير شرعية”، عقب زيارة السوداني لدمشق وتوقيع اتفاقيات أمنية مع نظام الأسد في شهر تموز من العام الماضي.
وفي ذات الشهر وبعد أيام على زيارة رئيس حكومة الإطار إلى دمشق، احتجزت السلطات الحكومية عشرات السوريين اللاجئين، وأبلغت 17 منهم بصدور قرار ترحيلهم عبر مطار بغداد إلى مطار دمشق، لتسليمهم إلى النظام السوري، وهو ما يعرض حياتهم للخطر، بالرغم من تسجيلهم في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في أربيل.
وسبق أن اعتقلت سلطات النظام السوري، في آب من العام الماضي، أربعة أشخاص لدى وصولهم إلى مطار دمشق الدولي بعد ترحيلهم من العراق، وفقًا لمنظمات معنية بحقوق الإنسان.
وقالت منظمة “جاني روج الإنسانيىة وقتها “إنّ 13 شابًا سوريًا رحلوا قسرًا من مطار بغداد الدولي إلى مطار دمشق، وقد أوقف أربعة منهم واقتيدوا إلى مراكز أمنية سورية.
وسبق أن استطلعت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة آراء السوريين الموجودين في العراق حول عودتهم إلى بلادهم، وبحسب الاستطلاع، فإنّ أكثر من 92 بالمائة منهم لا يريدون العودة.
ويتعارض ترحيل حكومة الإطار التنسيقي القسري للاجئين السوريين مع مبادئ القانون الدولي، لاسيما مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يعد جزءًا لا يتجزأ من القانون الدولي، إذ يحظر هذا المبدأ على الدول ترحيل الأشخاص إلى بلدان يواجهون فيها خطر التعرض للاضطهاد أو التعذيب أو أي معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة.
وفي هذا الصدد يوصي مركز كاندل للأبحاث والدراسات في ورقة بحثية “بضرورة مواجهة تحديات الترحيل القسري من العراق عبر التعاون على مستوى الدول والمنظمات لوقف الترحيل وتحسين أوضاع اللاجئين وحمايتهم وتوفير الحياة الآمنة والعيش الكريم في بلدان اللجوء أو إعادة التوطين”.
ويشدد المركز البحثي على أن “الأجواء العامة بحكم هيمنة بعض الميليشيات الحليفة لإيران على جزء مهم من قرار الدولة الأمني والسياسي، ستظل مصدر قلق للاجئين السوريين الذين يعيشون في مدن عراقية خارج كردستان العراق ما يستدعي حثهم على تسوية أوضاعهم والانتقال إلى المحافظات الشمالية لانعدام احتمالات تعرضهم للترحيل القسري”.
ويستضيف العراق قرابة 260 ألف لاجئ سوري، الغالبية العظمى منهم تقيم في مناطق كردستان العراق.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين الذين يسكنون المخيمات 95.745 ويستلم حوالي 72.000 منهم المعونات الغذائية والنقدية المنقذة للأرواح من برنامج الأغذية العالمي، بينما تشرف مفوضية اللاجئين على توفير العديد من الخدمات لهم.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى