أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

سجناء أبو غريب يقاضون معذبيهم أمام محكمة أمريكية

اعتراف متأخر بعد 21 عامًا من احتلال العراق بأن المعاملة المروعة للمعتقلين من قبل الجنود الأمريكيين في سجن أبو غريب بالقرب من بغداد كانت سادية وفاضحة ووحشية.

بغداد- الرافدين
يقف ثلاثة ناجين من سجن أبو غريب يوم الإثنين الخامس عشر من نيسان الحالي في محكمة أمريكية، مواجهين أحد المقاولين العسكريين الذي يُحمّلونه مسؤولية ما مروا به من تعذيب، في المحكمة الجزائية الأمريكية في الإسكندرية بفيرجينيا. وبعد 21 عامًا من احتلال العراق.
وقال باهر عزمي، المحامي في مركز الحقوق الدستورية الذي يمثل المدّعين، “إن هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها الناجون من أبو غريب من تقديم اتهاماتهم بالتعذيب إلى هيئة محلفين أمريكية”.
ووفقًا لبيان صحفي صادر عن مركز الحقوق المدنية، فقد قامت الغرفة التجارية الجزئية برفض القضية 18 مرة، حيث تم رفضها أربع مرات من قبل محكمة الاستئناف للدائرة الرابعة وكذلك من قبل المحكمة العليا.
وفي حكم صدر عام 2018، رأت المحكمة المركزية أن المعاملة المزعومة من قبل الرجال في سجن أبو غريب تشكل تعذيبًا وجرائم حرب ومعاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة لذا فأنها تمنح المحاكم الفيدرالية الأمريكية الولاية القضائية على الدعاوى المدنية التي يرفعها الرعايا الأجانب الذين يزعمون انتهاك القانون الدولي.
وقال عزمي “لقد مهد حكم القاضية ليوني برينكما الطريق لموكلينا لسرد قصتهم في محكمة علنية للمرة الأولى منذ 21 عامًا تقريبًا”.
ورفع السجناء دعوى ضد موظفي شركة (CACI) “سي إيه سي آي إنترناشيونال”.
وتنفي الشركة، ومقرها فرجينيا، ارتكاب أي مخالفة. وشددت طوال 16 عامًا من التقاضي على أن موظفيها لم يضرّوا بأيّ من المدعين في القضية.
وأشار تحقيق للجيش الأمريكي إلى المعاملة المروعة للمعتقلين في أبو غريب بالقرب من بغداد بأنها “سادية، وفاضحة، ووحشية”. وتم تقديم العديد من الضباط العسكريين من الرتب الدنيا إلى محكمة عسكرية لدورهم في التعذيب، لكن شركة (CACI) مرت دون عقاب، وفقًا لمركز الحقوق الدستورية.


باهر عزمي، المدير القانوني لمركز الحقوق الدستورية: لقد مهد حكم القاضية ليوني برينكما الطريق لموكلينا العراقيين لسرد قصتهم في محكمة علنية منذ 21 عامًا

وتجمع شركة (CACI) مليارات الدولارات من العقود الحكومية. حيث أعلنت أن وكالة الأمن القومي منحت الشركة عقدًا بقيمة 2.7 مليار دولار لتقديم تحليل استخباراتي.
ويعمل المدعون على تحميل الشركة مسؤولية توفير الظروف التي سهلت التعذيب الذي تعرضوا له. ودعموا أقوالهم بأدلة في التحقيقات الحكومية تفيد بأن مقاوليها أمروا الشرطة العسكرية بانتزاع اعترافات المحتجزين أثناء استجوابهم.
ومن المتوقع أن يدلي اللواء المتقاعد أنطونيو تاغوبا، الذي قاد تحقيقًا في فضيحة أبو غريب، بشهادته.
وخلص تحقيقه إلى أنه ينبغي محاسبة مستجوِب واحد على الأقل من “سي إيه سي آي إنترناشيونال” على إصدار تعليمات للشرطة العسكرية بلغت الإساءة البدنية.
وذكر تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” أنه لا يوجد اختلاف في كون الإساءة مروعة. وأظهرت الصور التي نُشرت خلال 2004 سجناء عراة مكدسين وآخرين يجرهم سجّانوهم بالمقاود.
وظهر جندي يبتسم ويرفع إبهامه بينما يقف بجوار جثة، وظهر معتقلون يتعرضون للتهديد بالكلاب، وآخرون غُطيت رؤوسهم وربطوا بأسلاك كهربائية.
ولا يمكن التعرف على المدعين بوضوح في أي من الصور المروعة، لكن أوصافهم رهيبة بسبب سوء المعاملة.
وتحدث سهيل الشمري عن الاعتداءات الجنسية والضرب خلال شهرين قضاهما في السجن. وقال إنه تعرض للصعق بالكهرباء وجُرّ في جميع أنحاء السجن بحبل مربوط حول رقبته. وقال مراسل قناة “الجزيرة” السابق صلاح العجيلي إن الوضعيات التي أجبِر على اتخاذها جعلته يتقيأ سائلا أسود. كما حرم من النوم، وأجبر على ارتداء الملابس الداخلية النسائية وهُدد بالكلاب.
لكن شركة “سي إيه سي آي إنترناشيونال” شددت على كون الجيش الأميركي هو المؤسسة التي تتحمل مسؤولية تهيئة الظروف في أبو غريب وأن موظفيها لم يخوَّل لهم إصدارُ الأوامر للجنود.
وقال محامو مجموعة المقاولين إن “القضية بأكملها ليست أكثر من محاولة لإلقاء المسؤولية على الشركة لأن موظفيها عملوا في سجن بمنطقة حرب… لكن القانون لا يعترف بـ’الذنب بالتبعية’ في أبو غريب”.
ومرّت القضية عبر المحاكم منذ 2008. وحاولت “سي إيه سي آي إنترناشيونال” إخراجها من مدار القضاء حوالي عشرين مرة. وفي النهاية رفضت المحكمة العليا الأمريكية عام 2021 جهود الاستئناف التي بذلتها الشركة وأعادت القضية إلى محكمة المقاطعة.
وادعت “سي إيه سي آي إنترناشيونال”، في إحدى حجج الاستئناف التي قدمتها، أن الولايات المتحدة تتمتع بحصانة سيادية ضد ادعاءات التعذيب، وأنها هي نفسها تتمتع بحصانة مشتقة بصفتها مقاولا يعمل لصالح الحكومة.
لكن قاضية المحكمة ليوني برينكما قررت، في حكم غير مسبوق، أن الحكومة الأمريكية لا تستطيع المطالبة بالحصانة إذا تعلق الأمر بالادعاءات التي تنتهك المعايير الدولية المعمول بها، مثل تعذيب السجناء. ونتيجة لذلك لا يمكن للشركة أن تطالب بأي حصانة مشتقة.
ومن المتوقع أن يستمع المحلفون إلى شهادات بعض الجنود الذين أدينوا في محكمة عسكرية بارتكاب الانتهاكات مباشرة.
وقدم إيفان فريدريك، وهو رقيب سابق حكم عليه بالسجن لأكثر من ثماني سنوات بعد إدانته في محكمة عسكرية بتهم تشمل الاعتداء والأفعال غير اللائقة والتقصير في أداء الواجب، شهادة من المتوقع أن تعرض على هيئة المحلفين لأنه رفض حضور المحاكمة بإرادته الخاصة.
واختلف الجانبان حول ما إذا كانت شهادته تثبت أن الجنود كانوا يعملون تحت إشراف محققي “سي إيه سي آي إنترناشيونال”.
واشتكى المدعون و”سي إيه سي آي إنترناشيونال” من إعاقة قضاياهم بسبب تأكيد الحكومة أن بعض الأدلة ستكشف أسرار الدولة التي من شأنها الإضرار بالأمن القومي إذا نُشرت.
وسيكون محامو الحكومة في المحاكمة على استعداد للاعتراض إذا بلغ الشهود ما يعتبرونه سرا من أسرار الدولة، وهو ما أكدوه في جلسة ما قبل المحاكمة.
وحذرت القاضية برينكما، التي أشرفت على قضايا الأمن القومي المعقدة عدة مرات، الحكومة من أنها إذا لعبت هذه الورقة في المحاكمة، “فمن الأفضل أن يكون الأمر سرا حقيقيا للدولة”.
وقال لها جيسون لينش، وهو محام للحكومة، “نحن نحاول الابتعاد عن هذا قدر الإمكان”. ومن المتوقع أن يدلي العجيلي، الذي يعيش الآن في السويد وحده، بشهادته شخصيا. وسيدلي الاثنان الآخران بشهادتهما عن بعد من العراق.
وحكمت برينكما بأن أسباب إرسالهم إلى أبو غريب ليست موضوع القضية ولن تُقدم إلى المحلفين.
وحددت وثائق المحكمة أنه أفرج عن الثلاثة بعد فترات احتجاز تراوحت بين شهرين وسنة دون توجيه تهم إليهم بارتكاب جريمة.
وقالت القاضية في جلسة الخامس من نيسان “حتى لو كانوا إرهابيين، فهذا لا يبرر السلوك المطروح هنا”.


قاضية المحكمة الجزئية الأمريكية في ولاية فرجينيا ليوني برينكما رفضت طلب الشركة المتهمة بالتعذيب بالتغاضي عن القضية
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى