أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

آيات وشقيقها محمد يجسدان مأساة الطفولة الفلسطينية وخذلان العالم

أصبح نحو 17 ألف طفل في غزة أيتام بعد أن فقدوا الوالدين أو أحدهما منذ بدء الحرب، حسب تقدير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).

غزة – في سرير أحد المستشفيات شمال قطاع غزة، تعتني الطفلة الفلسطينية آيات زيادة بشقيقها الطفل محمد الذي يعاني من مرض السكري الذي أدخله قسم العناية المركزة قبل أن يطرأ تحسن نسبي على حالته الصحية قبل أيام.
بجانب محمد (9 سنوات) تجلس آيات (11 عامًا) التي لم تتركه لحظة واحدة منذ دخوله المستشفى قبل أربعة شهور بسبب وعكة صحية خطيرة كادت أن تودي بحياته بسبب سوء التغذية ونقص العلاج.
وبسبب الحصار “الإسرائيلي” المُستمر والحروب المتكررة على قطاع غزة، يواجه شمال القطاع نقصًا في الأدوية والمستلزمات الطبية والغذائية، مما يزيد من صعوبات المرضى، ومنهم محمد.
وأصبح نحو 17 ألف طفل في غزة أيتام بعد أن فقدوا الوالدين أو أحدهما منذ بدء الحرب، حسب تقدير سابق لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
وقبل الحرب، كانت عائلة زيادة تعتني بصحة طفلها حيث كان يتناول الطعام المناسب كالخضراوات والفواكه، ويتبع برنامجًا غذائيًا محددًا.
غير أن الحرب “الإسرائيلية” دمرت كل شيء في غزة، وقلبت حياة محمد رأسًا على عقب، مما أدى إلى تدهور وضعه الصحي واضطراره للمكوث بالمستشفى.
وبسبب المرض الذي أصاب الطفل، فقد الكثير من وزنه وأصبح أقل نشاطًا مما كان عليه في السابق، ما أثار قلق والديه وشقيقته الصغيرة.
وما زاد الطين بلة هو تشتت شمل العائلة وغياب الوالدين عن طفليهما، وذلك بسبب إصابة الأب بقصف إسرائيلي، واضطرار الأم للنزوح إلى جنوب القطاع.
وداخل المستشفى تحلم شقيقته أن يعود أخيها بصحة جيدة، ليتمكنا من اللعب في أمان وسلام كما كانا يفعلان سابقا، بعيدًا عن أصوات الطائرات والقذائف ونيران الحرب المشتعلة منذ السابع من تشرين الأول.
ويأمل محمد بالسفر إلى خارج قطاع غزة لتلقي العلاج والرعاية الصحية التي يحتاجها في ظل ما يعانيه القطاع من انهيار للمنظومة الصحية.
ولم يتوقع الطفل وأسرته أن تشتد أزمته المرضية بهذا القدر، ما أدى به إلى المكوث في المستشفى لفترة طويلة، خاصة مع غياب والدته التي اضطرت للنزوح إلى جنوب قطاع غزة بسبب الحرب.
وقالت آيات “أخي مريض بالسكري ويواجه خطرًا على حياته بسبب نقص العلاج والغذاء المناسب له في شمال غزة”.
وأضافت “منذ 4 شهور ونحن في المستشفى، مر شهر رمضان وعيد الفطر المبارك بدون احتفالات بسبب الحرب ومرض شقيقي وعدم تواجد والدتي معنا جراء نزوحها، وغياب والدي بسبب إصابته”.
وتشرح الطفلة وكأنها طبيبة مختصة “أخي بحاجة ماسة لدواء خاص وتغذية صحية لضبط مستوى السكر في دمه”، وتستدرك بالقول: “لكن نقص الإمدادات في القطاع تسبب في تدهور وضعه الصحي”.
وتشير آيات إلى أن أخاها يتمنى الخروج من قطاع غزة لتلقي العلاج، وتضيف بقلق واضح: “نخشى أن نفقده بسبب نقص العلاج والغذاء”.
بدوره، يقول الوالد نعمان زيادة “طفلي يعاني من مرض السكري ويحتاج إلى نظام غذائي صحي، ولكنه غير متوفر في شمال القطاع بسبب الحرب والحصار”.
ويضيف “لا يوجد فواكه ولا خضروات في الشمال، وإذا كانت متوفرة فأسعارها مرتفعة جدًا في ظل وضع مالي سيء نعيشه”.
ويتابع “نأمل أن يتم تحويله خارج القطاع لمتابعة علاجه بشكل أفضل، فقطاع غزة يفتقر لإمكانيات العلاج بسبب الحرب والحصار”.
ومنذ الحرب على قطاع غزة، أخرج الاحتلال الإسرائيلي 32 مستشفى عن الخدمة و53 مركزاً صحيًا، واستهدف 159 مؤسسة صحية، وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.
ورأى مدير صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأراضي الفلسطينية دومينيك آلن، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أن ما يمكن أن يحدث “مروِّع” في حال استمرت الحرب لوقت أطول.
وقال إن الوضع “أكثر من كارثي” حيث يقضى الناس الذين أصابهم الهزال وعضهم الجوع أيامهم في البحث عن الطعام في حين أن ما يتوفر من الدوار محدود جدا.
وأضاف المسؤول البريطاني المولد، الذي أمضى أسبوعًا في قطاع غزة الشهر الماضي، إنه حتى عندما دخلت مساعدات عبر الحدود، كانت هناك مشاكل كبيرة في توصيلها إلى من هم في أمس الحاجة إليها، وخاصة النساء والفتيات”.
وشدد بقوله ما رأيته في أنحاء قطاع غزة يتجاوز الكارثة، لقد زرت غزة عدة مرات قبل هذه الحرب، وما رأيته (هذه المرة) كان مفجعًا حقًا، غزة عبارة عن كتلة من الركام.
وأوضح “كلُّ من مررنا بهم والعديد ممن تحدثنا إليهم كانوا هزيلين وجوعى ويبدو عليهم الوهن، كان الجميع يبحثون عن الطعام”.
وعبر عن قلقه حقًا بشأن النساء الحوامل والمرضعات، إذ يقول الأطباء والقابلات في مستشفى الصحابة للولادة (المستشفى الوحيد الذي يعمل في الشمال) إن النساء يلدن أطفالاً أصغر حجمًا بسبب سوء التغذية والجفاف والخوف.
وقال “إنهم يخبروننا أنهم لا يرون أطفالاً بالحجم الطبيعي يولدون في غزة، بالإضافة إلى زيادة عدد المواليد الموتى ووفيات الأطفال حديثي الولادة”.
وأضاف “غرف الولادة مكتظة، وروت إحدى القابلات كيف أن النساء يلدن على الأرض لأن المستشفى يعمل بأقصى طاقته … إنهم مضطرون إلى استخدام الخيوط لربط السُرة”.
ومنذ السابع من تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة خلّفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل “إسرائيل” الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وكذلك رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى